بختنصر واليهود ببيت المقدس

بختنصر واليهود ببيت المقدس

0 المراجعات


تختلف وجهات النظر بين العلماء حول متى تم إرسال بختنصر إلى بني إسرائيل؛ حيث يقول البعض إن ذلك كان في عهد إرميا ودانيال وحنانيا وعزاريا وميشائيل، في حين يزعم البعض الآخر أن الله أرسله ردًا على قتل بني إسرائيل ليحيى بن زكريا. الرأي الأول هو الأكثر انتشارًا.

وفقًا لقصة من سعيد بن جبير، كان هناك رجل من بني إسرائيل يقرأ الكتب، وعندما وصل في قراءته إلى قول الله "بعثنا عليكم عبادًا لنا أولي بأس شديد"، قال في دعاء: "أيها الرب، أرني الرجل الذي سيؤدي إلى هلاك بني إسرائيل". وفي إحدى الليالي، رأى في منامه مسكينًا يدعى بختنصر في بابل. سار إلى هناك في رحلة تجارية وعندما وصل، بدأ يسأل عن الفقراء، حتى وجد بختنصر، الذي كان مريضًا. قام بالعناية به وعلاجه، وعندما شفي، منحه إعانة وقرر الرحيل. قبل رحيله، قال بختنصر وهو يبكي: "فعلت معي ما فعلت، وليس لدي القدرة على مكافأتك!" رد الرجل: "بلى، يمكنك فعل ذلك. اكتب لي كتابًا إذا ملكت فسأترك". وقال بختنصر: "أتستهزئ بي؟"، فأجاب: "إن هذا أمر لا مفر منه".

ثم أراد ملك الفرس معرفة حال الشام، فأرسل شخصًا مأمونًا ليتعرف على أخبار المنطقة. سافر معه بختنصر، الذي كان يعمل لخدمته. عندما وصلوا إلى الشام، شاهدوا خيولاً ورجالاً وأسلحة قوية. لم يطلب بختنصر شيئًا، بل جلس في مجالس أهل الشام وطلب منهم مهاجمة بابل، وأكد لهم أن ثرواتها ستكون لهم. لكن السكان عبّروا عن ترددهم في القتال. عند عودتهم، أخبروا الملك بالقوات المجهزة والقوة العظيمة في بابل.

إعجابًا بهذا الأمر، قرر الملك إرسال جيش من أربعة آلاف فارس يقودهم بختنصر، الذي نجح بنجاح في نهب مناطق دون مواجهة. عادوا بسلام بعد حملتهم الناجحة.

 

ثم استخدم بختنصر هذه القوة في الهجوم على مناطق الأهواز إلى أرض الروم غرب نهر دجلة. وكانت السبب وراء توجيهه نحو بني إسرائيل هو استخدامه لهراسب. وفي تلك الفترة بعد صلحه مع أهل دمشق وبيت المقدس، عاد إلى هناك واحتجز رهائنهم. لكن عندما عاد إلى طبرية، تمرد بنو إسرائيل الذين صالحهم بختنصر وقتلوه. وقالوا: "خانتنا مدينة بابل وتركتنا". وعندما علم بختنصر بذلك، قتل الرهائن الذين كانوا معه وعاد إلى القدس وأخربه.

وقيل إن الشخص الذي استخدمه في الحملة كان الملك بهمن بن بشتاسب بن لهراسب، وكان بختنصر قد خدم جده وأبيه وخدمه بفترة طويلة. أرسل بهمن رسلاً إلى ملك بني إسرائيل في بيت المقدس، ولكن الإسرائيلي قتلهم. فغضب بهمن واستخدم بختنصر في الحملات على بابل.

هذه هي الأسباب الظاهرة، ولكن السبب الرئيسي الذي أدى إلى هذه الأحداث ودفع إلى الانتقام من بني إسرائيل هو معصية الله وتجاوزهم لأوامره. كانت سنة الله لبني إسرائيل هي أنه عندما يملكون ملكًا، يرسل الله إليهم نبيًا ليهديهم إلى تعاليم التوراة. وقبل حملة بختنصر، كان الملك فيهم هو يقونيا بن يوياقيم. ولكن بني إسرائيل لم يستجيبوا للدعوة وظلوا يرتكبون المعاصي.

