حب عمران وشهد

حب عمران وشهد

0 reviews

_"عمران" الحق "شهد".. مش راضية تخرج من الحمام وقافلة على نفسها. 

انتفض ودخل يجري على جوة لا تكون عملت في نفسها حاجة! 

دخل باب الحمام كان مقفول فضل يخبط بقلق:

_"شهد".. لو سامعاني طمنيني عليكِ طيب.. "شهد"؟؟ 

مفيش أي كلمة أو أي رد، مكنش عنده حل غير إنه يخبط الحمام بكل قوته واتفتح معاه بعد محاولتين، دخل لقاها بالفستان واقفة وشها في المراية، بس أول ما دخل عليها اتخضت وهي بترجع لورا بخوف لحد ما لزقت في الحيطة. 

منظر الخضة والرعب اللي في عينيها خلاه يفكر مليون مرة قبل ما ياخد خطوته التانية، دخل بكل هدوء وهو بيقول بحنية:

_تعالي متخافيش، عاوز أقول لك حاجة. 

_بس.. أنا خايفة. 

عبرت عن خوفها لما لقته هادي، أما هو فما صدق! دي وأخيرا اتكلمت وطلعت جملة مفيدة؟ 

حاول يطمنها بكل حنان بدون ما يلمسها لإنها لسة متجوزلوش، قال لها وهو بيمد ايده علشان تيجي وراه: 

_متخافيش، أنا هنا معاكِ. 

يمكن كلامه طمنها شوية، الكلمتين اللي قالهم هدوها وبقت شايفاه كحد ممكن يُستند عليه، طلعت وراه وكانت متوترة وخايفة ومش عارفة تتصرف، عينيها بتروح في كل الأماكن إلا مكانه. 

راعاها، دي لسة طفلة تقريبا ومش فاهمة حاجة.. والصدمة كانت كبيرة عليها وتخليها تخاف من أي حد.. لما خرجت وراه فضلت بعيدة عنه بمسافة، فهو اللي قرب شوية لحد ما بقى على بعد شبرين بس منها، قال لها: 

_أنا وعدتك إني هلاقيه.. هاخد حقك وأرده من تاني، وهحاول أعوضك بكل الطرق.. ايه ممكن يرضيكِ وأنا أنفذه فورا؟ 

سمع صوتها الواطي الهادي وهي بتقول بتوتر: 

_ابعد.. ابعد عني شوية. 

بقى عندها حساسية من القرب واللمس بشكل عام، بقت بتخاف حد يكون جنبها.. وبتخاف أمانها ميكونش جنبها علشان يحميها.. بقت شايفة الكل وحوش نفسهم يدمروها.. 

حزن على حالها ولبى طلبها، بعدين حاول يقنعها بموضوع كتب الكتاب وقال: 

_احنا دلوقتي هنكتب الكتاب، مش هنعمل فرح وهتسافري معايا على طول، ماشي يا "شهد"؟

سألها بيحاول يستبين هي مركزة معاه ولا لسة أفكارها مشتتة، هي قالت له بخوف: 

_بس أنا مش عاوزة أتجوز، أنا عاوزة بابا. 

بابا؟ باباها اللي ميت بقى له خمس سنين تقريبا؟ عرف إنها افتقدت الأمان بعد ما باباها توفاه الله، ومهما كان مامتها مهتمة بيها فمش زي اهتمام الغايب لما مشي وسابها.. كان بيدلعها ويلاعبها.. بس الله يرحمه. 

_الله يرحمه، أنا أخوكِ الكبير، اعتبريني باباكِ لو حابة.. بس بلاش القلق اللي شايفه على وشك دا.. أنا مش وحش والله. 

قال الكلام دا وهو زعلان عليها وعلى ظروفها اللي خلتها تشوفه بالطريقة دي وخايفة كأنه هياكلها في أي وقت.

لقاها بتقول وهي بتبص له بسرعة:

_أنا مقولتش إنك وحش.

كأنها بتحاول تبرأ، ابتسم لما لقاها بتكمل كلامها وهي باصة للأرض بهدوء وبتقول بصوت واطي بالعافية لما سمعه: 

_أنت مش وحش. 

_طب يلا بقى نطلع؟ عارفة لما نسافر بكرة؟ هيبقى ليكِ عندي مفاجأة كبيرة أوي. 

جذب انتباهها رغم إنها مشتتة، كان الجمود هو اللي على وشها في اللحظة دي وكأنها مش حاسة بحاجة، بس لما طلع هي طلعت وراه، سمعت زغروطة مامتها وخالتها وفرحتهم المصطنعة اللي بيخبوا تحتها حزنهم عليها وعلى شبابها اللي هيضيع في جوازة مش هتكمل. 

كتبوا ورقتين العرفي ووقعوا عليهم خلاص، بقت متجوزاه خلاص.. بقى جوزها وهي بقت مراته، مامتها حضنتها وهي بدون شعور حطت ايدها بتحضنها كإنها بتلتمس الأمان الغايب ومش عارفة.

بعدت عنها بعدين مامت "عمران" قالت له بابتسامة: 

_يلا يا عريس، خد عروستك فسحها خلينا نشوفها بتضحك بقى.

ابتسم لهم وهو لأول مرة من ساعة ما جه يمسك ايد "شهد" اللي رجعت لورا بسرعة لدرجة إنها كسرت الفازة اللي وراها على الترابيزة، اتخضت وهي بتبص حواليها كإنها عملت مصيبة بس هو هداها وقال بيماشيها:

_خلاص.. اهدي مفيش حاجة، تعالي مش هلمسك. 

قال الجملة دي فهي من كتر التعب النفسي اللي حساه كانت هتعيط، مشيت معاه وهي بتكتم دموعها علشان ميشوفوهاش، الدنيا كانت ليل وهو أخدها بفستانها الأبيض الهادي في عربيته المتوسطة السوداء.

ركبت معاه وهي بتقول له بخوف:

_ممكن أركب ورا؟

بص لها بحنية وهو بيقول:

_يرضيكِ الناس تشوف عروسة بعيدة عن عريسها؟

_بس أنا مش مراتك بجد!!

_صدقيني نفسي أنفذ كل كلمة أنتِ عاوزاها، بس تعالي جنبي مش هتخسري حاجة..الكرسيين بعاد عن بعض أصلا. 

