عقبه بن نافع

عقبه بن نافع

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

---

image about عقبه بن نافع

قصة عقبة بن نافع: فاتح المغرب وصانع القيروان

الفصل الأول: الميلاد والنشأة

وُلد عقبة بن نافع الفهري القرشي في مكة المكرمة سنة 622م تقريباً (عام الهجرة النبوية). ينتمي إلى قبيلة قريش العريقة، وهو ابن عم الصحابي عمرو بن العاص رضي الله عنه. نشأ عقبة في بيتٍ عرف الإسلام منذ بداياته، فشبّ على حب الدين والغيرة عليه.
تميز عقبة منذ صغره بالقوة والشجاعة، كما كان واسع الطموح، يتطلع إلى خدمة الإسلام ونشر رسالته في الآفاق البعيدة.

الفصل الثاني: بداياته مع عمرو بن العاص

حين بعث الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عمرو بن العاص لفتح مصر سنة 639م، كان عقبة برفقته. ورغم صغر سنه، شارك في المعارك الأولى، وأثبت جرأة لفتت أنظار القادة.
وبعد فتح مصر، أصبحت البلاد قاعدة لانطلاق الفتوحات غرباً نحو ليبيا والمغرب. هنا بدأ دور عقبة يزداد أهمية، إذ اعتمد عليه عمرو في المهام الصعبة، وأدرك أنه أهل للقيادة في الأراضي الجديدة.

الفصل الثالث: أولى حملاته في برقة وطرابلس

انطلق عقبة مع عمرو بن العاص نحو برقة (شرق ليبيا حالياً). وهناك واجه القبائل البربرية، فاستطاع بحكمته ومرونته أن يكسب ولاء بعضها، بينما هزم أخرى عسكرياً.
ثم توجه إلى طرابلس، حيث اشتهر بدهائه حين أرسل جماعة من الجنود سبحت عبر البحر ليلاً ودخلت المدينة من ناحية لم يتوقعها البيزنطيون، ففتح المسلمون طرابلس عام 643م.
كان لهذه النجاحات أثر بالغ، فقد رسخت قدم الإسلام في شمال أفريقيا، ومهّدت الطريق للفتوحات الكبرى لاحقاً.

الفصل الرابع: تأسيس القيروان

في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان، عُيّن عقبة بن نافع قائداً للجيش الإسلامي في شمال أفريقيا. أدرك عقبة أن الفتوحات تحتاج إلى قاعدة قوية ومستقرة، فأسس عام 670م مدينة القيروان في تونس الحالية.
اختار موقعها بعناية وسط الغابات، بعيداً عن السواحل حتى لا يهاجمها الروم من البحر. ثم خطّ شوارعها، وبنى مسجدها الجامع الذي عُرف لاحقاً بـ"جامع عقبة بن نافع".
أصبحت القيروان مركز إشعاع حضاري وديني، ومنها انطلقت الحملات الإسلامية غرباً، كما صارت عاصمة للولايات الإسلامية في المغرب العربي.

الفصل الخامس: مواصلة الفتوحات نحو الغرب

بعد تأسيس القيروان، انطلق عقبة على رأس جيش كبير نحو الغرب. فتح مدناً وقلاعاً، وأسلمت قبائل بربرية عديدة على يديه. كان يتعامل بمرونة مع من يقبل بالإسلام أو يدفع الجزية، لكنه يقاتل من يرفض ويعاند.
وصل عقبة إلى الجزائر والمغرب الأقصى، وحقق انتصارات متتالية، حتى بلغ المحيط الأطلسي. وهناك وقف على الساحل الغربي وقال كلمته المشهورة:
"اللهم إني قد بلغت المجهود، ولو كانت البحر تطيق خيلاً لركبتها في سبيلك، اللهم فاشهد أني قد بلّغت الدعوة حيث انتهى البحر."
كانت تلك اللحظة تجسيداً لعزيمته وعمق إيمانه برسالة الإسلام.

الفصل السادس: تحديات داخلية وخارجية

لم تكن مهمة عقبة سهلة. فقد واجه مقاومة شديدة من البربر أحياناً، كما واجه تحالفات بين البيزنطيين وبعض القبائل المحلية.
كذلك واجه خصوماً سياسيين داخل الدولة الأموية نفسها، حيث لم يكن جميع الولاة راضين عن أسلوبه القتالي الصارم. أُبعد عن القيادة فترة، ثم عاد إليها لاحقاً، ما أخر تقدمه بعض الشيء.

الفصل السابع: المعركة الأخيرة واستشهاده

في سنة 682م (63هـ)، خرج عقبة بجيش قوامه آلاف الجنود، وواصل الزحف حتى بلغ مدينة طنجة بالمغرب. هناك واجه مقاومة عنيفة من تحالف القبائل البربرية بقيادة كسيلة، الذي تحالف مع الروم البيزنطيين.
وأثناء عودته من طنجة إلى القيروان، نصبت له الكمائن في منطقة تُعرف بـ"تهودة" قرب بسكرة في الجزائر. ورغم قلة عدد جيشه أمام التحالف الضخم، قاتل عقبة قتال الأبطال حتى استُشهد مع حوالي 300 من أصحابه.
كان استشهاده صدمة كبيرة للمسلمين، لكن فتحه ومدينة القيروان بقيا منارة باقية.

الفصل الثامن: إرث عقبة بن نافع

ترك عقبة بن نافع إرثاً عظيماً في التاريخ الإسلامي:

نشر الإسلام في شمال أفريقيا، ووضع اللبنة الأولى لانتشاره لاحقاً في الأندلس.

تأسيس القيروان التي صارت قاعدة علمية وحضارية لعصور طويلة.

مثال القائد المؤمن الذي جمع بين الشجاعة والزهد والحرص على الدعوة.
ظل اسمه يتردد في كتب التاريخ كرمز للبطولة والإخلاص، حتى أن كثيراً من المؤرخين وصفوه بـ"فاتح المغرب" و"بطل الإسلام".

 

---

الخاتمة

قصة عقبة بن نافع ليست مجرد فتوحات عسكرية، بل هي ملحمة إيمانية جسّدت عزم المسلمين الأوائل على نشر الحق. فقد جمع بين القوة العسكرية والإرادة الدينية، وبين التخطيط العمراني ونشر العلم، ليخلّد اسمه في صفحات التاريخ.
لقد سقط شهيداً، لكن أثره لم يسقط؛ فالقيروان بقيت منارة للإسلام في المغرب، ومنها انطلقت الدعوة إلى الأندلس، حتى وصلت أوروبا.
إنه نموذج القائد الذي يقدّم حياته فداءً لمبادئه، ويدرك أن الموت في سبيل الله حياة أبدية.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

6

متابعهم

8

متابعهم

9

مقالات مشابة
-