أرض فلسطين الحبيبة

أرض فلسطين الحبيبة

Rating 0 out of 5.
0 reviews

---

قصة فلسطين: من الكنعانيين إلى النكبة

image about أرض فلسطين الحبيبة

الفصل الأول: الجذور القديمة

تبدأ قصة فلسطين منذ آلاف السنين، حين استقر الكنعانيون في أرضها حوالي الألف الثالث قبل الميلاد. الكنعانيون هم من أوائل الشعوب السامية التي عاشت على هذه الأرض، وقد أسسوا مدناً مزدهرة مثل أريحا – التي تُعد من أقدم مدن العالم المأهولة – إضافة إلى القدس (يبوس آنذاك)، وبيت لحم، وعكا، ويافا.
كانت فلسطين تقع على مفترق طرق بين مصر الفرعونية وبلاد ما بين النهرين، مما جعلها ملتقى حضارات وتجارات، وأيضاً ساحة صراع بين الإمبراطوريات.

الفصل الثاني: الفتح الإسلامي

مع القرن السابع الميلادي، وصلت الفتوحات الإسلامية إلى فلسطين بقيادة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي دخل القدس سلماً عام 638م. سلّم البطريرك صفرونيوس مفاتيح المدينة إلى عمر بنفسه في حدثٍ شهير سُمّي بـ"العهدة العمرية"، التي أكدت على حماية أهل الكتاب وحرية عبادتهم.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت فلسطين جزءاً من الدولة الإسلامية الأموية ثم العباسية، ثم الفاطمية، مزدهرة بالمساجد والمدارس والأسواق. وبُني فيها المسجد الأقصى وقبة الصخرة، اللذان صارا رمزين إسلاميين ومقدسين للمسلمين في كل مكان.

الفصل الثالث: الحملات الصليبية

في نهاية القرن الحادي عشر، شنّت أوروبا الغربية الحملات الصليبية على المشرق بدافع ديني وسياسي. عام 1099م، احتل الصليبيون القدس بعد حصار دام أربعين يوماً، وارتكبوا مجزرة رهيبة قُتل فيها عشرات الآلاف من المسلمين واليهود.
لكن لم يدم ذلك طويلاً، فقد توالت محاولات المسلمين لاستعادة فلسطين. وكان أبرز القادة في تلك الفترة صلاح الدين الأيوبي، الذي وحّد مصر والشام، وهزم الصليبيين في معركة حطين عام 1187م. ثم دخل القدس فاتحاً، لكنه أظهر سماحة نادرة حين عفا عن سكانها المسيحيين وأمّنهم على حياتهم، مخالفاً ما فعله الصليبيون من مذابح.

الفصل الرابع: المماليك والعثمانيون

بعد انحسار الصليبيين، حكم المماليك فلسطين حتى القرن السادس عشر، حيث أصبحت جزءاً من الدولة العثمانية عام 1516م.
تحت حكم العثمانيين استقرت الأوضاع نسبياً لقرون طويلة، وكانت القدس مركزاً دينياً يقصده الحجاج من المسلمين والمسيحيين واليهود.
غير أن أواخر القرن التاسع عشر شهدت بداية التحولات الكبرى، مع ضعف الدولة العثمانية وتزايد الأطماع الأوروبية. وهنا تبدأ قصة فلسطين الحديثة.

الفصل الخامس: بداية المشروع الصهيوني

مع أواخر القرن التاسع عشر، ظهرت الحركة الصهيونية في أوروبا، تدعو لعودة اليهود إلى "أرض الميعاد". أسس الصحفي النمساوي تيودور هرتزل المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 في مدينة بازل السويسرية، واضعاً هدف إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
في ذلك الوقت، كان معظم سكان فلسطين من العرب المسلمين والمسيحيين، يعيشون في قرى ومدن زراعية وتجارية. كانت نسبة اليهود أقل من 5%، ومعظمهم من السكان الأصليين غير السياسيين.
لكن مع دعم القوى الاستعمارية الأوروبية، بدأت موجات الهجرة اليهودية إلى فلسطين، خصوصاً من روسيا وأوروبا الشرقية، ما أثار قلق السكان العرب.