كان بيحاول يجاريها ويقنعها تقعد جنبه وهي وافقت وقعدت برغم التوتر والمشاعر المختلطة اللي جواها.. حقد.. خوف.. قلة أمان.. حنية غريبة؟؟ 

‌_هو احنا لازم نخرج؟ 

مكنتش عاوزة تطلع برة معاه لوحدها، وهو فهمها.. وقالها لها صريحة وهو بيبص قدامه وهو سايق العربية: 

_عارف إنك خايفة مني، بس صدقيني أنا مش هأذيكِ، أنتِ أختي الصغيرة يا "شهد". 

بيحاول يطمنها فهي هزت راسها وبصت من الشباك سرحانة، ساكتة طول الطريق، لاحظ هو دموعها اللي نازلة على خدها وهي سرحانة فعرف إنها بتفكر في الموضوع إياه. 

وصل لأرض فاضية، كان نصها فيه شجر كبير، والنص التاني في زراعة خضرة الندى شكله عليها يبهر في الليل دا، الجو كان برد ولما هي خرجت بصت حواليها باستغراب وخوف من المنظر:

_احنا فين؟

ابتسم لها بسمة هادية مطمئنة وهو بيقول:

_دي يا ستي أرض أسرتنا، ورثي وورث إخواتي من أبويا الله يرحمه، بقى لي كتير سايبها في ايد عمي ومجيتهاش.. تيجي نلف فيها شوية؟

هزت راسها بالنفي وهي بتضم نفسها:

_لا، أنا خايفة.

كلمة قالتها بس زلزلته أكتر من اللي فات، الله لا يسامح أخوه الشيطان، هو السبب في كل دا.. ليه يعمل كدا في بنت بريئة زي دي؟ عيّل منحط.. والله لو حازه لهيدخله السجن وقتها. 

_هاتي بس ايدك، وتعالي معايا نشغل الأنوار.. ولا عاوزة تفضلي هنا جنب العربية؟ 

المكان كان واسع فهي خافت ومسكت ايده فورا، لو هتقارن بين خوفها من المكان وخوفها منه فخوفها من الأرض في الليل دا يفوز.. على قد ما المنظر جميل تحت ضي القمر بس مخيف.. هي.. لوحدها.. مع واحد مفروض إنه جوزها. 

مشيت معاه لحد ما وصلوا لأوضة في نص الأرض وهو فتح أنوارها وبقت منورة الشوية اللي حوالينها لأربعة متر قدام كدا.. المنظر كان شكله جميل، والأنوار كانت دافية وبتحسس بالأمان. 

فرش سجادة قدام الأوضة وقعد، القمر كان مكتمل فبقى بتمام البدر، والسما كان فيها بعض السحاب البسيط الظاهر بحكم إنهم في الشتاء.. 

قعد وهي قعدت جنبه، قال لها: 

_تشربي معايا شاي؟ ولا بتحبي النسكافيه؟ 

كانت خجلانة وقالت وهي بتفرك في صوابعها بتوتر أو قلق مكتوم: 

_ممكن شاي بلبن؟ 

ابتسم لها وشاور على عيونه فهي لأولل مرة ابتسمت له ابتسامة خفيفة رد فعل عليه، وهو فرح إنها ابتدت تخرج من قوقعتها.. حاول طول الأسبوع اللي فات يبعت لها حاجات بتحبها أو تقدر تستخدمها وتشغلها عن دوامة التفكير المفرط اللي دخلت فيها نفسها.

جاب الشاي وقعد وهو بيقول بهدوء فيه لمسة هزار:

_وآدي يا ستي الشاي بلبن لأجل عيونك، قولي لي شكرا بقى. 

ابتسامتها وسعت بخفة وهي بتقول بهدوء: 

_تسلم ايدك. 

ـلادا احنا اتطورنا أوي، يا ترى قلبك فرحان بالقعدة دي ولا بتمثلي عليّ بضحكتك دي؟

ضحكت ضحكة خفيفة بس عملت صدى صوت لإن المكان حواليهم فاضي فهي اتخضت وهي بتبص حواليها، وهو في اللحظة دي ضحك:

_بقيتِ بتخافي من خيالك، فين "شهد" اللي كانت ما بتصدق تخضني كل ما تلاقيني لوحدي أو سرحان؟ فاكرة يا شقية؟ 

المرة دي ضحكت بجد من قلبها وهو باصص لها بضحكة على ضحكها إنه عرف يطلعها من توترها شوية، قالت له بكل حنين للذكريات وحزن طغى عليها وهي بتفكر:

_ياريتني فضلت صغيرة على طول. 

 

_على فكرة أنتِ لسة طفلة أصلا، لو عاوزة تركبي عجَل محدش هيقول لك حاجة. 

رفعت حاجبها وهي بتبص له باستغراب شوية من كلامه، بس مع ذلك افتكرت حبها الشديد للعَجل وهي صغيرة وكان عندها واحدة صغيرة لونها بينك وفيها فيونكة أخدتها من راس عروستها وحطتها في العَجلة مخصوص. 

ضحكت وهي بتفتكر الذكريات، سندت على المخدة اللي كانت بدورها على الحيطة فحست براحة وهي بتبص للسما على القمر من غير ما تتكلم، والتاني مستسلمش وهو بيعمل زيها وبيبتسم:

_شبهك أوي.

 

بصت له بعدم فهم لما جذب انتباهها لكلامه فكمل وهو بيقول:

_القمر. 

ابتسمت في الخفا وهي بتبص لبعيد، كانت مفكراه ملاحظش بسمتها بس سنانها الباينة فضحتها خاصة وهي بتحاول تداريها بايديها بعفوية. 

‌_بكرة هنسافر، مامتك هتجهز الشنطة الليلة دي علشان أرجع على القاهرة وأنتِ معايا المرة دي.. أخيرا حد هيونسني في غربتي. 

اتوترت فجأة وهي بتقول كإنها بتتأكد: 

_أنا.. مش عاوزة أسيبهم.. لازم نسافر؟ مش ممكن تسيبني هنا؟

_مفيش عريس بيسيب عروسته في أول أيام جوازهم، لازم تكوني معايا.. وبعدين شكلك مش حابة تيجي معايا.. للدرجة دي خايفة مني؟ 

_لا طبعا أنا مش بخاف منك بالعكس.. 

