ظلّ الساكورا: رحلة الساموراي المفقود

ظلّ الساكورا: رحلة الساموراي المفقود

0 reviews


الجزء الأول: عبير السيوف

في عمق جبال "كيوشو" الملبدة بالضباب، وتحت ظلال أشجار الساكورا الوردية، وُلد "رينتا رو" لأسرة ساموراي عريقة كانت قد فقدت مجدها منذ عقود. لم يكن يحمل من تراثهم سوى اسم ثقيل، وسيف قديم صدئ، وعينين تشعّ فيهما نار لا تنطفئ.

في السنة الثالثة من عهد شوغون "أشيكاغا يوشيميتسو"، عمّ البلاد اضطراب بعد أن تجرأت إحدى العشائر الغربية على التمرد. كانت الرياح تنذر بعودة الحروب، والفتن القديمة تخرج من رقادها كالتنين النائم.

في صبيحة ضبابية، جلس رينتارو قرب ضريح والدته، يراقب أوراق الساكورا تتساقط على قبرها. رفع السيف القديم، ومرر إصبعه على النصل الباهت، وكأنّه يسمع صدى أرواح الساموراي الذين رحلوا. همس في قلبه:
"لن أنسى، أمي. سأعيد اسمنا إلى السماء."

غير بعيد، كان ظلٌ يراقبه. فتاة ترتدي زيّ كهنة الشنتو، عيناها بلون الليل، وصوتها بالكاد يُسمع:
"هذا السيف ليس ملكك وحدك، يا رينتارو."

استدار نحوها، والدهشة تملأ وجهه. من تكون؟ ولماذا تعرف اسمه؟ وما الذي تخفيه وراء ابتسامتها الغامضة؟

منذ تلك اللحظة، تبدأ الرحلة...

الجزء الثاني: الوعد الخفي

ظلّت الفتاة تنظر إلى "رينتارو" بعينين ثاقبتين، لا يشوبهما خوف ولا ارتباك. كانت تقف بثبات، وثوبها الأبيض يرفرف مع نسيم الفجر، فيما تتدلّى من عنقها تعويذة حجرية مغطاة برموز غامضة. اقترب منها بخطى مترددة، وقلبه ينبض بأسئلة لا إجابة لها.

قالت بصوت خافت:
"اسمي هانا. جئت من معبد كاميغاوا، أحمل رسالة من والدك."

تجمّد في مكانه، وشعر بسيف الزمن يخترق ذاكرته. والده؟ لقد قُتل في معركة قبل أن يتعلّم حتى فنون القتال. من تكون هذه الفتاة؟ وهل تسخر منه أم تقول الحقيقة؟

مدّت إليه لفافة حريرية، مختومة بشعار العائلة المنسي. تردّد قبل أن يفتحها، لكنه ما إن قرأ السطور الأولى، حتى تغيّرت ملامحه. الكلمات مكتوبة بخط والده، وتحمل نبوءة غريبة:

"حين تتفتح الساكورا في خريفها، سيُبعث السيف، وسيُبعث معه مَن كُتب عليه أن يُعيد النور."

سألها بصوت مرتجف:
"هل ما زال حيًّا؟"

أجابت بثبات:
"لم يمت، بل اختفى... ولك أن تختار: إما أن تبحث عنه، أو تنسى كل شيء."

الجزء الثالث: سرّ الدم المختوم

وقف رينتارو مذهولًا، يتأمل كلمات والده المنقوشة على اللفافة، وكأن صوته يخرج من الحبر ويخاطبه:
"إن وصلت هذه الرسالة إليك، فاعلم أن دم العائلة لم ينتهِ، بل تغيّر قدره."

ترددت أنفاسه وهو يرفع عينيه إلى "هانا"، التي وضعت يدها على قلبها وقالت:
"المعبد لم يرسلني لحمايتك فقط، بل لأرافقك. السيف الذي تحمله ليس مجرد سلاح... إنه مفتاح."

نظر إلى سيفه القديم، فشعر بدفء يسري عبر قبضته، وكأن النصل نبض للحظة. لم يفهم بعد، لكن الشعور لم يكن وهمًا.

قاطع صمتهم نعيق غراب أسود حطّ على غصن قريب، ثم تبعه صوت خافت من أعماق الغابة. وضعت هانا يدها على سيفها القصير وقالت:
"لقد تبِعونا. الحرس الإمبراطوري اكتشف اللفافة."

