.هو جبر لخاطر أحدهم...❤

تحكي إحدى الفتيات....

منذ أن توفيت جدتي لم يعد يرغب جدي في البقاء في غرفته لوحده...غرفته تلك كانت هادئة وبعيدة عن ضجيج العائلة..

أحس بالوحدة وبالوحشة..منذ وفاتها.

ولهذا طلب من أبي ان يضع له كنبة في سقيفة البيت..كون بيتنا من النظام التقليدي..وواسع جدا...

بمجرد ما يصلي ..في غرفته صلاة الصبح..يجلس فوق الكنبة..

للفطور مع عمي وأبي..

رغم ضجيج الصغار..والداخل والخارج هو لا يتذمر..

بل يأكد أنه مستأنس بنا وبكلامنا...

في أحد الأيام سمع زوجة عمي تتذمر وتشكو من تلك الجارة..

التي لم ترجع لها لحد الآن موقد الغاز.... .الذي أعطته اياها منذ أشهر...إعارة..

رغم أنها لا تحتاجه الآن..ولكنها تردد...أنها ترغب في المحافظة عليه..وربما في استعماله يوما ما..

ناداني حينها جدي..وطلب مني استفسار الموضوع الذي كانت تكرره زوجة عمي.. .رغم أنها تعرف جيدا أن المخلوقة..

في حالة فقر..وعوز كبير..

حينها تصرف جدي..كما كان يتصرف طول عمره..

نادى زوجة عمي وأعطاها مبلغ من المال معتبر..

وطلب منها أن لا تستعيد من تلك الجارة الموقد...

وطلب مني أنا الذهاب الى تلك الجارة.

والتأكيد لها..أننا أعطيناه لها....

في الحقيقة استغربت ، ثم كررت شكرها ولم تتوقف عن الدعاء لنا جميعا بالخير والفلاح..

أكد لي جدي لا تخبريها شيئا..فقط قولي لها..هو الآن لكِ.....

جدي كان يعاني من ضغط الدم المرتفع مثل أغلبية كبار السن ..

لكنه التحق بالرفيق الأعلى بعد ثلاثة أيام..

بعد ما صلى الصبح...لم يخرج من بيته كالعادة..

وعندما أراد أبي ان يتفقده..وجده قد فاضت روحه..

ممددا على سريره...بطريقة هادئة..

كان يوما مظلما..ولحظات مؤلمة ..أدخلتنا جميعا في دوامة من البكاء..والحزن

..

بعدما تمت مراسيم العزاء...

وفرغ علينا البيت....أحسسنا بفراغ كبير بدونه..

بمجرد ما نرى تلك الكنبة لا نتوقف عن البكاء ..

فتعلقنا بجدي ..كان منقطع النظير..لأنه كان كثير الحنان.وبالغ اللطف والمحبة..

لكن حدث أمر...أطفىء نار الفراق عندنا جميعا..

عندما دقت الباب تلك الجارة..

وقالت لنا أنها رأت..جدي في المنام ..

وهو فرحا مستبشرا...وفي أبهى حلة.

جاءت..كلماتها لتثلج صدورنا...

وتخفف عنا بعض الحزن..

وأصبحنا..نحكي ونعيد هذه القصة..لبعضنا البعض وللجميع..

فرحين مطمئنين لذلك المنام...

ولقد صدقنا هذه السيدة...لأنها لم تكن تعرف أن جدي هو من تنازل لها عن ذلك الموقد..

إذا أراد الله أن يعسلك في آخر أيامك

يسر لك عمل صالح...ليقبض روحك من بعدها.

وهو راض عنك...وقد أرضى عنك من هم حولك...

قمة الكرم وقمة الرحمة...من لدن كريم رحيم...

أن يكون مسك الختام..

.هو جبر لخاطر أحدهم...