قصة معاناة الفتاة البائسة

قصة معاناة الفتاة البائسة

0 المراجعات

مأساة اليوم حدثت بالفعل منذ سنوات قريبة لفتاة بائسة جاءتني وكل أحزان الدنيا في صدرها تقول

أنا فتاة في السادسة والعشرين من عمري ، أدرس في السنة الأخيرة بكلية الآداب ، منذ 6 سنوات توفى أبي بعد إحالته للمعاش ،

فتحمل أخي الأكبر مسئولية الأسرة كلها ومسئولية الإنفاق عليّ أنا وأمي وشقيقي الأصغر وسداد إيجار الشقة وأقساط بعض أثاثها ونفقات دراستي ونفقات تعليم شقيقي وتكاليف معيشتنا جميعاً مع المعاش الهزيل الذي تركه لنا أبي بعد رحيله.

لقد أحسست في داخلي بثقل العبء الذي يتحمله أخي بمورده المحدود رغم أنه لا يشكو ولا يتذمر ،

فقررت أن أبحث عن عمل خلال الأجازة لأسهم معه في حمل العبء ولأجد ما أنفقه خلال العام الدراسي الطويل ،

فبدأت أبحث عن وظيفة في أبواب الوظائف الخالية بالصحف وأذهب إلي أصحاب الإعلانات فأجدهم جميعاً يطلبون خبرة سابقة وإجادة اللغة الإنجليزية ومعرفة الكمبيوتر ،

وللأسف الشديد كل ذلك لا يتوافر لي ، فأعود من حيث أتيت! في غمرة يأسي هداني تفكيري إلي وظيفة لا يُطلب ممنْ يقومون بها كل هذه الشروط وتُنشر الإعلانات عنها كثيراً ،

ما أن قرأت إعلاناً عنها حتى اتصلت برقم التليفون المنشور في الصحيفة وحصلت علي العنوان وذهبت إليه ،

فاستقبلتني صاحبة البيت وقدمت نفسي لها فارتاحت لي من الوهلة الأولي وسألتني عن خبرتي السابقة فصارحتها أن خبرتي الوحيدة اكتسبتها في بيتي ،

ورويت لها ظروفي فتأثرت بها وصممت علي أن تمنحني الوظيفة بغير أن تسأل عني أو تتحقق مما قلت!

هكذا بدأت عملي الجديد لأول مرة كخادمة لدي أسرة كبيرة أذهب إليها في العاشرة صباحاً وأظل واقفة على قدمي حتى التاسعة مساءاً ألبي مطالب الصغير والكبير ، الزائر والمقيم ولا أجيب إلا بكلمة حاضر. نعم ولا تفارق الابتسامة شفتي أبداً وصاحبة البيت سعيدة بي وتضحك في وجهي وتفتخر بي أمام صديقاتها وزميلاتها في العمل بأن لديها شغالة في الليسانس هذا العام!!

لم يكن ذلك يزعجني ، فلقد قبلت العمل وأنا أعرف طبيعته ومؤمنة بأنه أفضل وأكرم عند الله من أي شيء آخر يغضبه ،

كما أنه أفضل وأكرم عنده من أن يمد الإنسان يده يطلب المساعدة من المخلوق ،

فاليد العليا أحب عند الله من اليد السفلى!

رغم ذلك لم أستطع أن أصارح أحد من إخوتي بطبيعة عملي وقلت للجميع أنني أعمل سكرتيرة ،

حتى أن صديقاتي بالجامعة تعجبن من نجاحي في الفوز بوظيفة سكرتيرة وأنا لم أحصل على الليسانس ولا أعرف الكمبيوتر ولا التلكس ولا أجيد أي لغة!

مرت الأيام وأقبلت علي عملي بحماس ونشاط ولم ترهقني قسوته ولا طول ساعاته ،

إنما أرهقني فقط جفاء زوج صاحبة البيت ،

فقد كان يتعمد إساءة معاملتي خاصة أمام الضيوف ،

علي عكس زوجته الطيبة الرقيقة ، فقد كان زوجها رجلاً عصبياً غضوباً لا يستطيع أن يتحكم في انفعالاته أو لسانه ،

فبدأ يوّجه شتائمه لي بسبب وبدون سبب ، وزوجته المحترمة تحاول كبح جماحه وتذكيره بأني طالبة جامعية وغلبانة ،

وأن الدنيا غدّارة لا أمان لها ولدينا أولاد لا نعرف ماذا ستفعل بهم الدنيا. قالت له الكثير والكثير ولكن لا حياة لمن تنادي!!

استمر زوجها يوّجه لي سباً مقذعاً أقابله بالصمت والبكاء ،

وزاد من معاناتي أنني كنت لا أستطع أن أشكو لأحد من أسرتي أو صديقاتي مما أعانيه لأني أخفيت عملي عن الجميع فزادني الكتمان معاناة وآلاماً!

حتى أنني كنت أبيت بعض الليالي مسهّدة القلب في فراشي وأقسم أنني لن أعود إلي هذا البيت ،

ثم تشرق الدنيا بنور ربها فأجد نفسي ارتدي ملابسي وأتوجه للعمل ،

إلي أن جاء يوم مشهود واستقبل رجل البيت قاسي المشاعر بعض الضيوف وقمت علي خدمتهم جميعاً بكل همة ونشاط ،

لكن خوفي من إهاناته المتوقعة في أية لحظة أربكني فوقعت مني صينية المشروبات علي الأرض ،

وفوجئت به ينهض منفعلاً ثم يهوي علي وجهي بصفعة شديدة أمام الضيوف وهّم أن يكررها لولا أن نهض أحدهم بسرعة وأمسك به وأعاده للمقعد وقال لي متألما

اذهبي أنت الآن يا بنتي!!!

انصرفت إلي المطبخ ودموعي تسبقني. خلعت المريلة التي كنت ارتديها وقد فاض بي همي وأدركت أنه لم يعد لي بقاء في هذا البيت!.

جاءتني السيدة المحترمة صاحبة البيت متألمة مما حدث لي ،

فقلت لها أنني لم أعد أحتمل أكثر من ذلك رغم شدة حاجتي لمرتب الوظيفة واعتذرت لها عن الاستمرار في العمل فقبلت عذري وأعطتني مرتبي وزادته منحة أخرى منها ثم ودعتني بحرارة.

عدت إلي بيتي مقهورة يائسة ، فقد انقطع مورد الرزق الذي كنت أساعد به أسرتي ،

والآن قد بدأت الدراسة وتحتاج لمصاريف كثيرة وأنا عاجزة كسيرة النفس لا أدري ماذا أفعل ؟!!

تلك كانت مأساة الفتاة الشريفة المكافحة التي شاء سوء حظها أن تعمل لدى هذا الكائن الذي هو أقرب لأخلاق البهائم منه لأخلاق البشر!!

وأكاد أجزم أنني شعرت بالصفعة التي هوت على وجه الفتاة المسكينة وكأنها هوت على وجهي أنا وعلى وجه البشرية جمعاء!

أين ذهبت قيم التراحم والتكافل واحترام حقوق الإنسان وتقدير العمل الشريف مهما كان صغيراً 

(ربي لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيك )

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

17

متابعين

2

متابعهم

0

مقالات مشابة