شهق رينتارو:
"لكنني لم أخبر أحدًا!"

همست هانا:
"الخيانة لا تأتي من الغرباء فقط. احمل سيفك، وكن مستعدًا."

في تلك اللحظة، أدرك أن طريق البحث عن الحقيقة سيكون مفروشًا بالخطر، وأن كل خطوة تقرّبه من نداء دمائه... قد تكون الأخيرة.

الجزء الرابع: نيران في الظلّ

وسط هدير الريح، انشقّ صمت الغابة بانفجار مفاجئ. سهم مشتعل اخترق جذع شجرة قريبة، تلته صرخة غليظة:
"أمسكوا بهما! لا تدعوهما يهربان!"

ركض رينتارو وهانا بين الأشجار الكثيفة، يتفادَيان الأسهم والنصال. لم يتعلّم القتال يومًا، لكن جسده تحرّك بدافع غريزي، والسيف في يده أصبح امتدادًا لذراعه. لم يكن يتقن شيئًا، لكنه شعر أن الدماء في عروقه تشتعل، وكأنها توقظ إرثًا كان نائمًا.

همست هانا وهي تركض:
"نحو الممر الحجري! هناك نختفي!"

وصلا إلى كهف صغير يختبئ خلف شلال خافت، دخلاه بصعوبة، وتناثرت أنفاسهما اللاهثة كأنها لهب. في الداخل، أخرجت هانا حجرًا غريب الشكل، وضعته في تجويف بالجدار، فانفتح ممر سري يفضي إلى غرفة مظلمة مغطاة بالرموز.

قالت بصوت مشوب بالحذر:
"هذا المكان لا يظهر إلا لمن يحمل سيف عائلتك. هذه الغرفة ستريك بداية الطريق."

اقترب رينتارو من أحد الجدران، فاشتعل فجأة ضوء أزرق باهت. ظهرت خريطة محفورة، وعند المركز... رمز التنين.

همس:
"تنين النار... أسطورة الساموراي المفقود؟"

أجابت هانا:
"ليست أسطورة... بل وصيّتك القديمة، وأنت من سيوقظه."

الجزء الخامس: خريطة التنين

وقف رينتارو أمام الجدار المتوهج، يحدّق في خطوط الخريطة المتشابكة. كان هناك طريق محفوف بالجبال، يمرّ عبر سبعة معابد قديمة، وينتهي عند دائرة محفورة فوقها نقش "تينكا ريو" — أي "تنين السماء".

قالت هانا بنبرة غامضة:
"كل معبد يخفي جزءًا من السر. لا يمكن فتح المعبد الأخير إلا إذا اجتزت الستة قبله. لكن… الحراس لن يسمحوا لك بالمرور بسهولة."

أدار وجهه إليها وسأل:
"ومن هم الحراس؟"

أجابت وهي تتلمس الجدار:
"ساموراي الظل. أولئك الذين اختاروا البقاء في الظلام، لحماية ما لا يُفترض كشفه."

أدار رينتارو سيفه في يده، شعر بثقله يتغيّر، كأن النصل يزداد حدة. همس:
"إن كان هذا إرث والدي... فلن أفرّ."

في الخارج، كان الحرس لا يزالون يبحثون، لكن الزمن داخل الممر بدا متجمّدًا، كأن المكان نفسه خارج الواقع. مدت هانا يدها إليه وقالت:
"إذا بدأت الرحلة، لا عودة. كل خطوة ستُبدّل ما أنت عليه. أتقبل المصير؟"

أمسك يدها بثقة نادرة، وقال:
"ولدت دون مجد... لكنني لن أموت دون أن أسترده."

في تلك اللحظة، بدأت الخريطة تصدر وهجًا قويًا، وكأنها وافقت على بدء الرحلة.

الجزء السادس: أولى البوابات

خرج رينتارو وهانا من الممر السري، وقد رسم لهما الضوء مسارًا واضحًا عبر الغابة الموحشة. الطريق المؤدي إلى أول معبد، "تسوكومو"، كان محفوفًا بالحجارة السوداء والأشجار الملتوية التي بدت وكأنها تهمس بالأسرار القديمة.

قالت هانا:
"معبد تسوكومو يحرسه مقاتل يُدعى كايجين، لا يعيش إلا للقتال. لا يمكن العبور إلا بهزيمته."

سأل رينتارو بتردد:
"هل سبق لكِ أن رأيتِه؟"
فأجابت:
"لم يخرج من المعبد منذ خمسين عامًا."

