قصة مرثية الاحزان

قصة مرثية الاحزان

0 المراجعات

لقد كُنتَ تسكنُ بين ضلوعي كزهرةٍ جميلةٍ أسقيها بماءِ الحُبِّ والأملِ، لكنَّك يا سيدي تمرَّدتَ على قلبي وتَبدَّلَت أحوالك، فغادرتني وتركت قلبي بين رُكامِ الحزنِ والغضبِ، كنتُ أظنُّ أنَّني أسكنُ في ظِلِّ قلبِك وأنَّك تُظَلِّلُ فؤادي بأغصانِ قلبك، لكن تلك الأغصان كانت هي أوَّلَ من ألقَى بي بين صَهْدِ الأيَّامِ وهَجِيرِ الليالي.

حينها استيقظتُ على ألمٍ يحاصرني مِن كُلِّ ناحيةٍ، بحثتُ عنك فلم أجدك، وفي ذلك الوقت تذكّرتُ أنَّك دائمًا تقول: "كُن خائنًا تكُن أجمل"، لا يا سيدي، فالحقُّ يُقال "كُن خائنًا، تكُن أقذَر، تكُن أقبَح، تكُن أَشَدَّ إيلامًا لِمَن أحبَّك"، الآنَ يقطرُ من قلمي ألمٌ يسكنُ رُوحي بدلًا عنك، فقد كنت أنتَ مَن يسكن تلك الرُّوح، لكنك الآن غادرتني، وتركت مكانك عواصفَ من الحزنِ والغضبِ.

لا تعتقد أنَّ هذا الحزن عليكَ، لا وألف لا، فالخائنُ لا يستحقّ الحزن، الخائن لا يستحقّ الغضب، بل هو على نفسي ومنها في ذات الوقت، أشعرُ بالأسفِ منها ولها، فكم من المرَّاتِ أخبرتها أنَّكَ لا تُؤتمَن، لكنها لا تصدّق فيكَ السوء أبدًا، حتى بعدما رأت بأمِّ عينيها، فكيف لا ترغب بالتصديق! أمَّا هذا القلب المشرد أصبحَتْ تتقاذفه الأيام والليالي، لكن اطمئِن، فلا أنتَ ولا قلبك هنا، لقد غادرتُكَ كما غادرتني، ولن أغفرَ لك ما حييت، فالخائن لا يستحقُّ الغفرانَ، وخاصةً أنت. كلّ مرّةٍ تعود فيها كان قلبي بانتظارك فاتحًا ذراعيهِ ليضمّك حينما تعود، أمَّا الآنَ فقد كسرتَ أنتَ تلك الأذرُع قبلما تغادر، لقد حطَّمتَ هذا الأملَ الذي كان يسقي الحُبَّ ليعيش، ذَبُلَتْ زهرةُ الحُبِّ وماتت وحيدةً على أطلال قلبٍ مُحطَّمٍ، ولكنَّها خلفت مكانها بركانًا لا تستطيع الاقتراب منه، ولا حتى النظرَ إليه، الآن وحينما غادرتُك أصبحَتْ حياتي غير التي كانت، وأصبحتُ أنا غير التي تعرف، أصبحتُ امرأةً بلا قلبٍ، بلا حُبٍّ، بلا حياةٍ، ذلك الذي بداخلي صنع مني شخصًا آخرَ لا أعرفهُ، لكنَّني أُحبهُ، نعم أُحِبُّ ما أصبحتُ عليه، حتى إنَّني أرغبُ في إرسال باقةٍ من زهور الياسمين إليك.

