هل تقبلين قلبي هدية لكي "بين الامل والرجاء"
هل تقبلين قلبي هديةً لكِ؟
كان صباحًا دافئًا في مدينةٍ صغيرةٍ يكسوها عبق الزهور وهدوء الطبيعة، حين التقى يوسف بريم للمرة الأولى. كان ذلك في مكتبةٍ صغيرةٍ اعتاد يوسف زيارتها كل يوم جمعة، بحثًا عن كتابٍ جديدٍ يضيفه إلى مكتبته المزدحمة. ريم كانت هناك، تقلب صفحات كتابٍ قديمٍ برفق، ووجهها يشع بنورٍ غريبٍ جذب انتباهه.
وقف يوسف على مسافةٍ قصيرةٍ يراقبها دون أن يشعر بالوقت. كان جمالها غير عادي، ليس فقط مظهرها، بل طريقة انغماسها في القراءة وكأنها تعيش عالمًا آخر. جمع شجاعته واقترب منها.
"عذرًا، هل هذا الكتاب جيد؟" سألها بصوتٍ متردد. رفعت ريم عينيها، فالتقت عيناهما لأول مرة، وابتسمت بلطف. "نعم، إنه رائع. يتحدث عن معاني الحياة والحب بطريقةٍ عميقة."
"أحب الكتب التي تثير التفكير." قالها يوسف محاولًا أن يبدو غير متوتر. "أنا يوسف."
"ريم." ردت بهدوء، ثم عادت إلى كتابها.
لقاء يتجدد
مرت أسابيع، وأصبح يوسف يقصد المكتبة كل يوم جمعة على أمل أن يلتقي ريم مجددًا. كانت تظهر أحيانًا، وتجلس في الزاوية ذاتها، تقرأ بصمت. لم يجرؤ على الحديث معها كثيرًا، لكنه كان يشعر بالسعادة كلما رأى وجهها.
وذات يوم، بينما كانت السماء تمطر بغزارة، وجد يوسف ريم واقفةً عند باب المكتبة تنتظر أن تخف الأمطار. تقدم نحوها حاملًا مظلته.
"يبدو أنك ستنتظرين طويلًا إذا كنت تخشين البلل. هل يمكنني أن أوصلكِ إلى مكانكِ؟"
ترددت ريم لوهلة، ثم قالت بابتسامة: "شكرًا، سيكون ذلك لطفًا منك."
سارا معًا تحت المظلة، وكانت تلك اللحظات كافية ليوسف ليشعر أن قلبه بدأ يخفق بشدة. تحدثا عن الكتب، عن أحلامهما، وعن الحياة. اكتشفا أنهما يتشاركان حب الكتابة والشعر، وأن لكل منهما روحًا تواقه للحب والجمال.
بداية القصة
مع مرور الأيام، بدأ يوسف يشعر أنه لا يستطيع إخفاء مشاعره أكثر. قرر أن يصارحها بطريقةٍ مختلفة، تليق بحبه لها. كتب قصيدةً طويلة، وضع فيها كل مشاعره، وقرر أن يهديها إياها في لقاءٍ خاص.
في يومٍ مشمس، دعاها إلى حديقةٍ صغيرةٍ قريبة من المكتبة. كانت الحديقة تعج بالورود الملونة، والهواء مليء بعبير الياسمين. جلسا على مقعدٍ خشبي، وبدأت ريم تتحدث عن كتابٍ جديد قرأته، بينما كان يوسف يبحث عن الكلمات المناسبة.
"ريم، أريد أن أخبركِ شيئًا." قالها فجأة، فقطعت كلامها ونظرت إليه بعينيها البريئتين.
"تفضل."
أخرج يوسف الورقة التي كتب عليها القصيدة، وبدأ يقرأ:
"إليكِ يا من أسرتِ قلبي من أول نظرة،
يا من ملأتِ عالمي بالألوان والبسمة.
أنتِ لحنٌ لم أعزفه بعد،
ولكنه يعزفني كل يوم.
فهل تقبلين قلبي هديةً لكِ؟"
كانت ريم تنظر إليه بذهول، ووجنتاها تكتسبان لون الورود من حولهما. عندما انتهى من القراءة، عمّ صمتٌ خفيف، قبل أن تقول بصوتٍ خافت: "لم أتوقع هذا... لكنه أجمل شيء سمعته في حياتي."
الجواب
مرت أيامٌ بعد هذا اللقاء، ولم تخبره ريم بردها. كان يوسف يعيش بين الأمل والخوف، حتى جاء اليوم الذي وجد فيه رسالةً صغيرةً عند باب منزله. فتحها بسرعة، ليجد فيها بضع كلمات كتبتها بخط يدها:
"قلبك أجمل هدية يمكن أن أقبلها. ريم."
لم يتمالك يوسف نفسه من الفرحة، وأسرع إلى الهاتف ليتصل بها. كانت الكلمات تتعثر في فمه، لكنه أدرك أن مشاعره لم تذهب سدى.
نهاية البداية
منذ ذلك اليوم، أصبح يوسف وريم شريكين في الحياة والحب. كانا يقرآن معًا، يكتبان معًا، ويتجولان في الأماكن التي تحمل ذكرياتهما الأولى. أدرك يوسف أن الحب الحقيقي لا يحتاج إلى كلماتٍ معقدة أو هدايا ثمينة، بل يحتاج إلى قلبٍ صادقٍ ونيةٍ نقية.
وفي كل عيد حبٍ، كان يوسف يكرر سؤاله: "هل تقبلين قلبي هديةً لكِ؟" فتبتسم ريم وتجيب: "وقبلتُه منذ اليوم الأول."