لما قالت كلامها بسرعة واندفعت وهي بتبص له، حست بالإحراج فرجعت مكانها وهي بتقول بهدوء:

_بقيت بحسك زي أخويا الكبير. 

وهو الكلمة مضايقتوش خالص رغم إنه جوزها، بيعتبرها أخته وحتة منه، وبيعتبر نفسه مدين ليها باعتذار عن اللي أخوه عمله وكإنه دين في رقبته ولازم يرجعه.. بقت مسؤولة منه خلاص.

لما قعدوا أكتر من ساعة لقاها نامت وراسها مسنودة على الحيطة بطريقة مؤلمة ليها وراسها ممكن تتضرر، فراح مال شوية وخلى راسها على كتفه في حين إن هو سند على المخدة وبقت النومة مريحة ليهم الاتنين. 

بس هو منامش، فضل يفكر في اللي هيعمله معاها الأيام الجاية، ازاي يسعدها؟ وازاي يلاقي أخوه علشان يقتص منه ليها؟ 

بعد شوية لما لقاها بتتقلب والوضعية مبقتش مريحة أخدها.. شالها وهو ماشي بيها لحد العربية.. حس بايديها اللي اتلفت على رقبته بعفوية فابتسم وهو بيبص لوشها عن قرب، كانت عاملة زي القطط لما بتتمسك بصاحبها.. بريئة ومحتاجة اللي يراعيها. 

دخلها العربية وبعد كدا رجع علشان يطفي الأنوار ويرجع كل حاجة لمكانها، رجع بيها بيت خالتها واللي كان عبارة عن دورين، كانت مامته لسة عند خالته وقالت له: 

_احنا هنبات النهاردة عند خالتك، وأنا جببتك كل حاجتك اللي هتسافر بيها هنا اتطمن. 

قد ايه ممتنّ لرأي مامته واللي عملته، على الأقل هيكون مطمن أكتر على "شهد" اللي دخلها أوضتها في الدور اللي فوق، وهم ناموا في الدور التحتاني. 

طلع البلكونة في عز الفجر وهو بيبص على أوضتها اللي فوق.. ابتسم وهو بيفتكر شكلها في العربية وهو ماشي كانت هتقع لولا إنه خلاها تنام على رجله طول الطريق، ورغم إن الموضوع مكنش مريح ليها بس هي مكنتش حاسة أصلا.. كانت نايمة وخلاص. 

طلعت منه ضحكة بدون وعي وهو بيربّع دراعاته وبيفكر في اللي جاي، إن شاء الله يقدر يعوضها.. مامته جت من وراه وهي بتحط ايدها على كتفه فلف بسرعة.. سألته بهدوء:

_متتخضش، تعالى قل لي بقى خدتها على فين. 

كان بيحكي لأمه كل حاجة من عادته، حكى لها إنهم راحوا الأوض بس مجبش تفاصيل كتير فهي قالت له بدهشة:

_وجبت مفتاح الأوضة منين دا عمك ميعرفش إنك هنا أصلا.

_ما هو أنا رحت له وقلت إني هاخد منه المفتاح في مصلحة، كتر خيره دا كله وهو مهتم بالأرض في غيابنا.. 

التانية دعت له وهي بتبتسم لـ"عمران" وقالت: 

_يعني "شهد" فكّت شوية؟ دي كانت ساكتة خالص. 

ضحك وهو بيقول: 

_أهو ربنا نطّقها على ايدي الحمد لله. 

أمه طبطبت على كتفه وبتقول بحنان: 

_يا رب يا ابني تكون عوض ليها عن اللي حصل لها، دا مش هيّن برضه علشان تتخطاه بسرعة.. خلّ بالك منها لإنها مش هيكون ليها حد غيرك. 

كلام مامته خلاه يعيد التفكير تاني في طريقة معاملته لـ"شهد".. حاسس إنها بسكوتة هشة لازم يتعامل معاها بكل رقة.. ضحك على تفكيره.. بسكوتة!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجزء الثاني من اسكريبت #شهد_وعمران. 🤎🦋

لو لسة مش متابع بَـــــسمَة هَلَوان  فأنت فايتك كتير من حكاوينا. 🤎

متنسوش تسيبوا أثر لأني باخد أسماء الأبطال من المتفاعلين. 

متحمسين للجزء التالت؟؟_"عمران" الحق "شهد".. مش راضية تخرج من الحمام وقافلة على نفسها. 

انتفض ودخل يجري على جوة لا تكون عملت في نفسها حاجة! 

دخل باب الحمام كان مقفول فضل يخبط بقلق:

_"شهد".. لو سامعاني طمنيني عليكِ طيب.. "شهد"؟؟ 

مفيش أي كلمة أو أي رد، مكنش عنده حل غير إنه يخبط الحمام بكل قوته واتفتح معاه بعد محاولتين، دخل لقاها بالفستان واقفة وشها في المراية، بس أول ما دخل عليها اتخضت وهي بترجع لورا بخوف لحد ما لزقت في الحيطة. 

منظر الخضة والرعب اللي في عينيها خلاه يفكر مليون مرة قبل ما ياخد خطوته التانية، دخل بكل هدوء وهو بيقول بحنية:

_تعالي متخافيش، عاوز أقول لك حاجة. 

_بس.. أنا خايفة. 

عبرت عن خوفها لما لقته هادي، أما هو فما صدق! دي وأخيرا اتكلمت وطلعت جملة مفيدة؟ 

حاول يطمنها بكل حنان بدون ما يلمسها لإنها لسة متجوزلوش، قال لها وهو بيمد ايده علشان تيجي وراه: 

_متخافيش، أنا هنا معاكِ. 

يمكن كلامه طمنها شوية، الكلمتين اللي قالهم هدوها وبقت شايفاه كحد ممكن يُستند عليه، طلعت وراه وكانت متوترة وخايفة ومش عارفة تتصرف، عينيها بتروح في كل الأماكن إلا مكانه. 

راعاها، دي لسة طفلة تقريبا ومش فاهمة حاجة.. والصدمة كانت كبيرة عليها وتخليها تخاف من أي حد.. لما خرجت وراه فضلت بعيدة عنه بمسافة، فهو اللي قرب شوية لحد ما بقى على بعد شبرين بس منها، قال لها: 

_أنا وعدتك إني هلاقيه.. هاخد حقك وأرده من تاني، وهحاول أعوضك بكل الطرق.. ايه ممكن يرضيكِ وأنا أنفذه فورا؟ 

سمع صوتها الواطي الهادي وهي بتقول بتوتر: 

_ابعد.. ابعد عني شوية. 