عندما تقدم بختنصر إلى بني إسرائيل، قال لهم إرميا - أو الخضر عليه السلام - إن الله أوحى له بأن يحذرهم من العقوبة، وإنه إذا لم يتوبوا، سيكون لهم ملكًا يقتلهم ويأخذ ذراريهم أسرى ويدمر مدينتهم ويستعبدهم ويأتيهم بجنود لا تعرف الرحمة. ولكن لم يستجيبوا للتوبة، فأرسل الله إليه أنه سيكون لديهم فتنة تضايق الأبرياء وتشوش فيها أفكار ذوي الفهم، وسيسلط عليهم طاغية قاس وقاس، يسحب من قلوبهم الرحمة، ويأتيهم بجند تملأ الأفق.

عندما سمع إرميا هذا، صرخ وبكى وشق ثيابه. ثم جعل الرماد على رأسه وتضرع إلى الله لرفع هذه العقوبة عنهم في أيامه. أوحى الله إليه بأنه لن يدمر بيت المقدس وبني إسرائيل حتى يتم الأمر برغبة الله. ففرح إرميا وقال: "والذي بعث موسى وأنبيائه بالحق، لن أأمر بدمار بني إسرائيل أبدًا".

جاء ملك بني إسرائيل فأخبره بما أوحى الله إليه، ففرح وسرور. ثم لبثوا بعد ذلك لثلاث سنوات، ولكنهم لم يزدادوا إلا في المعصية والتمرد. وعندما اقترب هلاكهم، عاد الوحي حيث لم يكونوا يتذكرون. فقال ملكهم: "يا بني إسرائيل، انقلعوا عن ما أنتم عليه قبل أن يأتيكم عقاب الله!" لكنهم لم ينقلعوا، فألقى الله في قلب بختنصر أن يسير إلى بني إسرائيل في بيت المقدس، فانطلق مع جيش كبير يملأ الأفق.

ثم وصلت الخبر إلى ملك بني إسرائيل، فاستدعى إرميا النبي. حين حضر قال له الملك: "يا إرميا، أين ما زعمت أن ربك أوحى إليك بأن بيت المقدس لن يهلك حتى يكون الأمر منك؟" أجاب إرميا: "ربي لا يخلف المواعيد، وأنا به واثق."

عندما اقترب موعد هلاك بني إسرائيل واقترب انقطاع ملكهم، أرسل الله ملكًا في صورة إنسان إلى إرميا. قال له: "استفتهم." جاء الرجل وقال لإرميا: "أنا رجل من بني إسرائيل، أستفتيك في ذوي رحمي. قد وفيت بواجب الرحمة والكرم. لا تزيد في كرامتهم إلا بغضب لي وسوء سمعة معي. فاستشرهم." أجابه إرميا: "اتصل بينك وبين الله وأداء ما أمرك به الله." رحل الرجل وعاد بعد فترة في نفس الصورة. قال له إرميا: "هل طهرت أخلاقهم وهل رأيت منهم ما تريد؟" رد الرجل: "لا أعلم عن فضائلهم شيئًا، ولكنهم لم يزدادوا سوى سوء سيرة." قال إرميا: "ارجع إلى أهلك وكن لطيفًا معهم." قرر الملك أن يظل في مكانه لفترة.

ثم نزل بختنصر على بيت المقدس بأكثر من الجراد. فخاف بنو إسرائيل وقال ملكهم لإرميا: "أين وعدك ربك؟" أجاب إرميا: "إني بربي واثق." ثم عاد الرجل الذي أرسله الله وهو جالس على جدار بيت المقدس. قال لإرميا ما قاله من قبل وشكا إليه ظلمهم وظلمهم، وقال: "إني أسألك بالله الذي بعثك بالحق، أن لا تدعو الله عليهم إلا للهلاك." أجاب إرميا: "إن كانوا على الحق فأبقهم، وإن كانوا على سوء فاهلكهم." بمجرد خروج هذا القول من فمه، أرسل الله صاعقة من السماء إلى بيت المقدس، حرقت مكان القربان وغمرت سبعة أبواب من أبوابها.

