
"بين ظلّين: قصة نجاح بدأت بالرفض وانتهت بالتأثير"
بين ظلّين: قصة "مالك" الذي أضاء الساحة
في حي صغير على أطراف مدينة مزدحمة، وُلد "مالك" بلون بشرة أغمق من بقية زملائه. لم يكن هذا يزعجه وهو طفل، حتى بدأ يلاحظ نظرات الناس، وتلميحات بعض المدرسين، وكلمات زملائه التي تختبئ خلف ضحكة. كان يسمع:
> “مالك دا غريب شويه… شكله مش شبهنا.”
“أكيد مش هيعرف يعمل حاجة كبيرة، شوف لونه بس!”
ومع كل كلمة، كانت تنغرس في صدره شوكة، لكن بدلًا من أن تنكسر إرادته، نمت داخله بذرة تحدٍ صامت.
في المدرسة، كان مالك يُجيد الرسم بشكل استثنائي، يرسم مشاعر لا يفهمها الآخرون، ويرى الألوان بطريقة مختلفة. لكن في كل مرة كان يشارك برسمة في المسابقة السنوية، يُهمَّش، ويُختار غيره، رغم إبداعه.
مرت السنوات، وكبر مالك في ظل هذه النظرة العنصرية الصامتة. لم يكن ضحية دائمة، بل كان مقاتلًا هادئًا، لا يرفع صوته، بل يرفع مستواه.
بعد الثانوية، تقدّم لكلية الفنون الجميلة. ورغم تألقه، رُفض مرتين، بلا سبب واضح. وفي المرة الثالثة، أرفق طلبه برسالة قال فيها:
> “قد لا أملك نفس المظهر، لكن أملك شيئًا لا يُرى بالعين: الشغف.”
واستُقبل. كانت البداية فقط.
---
في الكلية، أطلق مشروعه الخاص: "ألواننا واحدة"، معرض فني يرسم فيه وجوهًا مختلفة، من كل الأعراق، بالألوان التي دمجها من قلبه، لا من لوحة رسم تقليدية. لكن ما ميّز هذا المعرض، هو اللوحة المركزية: لوحة بدون وجه، فقط ألوان تندمج وتتماوج، وعنوانها:
> “أنا وأنت... بلا تصنيفات”
تحدث عنها الصحف، وانتشرت على مواقع التواصل. لم يهم لون مالك بعد الآن، بل فكره، فنه، وجرأته على أن يرسم الألم لا بالكلمات، بل بالألوان.
---
لكن القصة لم تنتهِ هنا.
في السنة الأخيرة له بالجامعة، رُشّح مالك لمسابقة دولية للفنون المعاصرة في ألمانيا. وعندما صعد على المسرح ليتسلم الجائزة، قال:
> “أنا هنا اليوم لا لأنني كنت الأذكى، بل لأنني لم أصدق يومًا أن لوني عائق. العنصرية لم تكن جدارًا لي، بل سلّمًا أصعد عليه كلما تجاهلوني.”
---
اليوم، مالك يدير مؤسسة فنية لدعم المواهب من خلفيات مختلفة. لا يسألهم عن أسمائهم، ولا عن أعراقهم. فقط يُمسك بأيديهم ويقول:
> “ارسم، وعلّمني كيف ترى العالم.”
---
💡 رسالة القصة:
النجاح الحقيقي لا يقف أمامه لون، ولا شكل، ولا لهجة. كل ما نحتاجه هو أن نؤمن بقيمتنا، ونحول الألم إلى طاقة، والتجاهل إلى خطوة للأمام.