مظلم القرن سنة 1719

مظلم القرن سنة 1719

6 reviews

 

توقفت عربة نقشت عليها الزنابق الثلاث شارة العرش الفرنسي،يتقدمها اثنان من رماة الرمح وأحد الغلمان، عند مدخل دير"شيل"في الساعة العاشرة من صباح ۸ شباط ،۱۷۱۹ ، فترجل الغلام وأسرع بفتح بابها فنزل منها المسافران اللذان كانت تقلهما، كان أولهما رجلا في الخامسة والأربعين من العمر، قصير القامة، ممتلئ الجسم، خفيف الحركة، ينم مظهره على الرفعة والسلطة، أما الآخر الذي هبط درجات العربة الثلاث ببطء، فقد كان بدوره

أيضاً قصير القامة ،هزيلاً أتعبته السنون، بدا على محياه. رغم الذكاء المتوقـــــد في ناظريه ورغم الدهاء الذي صورته زاويتا شفتيه المرتفعتان .ما ينفر منه الناظر إليه،

وقد ظهر من الرجفة المستحكمة به ،رغـم إرتدائه معطفاً

فضفاضاً، إنه شديد الحساسية بالبرد الذي كان قارساً آنئذ.

اندفع الرجل الأول نحو السلم، فتسلق درجاته كخبير بالمكان، ودخل بهواً

حيا فيه عدداً من الراهبات انحنين له انحناءة شديدة، وتابع نحو غرفة استقبال

لا أثر فيها للصرامة التي تتسم بها الأديرة عادة من الداخل. واجتاز الرجل الثاني الذي صعد الدرج متمهلا، البهو ذاته، وحيا الراهبات أنفسهن، ولحـــق برفيقه دون يبدو عليه أنه على عجلة من أمره، فقال الأول مخاطبا رفيقه:

- والآن، انتظرني هنا قرب المدفأة ،ريثما أدخل عليها، وأنهى في عشر دقائق من كل ما ذكرته لي من المساوئ . أما إذا أنكرت، واحتجت إلى البرهان،فسأستدعيك.

عشر دقائق يا مولاي. إن سموكم لن تفاتحوها بموضوع زيارتكم لها قبل انقضاء ساعتين .أتجهلون أن السيدة رئيسة دير “شيل”شديدة الحنكة والدهاء؟.

قال هذاواستلقى دون ما تكلف،على أريكة كان قد أدناها من المدفأة. فأجابه الرجل الذي خاطبه بصاحب السمو.

_لا والله.وإذا ما نسيت،فها أنذا أسألك منذ الآن أن تقوم بتذكيري .يا لك من رجل غريب.لم أتيت بي اليوم في هذه الريح العاصفة والثلج؟.

_لأنك لم تشأ المجيء البارحة يا مولاي..

_لم يكن ذلك ممكناً البارحة،لأنني كنت مرتبطاً بموعد مع اللورد "ستار".

_في منزل صغير في شارع "بونزانفان"؟أليس اللورد مقيماً في قصر السفارة الإنكليزية؟

_لقد سبق لي أن حظرت عليك اقتفاء آثاري .أيها الأب.

_إن واجبي يقضي علي بأن أعصي أوامرك يا مولاي.

_حسناً اعص أوامري، ولكن دعني،على الأقل،أكذب كما يطيب لي،ولا ترتكب خشونة أشعاري بأنك عالم بكذبي.

_ليطمئن مولاي،فلن أشك فيما يقوله،من الآن فصاعداً.

_أما أنا فلن أصدق كل شيء تقوله ،إذ أن كل شيء هنا،يدل على أنك قد أخطأت فيما ذكرته لي.

_إنني لم أقل لك يا مولاي إلا ما أنا متأكد منه،ولا أكرره لك الآن ،بل أؤكده.

 

تكملة الرواية في مقال آخر 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

3

followers

10

followings

3

similar articles