الرجل الحكيم وابنه المدلل : قصة  وعبرة

الرجل الحكيم وابنه المدلل : قصة وعبرة

0 المراجعات

الرجل الحكيم وابنه المدلل.

          قصة وعبرة.     

عمي رابح يحرث الأرض .

 

استيقظ عمي رابح كعادته على صياح الديك .

  نهض متثاقلا يجر قدميه ويتثاءب  .

 توضأ وصلى الفجر  ، أطال الدعاء  ،طالبا من الله أن  يصلح حال ابنه الوحيد الذي خرج به من الدنيا بعد طول انتظار.

 

أعدت زوجته حليمة القهوة  ،وجلسا يرتشفانها وهما يتحدثان عن أعمال اليوم.

 

 حضرت  الزاد لزوجها : خبز الشعير  ، جبن،   بضع حبات من التمر، ماء .

 

 فتح عمي رابح باب الزريبة فخرجت الخراف مندفعة وكلها استعداد لقضم العشب الأخضر والتجول في المراعي ،

وهو يهم بالذهاب قال : أيقضي عمر ليذهب إلى مدرسته.

 

 لقد أسماه عمر على اسم أبيه،علق كل آماله عليه.

 

 كثيرا ماأخذته مخيلته بعيدا ، بعيدا ......  

يصير ابني عمر طبيبا ، يشتري  منزلا فخما في المدينة ونرتاح أنا وأمه من هذا العناء.

 

يتخيل نفسه  بطقم أسود وحذاء جديد لماع   ونظارة،  نعم .

 نظارة ألست والد  الطبيب عمر! ؟   ونشتري سيارة    و……..

 

وفجأة  يرجع إلى واقعه على  صوت حمار ينهق ليس ببعيد عنه.

 

يقضي عمي رابح اليوم كله في حقله  يسقي المزروعات ، يعتني بأشجاره  ،  ويرعى أغنامه  .

 

 لقمة العيش تقتضي  أن نتعب من أجلها هكذا كان  يقول دائما.

  ولكل فصل أعماله :

 

في الخريف  : حرث الأرض وتقليب التربة  وبذرها.

 

في الشتاء : جني الزيتون .

 

في الربيع: غرس بعض الخضر .

 

في الصيف:  حصد السنابل و قطف الثمار.

أما الأغنام فترافقه  دائما  أينما ذهب، هي التي تؤنس وحدته وتملأ فراغه.

 

 

إذاكانت آمال عمي رابح كبيرة  ، فإن زوجته حليمة متخوفة  لأنها اكشفت أخيرا الخطأ الكبير الذي اركبته هي وزوجها.

لقد أحست بحجم الكارثة التي تسببا فيها معا.

التدليل المفرط لعمر في صغره ،كونه الولد الوحيد:

لا يرفض له طلب،  يعيش  حياة البذخ رغم قلة الحال.

 

 ينام حتى الظهر في العطل ،لا يساعد والده ،حتى أنه  لا يذهب لشراء بعض الحاجيات البسيطة .

وما زاد الطين بلة هو  الهاتف النقال الذي لا يفارقه ليل  نهار.

 

                        

مرت الأعوام ونتائج عمر المدرسية ليست بالجيدة أو بالأحرى كانت من سيء لأسوأ ، إلى أن تتوجت بفصله من المدرسة  .   

 

نتيجة  طبيعية وحتمية ،لطالب لا يبذل أي مجهود ،يظن أنه محور العالم لأنه وحيد أبويه.

 

خيبة أمل كبيرة ألمت بعمي رابح ،كتم غيضه ولم ينطق ببنت شفة، وما فائدة الكلام الآن؟

 

بقي أياما وهو غالق على نفسه في غرفته لا يأكل. لا يشرب إلا بعد إلحاح كبير من زوجته.

 

أخيرا ، اهتدى إلى فكرة لإصلاح ما يمكن إصلاحه  وعزم على تنفيذ خطة وضعها بإحكام بعد أن أطلع زوجته عليها.

 

في الصباح ،استدعى ابنه عمرا قائلا : أمك مصابة بمرض خطير ،تحتاج إلى عملية جراحية، سنسافر الأسبوع القادم إلى الخارج من أجل العلاج  ،علي أن أبيع الخرفان بسرعة.

 

بعد بيع الخرفان ترك لابنه نصيبا من المال وقال:

 

البيت، المزرعة  في أمانتك ريثما نعود.

أوصيك  يابني: لا تأكل إلا عسلا

إن احتجت مالا  ابحث في بستاننا فقد خبأ والدي كنزا ولكني لا أعلم مكانه.

 

اكترى عمي رابح بيتا في مكان بعيد وانتقل مع ز وجته إليه وبقي يراقب ابنه ويسأل عنه من بعيد

 

وجد عمر نفسه بين عشية وضحاها وحيدا لا من يحضر له أكلا ولا من يغسل له ثيابا وليس هذا فحسب بل عليه أن يصرف على نفسه.  

تحمل المسؤولية أمر لم يتعود عليه وأيضا يجب أن ينفذ وصية أبيه.

ظل يبحث عن العسل ،يفطر عسلا ويتعشى  عسلا حتى نفذ المال الذي تركه والده.

من أين سأحصل على المال الآن  لأعيش ؟.

تذكر الكنز ، أخذ  فأسا وبدأ  يقلب الأرض شبرا ،شبرا لكنه لم  يعثر  عليه.

يعود في المساء متها لكا من شدة التعب ولا شيء في البيت  يقتات به غير خبز ،بصل،وزيت زيتون .

 

يأكل ويجده حلوا كالعسل من شدة جوعه.

 

قلبت الأرض كلها ولم أعثر على الكنز ماذا أفعل الآن؟

 

أزرعها  قمحا مادمت قلبتها.

 

أنتجت الأرض   سنابل مثقلة بحبات قمح   كبيرة ،وفي الصيف عاد الأب من سفره، وتعاونا على حصادها وجنيا مالا كثيرا

فهم عمر معنى عبارة : لا تأكل إلا عسلا .

وعرف أن العمل هو أساس النجاح.

قبل رأس والدته  ،وحمد الله على سلامتها ثم قبل رأس والده

 

 واعتذر منه قائلا: أعلم : خيبت أملك لأنني لم أنجح في الدراسة ولكن أعدك بأنني سأنجح في الحياة وأحقق أحلامك.

أرجو  أن تكون قصتي قد نالت إعجابكم وإلى اللقاء في قصص أخرى إن شاء الله .

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

28

متابعين

44

متابعهم

11

مقالات مشابة