
سرقه جثه نابليون
سرقة جثة نابليون… الحكاية التي حيّرت المؤرخين
في ليلة باردة من ليالي أكتوبر عام 1840، كانت سفينة فرنسية تشق طريقها ببطء عبر مياه الأطلسي. على متنها صندوق أسود ضخم، محكم الإغلاق، تحت حراسة مشددة. لم يكن الصندوق يحوي ذهبًا أو جواهر، بل شيئًا أغلى بكثير بالنسبة للفرنسيين: جثمان الإمبراطور نابليون بونابرت.
بعد وفاته عام 1821 في منفاه بجزيرة سانت هيلينا، دُفن نابليون هناك وسط حديقة صغيرة تطل على المحيط. لكن الفرنسيين لم يرضوا بأن يبقى "بطلهم" بعيدًا عن أرض الوطن. وفي 1840، وبعد مفاوضات طويلة مع بريطانيا، حصلوا على إذن بنقل جثمانه إلى باريس.
القصة تبدو واضحة حتى الآن… لكن هنا تبدأ الإثارة.
عندما وصلت السفينة إلى فرنسا، كان من المفترض أن تُفتح التابوت للتأكد من الجثمان أمام عدد محدود من الشهود، ثم ينقل مباشرة إلى "الأنفاليد" في باريس. لكن بعض الروايات تقول إن لحظة الفتح شهدت مفاجأة: الجثمان لم يكن جثمان نابليون!
أحد الحاضرين وصف الجسد بأنه بدا "أصغر وأضعف" مما يتوقعون، والوجه لا يشبه الملامح الشهيرة للإمبراطور. بدأت الهمسات تدور: هل من الممكن أن يكون البريطانيون قد استبدلوا الجثمان قبل التسليم؟
هنا تدخل نظريات المؤامرة. البعض اعتقد أن البريطانيين تعمدوا دفن نابليون في مكان آخر سرًا، خشية أن يتحول قبره إلى رمز قومي فرنسي. آخرون ذهبوا أبعد من ذلك وقالوا إن الجثمان الذي أُعيد كان في الحقيقة لجندي فرنسي آخر مات في المنفى، بينما بقي نابليون مدفونًا في قبر مجهول.
المؤرخون منقسمون حتى اليوم. الوثائق الرسمية تؤكد أن الجثمان هو بالفعل جثمان نابليون، وأن الاختلاف في الملامح سببه طريقة التحنيط والحفظ لمدة 19 عامًا. لكن الغريب أن السلطات الفرنسية رفضت السماح بأي فحص للرفات باستخدام تقنيات الحمض النووي، حتى في العصر الحديث، مما أبقى باب الشك مفتوحًا.
الجانب الأكثر غموضًا هو ما حدث للصندوق أثناء الرحلة البحرية. هناك تقارير غير مؤكدة تقول إن السفينة توقفت في منتصف الطريق في جزيرة صغيرة، وأن الصندوق تم نقله لفترة قصيرة خارج السفينة قبل أن يعود. لماذا؟ ومن كان هناك؟ لا أحد يعرف يقينًا.
اليوم، يرقد جثمان نابليون – أو من يُعتقد أنه جثمانه – في ضريح فاخر تحت قبة الأنفاليد، يزوره آلاف السياح سنويًا. البعض ينحني احترامًا للإمبراطور، وآخرون يحدقون في الصندوق الحجري ويتساءلون في صمت: "هل هو حقًا هنا؟"
هذه القصة، سواء كانت مجرد وهم أو مؤامرة حقيقية، تذكرنا أن التاريخ ليس دائمًا كما يُكتب في الكتب. أحيانًا، حتى أعظم الشخصيات يمكن أن يحيط بها الغموض بعد الموت، وربما يكون نابليون قد حقق آخر انتصار له… بأن يتركنا جميعًا نتجادل حول مصيره حتى اليوم.
نتقابل بكره في قصه تاريخيه جديده كان معكم / عيد عصام