عندما رأى إرميا ما حدث، صاح وشق ثيابه، ونبذ الرماد على رأسه، وقال: "يا ملك السماوات والأرض، يا أرحم الراحمين، أين موعدك الذي وعدتني به، يا رب؟" فأوحى الله إليه أنه لم يصب بني إسرائيل إلا بسبب فتياك الذين أفتاهم رسول الله.

بختنصر عاد إلى بابل وقتل بني إسرائيل وخرب بيت المقدس. ثم رأى رؤيا نسيها، فدعا دانيال ورفاقه وأخبروه بالرؤيا. وبينما ينظرون إلى تمثال في الرؤيا، أرسل الله صخرة من السماء فدقت الرؤيا. وقالوا له إن التمثال يمثل الملوك وأن الصخرة التي أرسلها الله تمثل نبيًا يُرسل من السماء، وأن بختنصر هو الملك الذي يكون في آخر الأمر.

بعد عبور دانيال ورفاقه تفسير الرؤيا لبختنصر، أحسدوا وسعوهم إليه. فأمر بحفر خندق وألقاهم فيه، وأمر بالبول للتعذيب. لكنهم أكلوا وشربوا في الخندق ولم يتأثروا، حيث حمل الله على قلوب البشرية أن يحفظوا هؤلاء الرجال. بعد ذلك، عاد السابع من بينهم، الذي كان ملكًا من الملائكة، ولطم بختنصر، فتحول إلى أسد وعاد إلى شكل إنسان واستعاد ملكه.

عندما عاد إلى ملكه، كرم بختنصر دانيال ورفاقه، وكانوا الأكرماء بين الناس. قرر الفرس استشارتهم في أموره، لكن أصحاب بختنصر حسدوهم وحفروا خندقًا ليقتلوهم. وفي النهاية، أفشلت مكرهم، وكرم بختنصر الأصدقاء وعاد إلى ملكه.

بعد وفاة بختنصر، حدثت أحداث أخرى. ذهب الفرسون إلى دانيال ورفاقه، فعذبوهم وقتلوهم. اتُهِمَ بختنصر بأنه قتل بطريقة بشعة، حيث أُرسلت عوضة تسبح في دمائه، وعندما مات، اكتشفوا أن العوضة كانت مخبأة في رأسه، ليظهر للناس قدرة الله وسلطانه.

أما دانيال، فعاش في أرض بابل وانتقل بعيدًا عنها، وتوفي ودُفِنَ في السوس بمنطقة خوزستان.

بعد مرور 40 سنة من تدمير بيت المقدس، أراد الله إعادة بني إسرائيل إلى موطنهم. وفي هذا الوقت، كان بختنصر قد توفي. خلفه ابنه أولمردج، الذي ملك بابل لفترة، لكن تورط في أمور معقدة أدت إلى عزله. ثم تولى داريوش حكم بابل، وكان ملكًا لثلاثين سنة. بعد ذلك، عزله ملك الفرس واستعمل مكانه أخشويرش.

أخشويرش حكم بابل لأربعة عشر عامًا، ثم ملك ابنه كيرش العلمي، الذي كان عاقلاً ودينياً. سأله اليهود الذين كانوا عبيدًا في بابل أن يسمح لهم بالعودة إلى بيت المقدس. رفض كيرش، ولكنهم طلبوا من دانيال القاضي أن يتوسط لديه. دانيال كان محنكًا في الديانة اليهودية، وحكم ليهود بابل بعد رحيل بختنصر. طلب من الله الحكمة في هذا الأمر.

