ظل في الممر(الجزء الثاني)

ظل في الممر(الجزء الثاني)

0 المراجعات

 

تجمدت “ليلى” في مكانها وهي تمسك المذكرات بيد مرتعشة. الكلمات التي قرأتها للتو كانت تدوي في عقلها:

“السر أصبح بين يديك… ولا تدعي أحدًا يعرف الحقيقة.”

أغلقت الصندوق بسرعة، لكن قبل أن تنهض، شعرت بأن الهواء في الغرفة أصبح أثقل، وكأن شيئًا غير مرئي يملأ المكان. التفتت ببطء نحو الممر، فرأت شيئًا جعل الدم يتجمد في عروقها.

في آخر الممر، تحت الضوء الخافت، كانت تقف امرأة عجوز بملامح تشبه جدتها تمامًا… لكنها لم تكن تتحرك. عيناها كانتا سوداوتين بالكامل، بلا بياض، تحدقان فيها بصمت مخيف.

تراجعت ليلى للخلف حتى اصطدمت بالطاولة، فسقطت المذكرات على الأرض وتناثرت صفحاتها. من بين الصفحات، انزلق مفتاح نحاسي قديم، غامق اللون، وكأنه لم يُفتح به شيء منذ سنوات طويلة.

وقبل أن تلتقطه، انطفأ الضوء فجأة، وعم الظلام المكان، إلا من ضوء القمر الذي يتسلل من النافذة. كانت خطوات العجوز تقترب… بطيئة، لكن كل خطوة كانت تُشعر ليلى وكأن قلبها يتوقف لحظة.

مدّت يدها تبحث عن المذكرات والمفتاح في الظلام، لكنها شعرت بيد باردة تلامس يدها. شهقت بصوت مرتفع، لكنها لم تجد الجرأة على النظر للأعلى. الصوت نفسه الذي سمعته سابقًا همس في أذنها هذه المرة:

“الوقت ينفد يا ليلى… الباب يجب أن يُفتح قبل الفجر.”

عندما رفعت رأسها، لم تجد أحدًا. الممر فارغ، لكن المفتاح الآن في يدها… يلمع بوميض غريب، كأنه يدعوها لاستخدامه.

وقفت، تتنفس بصعوبة، وعرفت أن ما ينتظرها وراء ذلك الباب المجهول… قد يغير حياتها للأبد.                              

وقفت “ليلى” أمام الباب الخشبي العتيق في نهاية الممر السفلي للبيت. لم تتذكر يومًا أنها رأت هذا الباب من قبل، وكأنه ظهر فجأة. كان خشبه متهالكًا، ومقبضه مغطى بطبقة من الصدأ، لكن هناك شيء غريب… على الخشب كانت محفورة نفس الرموز التي رأتها في إحدى صفحات مذكرات جدتها.

أدخلت المفتاح النحاسي في القفل، فتردد صرير حاد اخترق صمت المكان، وكأن الباب لم يُفتح منذ عقود. عندما دفعته، هبت رائحة قديمة ممزوجة برطوبة المكان، وأمامها ظهرت غرفة صغيرة مضاءة بضوء شمعة واحدة على طاولة حجرية.

على الطاولة، كان هناك صندوق آخر أكبر حجمًا، مغلق بقفل مزدوج. وبجانبه، صورة قديمة بالأبيض والأسود لفتاة تشبه ليلى بشكل مذهل، لكن تاريخ الصورة يعود إلى أكثر من مائة عام.

 

-يتبع…

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

3

متابعهم

1

متابعهم

7

مقالات مشابة