"نبضات بين السطور"
في ظلال الياسمين
في قرية صغيرة تقع بين الجبال، حيث تسود الطبيعة بجمالها الهادئ وعطر الياسمين يملأ الهواء، كانت تعيش "ليلى"، فتاة ذات روح نقية وجمال طبيعي يخطف الأنظار. كانت ليلى عاشقة للكتابة، تقضي وقتها تحت شجرة ياسمين قديمة في حديقة بيتها، تسطر أحلامها وأفكارها على صفحات دفترها المفضل.
ذات يوم، وصلت إلى القرية أسرة جديدة، كان "آدم" الابن الوحيد للعائلة. شاب ذو عينين تملؤهما الأسرار وشعر أشعث يوحي بحياة مليئة بالتجارب. انتقلوا إلى منزل قريب من بيت ليلى، وكانت المرة الأولى التي يلتقيان فيها عندما وجدته يقف تحت شجرة الياسمين، يتأمل الزهور المتساقطة.
سألته ليلى بفضول:
“أتحب الياسمين؟”
ابتسم آدم وأجاب:
“أحب ما يحمل الروح إلى عالم آخر، والياسمين يفعل ذلك.”
منذ تلك اللحظة، بدأت بينهما علاقة خاصة. كانا يلتقيان كل مساء تحت شجرة الياسمين. كانت ليلى تقرأ له من كتاباتها، وكان آدم يحكي لها عن المدن التي زارها والأماكن التي رآها. كان كل منهما يرى في الآخر شيئًا مفقودًا في حياته.
لكن الحب نادرًا ما يسير على طريق مستقيم.
بعد بضعة أشهر، بدأت العائلة التي ينتمي إليها آدم تستعد للرحيل. كان والده يعمل في وظيفة تتطلب التنقل باستمرار، ولم تكن هذه القرية سوى محطة قصيرة.
حين علمت ليلى بالأمر، شعرت وكأن الأرض قد انسحبت من تحت قدميها. حاولت أن تخفي ألمها، لكن آدم كان يدرك ذلك. في الليلة الأخيرة قبل رحيله، جلسا تحت شجرة الياسمين، حيث أخبرها:
“الحب لا يُقاس بالزمان أو المكان، بل بما نتركه في قلوب بعضنا. ليلى، سأعود يومًا، وهذا وعد.”
غادر آدم، وبقيت ليلى تحت شجرة الياسمين، تحمل ذكرياته وكلماته. حاولت أن تملأ غيابه بالكتابة، لكنها كانت تفتقده كل يوم.
مرت السنوات، وشجرة الياسمين ظلت شاهدًا على صبرها وأملها. كانت تتلقى رسائل من آدم بين الحين والآخر، يخبرها فيها عن مغامراته، وعن الحنين الذي يملأ قلبه كلما تذكرها.
وفي يوم من أيام الربيع، عندما كانت ليلى تجلس تحت الشجرة، شعرت بظل يقترب منها. رفعت رأسها، لتجد آدم واقفًا أمامها، يبتسم بنفس النظرة التي أحبته بها منذ البداية.
قال لها:
“وعدتك أنني سأعود... ولم أنسَ.”
في تلك اللحظة، أدركت ليلى أن الحب الذي يبدأ تحت شجرة ياسمين يمكن أن يصمد أمام الزمن والمكان.
النهاية.