تم توجيه الدعوة لبني إسرائيل للعودة إلى الشام من قبل بشتاسب بن لهراسب، حاكم بابل. وعندما عادوا، أمرهم أحد أحفاد داود بإعمار بيت المقدس. يُزعم أن الذي أمر بعودتهم هو بشتاسب بن لهراسب، وأن الأمر كان يتعلق بمنطقة الشام. وقد أُمِرَ بإعمار بيت المقدس.

إرميا بن خلقيا، الذي كان من سلالة هارون بن عمران، شاهد الخراب والدمار الذي حل ببيت المقدس بعد هزيمة بني إسرائيل. بعد عودة بختنصر وترميم المدينة، ذهب إرميا إلى المكان. كان يقود حمارًا ومعه عصير عنب وتين في سلة. رأى بيت المقدس مدمرًا وفاقعًا. قال: "كيف سيتم إحياء هذه الأرض بعد دمارها؟"

فجأة، أمر الله بإحياء إرميا. أُحيِيَت عينيه وأعيدت إليه البصر. ثم أحيا جسده بعد 100 عام من الموت. رآه يتجول في المدينة ويروج أسرار البناء الجديد. أيضًا، بعد أن عاش، عاد على حماره الذي مات وأُحيِيَ مرة أخرى. بعد عودته إلى الحياة، رأى بنو إسرائيل يعودون إلى بيت المقدس والمدينة تعيش حياة جديدة.

وفقًا لتفسير آخر، الشخص الذي أمر بعودتهم إلى الشام هو بشتاسب بن لهراسب. وكان العزير، الذي تم إحياؤه من الموت، قد عاش لمائة عام، وعندما عاد إلى منزله، اكتشف أن عجوزًا عمياء كانت تخدمه قد عاشت لمدة 120 عامًا. عندما رآها، دعا الله لها بالشفاء، وعادت لرؤيتها والمشي. ثم كشف هويته لأبنائها.

هذه القصص تبرز مدى قوة الله في إحياء الموتى وإعادة الحياة إلى الأماكن المهدمة. تظهر هذه القصص أيضًا كيف يمكن للإيمان والدعاء أن يحققان المعجزات.

وفقًا للتقاليد، عاد النبي عزير مع بني إسرائيل إلى بيت المقدس في العراق. عند عودتهم، كانوا بحاجة إلى تجديد التوراة التي كانت قد فُقِدَت أو أُتْلِفَت خلال غيابهم. عزير كان يحمل التوراة معه خلال فترة السبي.

لكن عندما عاد إلى بيت المقدس، كان يبكي ويحزن لأن التوراة قد ضاعت. خلال هذه الفترة من الحزن، توجه إليه رجل وسأله عن سبب بكائه. قال عزير إنه يبكي لأن كتاب الله وعهده كان بين أظهرهم ولكنه اختفى.

فأوصى الرجل عزير بالعودة والصوم والتطهير، وقال له إن الميعاد سيكون في المكان نفسه في اليوم التالي. عند العودة إلى المكان، جاء إليه رجل وقد جلب إناءً به ماء، وكان هذا الرجل هو ملك أرسله الله بصورة إنسان. أعطاه عزير من الماء وتجسدت التوراة في صدره.

عاد عزير إلى بني إسرائيل ووضع لهم التوراة مرة أخرى، وشرح لهم حكمها وقوانينها. نتيجة لذلك، أصلح أمورهم وأُنعِموا بالتوجيه الرشيد. وفي نهاية حياته، أُخِذَ عزير إلى الله على ذلك.

تاريخ بني إسرائيل في بيت المقدس استمر، وعادوا إليها وازدهروا حتى أتى عليهم الزمن الذي تسلطت فيه الروم، ولم يكون لهم جماعة موحدة بعد ذلك. ومن القيل إن بعضهم قال: "عزير ابن الله".

هذه القصة تعكس أهمية الإيمان والتوجيه الروحي في تجديد الحياة وإصلاح الأمور. الرجوع إلى الله بالدعاء والتوبة يظهر كوسيلة لتجديد الروح والحصول على هدايا الله، بما في ذلك الحكمة والإرشاد.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

17

followers

8

followings

5

مقالات مشابة