عند الغروب، ظهرت البوابة الخشبية الهائلة، وعليها نُقش: "من لم يعرف نفسه، ضلّ طريقه." فتح الباب ببطء، وانكشفت ساحة مستديرة تحيط بها التماثيل، وفي منتصفها جلس رجل عجوز، أصلع، يحمل رمحًا ضخمًا، وعيناه مغمضتان.

قال دون أن يفتح عينيه:
"هل أتى وريث الدم الملعون؟"

تقدم رينتارو خطوة، ورفع سيفه:
"إن كنت الحارس، فاعلم أنني لا أطلب المرور... بل أستحقه."

فتح كايجين عينيه البراقتين، وابتسم بشراسة:
"إذن دعني أختبر الحقيقة خلف كلماتك، يا ابن السيف!"

وبدأ النزال الأول..

 

الجزء السابع: اختبار السيف

كان الهواء كثيفًا بالصمت حين نهض كايجين من جلسته، وانغرس رمحه في الأرض مسبّبًا شرارة بين الحجارة. لم يكن في جسده الضئيل ما يوحي بالقوة، لكن هالته كانت أشبه بظل جبل لا يُهزم. قال بصوت عميق:

"لن يفتح لك باب تسوكومو ما لم يهتز قلبك بضربة صادقة."

اندفع نحوه رينتارو، يرفع سيفه كما تعلم، لكن كايجين صدّه بسهولة بحركة واحدة، ورماه أرضًا. سال الدم من فمه، وشعر بالإهانة أكثر من الألم.

قال كايجين وهو يلوّح برمحه:
"السيف ليس عضلات، بل وعي. لا تهجم بسخطك، بل دع سيفك ينطق بما لا تقوله شفتاك."

نهض رينتارو، يتنفس بصعوبة، تذكّر كلمات والده في الرسالة:
"حين ترى السيف مرآتك، حينها فقط تكون مستعدًا."

أغمض عينيه للحظة، ثم فتحهما بثبات. لم يهاجم، بل وقف بثبات، كأن جسده أصبح امتدادًا للنصل. هذه المرة، حين اندفع كايجين، تحرّك رينتارو بانسياب، وصدّ الضربة، ثم وجه أخرى خاطفة لكتف خصمه.

تراجع كايجين، وحدّق فيه بدهشة، ثم ابتسم وقال:
"لقد نطق السيف أخيرًا... تفضل، أيها الوريث."

وخلفه، انفتح باب المعبد الأول.


الجزء الثامن: المعبد المظلم

دخل رينتارو وهانا معبد "تسوكومو" عبر الباب المفتوح، ليجدوا أنفسهم في قاعة عظيمة مغطاة بالظلال، لا يخترقها سوى شعاع ضوء واحد يأتي من فتحة صغيرة في السقف.

كان الجدران مزينة بنقوش تحكي قصة سيف أسطوري يُدعى "كينمو"، الذي يقال إنه يملك القدرة على تحقيق الانتصار لمن يستحقه.

تنهد رينتارو وقال:
"هذه هي البداية الحقيقية، السيف الذي في يدي هو مفتاح، لكن هناك شيء أعمق يجب أن أفهمه."

همست هانا:
"كل معبد يحمل درسًا، وكل درس يُعيد تشكيل من يمشي في دربه. استمع جيدًا."

وبينما كانا يتقدمان، ظهرت أمامهما تمثال ضخم لتنين، وفتحة في فم التمثال كانت تقود إلى غرفة سرية.

قالت هانا:
"عليك أن تثبت أنك جدير بأن تحمل إرث هذا التنين."

ابتسم رينتارو بثقة، وشعر لأول مرة بأن السيف لم يعد عبئًا، بل جزءًا من روحه.


الجزء التاسع: لغز التنين

دخل رينتارو الغرفة السرية بحذر، وهو يشعر بنسيم بارد يلف المكان. على أرضية الغرفة، كان هناك نقش دائري معقد يشبه التنين المتلوّي حول جوهرة متوهجة.

همس رينتارو:
"هذا هو لغز التنين... لكن كيف أكشف سره؟"

وقفت هانا بجانبه وقالت:
"كل حجر يحمل رمزًا، وكل رمز له معنى. عليك أن تحرك الأحجار وفق النظام الصحيح."

