حين أشرق القمر

حين أشرق القمر

1 reviews

حين أشرق القمر – الجزء الأول

المقدمة:
هناك لحظات تمر في حياتنا فتبدو عابرة، لكنها تظل محفورة في القلب، وكأنها البذرة التي تنمو في صمت حتى تصبح قصة تُروى. هذه الحكاية تبدأ من رحلة عادية… لكن القدر كان يخطّ لها طريقًا مختلفًا تمامًا.

كان صباح شتوي بارد، والسماء فوق مطار القاهرة ملبدة بالغيوم. ياسمين وقفت وسط الزحام، تلف معطفها الصوفي حول جسدها، وتحمل جواز سفرها بإحكام. هذه الرحلة لم تكن مجرد سفر بالنسبة لها، بل بداية فصل جديد في حياتها.

حلم الدراسة في الخارج كان يرافقها منذ أيام الجامعة، وعندما جاءها قبول المنحة في جامعة بإسطنبول، شعرت أن الحياة أخيرًا تمنحها فرصة لتكتب حكايتها بيدها. ورغم فرحتها، كان قلبها مثقلًا بالقلق، فالغربة ليست سهلة، والمستقبل مجهول.

تقدمت نحو نقطة التفتيش، وتسللت بين الصفوف الطويلة من المسافرين. نظرت إلى ساعة يدها، فلاحظت أن الوقت يمر أسرع مما تتوقع، فأسرعت بخطواتها نحو بوابة الصعود. المطار كان يعج بأصوات النداءات والحقائب المتدحرجة على الأرضية، لكن وسط الضوضاء كانت أفكارها تسبح بعيدًا… عن والدتها التي ودعتها بعينين دامعتين، وعن شوارع الإسكندرية التي تركتها خلفها.

حين وصلت إلى مقعدها في الطائرة، اكتشفت فجأة أن حقيبتها الصغيرة غير موجودة. ارتجف قلبها، فهذه الحقيبة لم تكن مجرد حقيبة يد، بل كانت تحمل أشياءها الأهم: جواز السفر الاحتياطي، المحفظة، والهدايا الصغيرة التي أحضرتها لأساتذتها الجدد. بدأت نظراتها تتنقل بقلق بين المقاعد، وأصابعها ترتجف وهي تفتش حولها، قبل أن تسمع صوتًا هادئًا من خلفها:

> "أظن دي حقيبتك… كانت واقعة في صالة الانتظار."

 

التفتت بسرعة، لتجد شابًا طويل القامة، شعره أسود داكن، وعيناه تحملان مزيجًا من الجدية والطمأنينة. كان يرتدي معطفًا أسود ويحمل الحقيبة في يده، وكأنه أنقذ شيئًا ثمينًا للتو.

– "شكرًا… مش عارفة كنت هعمل إيه من غيرها."
– "ولا يهمك… أهم حاجة إنها رجعت لك قبل ما الطيارة تقلع."

ناولها الحقيبة بابتسامة خفيفة، ثم عاد إلى مقعده وكأن الأمر لم يكن مهمًا بالنسبة له. أما ياسمين، فقد جلست وهي تشعر أن قلبها يخفق بطريقة غريبة، وأنها لا تستطيع أن تمحو صورته من ذهنها.

خلال الرحلة، كانت تلتقط نفسها وهي تلتفت نحوه من حين لآخر، تراه منشغلًا بقراءة كتاب صغير، أو ينظر من نافذة الطائرة نحو السماء الملبدة بالغيوم. حاولت أن تصرف تفكيرها، لكنها فشلت.

عند الهبوط في إسطنبول، انشغلت بإجراءات الوصول واستلام الأمتعة. لم تره مرة أخرى، فظنت أن الأمر انتهى، وأنه كان مجرد شخص قابلته بالصدفة في رحلتها. لكن القدر، كما يبدو، لم يكن قد انتهى من لعبته بعد…

بعد أسبوع، وبينما كانت ياسمين تبحث عن مراجع لمشروعها الدراسي في المكتبة المركزية، سمعت صوتًا مألوفًا خلفها:
– "واضح إني مش هعرف أختفي منك."

التفتت لتجده واقفًا بابتسامة خفيفة. جلست معه على طاولة جانبية وسط رفوف الكتب العالية. بدأ الحديث بينهما عن الدراسة والحياة في إسطنبول، ثم انزلق إلى ذكريات الطفولة، والأماكن التي يفتقدانها في بلديهما. كان آدم يتحدث بلهجة مصرية ممزوجة بكلمات تركية، مما جعل ياسمين تدرك أنه قضى وقتًا طويلًا هنا.

لكنها لاحظت شيئًا آخر… كلما سألته عن عائلته أو سبب مجيئه، كان يغير الموضوع بلطف، وكأنه يخفي وراء ابتسامته شيئًا أكبر.

مرت الأيام، وأصبح لقاؤهما في المكتبة عادة غير معلنة. أحيانًا كان يساعدها في البحث عن مراجع لدراستها، وأحيانًا كانت ترافقه في جولات صغيرة في شوارع إسطنبول القديمة.

وفي إحدى الأمسيات، كان القمر مكتملًا ينعكس على مياه البوسفور، حين توقف آدم فجأة ونظر إليها طويلًا:
– "ياسمين… في حاجات عني لسه ما قلتهاش."
– "زي إيه؟" سألته بقلق.
– "زي إني مش جيت هنا بس عشان الدراسة… في سبب أكبر."

