بين نبضين: حكاية عمر وليلى

بين نبضين: حكاية عمر وليلى

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

الجزء الثالث: نظرات مش مفهومة

image about بين نبضين: حكاية عمر وليلى

كان الجو في المدرسة مختلف النهارده، يمكن عشان بعد كل اللي حصل بين عمر وليلى، بقى في حاجة غير ظاهرة للعيان بس باينة في نظراتهم. عمر داخل المدرسة وهو حاسس بدقة قلبه بتزيد كل ما يقرب من الفصل. مش عارف إيه اللي بيحصله، بس كل تفصيلة صغيرة بقت تلمس جواه حاجة غريبة. أول ما دخل، عينيه راحت تلقائي على المكان اللي بتقعد فيه ليلى… كانت هناك، قاعدة بهدوء، ووشها باين عليه إنها مش في مزاجها. حاول يتجاهلها كأنه مش شايفها، لكن كل مرة كانت ترفع عينيها بالغلط وتبص له، كان قلبه يتلخبط تاني.

الفترة دي بدأت تبقى مليانة مواقف غريبة. كل ما عمر يحاول يبعد، تلاقيه من غير قصد بيقف جمبها أو بيكلم صاحبتها اللي دايمًا حواليها. هو مش عارف ده صدفة ولا عقله الباطن اللي بيجرّه ليها. أما هي، فكانت بتحاول تخفي ارتباكها قدام البنات، بس كل لما حد يجيب سيرة عمر، وشها بيحمر وبتغيّر الموضوع بسرعة. صاحبتها "سارة" كانت أول واحدة تاخد بالها وقالت لها مرة وهي بتضحك:

– “انتي بتحبي الولد ده ولا إيه؟”

ضحكت ليلى وقالت وهي بتحاول تخفي ارتباكها:

– “هو؟ لأ طبعًا… ده مجرد زميلي.”

بس قلبها كان بيقول غير كده تمامًا.

عدت كام يوم، والمدرسة بقت شبه مسرح صغير للأحداث اللي بتحصل بينهم من غير كلام. في مرة كانوا في الحصة، والمدرس طلب من عمر وليلى يشتغلوا سوا في مشروع صغير. أول ما سمع عمر كده، قلبه اتنفض، ووشه اتقلب، أما هي فحست بدفا غريب في وشها وهي بتحاول تبان طبيعية. قعدوا جنب بعض، ومفيش بينهما غير الورقة والقلم، بس في الجو كان في توتر غريب. كل ما عمر يمد إيده على الورقة، تلاقي إيدها تقرب بالصدفة، ولما عينيهم تتقابل، هما الاتنين يبعدوا بسرعة كأن النار لمستهم.

اليوم ده ما خلصش بسهولة. بعد الحصة، عمر كان ماشي في الممر وهو سرحان جدًا، وفجأة سمع صوت حد بينادي عليه من وراه:

– “استنى يا عمر!”

لما لف، كانت ليلى واقفة، ماسكة الكشكول اللي نسيه على الترابيزة.

مدت له الكشكول وقالت بخجل:

– “نسيته…”

رد وهو مبتسم ابتسامة خفيفة:

– “شكراً يا ليلى.”

الكلمة دي أول مرة يقولها باسمها كده بصوت عالي… وكانت بالنسبالها كأن الوقت وقف للحظة.

من بعد اليوم ده، بقى بينهم نوع من “النظرات المش مفهومة” اللي الكل بقى واخد باله منها. أصحاب عمر بدأوا يضحكوا عليه ويقولوله:

– “واضح إنك واقع يا نجم!”

وهو يضحك ويغيّر الموضوع، لكن كل ما يروح البيت، يفضل يفكر في كل كلمة قالتها أو حتى في طريقة مشيتها.

أما ليلى فبقت تكتب كل يوم في دفترها حاجات صغيرة عنه من غير ما تلاحظ: “هو النهارده كان لابس قميص أزرق، وبيضحك بطريقة غريبة بس حلوة… أنا مالي أصلاً؟!”

وفي يوم، حصل موقف قلب الدنيا. كان في ولد في الفصل اسمه “كريم” معروف إنه بيحب يلفت انتباه البنات. بدأ يرمي كلام خفيف على ليلى، وقالها جملة ضحكت منها البنات، بس عمر كان قاعد ووشه اتبدّل. حاسس بحاجة شبه الغيرة، بس مش عايز يعترف. أول ما كريم زوّدها وقال:

– “ما تيجي نشتغل سوا بدل عمر؟”

عمر رد بسرعة بصوت هادي بس فيه غضب مكتوم:

– “هي مش فاضية يا كريم.”

الجو اتقلب، وكل العيون اتوجهت ليهم. ليلى وشها احمر جدًا، وقالت بسرعة:

– “مش لازم تتكلم بالنيابة عني يا عمر.”

سكت، واتصدم من ردها. لأول مرة يحس إنها زعلت منه فعلًا.

فضل طول اليوم مش طايق نفسه، وفي آخر اليوم حاول يروح يكلمها، بس هي كانت باين عليها إنها مش عايزة تسمع. عدّى اليوم كله والسكوت ما بينهما بقى تقيل. عمر راح البيت وهو تايه، قاعد قدام المراية بيكلم نفسه:

– “هي زعلت مني؟ ولا أنا اللي غلطت؟ طب كنت بس بدافع عنها…”

أما ليلى فكانت في بيتها، ماسكة الدفتر ومش قادرة تكتب. كل اللي في دماغها صوته ونظرته لما اتخانق مع كريم.

تاني يوم، الجو في المدرسة كان غريب. لا هو كلمها، ولا هي بصّت له. أصحابهم بدأوا يلاحظوا، وسارة راحت قالت لليلى:

– “هو شكله متضايق منك بجد.”

ردت ليلى بخفوت:

– “هو اللي اتدخل في حاجة ملهاش لازمة.”

لكن قلبها كان واجعها.

وفي آخر اليوم، عمر خرج من الفصل بسرعة، وهي فضلت قاعدة لوحدها. ولما نزلت بعد شوية، لقيت كشكوله واقع عند باب المدرسة. شالته وهي بتبص عليه… لقت الورقة اللي جوه مكتوب فيها بخط صغير:

“أنا يمكن غلطت، بس مش قادر أشوف حد يضايقك.”

فضلت تبص في الورقة ووشها بيترعش من التوتر، وقلبها بيدق بسرعة. في اللحظة دي، وقفت ساكتة، وكل اللي حواليها اختفى من تركيزها. كانت عايزة تكلمه… بس معرفتش تقول إيه. رفعت عينيها لبعيد، وشافته واقف عند البوابة، بيبص لها من بعيد، بعينين كلها حيرة.

وهنا خلص الجزء الثالث… بس السؤال اللي اتساب من غير إجابة:

هل الورقة دي هتكون بداية تصالح، ولا بداية خصام أكبر؟ 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

12

متابعهم

5

متابعهم

1

مقالات مشابة
-