⚔️ نور الدين زنكي: باني نهضة الشام وممهّد طريق صلاح الدين

⚔️ نور الدين زنكي: باني نهضة الشام وممهّد طريق صلاح الدين

0 المراجعات

البداية من حلب

وُلد نور الدين في حلب سنة 511 هـ (1118م)، وهو ابن عماد الدين زنكي، أمير الموصل وحلب، أحد أبرز القادة المسلمين في مقاومة الصليبيين. وبعد اغتيال والده، ورث نور الدين حكم حلب عام 541 هـ، وهو لم يتجاوز الثلاثين من عمره.

لم يكن مجرد وريث لحكم، بل كان قائدًا ذا رؤية، اختار الجهاد والدفاع عن بلاد الشام كقضية مركزية. بدأ بتقوية الجبهة الداخلية، ثم توجه لتحرير المدن الإسلامية التي احتلها الصليبيون.


تحرير الشام... خطوة بخطوة

أثبت نور الدين كفاءته في القيادة مبكرًا، فحرر مدينة الرها سنة 544 هـ، وكانت أول إمارة صليبية تسقط. ثم تابع حملاته في حمص وبعلبك ودمشق، حتى وحّد الشام تقريبًا تحت سلطته.

وفي كل مرة يدخل فيها مدينة، لا ينهبها ولا يقهر أهلها، بل يقيم فيها العدل، وينشر المذهب السني، ويُصلح بين الناس. كان هدفه بناء جبهة قوية تقف في وجه الصليبيين الذين مزقوا بلاد المسلمين.

كان على وعي تام بأن النصر لا يأتي بالسيف فقط، بل بالعلم، والوحدة، والتقوى. فأسس المدارس، وبنى المساجد، وشجع العلماء والفقهاء، ورفض الترف والبذخ.


العدل في أبهى صوره

كان نور الدين يُلقب بـ"الملك العادل". لم يكن يظلم أحدًا، وكان يُحاسب نفسه قبل أن يُحاسب غيره. يُروى أنه وضع صندوقًا في المسجد لمن يريد تقديم شكوى ضده شخصيًا!

وكان يعيش حياة بسيطة، لا يلبس الحرير ولا يملك القصور، بل يوزع أمواله على الأرامل واليتامى، ويأكل ما يأكله جنوده.


تمهيد الطريق لصلاح الدين

من أهم إنجازات نور الدين أنه احتضن الشاب الكردي "صلاح الدين الأيوبي" ورعاه في بلاطه. ثم عيّنه قائدًا في مصر بعد أن ضمّها لدولته، ليصبح صلاح الدين بعد وفاة نور الدين، القائد الذي يحقق الحلم الأكبر: تحرير القدس.

توفي نور الدين زنكي في سنة 569 هـ (1174م)، قبل أن يرى فتح القدس، لكنه مهد له الطريق بالكامل، ووضع الأساس السياسي والعسكري والديني للنصر الذي تحقق لاحقًا.                                                                                             

 نورٌ لم ينطفئ


    مات نور الدين محمود زنكي عام 569هـ (1174م)، وهو في أوج قوته، بعد أن أمضى عمره كله يجمع الشام ويوحّد صفوف المسلمين، ممهّدًا الطريق لمن جاء بعده، كصلاح الدين الأيوبي. لم يمت فقط رجلٌ، بل غاب أعدل ملوك زمانه، كما وصفه المؤرخون، ورجلٌ كان يخشى الله في كل خطوة، حتى وهو على عرشه.

ورغم أنه فارق الحياة قبل أن يرى القدس تُحرّر، إلا أن كل من جاء بعده سار على الطريق الذي رسمه. لقد أسس لمفهوم "الجهاد المشروع"، وعلّم الناس أن النصر يبدأ من الداخل: من نقاء العقيدة، وعدالة الحاكم، ووحدة الأمة.

كان نور الدين يحكم لا ليُخلّد نفسه، بل ليقيم العدل. لم يكن له قصر فخم، ولم يتكاثر في المغانم

وحين مات، لم يترك إلا ثيابًا قليلة، وقلبًا كبيرًا أحبّه كل من عرفه، وعقلًا مؤسسًا أعاد للأمة كرامتها.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

15

متابعهم

2

متابعهم

2

مقالات مشابة