قبل أن تكمل أسئلتها، ظهر رجلان من بعيد يراقبانهما، فشد آدم يدها وقال:
– "تعالي، لازم نمشي."

ركضا عبر الأزقة الضيقة حتى وصلا إلى مقهى صغير يختبئ بين المحلات القديمة. جلسا في ركن مظلم، وأنفاس ياسمين تتسارع:
– "مين دول يا آدم؟"
– "ناس من الماضي… كنت فاكر إني سبت كل ده ورايا."

لم تقل شيئًا، لكنها شعرت أن حياتها التي كانت تظنها رحلة هادئة للدراسة، بدأت تتحول إلى مغامرة لم تخطط لها. وفي تلك اللحظة، أشرق القمر من خلف السحب، وكأنه يذكرها أن الليالي المضيئة قد تحمل في طياتها ظلالًا خفية.

الخاتمة التشويقية:
ما السر الذي يخفيه آدم؟ وهل ستجد ياسمين نفسها وسط قصة أكبر من قدرتها على الاحتمال؟
تابعوا الجزء القادم من حين أشرق القمر لتعرفوا ما سيحدث…


والآن اليكم الجزء الثانى 
حين أشرق القمر – الجزء الثاني

مرت ثلاثة أيام منذ أن هرب آدم وياسمين من الرجلين الغامضين. كانت تحاول إقناع نفسها أن ما حدث مجرد مصادفة، لكن عقلها كان يرفض التصديق. في كل مرة تتذكر نظرات القلق في عينيه، تشعر أن هناك خطرًا يقترب منها، حتى وهي تجلس في أمان غرفتها.

ذات صباح، وجدت رسالة على هاتفها من رقم مجهول:

> "ابتعدي عن آدم… الأمر ليس كما تظنين."

 

تجمدت أصابعها فوق الشاشة، وبدأ قلبها ينبض بقوة. لم تخبر أحدًا، حتى آدم نفسه، لكنها قررت أن تواجهه. التقت به في المكتبة كالمعتاد، وبعد لحظات من الصمت قالت:
– "آدم… مين بيلاحقك؟ وإيه اللي بيحصل؟"

تنهد بعمق، وأسند ظهره إلى الكرسي:
– "أنا كنت شغال مع منظمة خيرية… أو على الأقل كنت فاكرها خيرية. اكتشفت في الآخر إنها بتستغل المساعدات في أعمال مشبوهة، وحاولت أنسحب… لكنهم رفضوا."

أخفض صوته وهو يضيف:
– "وجودك معايا ممكن يعرضك للخطر، ياسمين. يمكن لازم نوقف لقاءاتنا."

لكنها هزت رأسها بعناد:
– "لو كنت فاكر إني ههرب، تبقى ما تعرفنيش."

في تلك الليلة، كان هناك مهرجان صغير في ساحة السلطان أحمد، الأضواء الملونة تزين المكان، والموسيقى الشعبية تملأ الأجواء. حاول آدم أن يخفف من حدة التوتر وأخذها إلى هناك، لكن بينما كانا يسيران وسط الزحام، لمح الرجلين مجددًا.

هذه المرة لم يكن الهروب خيارًا سهلاً، فالأزقة كانت مزدحمة، والحشود تبطئ خطواتهما. أمسك آدم بيد ياسمين بقوة، واتجها نحو ممر ضيق خلف أحد المحلات. فجأة، اعترض طريقهما رجل ثالث، ضخم الجثة، وأغلق الممر بجسده.

– "آدم… ما كنتش فاكر إني هشوفك هنا."
– "أنا ماليش علاقة بيكم خلاص." رد آدم بحزم.

ضحك الرجل بخبث:
– "اللي يبدأ معانا ما يقدرش يخرج وقت ما يحب."

رفعت ياسمين عينيها إلى القمر المكتمل في السماء، كأنها تبحث عن قوة خفية تمنحها الشجاعة. وبحركة خاطفة، أمسكت بعلبة معدنية من الأرض وألقتها بعيدًا، مما لفت انتباه الناس القريبين. في لحظة الارتباك، شد آدم يدها وانطلقا مجددًا، حتى اختفيا وسط الزحام.

جلسا بعدها على مقعد خشبي في حديقة هادئة، أنفاسهما متلاحقة. قال آدم بصوت خافت:
– "أنتِ ما تعرفيش أنا مديون لكِ قد إيه النهاردة."
– "اللي أعرفه إنك لازم تواجههم… مش تهرب."

ابتسم بمرارة:
– "يمكن ده اللي لازم أعمله… لكن مش لوحدي."

في تلك اللحظة، شعرت ياسمين أن حياتها دخلت مرحلة لا رجوع فيها، وأنها على وشك أن تصبح جزءًا من سر أكبر مما توقعت…

الخاتمة التشويقية:
هل سيتعاونان لمواجهة المنظمه الغامضة؟ أم أن الخطر سيبتلعهما قبل أن يجدا طريق الخلاص؟
انتظروا الجزء الثالث من حين أشرق القمر، حيث يبدأ العد التنازلي لمواجهة الحقيقة.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

10

followings

2

followings

1

similar articles