بقى عندها حساسية من القرب واللمس بشكل عام، بقت بتخاف حد يكون جنبها.. وبتخاف أمانها ميكونش جنبها علشان يحميها.. بقت شايفة الكل وحوش نفسهم يدمروها.. 

حزن على حالها ولبى طلبها، بعدين حاول يقنعها بموضوع كتب الكتاب وقال: 

_احنا دلوقتي هنكتب الكتاب، مش هنعمل فرح وهتسافري معايا على طول، ماشي يا "شهد"؟

سألها بيحاول يستبين هي مركزة معاه ولا لسة أفكارها مشتتة، هي قالت له بخوف: 

_بس أنا مش عاوزة أتجوز، أنا عاوزة بابا. 

بابا؟ باباها اللي ميت بقى له خمس سنين تقريبا؟ عرف إنها افتقدت الأمان بعد ما باباها توفاه الله، ومهما كان مامتها مهتمة بيها فمش زي اهتمام الغايب لما مشي وسابها.. كان بيدلعها ويلاعبها.. بس الله يرحمه. 

_الله يرحمه، أنا أخوكِ الكبير، اعتبريني باباكِ لو حابة.. بس بلاش القلق اللي شايفه على وشك دا.. أنا مش وحش والله. 

قال الكلام دا وهو زعلان عليها وعلى ظروفها اللي خلتها تشوفه بالطريقة دي وخايفة كأنه هياكلها في أي وقت.

لقاها بتقول وهي بتبص له بسرعة:

_أنا مقولتش إنك وحش.

كأنها بتحاول تبرأ، ابتسم لما لقاها بتكمل كلامها وهي باصة للأرض بهدوء وبتقول بصوت واطي بالعافية لما سمعه: 

_أنت مش وحش. 

_طب يلا بقى نطلع؟ عارفة لما نسافر بكرة؟ هيبقى ليكِ عندي مفاجأة كبيرة أوي. 

جذب انتباهها رغم إنها مشتتة، كان الجمود هو اللي على وشها في اللحظة دي وكأنها مش حاسة بحاجة، بس لما طلع هي طلعت وراه، سمعت زغروطة مامتها وخالتها وفرحتهم المصطنعة اللي بيخبوا تحتها حزنهم عليها وعلى شبابها اللي هيضيع في جوازة مش هتكمل. 

كتبوا ورقتين العرفي ووقعوا عليهم خلاص، بقت متجوزاه خلاص.. بقى جوزها وهي بقت مراته، مامتها حضنتها وهي بدون شعور حطت ايدها بتحضنها كإنها بتلتمس الأمان الغايب ومش عارفة.

بعدت عنها بعدين مامت "عمران" قالت له بابتسامة: 

_يلا يا عريس، خد عروستك فسحها خلينا نشوفها بتضحك بقى.

ابتسم لهم وهو لأول مرة من ساعة ما جه يمسك ايد "شهد" اللي رجعت لورا بسرعة لدرجة إنها كسرت الفازة اللي وراها على الترابيزة، اتخضت وهي بتبص حواليها كإنها عملت مصيبة بس هو هداها وقال بيماشيها:

_خلاص.. اهدي مفيش حاجة، تعالي مش هلمسك. 

قال الجملة دي فهي من كتر التعب النفسي اللي حساه كانت هتعيط، مشيت معاه وهي بتكتم دموعها علشان ميشوفوهاش، الدنيا كانت ليل وهو أخدها بفستانها الأبيض الهادي في عربيته المتوسطة السوداء.

ركبت معاه وهي بتقول له بخوف:

_ممكن أركب ورا؟

بص لها بحنية وهو بيقول:

_يرضيكِ الناس تشوف عروسة بعيدة عن عريسها؟

_بس أنا مش مراتك بجد!!

_صدقيني نفسي أنفذ كل كلمة أنتِ عاوزاها، بس تعالي جنبي مش هتخسري حاجة..الكرسيين بعاد عن بعض أصلا. 

كان بيحاول يجاريها ويقنعها تقعد جنبه وهي وافقت وقعدت برغم التوتر والمشاعر المختلطة اللي جواها.. حقد.. خوف.. قلة أمان.. حنية غريبة؟؟ 

‌_هو احنا لازم نخرج؟ 

مكنتش عاوزة تطلع برة معاه لوحدها، وهو فهمها.. وقالها لها صريحة وهو بيبص قدامه وهو سايق العربية: 

_عارف إنك خايفة مني، بس صدقيني أنا مش هأذيكِ، أنتِ أختي الصغيرة يا "شهد". 

بيحاول يطمنها فهي هزت راسها وبصت من الشباك سرحانة، ساكتة طول الطريق، لاحظ هو دموعها اللي نازلة على خدها وهي سرحانة فعرف إنها بتفكر في الموضوع إياه. 

وصل لأرض فاضية، كان نصها فيه شجر كبير، والنص التاني في زراعة خضرة الندى شكله عليها يبهر في الليل دا، الجو كان برد ولما هي خرجت بصت حواليها باستغراب وخوف من المنظر:

_احنا فين؟

ابتسم لها بسمة هادية مطمئنة وهو بيقول:

_دي يا ستي أرض أسرتنا، ورثي وورث إخواتي من أبويا الله يرحمه، بقى لي كتير سايبها في ايد عمي ومجيتهاش.. تيجي نلف فيها شوية؟

هزت راسها بالنفي وهي بتضم نفسها:

_لا، أنا خايفة.

كلمة قالتها بس زلزلته أكتر من اللي فات، الله لا يسامح أخوه الشيطان، هو السبب في كل دا.. ليه يعمل كدا في بنت بريئة زي دي؟ عيّل منحط.. والله لو حازه لهيدخله السجن وقتها. 

_هاتي بس ايدك، وتعالي معايا نشغل الأنوار.. ولا عاوزة تفضلي هنا جنب العربية؟ 

المكان كان واسع فهي خافت ومسكت ايده فورا، لو هتقارن بين خوفها من المكان وخوفها منه فخوفها من الأرض في الليل دا يفوز.. على قد ما المنظر جميل تحت ضي القمر بس مخيف.. هي.. لوحدها.. مع واحد مفروض إنه جوزها. 

