حين يتحول الحب إلى ستار لجريمة

حين يتحول الحب إلى ستار لجريمة

0 المراجعات

حبٌ لا يعرف حدودًا

في مدينةٍ نائية، كانت هناك امرأة لا ترى الحياة إلا من خلال عيني زوجها. تعلقت به إلى درجةٍ وصفها البعض بالجنون، لكنه كان حبًا نقيًا، طاهرًا، لا تشوبه نوايا خفية. كان هو مركز عالمها، وكان يكفيها أن تراه ليصبح كل شيء بخير.

السؤال الذي لم يغادر لسانه

حين اشتد عليه المرض، بدأ يسألها سؤالًا مؤلمًا:

"ماذا ستفعلين إذا متُّ؟"

وكانت في كل مرة تحاول أن تطمئنه:

"لن تموت، لا تقل هذا الكلام."

لكن الموت لم ينتظر، ولم تملك هي القوة لمنعه. رحل، ودفن في مقبرة المدينة. وبدأت بعدها رحلتها مع الحزن: زيارة يومية لقبره، بكاء، ورثاء، ومناجاة لا يسمعها أحد سواه.

اللقاء المشؤوم

في تلك الفترة، قرر حاكم المدينة صلب مجموعة من المجرمين بجوار المقبرة، عبرةً للناس. وُضع حارس شاب ليراقب الجثث. ذات ليلة، سمع بكاءً ينساب وسط السكون، فاتجه نحو الصوت... وهناك رآها.

امرأة تبكي بحرقة، عند أحد القبور.

اقترب منها، تحدثا طويلًا، وحين اجتمع الحزن بالوحدة، والضعف بالعاطفة، سقطا في لحظة خاطئة... كان ينبغي ألا تحدث.

كارثة الجثة المفقودة

عاد الحارس إلى عمله ليكتشف أن إحدى الجثث قد اختفت! ذُعر، فقد كانت حياته على المحك. أسرع إلى المرأة، يخبرها بما جرى. وبهدوءٍ مريب، اقترحت عليه أن يستبدل الجثة المفقودة بجثة زوجها.

"جسده لا يزال طريًا... خذه بدلاً عنها."

وافق الحارس، دون أن يدرك أنه اقترب من بداية انهيار عالمه.

الكلمات التي قلبت الموازين

حين أزالا الكفن عن جثة الزوج، وجد الحارس شيئًا مكتوبًا عليه: أبيات شعرية.

لكنها لم تكن مجرد أبيات عابرة... كانت نفس الكلمات التي كانت ترددها شقيقته علياء، التي اختفت قبل خمسة أشهر.
شعر بقشعريرة تجتاح جسده، وسقط مغشيًا عليه.

الشك ينقلب إلى جنون

حين استعاد وعيه، لم يكن هو نفسه. انقلب إلى أخٍ مفجوع، يبحث عن الحقيقة. اقتاد المرأة إلى منزلها، يسألها عن "علياء"، يقلب أثاث بيتها، يصرخ، يتوسل، يتهم.

لكنها أنكرت كل شيء، إلى أن تذكرت أن زوجها، خلال فترة مرضه، كان يذهب يوميًا إلى البستان خارج المدينة ويعود منهكًا، متعبًا.

رحلة إلى المجهول

أصر أن تذهب معه إلى ذلك البستان. وفي ظلمة الليل، وسط سكون الطبيعة، دخلا كوخًا قديمًا بناه الزوج. بدا مهجورًا، تفوح منه رائحة الخطيئة. وبينما يتفقد المكان، لمح قطعة من الكفن تحت شجرة.

اقترب منها. لاحظ أن الأرض مرتفعة قليلًا... كأنها قبر!

الحقيقة تحت التراب

بدأ الحفر بيديه، غير آبه لصراخ المرأة أو خوفه من المجهول. استمر يحفر، حتى ظهرت يد ناعمة، صغيرة.
يد فتاة دفنت بثيابها.

كانت شقيقته علياء.

الصدمة والاعتراف الصامت

جثتها كانت مشوهة، رائحتها لا تُطاق. ملامحها لا تزال تروي قصة الألم والخوف. أدرك الحارس الحقيقة التي كتمها التراب:
زوج المرأة لم يكن مجرد مريض...
كان مغتصبًا.

احتجز علياء في الكوخ، واعتدى عليها يومًا بعد يوم، حتى ماتت بين يديه. وحين دفنها، دفن معها سرًّا لم يتحمل جسده المريض حمله، فقتله الندم.

الحب الأعمى الذي أعماها

المرأة، التي أحبته بجنون، لم تكن تعرف من هو حقًا. أحبت قاتلًا، ودافعت عن ذكراه، وظنته ملاكًا رحل مبكرًا.

لكن الحقيقة كانت أقسى من أن تُحتمل، وخرجت أخيرًا... من تحت التراب.

خاتمة

هذه القصة، رغم سوداويتها، تتركنا أمام تساؤل موجع:

كم من الأشخاص أحببناهم لأننا رأينا ظاهرهم فقط؟ وكم من الأسرار تُدفن تحت أقدامنا، في انتظار لحظة الحقيقة؟

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

5

متابعهم

10

متابعهم

8

مقالات مشابة