
رواية بيت الجناينجي
عنوان الرواية: "بيت الجناينجي"
ما كانش فيه حد في القرية بيتجرأ يقرّب من "بيت الجناينجي". بيت مهجور، محاط بشجر غريب دايمًا أخضر، حتى في عزّ الشتا. كانوا يقولوا إن آخر واحد دخل البيت ما طلعش تاني، وإن الجنايني اللي كان ساكن فيه مات من 20 سنة، بس لسه بيتشاف بيقص الورد كل فجر.
أنا "عمار"، صحفي بكتب عن الأماكن المسكونة، ودي كانت فرصتي الذهبية. وصلت البيت قبل الفجر بشوية، وكان الجو برد بطريقة غريبة، كأن البيت نفسه بيزقك تمشي.
وقفت قدّامه، والباب اتفتح لوحده.
دخلت، وكل حاجة كانت زي ما هي من سنين. تراب على الأرض، عنكبوت في كل ركن، وريحة قديمة، ريحة موت. شغلت كشاف صغير، وبدأت أدوّر على أي دليل.
لقيت صور قديمة لراجل بشنب كثيف، ماسك مقص زرع وواقف جنب وردة سودة!
دي الوردة اللي كانوا بيحكوا عنها، الوردة اللي لو قطفتها، تموت في نفس اليوم.
وأنا بقلب في الصور، سمعت صوت خطوات جاية من الجنينة، خطوات تقيلة ومستمرة.
قربت من الشباك، وشوفت الراجل! بنفس الملامح، بنفس الهدوم، بيقص الورد… والوردة السودة بين إيده.
رجلي اتجمدت، وقلبي بيدق كأن في حد بيخبط عليه من جوه. حاولت أخرج، لكن الباب كان مقفول.
الصوت قرب أكتر… سمعت أنفاسه… حسيت بيه ورايا…
لفيت بسرعة… ماكانش فيه حد… لكن كان فيه وردة سودة على الأرض.
خدتها وأنا بإيدي بتترعش، وحطيتها في جيبي، وحاولت أفتح أي شباك… أي باب… بلا فايدة.
فجأة، سمعت صوت همس جاي من فوق، من الدور التاني:
"ارجّع الوردة… ارجّعها قبل الفجر…"
طلعت السلم بسرعة، وقلبي بيقرب ينفجر. كل خطوة كانت بتغوص في خشب بيئن تحت رجلي.
وصلت أوضة صغيرة، وفيها سرير قديم… وعلى الحيطة مكتوب بالدم:
"اللي ياخد من الجنينة، تتحبس روحه في البستان."
الساعة كانت 5:37… الفجر قرب!
نزلت أجري، خرجت للجنينة، لقيته هناك… واقف، مبتسم، ماسك المقص… بيستناني.
قربت منه بحذر، مدّيت إيدي بالوردة، بسها وقعت من إيدي… والراجل اختفى!
بدأت الأرض تهتز، الشجر يتحرك لوحده، والأصوات تعلى: صراخ… بكاء… ضحك مرعب.
ركضت للباب، لقيته مفتوح. خرجت بأقصى سرعتي، وقبل ما الباب يتقفل، شفت صورتي مكان صور الجنايني في البرواز اللي جوه!
رجعت على القاهرة، كتبت كل اللي حصل… بس من يومها، كل فجر، الوردة السودة بتظهر على مكتبي.
وكل مرة، بحس إني مش لوحدي… كأن في حد بيقص الورد ورايا.
وكل مرة، الوردة بتقرب… أكتر… وأكتر…
أكيد! إليك الجزء الثاني والأخير من رواية "بيت الجناينجي"، بنهاية مرعبة وشيقة، بأسلوب بشري ومشوق، تكمل القصة الأولى وتختمها بشكل قوي:
الجزء الثاني: "الوردة الأخيرة"
من يوم ما رجعت من "بيت الجناينجي"، وأنا حياتي قلبت كابوس.
كل يوم، الساعة 5:37 الفجر، ألاقي الوردة السودة على مكتبي…
وأسمع صوت مقص بيقص الهوا جنبي… حتى وأنا لوحدي.
في البداية كنت بفتكرها هلوسة، ضغط شغل…
بس كل ما كنت أرمي الوردة، كانت ترجع تاني… في نفس المكان… بنفس الريحة الغريبة اللي عاملة زي مزيج تراب وموت.
لما روحت لدجال، قاللي جملة واحدة بس:
"اللي ياخد من البستان، يرجّع روحه… أو ياخد مكانه."
أنا مش فاهم… أنا مرجعتش الوردة؟ ليه لسه بتظهر؟
قررت أرجع للبيت المهجور… بس المرة دي، مش ههرب… هفهم.
وصلت هناك، والجنينة ما كانتش زي ما افتكرتها… كانت أكبر، أوسع… والورد الأسود بقى مالي الأرض كلها.
مشيت جوا وأنا حاسس كل خطوة بتشدني… كأن في حاجة عايزاني أوصل.
لقيت مقبرة صغيرة وسط الجنينة… مكتوب عليها:
"هنا يرقد من قص الوردة… ولم يعيدها في وقتها."
جنبيها كانت واقفة "هي"…
مش الراجل الجنايني… لأ… ست عجوزة، عينيها سودا تمامًا، لابسة لبس حداد، ماسكة مقص صغير في إيديها، وبتبتسم.
قالتلي بصوت هادي:
"البيت محتاج جنايني جديد… والورد محتاج يتقص كل فجر…"
قلت لها بصوت مبحوح: "أنا مالي؟ أنا بس كنت بكتب…"
قالت:
"أنت قطفت وردة، وشفت اللي محدش لازم يشوفه… دلوقتي لازم تختار."
"اختار إيه؟!"
"إما تفضل تهرب… وكل يوم الوردة تقرب… لحد ما تقصك هي…
أو ترجع مكان الوردة… وتحط روحك مكانها…"
كنت هصرخ… بس فجأة، اختفت، وظهرت قدامي وردة سودة، ضخمة…
أكبر من أي وردة شوفتها… كأنها بتتنفس.
وبعد لحظة… لقيت جسمي بيتحرك لوحده… قلبي بيدق بجنون…
وصلت للوردة… حطيت إيدي عليها…
وفي اللحظة دي، فهمت…
أنا كنت الوردة اللي اتقطفت… واللي حصل ليا، لازم يحصل لغيري…
النهاية
من بعدها، محدش شاف "عمار" تاني.
بس الناس بدأت تحلف إنهم بيشوفوا جنايني جديد، بلبس عصري، بيقص الورد السودة في الفجر…
بهدوء…
وابتسامة خفيفة… كأنه عارف إن فيه واحد تاني، هييجي يكتب… وهيقطف… وياخد مكانه.