مشيت معاه لحد ما وصلوا لأوضة في نص الأرض وهو فتح أنوارها وبقت منورة الشوية اللي حوالينها لأربعة متر قدام كدا.. المنظر كان شكله جميل، والأنوار كانت دافية وبتحسس بالأمان. 

فرش سجادة قدام الأوضة وقعد، القمر كان مكتمل فبقى بتمام البدر، والسما كان فيها بعض السحاب البسيط الظاهر بحكم إنهم في الشتاء.. 

قعد وهي قعدت جنبه، قال لها: 

_تشربي معايا شاي؟ ولا بتحبي النسكافيه؟ 

كانت خجلانة وقالت وهي بتفرك في صوابعها بتوتر أو قلق مكتوم: 

_ممكن شاي بلبن؟ 

ابتسم لها وشاور على عيونه فهي لأولل مرة ابتسمت له ابتسامة خفيفة رد فعل عليه، وهو فرح إنها ابتدت تخرج من قوقعتها.. حاول طول الأسبوع اللي فات يبعت لها حاجات بتحبها أو تقدر تستخدمها وتشغلها عن دوامة التفكير المفرط اللي دخلت فيها نفسها.

جاب الشاي وقعد وهو بيقول بهدوء فيه لمسة هزار:

_وآدي يا ستي الشاي بلبن لأجل عيونك، قولي لي شكرا بقى. 

ابتسامتها وسعت بخفة وهي بتقول بهدوء: 

_تسلم ايدك. 

ـلادا احنا اتطورنا أوي، يا ترى قلبك فرحان بالقعدة دي ولا بتمثلي عليّ بضحكتك دي؟

ضحكت ضحكة خفيفة بس عملت صدى صوت لإن المكان حواليهم فاضي فهي اتخضت وهي بتبص حواليها، وهو في اللحظة دي ضحك:

_بقيتِ بتخافي من خيالك، فين "شهد" اللي كانت ما بتصدق تخضني كل ما تلاقيني لوحدي أو سرحان؟ فاكرة يا شقية؟ 

المرة دي ضحكت بجد من قلبها وهو باصص لها بضحكة على ضحكها إنه عرف يطلعها من توترها شوية، قالت له بكل حنين للذكريات وحزن طغى عليها وهي بتفكر:

_ياريتني فضلت صغيرة على طول. 

 

_على فكرة أنتِ لسة طفلة أصلا، لو عاوزة تركبي عجَل محدش هيقول لك حاجة. 

رفعت حاجبها وهي بتبص له باستغراب شوية من كلامه، بس مع ذلك افتكرت حبها الشديد للعَجل وهي صغيرة وكان عندها واحدة صغيرة لونها بينك وفيها فيونكة أخدتها من راس عروستها وحطتها في العَجلة مخصوص. 

ضحكت وهي بتفتكر الذكريات، سندت على المخدة اللي كانت بدورها على الحيطة فحست براحة وهي بتبص للسما على القمر من غير ما تتكلم، والتاني مستسلمش وهو بيعمل زيها وبيبتسم:

_شبهك أوي.

 

بصت له بعدم فهم لما جذب انتباهها لكلامه فكمل وهو بيقول:

_القمر. 

ابتسمت في الخفا وهي بتبص لبعيد، كانت مفكراه ملاحظش بسمتها بس سنانها الباينة فضحتها خاصة وهي بتحاول تداريها بايديها بعفوية. 

‌_بكرة هنسافر، مامتك هتجهز الشنطة الليلة دي علشان أرجع على القاهرة وأنتِ معايا المرة دي.. أخيرا حد هيونسني في غربتي. 

اتوترت فجأة وهي بتقول كإنها بتتأكد: 

_أنا.. مش عاوزة أسيبهم.. لازم نسافر؟ مش ممكن تسيبني هنا؟

_مفيش عريس بيسيب عروسته في أول أيام جوازهم، لازم تكوني معايا.. وبعدين شكلك مش حابة تيجي معايا.. للدرجة دي خايفة مني؟ 

_لا طبعا أنا مش بخاف منك بالعكس.. 

لما قالت كلامها بسرعة واندفعت وهي بتبص له، حست بالإحراج فرجعت مكانها وهي بتقول بهدوء:

_بقيت بحسك زي أخويا الكبير. 

وهو الكلمة مضايقتوش خالص رغم إنه جوزها، بيعتبرها أخته وحتة منه، وبيعتبر نفسه مدين ليها باعتذار عن اللي أخوه عمله وكإنه دين في رقبته ولازم يرجعه.. بقت مسؤولة منه خلاص.

لما قعدوا أكتر من ساعة لقاها نامت وراسها مسنودة على الحيطة بطريقة مؤلمة ليها وراسها ممكن تتضرر، فراح مال شوية وخلى راسها على كتفه في حين إن هو سند على المخدة وبقت النومة مريحة ليهم الاتنين. 

بس هو منامش، فضل يفكر في اللي هيعمله معاها الأيام الجاية، ازاي يسعدها؟ وازاي يلاقي أخوه علشان يقتص منه ليها؟ 

بعد شوية لما لقاها بتتقلب والوضعية مبقتش مريحة أخدها.. شالها وهو ماشي بيها لحد العربية.. حس بايديها اللي اتلفت على رقبته بعفوية فابتسم وهو بيبص لوشها عن قرب، كانت عاملة زي القطط لما بتتمسك بصاحبها.. بريئة ومحتاجة اللي يراعيها. 

دخلها العربية وبعد كدا رجع علشان يطفي الأنوار ويرجع كل حاجة لمكانها، رجع بيها بيت خالتها واللي كان عبارة عن دورين، كانت مامته لسة عند خالته وقالت له: 

_احنا هنبات النهاردة عند خالتك، وأنا جببتك كل حاجتك اللي هتسافر بيها هنا اتطمن. 

قد ايه ممتنّ لرأي مامته واللي عملته، على الأقل هيكون مطمن أكتر على "شهد" اللي دخلها أوضتها في الدور اللي فوق، وهم ناموا في الدور التحتاني. 

