فيلا يعقوب: غموض و إثارة - حلقة ١

فيلا يعقوب: غموض و إثارة - حلقة ١

0 المراجعات

الإسكندرية - شتاء ١٩٨٥

  ربما في لحظة ضعفك لا تجد سوى الغريب يُجاهد ليجعل منك روحاً قوية ومن كان قريب ينظر إليك من بعيد وكأنه لم يعرفك يوماً! ....
و لكن مهلاً! ....
كيف الحال إذا إكتشفت أنه ليس بغريب أو قريب و لا حتي من بني البشر؟! ....
نعم أعني ما أقول، لأن ذلك ما حدث معي حرفياً ....
     أنا هبة محمد رشوان، فتاة لا تعلم ما إن كان العمر سيمضي بها هكذا بعد أن تجاوزت عقودها الثلاثة، أم أن ما تحيا من أجله سوف تراه يوماً ما قبل مغادرتها لتلك الدنيا ....
      أعشق الشتاء لأنه تلك القوة التي تجعلني أتخلّص من أغطيتي الدافئة في جنح الليل من أجل أخذ حمامٍ بارد، أتحمل فيه برودة المياة و ملامستها لجسمي الدافئ فأُصاب برعشة ليست بسبب برودة المياة و لكن بسبب تفاصيل ذلك اليوم التي لم تفارق يوما ذاكرتي.

في شتاء ماض ٍ كنا معاً .... ثلاثة أعوام و بضعة أشهر لم تكن كافية لأعي لماذا أخذتني أمّي بين ذراعيها بخوف شديد في ذلك اليوم عندما إرتفع دوي إطلاق الرصاص خارج الفيلا التي كنا نعيش بها في منطقة سبورتنج بالأسكندرية، و لكن المشهد كان كفيلاً بأن يظل في ذاكرتي ليومٍ يبعثون ....
كنا نبحث عن أي شئ نحتمي به داخل الغرفة التي كان زجاج النافذة الخاص بها يتطاير يميناً و يساراً جراء إطلاق الرصاص من الخارج ....
و كان صوت صراخنا يعلوا و نحن نشاهد أبي و هو يقف خلف النافذة و يتبادل إطلاق الرصاص مع هؤلاء الذين لم نكن نعلم من هم؟ و ما الذي حدث و أدي إلي ذلك المشهد المخيف؟ ثم يعود مرة أخري ليحتمي أسفل النافذة مستبدلاً خزنة سلاحه الفارغة بأخري محشوة بالرصاص و يعيد الكرّة مرة أخري .... و أخري .... و أخري بينما احتضنتني أمي بشدة و ....
فجأة توقف إطلاق الرصاص، و شعرت بذراعا أمي تتراخي شيئاً فشيئاً، حتي أنها توقفت عن الصراخ، فأخرجت رأسي من بين ذراعيها و تسمرت في مكاني، فقد كانت غارقة في الدماء، حيث إنه إحدي الشظايا التي كانت تطاير في أنحاء الغرفة قد إخترقت عنقها و ظلت تنزف و تنزف إلي أن لفظت أنفاسها الأخيرة و هي تنظر نظرة ذعر و هلع مما جعلني ألتفت إلي حيث كانت تنظر فوجدت أبي ....
مُلقي علي الأرض هو الآخر فاقداً النطق غارقاً في دمائه .... 
لم أكن أدرك وقتها ما يتوجب عليا فعله، و لكن الشئ الوحيد الذي أدركته، أن وقت البكاء قد أنتهي، و تلك الدموع المتجمدة في عيني لابد و أن تظل هكذا لا تخرج أبداً ....
حتي أستطيع مواجهة مصيري في الحياة ....
حياة سأحياها وحدي ....
فقد مات السند ....
و بينما كنت أحاول النهوض، شعرت بشئ غريب ....
ثمة رائحة غريبة تأتي من خارج الغرفة ....
إنها رائحة شئ يحترق، و عندما أقتربت من الباب و قمت بفتحه قليلاً ثم أغلقته مرة أخري بسرعة، فلقد أضرموا النيران في الفيلا كلها ....
يا الله .. لا أعلم من هؤلاء؟ و لكن يبدو أنا الموت سيأتيني أيضاً الليلة! ....

_____________________________________________

الأسكندرية - ديسمبر ٢٠١٦

     بعد يوم عمل طويل و شاق للغاية، أشارت عقارب الساعة إلي تمام السابعة مساءً حينما غادرت هبة رشوان ذلك المركز المتخصص في دورات الحاسب الآلي و اللغات  بمنطقة مصطفي  كامل، و رغم ذلك لم تكن تريد العودة إلي المنزل، رغم أنها في أشد الحاجة لتنعم بالراحة والاسترخاء و التخلص من ضغوط العمل، لكن يبدوا أن هذا الأمر لا ينطبق على هبة، لا سيما أنها لا تنتظرها تلك الأعباء اليومية بالمنزل كالطهي و التنظيف و العناية بالأطفال فهي لا تزال عزباء، فتوجهت مباشرة إلي سيارتها الرياضية الأنيقة و إحتلت مقعدها و هي تتحدث مع إحدي صديقاتها عبر الهاتف المحمول كي تذهب لمقابلتها، ثم غادرت المكان علي الفور.

 

تابع

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

followers

610

followings

115

مقالات مشابة