
🏰 سيف الدولة الحمداني: أمير الشعراء وقائد الصراع مع الروم
🏰 سيف الدولة الحمداني: أمير الشعراء وقائد الصراع مع الروم
سيف الدولة الحمداني، أحد أبرز القادة العرب في العصر العباسي، حكم حلب وبلاد الشام في القرن العاشر الميلادي، وكان شخصية فريدة تجمع بين البطولة العسكرية والرعاية الأدبية، إذ احتضن كبار الشعراء مثل المتنبي والفلاسفة مثل الفارابي، وخاض عشرات المعارك ضد البيزنطيين، مثبتًا مكانته كرمز للمقاومة العربية في وجه الغزو الأجنبي.
وُلد علي بن عبد الله الحمداني، المعروف بلقب سيف الدولة، عام 303 هـ (915 م) في الموصل، وسط أسرة عربية تنتمي إلى قبيلة تغلب، وقد ورث عن أسرته حب الفروسية والعلم والقيادة. في زمن تفكك الخلافة العباسية، برز نجم سيف الدولة كقائد طموح يسعى لتأسيس إمارة عربية قوية مستقلة في شمال الشام.
في عام 333 هـ، استولى سيف الدولة على مدينة حلب وجعلها عاصمة لإمارته، فبدأت مرحلة ذهبية في تاريخ المدينة تحولت فيها إلى قلعة من قلاع الصمود أمام الدولة البيزنطية المتجددة بقيادة نقفور فوكاس. وعلى مدار سنوات حكمه، قاد سيف الدولة عشرات الغزوات على الحدود البيزنطية في كيليكيا والأناضول، وحقق انتصارات كثيرة رغم عدم التكافؤ في العدة والعدد، وأصبح شوكة في خاصرة الإمبراطورية البيزنطية.
لكن ما ميّز سيف الدولة ليس السيف وحده، بل قلمه ورعايته للثقافة. فقد أنشأ في بلاطه في حلب واحدًا من أعظم المجامع الأدبية في التاريخ الإسلامي، وكان الشاعر أبو الطيب المتنبي أبرز ضيوفه، حيث كتب له أعظم قصائده الحماسية التي خلّد فيها بطولاته، مثل قوله:
إذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ ... فلا تقنعْ بما دونَ النجومِ
فطَعنُ في عدوك وهو حَيٌّ ... أشهى من طَعنِك في عَظُمِ الرميمِ
كما استضاف الفيلسوف الفارابي، وعلماء آخرين ساهموا في نهضة فكرية في حلب، وجعلوا من مجلسه مركزًا للتنوير الفكري في عالمٍ تسيطر عليه الاضطرابات السياسية.
رغم انتصاراته، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود. فقد أُصيب سيف الدولة في معارك عديدة، وتعرض جيشه لانتكاسات أواخر حياته، خصوصًا في معاركه مع الروم حيث انهزم أمام نقفور فوكاس في بعض الحملات، مما أثر على صحته ومعنوياته. كما شهد بلاطه خلافات داخلية أدت إلى اضطرابات في آخر سنواته.
توفي سيف الدولة في عام 356 هـ (967 م) بحلب، تاركًا وراءه إرثًا عسكريًا وأدبيًا نادرًا في تاريخ الإسلام، حيث جمع بين البطولة والشعر، وبين السيف والقلم.
خاتمة:
يظل سيف الدولة الحمداني واحدًا من رموز المجد العربي، ليس فقط كمحارب قاوم البيزنطيين، بل كمثقف آمن بأهمية الفكر والشعر في مواجهة التخلف والغزو. لقد سطر اسمه بحروف من ذهب في تاريخ العرب، وخلّدته قصائد المتنبي كأعظم من رثاه ورافقه