بين صفحات المطر

بين صفحات المطر

0 المراجعات

 

 

---

في مدينة صغيرة يغمرها هدوء المساء، وتزينها قطرات المطر كل شتاء، بدأت قصة حب بسيطة، لكنها لا تُنسى…

ليلى، فتاة تعشق الكتب ورائحة المطر، كانت تمضي ساعاتها في المقهى الصغير المجاور للمكتبة، تستمتع بقراءة الروايات الكلاسيكية. في أحد الأيام، دخل آدم، شاب هادئ يحمل كاميرته القديمة، يبحث عن شيء ما يبعث الحياة في صوره.

جلس قربها دون قصد، ولفت نظره صوت تقليب صفحات كتابها، فنظر إليها وابتسم. تبادلا الحديث عن الكتب أولًا، ثم عن الموسيقى، فالأحلام، ثم عن كل شيء.

مرت الأيام، وأصبح اللقاء تحت المطر عادة، بين كتابٍ وعدسة، بين كوب قهوة وابتسامة صادقة. لم تكن قصتهما صاخبة، بل هادئة، تشبه النهر الذي يعرف طريقه دون ضجيج.

وفي أحد الأمسيات، جلسا معًا تحت مظلة واحدة، والمطر يعزف لحنه. قال لها:

“ليلى، كل الصور التي التقطتها منذ عرفتك صارت أكثر دفئًا... لأنك فيها، حتى وإن لم تظهري.”

ابتسمت، وأغلقت كتابها، ثم قالت:

“وكل القصص التي قرأتها لم تعد تكفيني، لأني بدأت أعيش قصة خاصة بي، معك.”

مرت سنتان على أول لقاء بين ليلى وآدم، كانا لا يفترقان، ينسجان معًا قصةً من الحنين، تمتلئ بلحظات دافئة وأحلام مشتركة. لكن الحياة لا تمضي دومًا كما نرغب.

تلقى آدم عرضًا للعمل في الخارج، حلمٌ انتظره طويلًا، وفرصة لا تتكرر. جلسا في نفس المقهى الذي جمعهما، والمطر يهمس من خلف الزجاج كعادته. كانت عينا ليلى تائهتين بين كلمات الوداع التي لم تجد لها صوتًا.

قال لها:

“أخاف أن أذهب، فتنطفئ القصص في عينيك.”

أجابته بنبرة دافئة تخنقها الغصة:

“لا تخف... سأبقى أكتبك، في كل سطر، في كل مطر، في كل صمتٍ طويل بعد رحيلك.”

مدّ يده ووضع قلادة صغيرة في كفها، بداخلها صورة من أول لقاء، وهمس:

“حين تشعرين بالوحدة، افتحيها... أنا هناك.”

غادر آدم، وبقيت ليلى تنتظره، عامًا تلو عام، تكتب عنه في دفاترها، ترسم ملامحه في خيالها، تحفظ ضحكته بين صفحات الكتب.

لم تكن النهاية حزينة، بل كانت دافئة مثل ذكرى المطر… لأن الحب الصادق لا يرحل، بل يتحول إلى وطن نسكنه في قلوبنا.

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

2

مقالات مشابة