بدأ رينتارو يحرك الأحجار ببطء، مستعينًا بما تذكره من الكتب التي قرأها عن الأساطير اليابانية. فجأة، اهتزّت الأرض تحت قدميه، وسمع صوت خشخشة خافتة.

تم فتح باب جديد يؤدي إلى ممر طويل، مغطى بوشم السيوف والتنانين.

قالت هانا بابتسامة:
"لقد حللت اللغز، لكن التحديات الحقيقية بدأت الآن."

نظرت إلى رينتارو، وعينيها تلمعان بالعزم.
قال رينتارو:
"لن أتوقف حتى أستعيد مجد أسرتي، مهما كلف الأمر."


الجزء العاشر: ماضي الأسرار

سار رينتارو وهانا في الممر الطويل، حيث كانت جدرانه تحكي حكايات قديمة عبر نقوشٍ وصورٍ لأسلاف ساموراي عظيمة. توقف رينتارو أمام نقش لامع يُظهر رجلًا يحمل سيفًا يشع نورًا، وقال:

"هل هذا والدي؟"

أجابت هانا بهدوء:
"ليس فقط والدك، بل القائد الذي حمى المعبد من هجوم عدو قديم، لكنه اختفى بعد المعركة، تاركًا وراءه الكثير من الأسرار."

همس رينتارو:
"وهذا هو السبب وراء اختفائه... هل هو حي؟"

ابتسمت هانا وقالت:
"الحقيقة مخفية في الغابة المحرمة شرقاً، حيث لا يجرؤ أحد على الدخول."

اقترب منها رينتارو وقال:
"سأذهب هناك مهما كلف الأمر. والآن، كل خطوة تقربني من الحقيقة."

في ذلك الوقت، كانت عيون خفية تراقبهما من الظلال، وتُهمس بكلمات تهديد:
"لن تسمح قوى الظلام لهذا الساموراي أن يستعيد إرثه."

الجزء الحادي عشر: الغابة المحرمة

وصل رينتارو وهانا إلى حافة الغابة المحرمة، حيث امتدت الأشجار الكثيفة وأغلفة الضباب تخنق الهواء. قال رينتارو:
"يقولون إن من يدخل هذه الغابة لا يعود، والأرواح القديمة تحرسها."

أجابت هانا بثقة:
"الأرواح الحارسة ليست مجرد خرافات. عليك أن تحترم الأرض وتثبت نواياك."

سار الاثنان بين الأشجار، وكل خطوة كانت تثقل روحهما، تخرج أصوات غريبة من الأعماق. فجأة، ظهر أمامهما رجل مسنّ، يرتدي ثوبًا أسود ويحمل عصا طويلة. نظر إليهما بعيون صارمة وقال:
"لماذا تجرؤون على دخول مملكة الظلال؟"

أجاب رينتارو بحزم:
"أبحث عن والدي، وأريد كشف الحقيقة عن إرث عائلتي."

ابتسم الرجل قليلًا وقال:
"الحقائق هنا أثقل من السيوف. هل أنت مستعد لأن تواجهها؟"


الجزء الثاني عشر: حكمة الظلال

وقف الرجل المسن منتصبًا أمام رينتارو وهانا، وقال بنبرة مليئة بالحكمة:
"اسمي كينشيرو، حارس الغابة، ومعرفة الحقيقة لا تأتي إلا بثمن."

أدار رينتارو سيفه وقال:
"أنا مستعد لدفع الثمن، فقط أخبرني أين والدي."

ابتسم كينشيرو وقال:
"والدك لا يزال حيًا، لكن الروح والجسد منفصلان. لقد دخل في عالم بين الحياة والموت، ولا يعود إلا من يفك قيود الروح."

أمسك كينشيرو بعصاه، وبدأ يرسم رموزًا في الهواء، فجأة تحولت الغابة من حولهم إلى مشهد آخر، رؤية الماضي. رأى رينتارو والده محاطًا بأعداء كثيرين، يحمل سيفه ويقاتل بشجاعة.

قال كينشيرو:
"لتفك أسر والدي، عليك أن تجمع القطع الأربعة للروح المبعثرة، موزعة في المعابد المتبقية."

همس رينتارو:
"بدأت رحلتي الآن حقًا."

الجزء الثالث عشر: القطع المبعثرة

عاد رينتارو وهانا من رؤية كينشيرو، وقد فهم الاثنان حجم التحدي الذي ينتظرهما. القطع الأربعة للروح المبعثرة كانت محفوظة في أماكن مختلفة، كل منها محروس بحارس شرس.