طلع البلكونة في عز الفجر وهو بيبص على أوضتها اللي فوق.. ابتسم وهو بيفتكر شكلها في العربية وهو ماشي كانت هتقع لولا إنه خلاها تنام على رجله طول الطريق، ورغم إن الموضوع مكنش مريح ليها بس هي مكنتش حاسة أصلا.. كانت نايمة وخلاص. 

طلعت منه ضحكة بدون وعي وهو بيربّع دراعاته وبيفكر في اللي جاي، إن شاء الله يقدر يعوضها.. مامته جت من وراه وهي بتحط ايدها على كتفه فلف بسرعة.. سألته بهدوء:

_متتخضش، تعالى قل لي بقى خدتها على فين. 

كان بيحكي لأمه كل حاجة من عادته، حكى لها إنهم راحوا الأوض بس مجبش تفاصيل كتير فهي قالت له بدهشة:

_وجبت مفتاح الأوضة منين دا عمك ميعرفش إنك هنا أصلا.

_ما هو أنا رحت له وقلت إني هاخد منه المفتاح في مصلحة، كتر خيره دا كله وهو مهتم بالأرض في غيابنا.. 

التانية دعت له وهي بتبتسم لـ"عمران" وقالت: 

_يعني "شهد" فكّت شوية؟ دي كانت ساكتة خالص. 

ضحك وهو بيقول: 

_أهو ربنا نطّقها على ايدي الحمد لله. 

أمه طبطبت على كتفه وبتقول بحنان: 

_يا رب يا ابني تكون عوض ليها عن اللي حصل لها، دا مش هيّن برضه علشان تتخطاه بسرعة.. خلّ بالك منها لإنها مش هيكون ليها حد غيرك. 

كلام مامته خلاه يعيد التفكير تاني في طريقة معاملته لـ"شهد".. حاسس إنها بسكوتة هشة لازم يتعامل معاها بكل رقة.. ضحك على تفكيره.. بسكوتة!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجزء الثاني من اسكريبت #شهد_وعمران. 🤎🦋

لو لسة مش متابع بَـــــسمَة هَلَوان  فأنت فايتك كتير من حكاوينا. 🤎

متنسوش تسيبوا أثر لأني باخد أسماء الأبطال من المتفاعلين. 

متحمسين للجزء التالت؟؟_"عمران" الحق "شهد".. مش راضية تخرج من الحمام وقافلة على نفسها. 

انتفض ودخل يجري على جوة لا تكون عملت في نفسها حاجة! 

دخل باب الحمام كان مقفول فضل يخبط بقلق:

_"شهد".. لو سامعاني طمنيني عليكِ طيب.. "شهد"؟؟ 

مفيش أي كلمة أو أي رد، مكنش عنده حل غير إنه يخبط الحمام بكل قوته واتفتح معاه بعد محاولتين، دخل لقاها بالفستان واقفة وشها في المراية، بس أول ما دخل عليها اتخضت وهي بترجع لورا بخوف لحد ما لزقت في الحيطة. 

منظر الخضة والرعب اللي في عينيها خلاه يفكر مليون مرة قبل ما ياخد خطوته التانية، دخل بكل هدوء وهو بيقول بحنية:

_تعالي متخافيش، عاوز أقول لك حاجة. 

_بس.. أنا خايفة. 

عبرت عن خوفها لما لقته هادي، أما هو فما صدق! دي وأخيرا اتكلمت وطلعت جملة مفيدة؟ 

حاول يطمنها بكل حنان بدون ما يلمسها لإنها لسة متجوزلوش، قال لها وهو بيمد ايده علشان تيجي وراه: 

_متخافيش، أنا هنا معاكِ. 

يمكن كلامه طمنها شوية، الكلمتين اللي قالهم هدوها وبقت شايفاه كحد ممكن يُستند عليه، طلعت وراه وكانت متوترة وخايفة ومش عارفة تتصرف، عينيها بتروح في كل الأماكن إلا مكانه. 

راعاها، دي لسة طفلة تقريبا ومش فاهمة حاجة.. والصدمة كانت كبيرة عليها وتخليها تخاف من أي حد.. لما خرجت وراه فضلت بعيدة عنه بمسافة، فهو اللي قرب شوية لحد ما بقى على بعد شبرين بس منها، قال لها: 

_أنا وعدتك إني هلاقيه.. هاخد حقك وأرده من تاني، وهحاول أعوضك بكل الطرق.. ايه ممكن يرضيكِ وأنا أنفذه فورا؟ 

سمع صوتها الواطي الهادي وهي بتقول بتوتر: 

_ابعد.. ابعد عني شوية. 

بقى عندها حساسية من القرب واللمس بشكل عام، بقت بتخاف حد يكون جنبها.. وبتخاف أمانها ميكونش جنبها علشان يحميها.. بقت شايفة الكل وحوش نفسهم يدمروها.. 

حزن على حالها ولبى طلبها، بعدين حاول يقنعها بموضوع كتب الكتاب وقال: 

_احنا دلوقتي هنكتب الكتاب، مش هنعمل فرح وهتسافري معايا على طول، ماشي يا "شهد"؟

سألها بيحاول يستبين هي مركزة معاه ولا لسة أفكارها مشتتة، هي قالت له بخوف: 

_بس أنا مش عاوزة أتجوز، أنا عاوزة بابا. 

بابا؟ باباها اللي ميت بقى له خمس سنين تقريبا؟ عرف إنها افتقدت الأمان بعد ما باباها توفاه الله، ومهما كان مامتها مهتمة بيها فمش زي اهتمام الغايب لما مشي وسابها.. كان بيدلعها ويلاعبها.. بس الله يرحمه. 

_الله يرحمه، أنا أخوكِ الكبير، اعتبريني باباكِ لو حابة.. بس بلاش القلق اللي شايفه على وشك دا.. أنا مش وحش والله. 

قال الكلام دا وهو زعلان عليها وعلى ظروفها اللي خلتها تشوفه بالطريقة دي وخايفة كأنه هياكلها في أي وقت.

لقاها بتقول وهي بتبص له بسرعة:

_أنا مقولتش إنك وحش.

كأنها بتحاول تبرأ، ابتسم لما لقاها بتكمل كلامها وهي باصة للأرض بهدوء وبتقول بصوت واطي بالعافية لما سمعه: 

_أنت مش وحش. 