 لانك وهبت لي ذلك القلب الفولاذي الذي لا يعرف الحب والأمل أصبح قلبا اخر قلبا بلا قلب ارغب حقا في مكافاتك لانك قتلت تلك الطفلة التي كانت تنظر اليك بفرح كانك كل الدنيا استطعت أن تقتل تلك السذاجة  ثم صنعت مني امرأة ليست كباقي النساء لقد كان شعوري معك شعورا طفوليا لا يستحق البكاء عليه ولا تستحق تلك النفس التي قتلتها الرثاء الان اقف شامخة مثل جبل، كنت سخيفة أرى الجمال في عينك والحنان في نظراتك والحب في لمساتك والأمل في انفاسك لكنك علمتني يا سيدي أن كل هؤلاء هراء ولا وجود لهم كنت اثق في كل الناس بسهولة لكنك علمتني انه لا احد يستحق الثقة  لا احد يستحق الحب لا احد يستحق أن نحيا من أجله سوى انا تلك الأنا التي اهملتها وقتلتها وضحيت بها بعد أن أغلقت عليها داخل قفص من ذهب ثم ذهبت انت لتستمتع بالحياة وتركت ذلك القفص في بحر الحياة وحيدا كانت الأمواج تتلاطمني  وانا في سكرة العشق مخمورة لا أرى إلا أنت  ولا اسمع الا صوتك ولما هدأت الأمواج تسربت الى قلبي دقات قلبك تهتف باسمها أو إن شئت قلت باسمائهن فهن كثر مرت علي سنين حتى استطعت أن استوعب انك لست معي حقا  هرعت إلى دفترى الوحيد وجدتك بين كل حروفه تسكن و بحثت في دفاترك الكثر وجدتني كلمة على الهامش تعود إليها وقتما تشاء والان أقولها لك صريحة لا والف لا يا سيدي لست أنا ولا هذا مكاني فأنا ملكة  ولا اقبل عن العرش بديلا إذا اخترت ايها العبد الابق أن تسكن بين الجواري لك ذلك لكن قلوب الملكات خلقت ليسكنها السلاطين أما انت فقد عرفت مكانك الذي تستحق فلك ذلك غير مأسوف عليك لقد شعرت حقا بالاسف لكن على تلك العصفورة التي وقعت بين يدي خائن خسيس لا يعرف الرحمة ولا الامان ولا اكتمك حديثا حينما تفقد المرأة الامان فهي تغادر مهما كانت الخسائر تدفعها بكل رضا لانه لا شيء يستحق أن نبقى إذا انعدم الأمان وانت يا سيدي سلبت مني كل شيء والان بعد أن غادرتك  احاول ترميم نفسي من جديد لتكون اقوى، ولا اكتمك حديثا حينما تفقد المرأة الامان فهي تغادر مهما كانت الخسائر تدفعها بكل رضا لانه لا شيء يستحق أن نبقى إذا انعدم الأمان وانت يا سيدي سلبت مني كل شيء والان بعد أن غادرتك  احاول ترميم نفسي من جديد لتكون اقوى   هل تعرف أن لك علي فضل كبير الان وبعد أن تخلصت منك ومن قلبك وبعد أن شفيت من ادمانك  هرعت إلى مكتبتي على استحياء كنت أخشى أن لاتسمح لي كتبي بإزالة الغبار عنها وان تغلق دوني صفحاتها بكل قسوة كما قسوت عليها بالهجر حينما تعلقت باستارك و سرت خلفك كالعمياء لكن ما حدث كان على العكس تماما فتحت لي زراعيها واحتضنتني بشوق وحب فجلست معها استأنس بها  فغسلت عني غربتي وانا غسلت عنها التراب بدموعي من الفرح إن الوفاء الذي يميز تلك الصفحات لا يوجد لدى الكثيرين من البشر جلست هنا ساعات وساعات لم أشعر بجوع ولا نعاس ولا حتى الوقت علمت جيدا أن روحي كانت عطشى إلى كتبي  وجدت هنا وردات يانعات كلما اقتطفتها زاد جمال روحي و نور عقلي وقلبي  هل تذكر يوم أن تقابلنا للمرة الأولى كيف فتنت بك و لماذا تزوجت منك لأنك كنت دائما تحمل معك كتابا علمت أنك تحمل عقلك وقلبك بين دفتيه  وحينما اهديتني إياه كنت أنام وأنا أقرأ فيه  لا يفارقني كنت أشعر كأنني احمل بين يدي مفتاح قلبك وعقلك لكنك يا سيدي اهملتنا معا ونسيتنا معا كنت أشعر احيانا أن الكتاب يحن اليك إلى نظرة عينيك بين سطوره كنت اضعه خلسة في حقيبتي بين أغراضي وأخرج اجلس معه على شاطى النهر الصغير في أول قريتنا الجميلة نتجاذب أطراف الحديث وحينما يسألني عنك كنت اقول يهدي الله لنوره من يشاء ثم انسحب من الحديث خشية أن يرى  دموعي فتؤلمه  ثم يأتي وقت السحر يناديني لنتحدث أذهب إليه بكل شغف اقرأ وأقرأ ولكن حينما تقع عيني على هامش الكتاب أرى اثار أصابعك تتسائل عنك 
يتبع

 

يتبع

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

5

followers

10

followings

8

مقالات مشابة