قال رينتارو:
"كل قطعة تمثل جزءًا من والدي... روحه، قوته، عزيمته، وكرامته."

أومأت هانا:
"ولا يمكن جمعها إلا من خلال اختبار الشجاعة، الحكمة، الصبر، والقلب النقي."

بدأ الاثنان رحلتهما إلى المعبد الثاني، المعروف باسم "شينرا"، الواقع في أعماق وادٍ ضبابي. الطريق كان محفوفًا بالمخاطر، لكن عزيمة رينتارو كانت أقوى.

وخلفهما، كانت أعين الظلام تتابع كل خطوة، وتخطط لمنعهما من استكمال الرحلة.

همس رينتارو:
"لن أدع شيئًا يوقفني، فالدماء التي تجري في عروقي تطالب بالوفاء."

الجزء الرابع عشر: معبد شينرا

وصل رينتارو وهانا إلى معبد شينرا، حيث كانت الأشجار تحيط به كأنها حراس صامتون، والضباب يلف الأجواء بغموض. وقف أمام بوابة حجرية ضخمة، محفور عليها رموز معقدة تحكي قصصًا عن أبطال قدامى.

قالت هانا:
"هذا هو اختبار الحكمة. المعبد لا يفتح إلا لمن يجيب عن أسئلة الروح."

دخل الاثنان القاعة الكبرى، حيث وجدا أمامهما تمثالًا لبوذا، وعلى الحائط نقش يحتوي على ثلاثة ألغاز. قال رينتارو بثقة:
"علينا أن نحلها لنكمل."

بدأ الاثنان في التفكير بعمق، ومرت دقائق تبدو كالساعات، حتى فجأة، انفتح باب خلف التمثال، وكشف عن ممر مظلم.

قالت هانا بابتسامة:
"لقد نجحنا، والآن إلى الاختبار التالي."

كان المعبد أكثر من مجرد مكان، كان اختبارًا حقيقيًا لعقل وروح رينتارو.


الجزء الخامس عشر: اختبار الصبر

دخل رينتارو وهانا الممر المظلم، حيث كانت الأجواء تزداد برودة وثقلًا. وصلت إليهما أصوات خافتة كأنها همسات الأرواح. في نهايته، وجدوا غرفة صغيرة تحتوي على نافورة ماء هادئة.

قالت هانا:
"الاختبار هنا هو الصبر. عليك أن تجلس أمام النافورة دون أن تتحرك حتى تكتمل اللحظة."

جلس رينتارو مترددًا، لكنه سرعان ما هدأ، وبدأ يراقب حركة المياه بتركيز. مرت ساعات، وشعر بزمن وكأنه توقف. كلما ارتفع صوته الداخلي بالشك، أعاد تركيزه.

فجأة، اهتزت المياه، وظهر من عمقها قطعة متلألئة، رفعها بيديه، وشعر بنور خفيف يملأ قلبه.

قال:
"الصبر هو مفتاح القوة الحقيقية."

ابتسمت هانا وقالت:
"قطعة الروح الثانية بحوزتك."

الجزء السادس عشر: قلب المحارب

غادرا معبد شينرا، وكان أمام رينتارو وهانا الطريق نحو المعبد الثالث، "ريوما"، المعروف بكونه اختبار القلب والنبل. المعبد كان يقع فوق صخرة شاهقة تطل على وادٍ عميق، يُقال إنه لا يجرؤ إلا القليل على الصعود إليه.

قال رينتارو وهو ينظر إلى الهاوية:
"كل خطوة صعبة... لكن قلبي مستعد."

دخل الاثنان المعبد، حيث كان عليهم مواجهة سلسلة من التحديات التي تختبر نبل القلب وروح المحارب، من خلال مواجهة أوهام وأحلام تشوه الحقيقة.

واجه رينتارو صورًا من ماضيه، وأحلامه، ومخاوفه، لكنه وقف بثبات، متشبثًا بإيمانه وإرادته.

قال هانا بابتسامة:
"الأقوى من يواجه نفسه ويخرج منتصرًا."

في قلب المعبد، وجد رينتارو قطعة الروح الثالثة، متلألئة كنجمة في الظلام، حملها بفخر وعزم.


