ما القصة البسيطة التي تعرفها، القصيرة في كلماتها والعظيمة في مضمونها؟
قرأت هذه القصة منذ سنوات طويلة وتأثرت بها كثيراً.
تحكي عن سيدة جميلة لا تشعر بالرضا أبداً عن حياتها الرتيبة وبيتها الصغير الخالى من الرياش والتحف. تقضي يومها شاعرة بالملل في انتظار زوجها الموظف البسيط الذي كان يكن لها حباً كبيراً ويسعى دائماً لإسعادها، إلا أنها كانت دائماً ناقمة على القدر الذي حرمها من الرفاهية منذ ولادتها كإبنة لموظف بسيط رقيق الحال وكونها رغم جمالها لم تحظَ بما تستحقه،وكانت حياتهما بسيطة ولكنها ليست خالية تماماً من المتع والنزهات البسيطة كما كان لديها خادم واحد فقط! تأتي بضع ساعات كل يوم لمساعدتها في أعمال المنزل.
وفي أحد الأيام عاد زوجها من عمله سعيداً جداً فقد استطاع بعد مشقة الحصول على إحدى الدعوات القليلة التي تركها الوزير لعدد محدود من الموظفين لحضور حفل راقص يقيمه في بيته. وذلك لعلمه بولع زوجته بهذه الأشياء رغم أنه لا يحب الحفلات أبداً.
ولكنها بدلاً من أن تفرح أصابها الحزن لأنها لا تملك ثوباً مناسباً فأعطاها المبلغ الذي كان يدخره منذ فترة طويلة، والذي اكتمل أخيراً، لشراء بندقية للذهاب مع أصدقائه في رحلات الصيد.
اشترت الفستان وكان بديعاً عليها ولكنها كانت واجمة، لماذا؟ كيف تذهب بدون حليّ ماذا سيقولون عنها؟ اقترح زوجها أن يشتري وروداً تزين بها ثوبها ولكنها رفضت.
وأخيراً اقترح عليها أن تقترض شيئاً من الحلىّ من صديقتها الثرية التي كانت تزورها ثم كفت لأنها كلما زارتها تألمت من مقارنة ما لدى صديقتها بما تفتقده هي.
رحبت صديقتها وأحضرت لها علبة الحليّ لتنتقي ما تحب وبعد تحير كبير انتقت عقداً رائعاً كان في علبة زرقاء مستقلة وقد ساورها الخوف ألا تقبل صديقتها، ورجتها أن تأخذه ووعدتها أن تعيده كما هو بعد يوم من الحفل.
وأخيراً كانت في غاية السعادة ولفت جمالها نظر الجميع وقضت كل الوقت في الحديث والرقص بينما أصاب الإرهاق والملل زوجها. ولم تكف طوال الطريق عن الحديث عن الحفل بمجرد أن عادا إلى المنزل اكتشفت أن العقد ليس حول عنقها!!
أصابهما الفزع وقضيا بضع ساعات يبحثان في كل مكان ولكن باءت جهودهما بالفشل.
ولم يكن هناك إي حل إلا شراء عقد آخر ومن العلبة الزرقاء عرفا المحل ووجدا عقداً مطابقاً واضطرا لبيع منزلهما وكل ما يملكان ولكنه لم يكفي إلا نصف المبلغ فاقترض زوجها أموالاً على أن يسددها جزءاً كل شهر ولأن الفوائد ضاعفتها فكان أمامهما عشر سنوات من الشقاء!
مرت العشر سنوات كأنها مائة سنة فقد عمل زوجها في وظيفتين ولم يعد هناك أي وقت لأي نوع من النزهات. وسكنا في أحد الشقق الصغيرة في دور عال ولم تعد تستطيع الاستعانة بالخادم ولا الاهتمام بجمالها الذي ضاع ما بين الأعمال المنزلية الشاقة وتدبير النفقات ومساومة باعة الخضر لتوفير القليل.
وبعد انتهاء القسط الأخير من الدين خرجت إلى الحديقة العامة والتقطت أنفاسها لأول مرة منذ عشر سنوات ورغم العناء والمشقة كانت تشعر بالراحة لانتهاء الدين.
وإذا بها ترى صديقتها فسلمت عليها فلم تعرفها الصديقة حتي ذكّرتها ودهشت لما عراها من تغير ولذبول جمالها ولم تر هي بأساً في أن تخبرها الآن بعد أن انتهى كل شيء!
صعقت صديقتها وبدا على وجهها الحزن والتألم وقالت يا إلهي! لمَ لم تخبريني؟ إن ذاك العُقد لم يكن حقيقياً!! لقد كان مزيفاً لم يكن من الماس كان من الكريستال ولا يزيد ثمنه عن 500 فرنك!!!
_____!!!!
"العُقد" قصة قصيرة لجي موباسان الكاتب الفرنسي المبدع نشرت في 1884وهي من أشهر قصصه القصيرة وقد تحولت عدة مرات لأفلام ومسلسلات.
أول مرة قرأت القصة كنت صغيرة لدرجة أن كل تركيزي كان موجهاً إلى "لماذا لم تقل لصديقتها الحقيقة قبل أن يفعلا كل ذلك؟" ولكن عندما قرأتها بعد سنتين وكنت في الخامسة عشر أدركت أن المعنى أعمق فهو عن من يدفعون حياتهم ثمناً لشيءٍ لا يستحق، ومن لا يميزون الحقيقي ويسعون خلف المزيف عن من لا يسعدون بما لديهم.
وعن تلك الجميلة التي لا تشعر بالسعادة الحقيقية التي لديها من زوج محب يسعى لإسعادها وصديقة طيبة وحياة كريمة بل تطمع فيما ليس لها ويبهرها البريق المزيف. وكذلك عن زوجها نادر الوجود؛ كل من قرأن القصة تمنين أن يستنسخ. D: إنه لم يلمها حتى بعد ضياع العقد وتكبده كل ذلك!!