_طب يلا بقى نطلع؟ عارفة لما نسافر بكرة؟ هيبقى ليكِ عندي مفاجأة كبيرة أوي. 

جذب انتباهها رغم إنها مشتتة، كان الجمود هو اللي على وشها في اللحظة دي وكأنها مش حاسة بحاجة، بس لما طلع هي طلعت وراه، سمعت زغروطة مامتها وخالتها وفرحتهم المصطنعة اللي بيخبوا تحتها حزنهم عليها وعلى شبابها اللي هيضيع في جوازة مش هتكمل. 

كتبوا ورقتين العرفي ووقعوا عليهم خلاص، بقت متجوزاه خلاص.. بقى جوزها وهي بقت مراته، مامتها حضنتها وهي بدون شعور حطت ايدها بتحضنها كإنها بتلتمس الأمان الغايب ومش عارفة.

بعدت عنها بعدين مامت "عمران" قالت له بابتسامة: 

_يلا يا عريس، خد عروستك فسحها خلينا نشوفها بتضحك بقى.

ابتسم لهم وهو لأول مرة من ساعة ما جه يمسك ايد "شهد" اللي رجعت لورا بسرعة لدرجة إنها كسرت الفازة اللي وراها على الترابيزة، اتخضت وهي بتبص حواليها كإنها عملت مصيبة بس هو هداها وقال بيماشيها:

_خلاص.. اهدي مفيش حاجة، تعالي مش هلمسك. 

قال الجملة دي فهي من كتر التعب النفسي اللي حساه كانت هتعيط، مشيت معاه وهي بتكتم دموعها علشان ميشوفوهاش، الدنيا كانت ليل وهو أخدها بفستانها الأبيض الهادي في عربيته المتوسطة السوداء.

ركبت معاه وهي بتقول له بخوف:

_ممكن أركب ورا؟

بص لها بحنية وهو بيقول:

_يرضيكِ الناس تشوف عروسة بعيدة عن عريسها؟

_بس أنا مش مراتك بجد!!

_صدقيني نفسي أنفذ كل كلمة أنتِ عاوزاها، بس تعالي جنبي مش هتخسري حاجة..الكرسيين بعاد عن بعض أصلا. 

كان بيحاول يجاريها ويقنعها تقعد جنبه وهي وافقت وقعدت برغم التوتر والمشاعر المختلطة اللي جواها.. حقد.. خوف.. قلة أمان.. حنية غريبة؟؟ 

‌_هو احنا لازم نخرج؟ 

مكنتش عاوزة تطلع برة معاه لوحدها، وهو فهمها.. وقالها لها صريحة وهو بيبص قدامه وهو سايق العربية: 

_عارف إنك خايفة مني، بس صدقيني أنا مش هأذيكِ، أنتِ أختي الصغيرة يا "شهد". 

بيحاول يطمنها فهي هزت راسها وبصت من الشباك سرحانة، ساكتة طول الطريق، لاحظ هو دموعها اللي نازلة على خدها وهي سرحانة فعرف إنها بتفكر في الموضوع إياه. 

وصل لأرض فاضية، كان نصها فيه شجر كبير، والنص التاني في زراعة خضرة الندى شكله عليها يبهر في الليل دا، الجو كان برد ولما هي خرجت بصت حواليها باستغراب وخوف من المنظر:

_احنا فين؟

ابتسم لها بسمة هادية مطمئنة وهو بيقول:

_دي يا ستي أرض أسرتنا، ورثي وورث إخواتي من أبويا الله يرحمه، بقى لي كتير سايبها في ايد عمي ومجيتهاش.. تيجي نلف فيها شوية؟

هزت راسها بالنفي وهي بتضم نفسها:

_لا، أنا خايفة.

كلمة قالتها بس زلزلته أكتر من اللي فات، الله لا يسامح أخوه الشيطان، هو السبب في كل دا.. ليه يعمل كدا في بنت بريئة زي دي؟ عيّل منحط.. والله لو حازه لهيدخله السجن وقتها. 

_هاتي بس ايدك، وتعالي معايا نشغل الأنوار.. ولا عاوزة تفضلي هنا جنب العربية؟ 

المكان كان واسع فهي خافت ومسكت ايده فورا، لو هتقارن بين خوفها من المكان وخوفها منه فخوفها من الأرض في الليل دا يفوز.. على قد ما المنظر جميل تحت ضي القمر بس مخيف.. هي.. لوحدها.. مع واحد مفروض إنه جوزها. 

مشيت معاه لحد ما وصلوا لأوضة في نص الأرض وهو فتح أنوارها وبقت منورة الشوية اللي حوالينها لأربعة متر قدام كدا.. المنظر كان شكله جميل، والأنوار كانت دافية وبتحسس بالأمان. 

فرش سجادة قدام الأوضة وقعد، القمر كان مكتمل فبقى بتمام البدر، والسما كان فيها بعض السحاب البسيط الظاهر بحكم إنهم في الشتاء.. 

قعد وهي قعدت جنبه، قال لها: 

_تشربي معايا شاي؟ ولا بتحبي النسكافيه؟ 

كانت خجلانة وقالت وهي بتفرك في صوابعها بتوتر أو قلق مكتوم: 

_ممكن شاي بلبن؟ 

ابتسم لها وشاور على عيونه فهي لأولل مرة ابتسمت له ابتسامة خفيفة رد فعل عليه، وهو فرح إنها ابتدت تخرج من قوقعتها.. حاول طول الأسبوع اللي فات يبعت لها حاجات بتحبها أو تقدر تستخدمها وتشغلها عن دوامة التفكير المفرط اللي دخلت فيها نفسها.

جاب الشاي وقعد وهو بيقول بهدوء فيه لمسة هزار:

_وآدي يا ستي الشاي بلبن لأجل عيونك، قولي لي شكرا بقى. 

ابتسامتها وسعت بخفة وهي بتقول بهدوء: 

_تسلم ايدك. 