الفصل السادس: وعد بلفور والانتداب البريطاني

أثناء الحرب العالمية الأولى، دخلت بريطانيا فلسطين بعد هزيمة العثمانيين. وفي عام 1917م، صدر وعد بلفور الشهير، الذي تعهدت فيه بريطانيا بدعم إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، متجاهلة حقوق أهلها العرب الذين كانوا يشكّلون أكثر من 90% من السكان.
وبعد الحرب، فرضت عصبة الأمم الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1920م، فأصبحت بريطانيا تدير البلاد، لكنها كانت عملياً تمهّد الطريق للمشروع الصهيوني.
بدأت الأراضي تُباع تحت الضغط أو الخداع، وازدادت الهجرات اليهودية، مما أدى إلى اندلاع ثورات فلسطينية، أبرزها ثورة البراق عام 1929، والثورة الكبرى 1936-1939 التي استمرت ثلاث سنوات، قادها الشعب الفلسطيني ضد الاستعمار البريطاني والمشروع الصهيوني معاً.

الفصل السابع: الحرب العالمية الثانية والكارثة

أثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، توقفت الهجرات اليهودية قليلاً، لكن بعد المحرقة النازية، تضاعفت المطالب بإنشاء دولة لليهود في فلسطين.
عام 1947، اقترحت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى دولتين: عربية ويهودية، مع وضع القدس تحت إدارة دولية. وافق اليهود على القرار، بينما رفضه العرب لأنه غير عادل: فقد خصص لليهود – الذين لم يتجاوزوا ثلث السكان – أكثر من نصف الأرض.
اندلعت المواجهات بين العرب والفصائل الصهيونية مثل "الهاجاناه" و"شتيرن" و"الإرجون"، الذين ارتكبوا مجازر بشعة لطرد الفلسطينيين، مثل مجزرة دير ياسين في أبريل 1948.

الفصل الثامن: إعلان دولة إسرائيل والنكبة

في 14 مايو 1948، أعلن دافيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين. وفي اليوم التالي اندلعت الحرب العربية–الإسرائيلية الأولى، حيث تدخلت جيوش مصر والأردن وسوريا والعراق ولبنان.
لكن بسبب التفوق العسكري الصهيوني والدعم الغربي، انتهت الحرب بنكبة كبرى للفلسطينيين: احتلت إسرائيل 78% من أرض فلسطين، وهُجّر حوالي 750 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وغزة والدول العربية المجاورة.
سُمّيت هذه المأساة بـ"النكبة"، إذ دمّرت أكثر من 500 قرية فلسطينية، وصار اللاجئون يعيشون في مخيمات بائسة ينتظرون العودة.

الفصل التاسع: القدس ومعركة الهوية

القدس، التي كانت في قلب الصراع، قُسمت عام 1948 إلى قسمين: غربي تحت سيطرة إسرائيل، وشرقي (بما فيه البلدة القديمة والمسجد الأقصى) تحت حكم الأردن.
ظلّ الفلسطينيون متمسكين بحقهم في العودة، فيما عملت إسرائيل على تهويد الأرض، جالبة موجات جديدة من المهاجرين اليهود.
تحولت فلسطين إلى رمز للكرامة العربية المفقودة، وأصبحت محور صراع الشرق الأوسط.

الفصل العاشر: ما بعد النكبة

منذ النكبة، لم تتوقف المقاومة الفلسطينية بأشكالها المختلفة. قامت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 بقيادة أحمد الشقيري، ثم ياسر عرفات. اندلعت حروب جديدة، أبرزها حرب 1967 التي انتهت باحتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وسيناء والجولان.
لكن قصة فلسطين لم تنتهِ، فهي ما تزال حاضرة في وجدان الملايين، شاهدة على قرنٍ من الظلم والصمود.


---

الخاتمة

فلسطين ليست مجرد أرض جغرافية؛ إنها قصة شعبٍ ضارب في التاريخ، واجه الغزاة مراراً لكنه ظل متمسكاً بأرضه وهويته. من الكنعانيين إلى صلاح الدين، ومن العثمانيين إلى النكبة، ظلّت فلسطين مسرحاً للأحداث العظمى.
ورغم التهجير والاحتلال، بقي الفلسطينيون يحفظون ذاكرة أرضهم وقراهم، وينقلونها من جيل إلى جيل. إنها قصة صراع طويل بين العدالة والظلم، بين من يسكن الأرض منذ آلاف السنين، ومن جاء إليها بدعم القوى الاستعمارية.

إنها القصة التي لم تنتهِ بعد


---

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

6

followings

8

followings

9

similar articles
-