مدينة الدمى الضائعة: حكاية طفلة لا تنسى صديقاتها الصغيرات

مدينة الدمى الضائعة: حكاية طفلة لا تنسى صديقاتها الصغيرات

0 reviews

مدينة الدمى الضائعة

في أحد الأحياء الهادئة، كانت تعيش طفلة تُدعى ليلى، تبلغ من العمر ثماني سنوات. كانت ليلى تحبّ اللعب بالدمى كثيرًا، وتملك مجموعة كبيرة من الدمى المختلفة الأشكال والألوان. كانت ترتّبها كل ليلة بجانب سريرها، وتحدّثها كما لو كانت صديقاتها الحقيقيات.

ذات مساء، وبينما كانت ترتّب دُماها، لاحظت أن دُميةً صغيرة مفضّلة لديها تُدعى "لُمى" ليست في مكانها. فتّشت الغرفة جيدًا، لكنها لم تجدها. قالت في نفسها: "ربما سقطت تحت السرير." لكنها لم تكن هناك أيضًا.

في اليوم التالي، بدأت تختفي دمى أخرى، واحدة تلو الأخرى. في البداية ظنت ليلى أنها تنسى أماكنها، لكن الأمر تكرر لعدة أيام. أصبحت الغرفة فارغة، ولم يتبقّ إلا دمية واحدة فقط.

جلست ليلى حزينة قرب النافذة، وهي تفكر في سبب اختفاء الدمى. فجأة، لمحت من بعيد طيفًا صغيرًا يمرّ في الحديقة، يشبه شكل دميتها المفضلة! فتحت النافذة، ونادت:
"لُمى؟ هل هذا أنتِ؟"

لم يُجبها أحد، لكن الطيف توقف لثوانٍ ثم اختفى بين الأشجار.

في الليل، قررت ليلى أن تبقى مستيقظة لتراقب الغرفة. أحضرت مصباحًا صغيرًا، وجلست تحت الغطاء تنتظر. وفي منتصف الليل، رأت شيئًا غريبًا… ظهرت دمية من تحت الخزانة، ومشت ببطء نحو الباب، ثم تبعتها دمية أخرى، وثالثة… حتى غادرت الدمى الغرفة واحدة تلو الأخرى!

كادت ليلى تصرخ، لكنها تماسكت، وتبعت الدمى بهدوء، حافية القدمين. عبرت الممر، ثم خرجت من الباب الخلفي للمنزل. كانت الدمى تمشي في خط مستقيم، متجهة نحو الغابة الصغيرة المجاورة.

لم يكن الجو مظلمًا تمامًا، فالقمر كان بدراً، يضيء الطريق. واصلت ليلى تتبّع الدمى، حتى وصلت إلى مكان لم تره من قبل. كان هناك باب حجري كبير في جذع شجرة ضخمة، تفتحه الدمى واحدة تلو الأخرى وتدخل منه.

انتظرت ليلى حتى دخلت آخر دمية، ثم اقتربت وفتحت الباب بنفسها. فُتح ببطء، وإذا بها تجد نفسها في عالم غريب، يشبه المدن الخيالية في القصص.

كانت هناك شوارع صغيرة، بيوت من القماش، أزهار تتكلم، ودُمى من كل الأشكال والألوان تمشي وتتحدث! كان المكان يُعرف باسم: "مدينة الدمى الضائعة".

تقدّمت ليلى بدهشة، ثم اقتربت منها دمية صغيرة وقالت:
"مرحبًا يا ليلى، كنا ننتظرك."

تراجعت ليلى بخوف، لكنها قالت:
"كيف تعرفين اسمي؟ ولماذا أتيتم إلى هنا؟"

قالت الدمية:
"نحن لم نهرب، بل أتينا لنطلب شيئًا مهمًا. نحن نشعر بالحزن في عالم البشر، لأنهم ينسوننا عندما يكبرون. لا أحد يعتني بنا، ولا يستمع لنا. أنتِ الوحيدة التي ما زالت تعاملنا كصديقات حقيقيات، ولهذا جئنا لنأخذك معنا لترَي عالمنا."

تأملت ليلى المكان، ورأت كيف تعيش الدمى في سعادة، لكنها شعرت بالحنين إلى بيتها. قالت للدمية:
"عالمكم جميل، لكنني لا أستطيع البقاء هنا. جدتي ستقلق عليّ، وأمي ستبحث عني."

ابتسمت الدمية وقالت:
"نعرف ذلك، ولهذا أعطيناك فرصة لترين الحقيقة. نحن لا نغضب إن كبرتم، لكننا نأمل أن تحتفظوا بنا في قلوبكم، وتتذكروا طفولتكم بحب."

هزّت ليلى رأسها، وقالت:
"أعدكنّ أنني لن أنساكنّ أبدًا."

عادت الدمى معها حتى وصلت إلى باب الشجرة. ودّعتها، ثم أُغلق الباب بهدوء.

في صباح اليوم التالي، استيقظت ليلى في سريرها، وكأن كل شيء كان حلمًا. لكنها وجدت دُمياتها كلها مرتّبة بجانبها، وبينها ورقة صغيرة مكتوب عليها:
"شكرًا لأنك لم تنسَينا."

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

2

followings

0

followings

1

similar articles