ـلادا احنا اتطورنا أوي، يا ترى قلبك فرحان بالقعدة دي ولا بتمثلي عليّ بضحكتك دي؟

ضحكت ضحكة خفيفة بس عملت صدى صوت لإن المكان حواليهم فاضي فهي اتخضت وهي بتبص حواليها، وهو في اللحظة دي ضحك:

_بقيتِ بتخافي من خيالك، فين "شهد" اللي كانت ما بتصدق تخضني كل ما تلاقيني لوحدي أو سرحان؟ فاكرة يا شقية؟ 

المرة دي ضحكت بجد من قلبها وهو باصص لها بضحكة على ضحكها إنه عرف يطلعها من توترها شوية، قالت له بكل حنين للذكريات وحزن طغى عليها وهي بتفكر:

_ياريتني فضلت صغيرة على طول. 

 

_على فكرة أنتِ لسة طفلة أصلا، لو عاوزة تركبي عجَل محدش هيقول لك حاجة. 

رفعت حاجبها وهي بتبص له باستغراب شوية من كلامه، بس مع ذلك افتكرت حبها الشديد للعَجل وهي صغيرة وكان عندها واحدة صغيرة لونها بينك وفيها فيونكة أخدتها من راس عروستها وحطتها في العَجلة مخصوص. 

ضحكت وهي بتفتكر الذكريات، سندت على المخدة اللي كانت بدورها على الحيطة فحست براحة وهي بتبص للسما على القمر من غير ما تتكلم، والتاني مستسلمش وهو بيعمل زيها وبيبتسم:

_شبهك أوي.

 

بصت له بعدم فهم لما جذب انتباهها لكلامه فكمل وهو بيقول:

_القمر. 

ابتسمت في الخفا وهي بتبص لبعيد، كانت مفكراه ملاحظش بسمتها بس سنانها الباينة فضحتها خاصة وهي بتحاول تداريها بايديها بعفوية. 

‌_بكرة هنسافر، مامتك هتجهز الشنطة الليلة دي علشان أرجع على القاهرة وأنتِ معايا المرة دي.. أخيرا حد هيونسني في غربتي. 

اتوترت فجأة وهي بتقول كإنها بتتأكد: 

_أنا.. مش عاوزة أسيبهم.. لازم نسافر؟ مش ممكن تسيبني هنا؟

_مفيش عريس بيسيب عروسته في أول أيام جوازهم، لازم تكوني معايا.. وبعدين شكلك مش حابة تيجي معايا.. للدرجة دي خايفة مني؟ 

_لا طبعا أنا مش بخاف منك بالعكس.. 

لما قالت كلامها بسرعة واندفعت وهي بتبص له، حست بالإحراج فرجعت مكانها وهي بتقول بهدوء:

_بقيت بحسك زي أخويا الكبير. 

وهو الكلمة مضايقتوش خالص رغم إنه جوزها، بيعتبرها أخته وحتة منه، وبيعتبر نفسه مدين ليها باعتذار عن اللي أخوه عمله وكإنه دين في رقبته ولازم يرجعه.. بقت مسؤولة منه خلاص.

لما قعدوا أكتر من ساعة لقاها نامت وراسها مسنودة على الحيطة بطريقة مؤلمة ليها وراسها ممكن تتضرر، فراح مال شوية وخلى راسها على كتفه في حين إن هو سند على المخدة وبقت النومة مريحة ليهم الاتنين. 

بس هو منامش، فضل يفكر في اللي هيعمله معاها الأيام الجاية، ازاي يسعدها؟ وازاي يلاقي أخوه علشان يقتص منه ليها؟ 

بعد شوية لما لقاها بتتقلب والوضعية مبقتش مريحة أخدها.. شالها وهو ماشي بيها لحد العربية.. حس بايديها اللي اتلفت على رقبته بعفوية فابتسم وهو بيبص لوشها عن قرب، كانت عاملة زي القطط لما بتتمسك بصاحبها.. بريئة ومحتاجة اللي يراعيها. 

دخلها العربية وبعد كدا رجع علشان يطفي الأنوار ويرجع كل حاجة لمكانها، رجع بيها بيت خالتها واللي كان عبارة عن دورين، كانت مامته لسة عند خالته وقالت له: 

_احنا هنبات النهاردة عند خالتك، وأنا جببتك كل حاجتك اللي هتسافر بيها هنا اتطمن. 

قد ايه ممتنّ لرأي مامته واللي عملته، على الأقل هيكون مطمن أكتر على "شهد" اللي دخلها أوضتها في الدور اللي فوق، وهم ناموا في الدور التحتاني. 

طلع البلكونة في عز الفجر وهو بيبص على أوضتها اللي فوق.. ابتسم وهو بيفتكر شكلها في العربية وهو ماشي كانت هتقع لولا إنه خلاها تنام على رجله طول الطريق، ورغم إن الموضوع مكنش مريح ليها بس هي مكنتش حاسة أصلا.. كانت نايمة وخلاص. 

طلعت منه ضحكة بدون وعي وهو بيربّع دراعاته وبيفكر في اللي جاي، إن شاء الله يقدر يعوضها.. مامته جت من وراه وهي بتحط ايدها على كتفه فلف بسرعة.. سألته بهدوء:

_متتخضش، تعالى قل لي بقى خدتها على فين. 

كان بيحكي لأمه كل حاجة من عادته، حكى لها إنهم راحوا الأوض بس مجبش تفاصيل كتير فهي قالت له بدهشة:

_وجبت مفتاح الأوضة منين دا عمك ميعرفش إنك هنا أصلا.

_ما هو أنا رحت له وقلت إني هاخد منه المفتاح في مصلحة، كتر خيره دا كله وهو مهتم بالأرض في غيابنا.. 

التانية دعت له وهي بتبتسم لـ"عمران" وقالت: 

_يعني "شهد" فكّت شوية؟ دي كانت ساكتة خالص. 

ضحك وهو بيقول: 

_أهو ربنا نطّقها على ايدي الحمد لله. 

أمه طبطبت على كتفه وبتقول بحنان: 

_يا رب يا ابني تكون عوض ليها عن اللي حصل لها، دا مش هيّن برضه علشان تتخطاه بسرعة.. خلّ بالك منها لإنها مش هيكون ليها حد غيرك. 

كلام مامته خلاه يعيد التفكير تاني في طريقة معاملته لـ"شهد".. حاسس إنها بسكوتة هشة لازم يتعامل معاها بكل رقة.. ضحك على تفكيره.. بسكوتة!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجزء الثاني من اسكريبت #شهد_وعمران. 🤎🦋

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

1

followings

0

followings

1

similar articles