
وما ذهبت الى بقول الرسول
لم تكن "ملاكًا"... لكنها كانت “منى”** *بقلم: محمد غرماوي*
أحببتُها حبًا تفوّقَ كلّ وصفي حتى غدتْ طيفًا يزورُ نبضي ونزفي أراها في حلمي، وفي يقظتي الحالمة كأنّ الزمانَ بها صارَ نَغمي وحرفي
وفي لحظةٍ من نقاءِ الشعور الطفولي نويتُ البُوحَ... بدونِ سنينٍ أو دُهور بقولِ الرسولِ أتيتُ إليها مُترددًا ومن حُسنِ نيّتي كانَ في القلب النور
وقفتُ وقلبي على راحتي ينبضُ وقلتُ بلطفٍ: “أتمهلينَ دقيقتي؟” فما كان منها سوى أن ابتسمتْ بلُطْفٍ ومضت، كأنّ الهوى لم يكنْ يسكنني
تجلّى الأسى حين عرفتُ الحقيقة المُرّة فـ"ملاكٌ" ليسَ اسمَ فتاتي الرقيقة وهكذا الحبُّ، يبدأُ حلمًا شفيفًا وقد ينتهي... دون أن يستفيقَ أو يَبقى
كُنتِ أجملَ ما رأتْ عينيَ يومًا مشرقًا بينَ الحشودِ، وجهُكِ يتقدّمْ كالقمرِ كاللؤلؤِ الأبيضِ وسطَ الدجى الساكن تسيرينَ، كأنكِ ملكةٌ تُكرَّمْ وتُبَجّلْ
وعيناكِ... يقوتتانِ صافيتانِ تلمعانْ تسبيانِ القلبَ، وتوقظانِ الحنانْ النائم وضحكتُكِ؟ يا نغمةً تهزُّ أوتاري المهترئة تُربكُ نبضي، وتبعثرُ صمت الكيانْ
نظراتُكِ... سهامُ وجدٍ صائبةٌ وخارقة لا أملكُ ردًّا... ولا مهربًا منها البتّة يراكي الناسُ تخطئينَ مرارًا وسهوًا وأراكِ ملاكًا... ولو أخطأتِ ألف مرة
قلبي يغفرُ ما لا يُغتفرُ لغيركِ وعقلي يعجزُ أن يُصدقَ الزللْ منكِ كأنكِ طُهرٌ تنفّسَ بين البشرِ العابث وكلّكِ براءة... ولو كُنتِ الأجلْ الموجع
لكنّ فراقَكِ... يا الله، ما أقساهُ في القلب وأنا في آخرِ عامٍ لي، أُخفي جُرحي وأُداريهْ وكنتِ في عامكِ الأولِ، تمضينَ وتبتسمين وكلّ أملي... أن تكوني معي فيه وتكونين
كم كنتُ أرجو لو كنتِ مثلي، حاضرَة نقاسِمُ دفاترنا، والتعبَ الجميل المشترك لكنّ الحياةَ اختارتْ غيري بهدوء وخذلتني الأقدارُ... ورمتني للمستحيلْ
في آخرِ اللحظاتِ... لم أركِ، يا حسرتي مررتِ كنسمةِ صيفٍ... ثم اختفيتِ فجأة لا وداعَ، لا نظرةً أخيرة تُطفئ الشوق فقط... غصةٌ في صدري بقيتْ مستوطنة
كيف أعبرُ عن لحظةٍ ما عشتُها بالحقيقة؟ عن وداعٍ... لم يحدثْ، ولم يَكُنْ أصلاً؟ عن حُبٍّ دفنتهُ قبل أن يولدَ للوجود؟ عن حلمٍ انطفأ... قبل أن يُؤتمنْ أو يكتمل؟
وها أنا ذا... أكتبكِ قصيدةً، خالدةً في قلبي كي لا أنسى أنني يومًا أحببتُكِ بصدقٍ نادر ولم أكُن نادمًا، ولا عابرًا، ولا كاذبًا بل عاشقًا، أحَبَّ منى... ذهبَ إليها عبثًا