الجزء السابع عشر: مواجهة الظل

مع اقترابهما من المعبد الرابع، "كاجي"، أحس رينتارو بثقل غير مرئي يلاحقه في الظل. قال بصوت منخفض:
"الظلام ليس بعيدًا... إنه يلاحقني."

دخل الاثنان المعبد، حيث كانت الأجواء متوترة، والظلال تتحرك بين الجدران ككائنات حية. هنا كان اختبار القوة الحقيقية: مواجهة الظل الداخلي.

فجأة، ظهر أمام رينتارو ظل مشوه، يعكس شكله لكنه أكثر ظلمة وعنفًا. بدأ القتال بينهما، ليست مع خصم خارجي، بل مع جزء مظلم من روحه.

صرخ رينتارو وهو يواجه نفسه:
"لن أسمح للظلام أن يسيطر عليّ!"

بتحدي وصبر، تمكن من إلحاق الهزيمة بالظل، الذي تلاشى مع أول ضوء شمس.

حمل قطعة الروح الرابعة، وابتسم بحزم:
"لقد تخلصت من ظلي... والآن أنا أقوى."

الجزء الثامن عشر: تحالف غير متوقع

خرج رينتارو وهانا من معبد "كاجي" وهما يشعران بثقل الرحلة التي خاضاها. فجأة، ظهر أمامهما رجل يرتدي درعًا أسود، يحمل سيفًا عتيقًا، ونظر إليهما بعينين حادتين.

قال بصوت جاف:
"لقد راقبتكما طويلاً. أنت يا رينتارو، تحمل إرثًا يفوق فهمك."

تقدم رينتارو بحذر:
"من أنت؟"

أجاب الرجل:
"أنا ماسارو، محارب من عشيرة كانت حليفة لعائلتك. لقد جئت لأعرض عليك تحالفًا."

تردد رينتارو، لكنه أدرك أن المواجهة القادمة ستكون أعظم من كل ما سبق. قال:
"إن كان هدفنا واحد، فليكن التحالف."

هانا نظرت إلى ماسارو بحذر، وقالت:
"لكن لا تثقوا بسهولة، فالعدو يحيك خيوطه في الظلال."

بدأت صفحة جديدة من الرحلة، برفقة حليف غير متوقع.


الجزء التاسع عشر: فخ الظلال

كان رينتارو، هانا، وماسارو يشقون طريقهم عبر وادٍ ضبابي، حيث تلاشت الأشجار خلفهم وكأنها تستسلم للظلام. فجأة، انفتح لهم فخ مخيف، عندما باغتهم مجموعة من مقاتلي الظل، مسلحين بأسلحة مزينة برموز شريرة.

صاح ماسارو:
"احموا أنفسكم! لقد وقعنا في فخ!"

تقدم رينتارو بسيفه يشع بوميض خافت، وصرخ:
"لن نسمح لهم بإيقافنا الآن!"

اندلعت معركة شرسة، بين وهج السيوف وصدى الصرخات. كان العدو يحاول حصارهم، لكن بتضافر جهود الثلاثة، تمكنوا من كسر الحصار والفرار.

تنهد هانا وقالت:
"هذه ليست سوى بداية صراع أعظم."

نظر رينتارو نحو الأفق، وأيقن أن ما ينتظرهم ليس سهلاً، لكنه مستعد لمواجهة كل ما يأتي.

الجزء العشرون: نور الساكورا

بعد كل المعارك، والأسرار، والخيانات، وقف رينتارو أمام شجرة الساكورا العتيقة التي كانت شاهدة على تاريخ أسرته. مع ماسارو وهانا إلى جانبه، رفع سيفه القديم، الذي تحول الآن إلى نصل متلألئ كأنه يعكس نور الشمس في كل ركن من أركان اليابان.

قال بصوتٍ واضح وحازم:
"ها أنا ذا، وريث الدم المضيء، الذي يعيد الحق إلى مجده."

انتشرت أزهار الساكورا في كل مكان، وكأنها تحتفل بالانتصار، وبدأ النور ينساب من النصل ليضيء القلوب والعقول، معلنًا بداية عهد جديد، لا للماضي المظلم، بل للمستقبل المشرق.

همست هانا:
"لقد أصبحت السيف... وأصبحت القائد."

ابتسم رينتارو وقال:
"وهذا هو الوعد الذي لن أكسره."

وهكذا، انتهت رحلة البحث، لتبدأ قصة أخرى... قصة عزيمة لا تموت، في قلب اليابان القديم.

---

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

7

followings

0

followings

2

similar articles