ثورة صمت .. كيف غيرت المرأه المصريه وجه القرن العشرين

ثورة صمت .. كيف غيرت المرأه المصريه وجه القرن العشرين

0 reviews

في القرن العشرين، شهدت مصر تحولات هائلة غيرت مسار تاريخها، وكان لنهضة المرأة دور مشرق في هذا العصر الذهبي. لم تكن تلك الثورة مجرد إقبال على التعليم والعمل، بل كانت معركة حقيقية للكرامة والحقوق، حيث استطاعت المرأة المصرية أن تثبت نفسها في كل المجالات، من السياسة إلى الأدب، ومن النضال الوطني إلى التعليم.

في هذا العصر، تحولت المرأة المصرية من كيان محدود الأثر إلى رمز قوة لا يُستهان بها. بدأت الرحلة مع التعليم، عندما فتحت المدارس والجامعات أبوابها للبنات رغم كل التقاليد التي كانت تعترض الطريق. لم تكن رحلة التمكين سهلة، لكنها صمدت وحققت إنجازات كبيرة. رائدة هذه المرحلة كانت "زينب النفزاوي" التي فتحت أبواب التعليم الجامعي للبنات، لتتوالى الأجيال بعدها وتنهض بالحراك النسائي. وبجانب التعليم، دخلت المرأة ساحات العمل، لتساهم في الاقتصاد وتعيش استقلالها المالي والاجتماعي، مما أعطاها القوة لتطالب بحقوقها.

برزت نساء مثل هدى شعراوي التي أسست عام 1923 الاتحاد النسائي المصري، ودافعت عن حقوق التعليم العالي للفتاة، ومساواة المرأة بالرجل في الحقوق السياسية والاجتماعية. وكانت من أولى من خلعن الحجاب علناً كموقف رمزي لكسر القيود الاجتماعية، ما ساهم في تغيير مجتمع محافظ تدريجياً. كما أسست هدى شعراوي مجلات نسائية وأدبية رفعت وعي المرأة بقضاياها.

دخلت النساء ميدان السياسة بجرأة، فبعد تأسيس الحزب النسائي المصري عام 1942 والنضالات من أجل حق التصويت والترشيح، منحت المرأة حقوقها السياسية الكاملة بعد دستور 1956 بفضل نضال ناشطات مثل درية شفيق، التي قادت مظاهرات واقتحمت البرلمان دفاعاً عن حقوق المرأة. وكان لراوية عطية دور بارز كأول نائبة مصرية وكمواجهة للتحديات الاجتماعية، بالإضافة إلى كونها أول ضابطة في الجيش المصري.

على الصعيد الوطني، لم تقتصر مساهمة المرأة على المطالبة بحقوقها فقط، بل شاركت بقوة في المقاومة الوطنية ضد الاحتلال البريطاني، مثلما فعلت صفية زغلول التي قادت مظاهرات نسائية في ثورة 1919 وثبتت حضور المرأة كشريك في نضال الوطن.

لم يكن الأدب والفن بمعزل عن هذه النهضة، فبرزت كتابات ومسرحيات وأفلام تناقش قضايا المرأة ومكانتها، ساهمت في تغيير الوعي الاجتماعي وكسر حواجز التقاليد.

في بدايات القرن العشرين، كانت المرأة المصرية تعيش تحت قيود اجتماعية وتقاليد تمنعها من المشاركة الواسعة في التعليم والعمل. لكن مع ظهور فكرة الدولة الحديثة في عهد محمد علي باشا، بدأ دور المرأة يتغير تدريجياً، وبدأت المدارس تفتح أبوابها للبنات، وكانت مدرسة الممرضات سنة 1832 علامة مهمة في إطلاق المرأة لساحة العمل العام.

في عام 1919، خرجت نساء مصر في مظاهرات ثورية ضد الاحتلال البريطاني، وكانت هذه المرة الأولى التي يظهر فيها صوت المرأة بقوة في المشهد الوطني، رغم التضحيات والضحايا. قامت نساء مثل سيزا نبراوي ونبوية موسى بخطوات جريئة كسابقات لخلع الحجاب في الأماكن العامة، كرمز للكفاح من أجل حرية المرأة، وكانت نبوية موسى تركز دائماً على أهمية تعليم البنات كطريق أساسي لتمكين المرأة مادياً واجتماعياً.

حققت المرأة المصرية إنجازات كبيرة بعد ثورة 1952، حيث نص دستور 1956 على مساواة المرأة بالرجل في الحقوق السياسية، وسمح لها بالتصويت والترشح لأول مرة في تاريخ مصر الحديث. في 1957، دخلت راوية عطية البرلمان لتصبح أول امرأة نائبة، وبدأ تعيين النساء في مناصب وزارية مثل حكمت أبو زيد أول وزيرة عام 1962.

رغم هذه الإنجازات، واجهت النساء تحديات كبيرة مثل العنف الأسري والزواج القسري والتحرش، لكن الحركة النسائية استمرت في المطالبة بتحسين القوانين الاجتماعية والسياسية، مما مهد طريق مشاركة أوسع وأكثر تأثيراً في الحياة العامة.

في الختام، كان القرن العشرين ميدان تحدٍ وانتصار للمرأة المصرية، ومرحلة شكلت فيها قوة فاعلة ومصدر إلهام لنضال مستمر نحو المساواة والكرامة. أثر هذه النهضة لا زال ملموساً ويمثل حجر الأساس لبناء مصر الحديثة، فالمرأة المصرية ليست فقط نصف المجتمع، بل قلبه النابض وشريكة النجاح الحقيقي.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

2

followings

0

followings

1

similar articles