
"حين التقينا صدفة... فبدأ القدر يكتب حكايته"
حين التقينا صدفة... فبدأ القدر يكتب حكايته
في عالم سريع يمتلئ بالضوضاء والتقنيات الحديثة، أصبح الحب في نظر الكثيرين شيئًا ثانويًا أو حتى رفاهية لا وقت لها. لكن الحقيقة أن الحب الحقيقي لا يعرف زمانًا ولا مكانًا، وأنه حين يأتي لا يطرق الأبواب بهدوء، بل يدخل القلوب كأنه مكتوب منذ البداية. وهذه هي حكاية أدهم وليلى، حكاية بدأت من صدفة عابرة، لكنها انتهت بتغيير مصيرين كاملين.
البداية... صدفة أم قدر؟
كانت ليلى شابة في منتصف العشرينات، تعمل كمستشارة مالية في إحدى الشركات الناشئة. معروفة بين أصدقائها بالجدية والتنظيم، لم تكن تؤمن كثيرًا بالحب بعد تجارب سابقة تركت في قلبها ندوبًا وشكوكًا. بالنسبة لها، النجاح في العمل وتحقيق الاستقرار المالي أهم بكثير من المغامرات العاطفية.
على الجانب الآخر، كان أدهم، شابًا مليئًا بالطموح، يعمل على إطلاق شركته الخاصة في مجال التكنولوجيا. لم يعرف في حياته معنى الاستقرار، فهو بطبعه مغامر، يعيش اليوم بيومه، ويتعامل مع التحديات كفرص لا كتحديات. لم يكن يفكر في الارتباط، فقد كان يرى أن وقته كله ملك لمشروعه وحلمه.
لكن القدر كان لهما رأي آخر. التقيا لأول مرة في ندوة اقتصادية نظمتها إحدى الجهات الاستثمارية. كلاهما وصل متأخرًا، واضطرا للجلوس في آخر الصف جنبًا إلى جنب. لم يتوقع أي منهما أن يصبح ذلك اللقاء نقطة تحول في حياته. بدأ الأمر بتبادل بعض التعليقات الطريفة عن العرض، وتحولت الضحكات الخفيفة إلى حوار قصير، لكن ترك أثرًا غير متوقع في نفسيهما.
الحوار قبل الانبهار
على غير العادة، لم يكن الانجذاب بينهما قائمًا على المظهر أو الانبهار السريع. كان هناك شيء أعمق. بدأت القصة بالكلمات، لا بالنظرات. وجد كل واحد منهما في الآخر نافذة يطل منها على عالم مختلف.
كانت ليلى تحكي عن ضغوط العمل، عن صراعها مع فكرة الاستقرار، وكيف أن الخوف من الفشل يجعلها مترددة في كل خطوة. بينما أدهم تحدث عن شغفه بالمشاريع الناشئة، وعن الصعوبات التي يواجهها في الحصول على تمويل أو حتى في إقناع الناس بأفكاره. لم يكن أحدهما يبحث عن الآخر، لكن كلاهما وجد ما كان ينقصه: الإصغاء والفهم.
بمرور الوقت، تحولت هذه الأحاديث من محادثات عابرة إلى لقاءات متكررة. أصبح من الطبيعي أن يتبادلا الرسائل صباحًا، أو يلتقيا على فنجان قهوة بعد العمل. شيئًا فشيئًا، صار وجود الآخر جزءًا لا يتجزأ من تفاصيل يومهما. لم يكن الحب صاعقة مفاجئة، بل كان كنسمة هادئة تسللت إلى القلب حتى صار التنفس بدونها مستحيلًا.
التحديات... والاختبار الحقيقي
لم يكن الطريق مفروشًا بالورود. واجهتهما تحديات حقيقية: ضغط العائلة، المسافات الجغرافية بين أعمالهما، والفارق بين نمط حياتهما. ليلى كانت تميل للاستقرار والتخطيط، بينما أدهم يعيش كل يوم بروح المغامرة. لكن حين يكون الحب صادقًا، يتحول إلى قوة تدفع الإنسان لتغيير نفسه.
اختار أدهم أن ينقل مقر شركته ليكون أقرب لليلى، في حين استخدمت هي خبرتها المالية وشبكة علاقاتها لدعم مشروعه حتى بدأ يحقق أرباحًا. لم يكن الأمر مجرد حب عاطفي، بل شراكة متكاملة، قائمة على الثقة والدعم المتبادل.
النهاية... بداية جديدة
بعد عامين من التعارف، قررا الزواج. لم يكن حفلًا أسطوريًا كما في الأفلام، بل كان بسيطًا، محاطًا بالأهل والأصدقاء، لكنه مليئًا بالحب والدفء. كانا يؤمنان أن قيم مثل الصدق والتفاهم والحوار أهم من أي مظاهر براقة.
الخلاصة
هذه القصة تذكّرنا أن الحب ليس مجرد شعور عابر، بل التزام ومسؤولية، طاقة قادرة على تغيير حياة كاملة. قد يبدأ الحب بلحظة عابرة، بابتسامة أو كلمة، لكنه حين يكون حقيقيًا، فإنه يعيد صياغة المصائر، تمامًا كما فعل مع أدهم وليلى.