قصة حب بين ضفتين
قصة حب: “بين ضفتين”
في قرية صغيرة تحيط بها مياه النهر من كل جانب، عاش يوسف، شاب في منتصف العشرينات، يعمل كصياد منذ صغره. كان يوسف يحب النهر ويجد فيه ملاذًا من هموم الحياة. وفي الضفة الأخرى من النهر، كانت تعيش سارة، فتاة هادئة ورقيقة، تعمل في حياكة الأقمشة. لم يكن يوسف وسارة يعرفان بعضهما، رغم أن النهر كان الرابط الوحيد بين حياتيهما.
ذات يوم، بينما كان يوسف يصطاد في قاربه الخشبي الصغير، لمح فتاة جالسة على ضفة النهر المقابلة. كانت سارة تمسك بكتاب وتقرأ بتركيز، والشمس تعكس خيوطها الذهبية على شعرها الطويل. توقف يوسف عن الصيد، مأخوذًا بجمالها، وبقي ينظر إليها دون أن يجرؤ على الاقتراب.
في اليوم التالي، عاد يوسف إلى المكان نفسه، آملًا أن يراها مجددًا. وبالفعل، كانت سارة هناك، تجلس على نفس الحجر الكبير. تجرأ يوسف هذه المرة ولوّح بيده من بعيد. رفعت سارة نظرها ورأت الشاب يبتسم لها. ابتسمت بحياء، ثم عادت إلى كتابها.
مع الأيام، أصبح وجود يوسف في نفس الوقت والمكان عادة يومية. كان يجلس في قاربه، ويبادل سارة النظرات والابتسامات من بعيد. وبعد أسابيع من الصمت، قرر يوسف أن يجمع شجاعته. أخذ قاربه واتجه نحو الضفة الأخرى، حيث كانت سارة. حين اقترب منها، قال بتردد: "مرحبًا... أنا يوسف." نظرت سارة إليه بابتسامة خجولة وردت: “مرحبًا... أنا سارة.”
بدأت قصة حب بينهما تتفتح كزهرة في الربيع. كانا يلتقيان يوميًا على ضفاف النهر. يتحدثان عن أحلامهما، وذكرياتهما، والأشياء الصغيرة التي تجعل الحياة جميلة. كانت سارة تسأله عن مغامراته في الصيد، بينما يروي لها يوسف قصصًا عن النجوم التي يراها كل ليلة على سطح النهر.
لكن الحب لم يكن سهلًا في قرية صغيرة مثل قريتهما. بدأت الألسنة تتحدث، والعائلات تعترض. فقد كانت سارة من عائلة ميسورة الحال، بينما يوسف شاب بسيط بالكاد يملك قوت يومه. رفض والد سارة فكرة ارتباطها به وطلب منها التوقف عن مقابلته. كانت هذه الكلمات كسكين في قلب سارة، لكنها لم تستسلم.
في ليلة مقمرة، التقيا سرًا على ضفة النهر. قال يوسف بحزن: "لا أريد أن أكون السبب في حزنك. إذا كان هذا الحب مستحيلًا، سأرحل." ردت سارة وعيناها تملأهما الدموع: “الحب الذي يجعلنا أحياء لا يمكن أن يكون مستحيلًا، سنجد طريقنا معًا.”
وفي صباح اليوم التالي، قررت سارة أن تواجه والدها. بجرأة لم تكن تعهدها في نفسها، قالت: "أبي، أنا أحب يوسف. هو ليس مجرد صياد، هو رجل بشرف وكرامة. إذا رفضت حبنا، ستخسرني." لم يكن والدها يتوقع هذا التحدي، لكنه رأى في عينيها قوة الحب الحقيقي.
بعد أيام من التردد، وافق والد سارة بشرط واحد: أن يثبت يوسف أنه قادر على توفير حياة كريمة لها. بدأ يوسف يعمل بجد أكبر، ليس فقط في الصيد بل أيضًا في أعمال أخرى لتحسين دخله. وبتشجيع من سارة، استطاع أن يبني لنفسه مكانة في القرية.
بعد عام، وفي احتفال بسيط على ضفاف النهر، تزوج يوسف وسارة. كان النهر شاهدًا على قصة حبهما التي تحدت كل العقبات. ومع مرور السنوات، ظل النهر رابطًا بينهما، تمامًا كما كان منذ البدايه