
قصة: "لهيب الخيانة"
"لهيب الخيانة"
الفصل الاول: بداية العاصفه

كانت القاهرة في تلك الليلة تختنق بالدخان والضوضاء، أضواء السيارات تتشابك مع صفارات الشرطة، والناس يركضون في الشوارع كأن شيئًا ما قادم، شيئًا مجهولًا لكنه مخيف.
في قلب المدينة، جلس عمر السعيد أمام زجاج نافذة مكتبه العالي، يتأمل الأفق بنظرات شاردة. عمر ليس رجلًا عاديًا؛ هو ضابط مخابرات سابق، تقاعد منذ ثلاث سنوات بعد أن قضى نصف عمره وسط الدماء والأسرار. اعتقد أن خروجه من ذلك العالم سيمنحه السلام، لكنه لم يعلم أن الماضي لا يترك أحدًا بسلام.
رن هاتفه القديم، الرقم لم يظهر، لكن الصوت على الطرف الآخر كان مألوفًا:
– “عمر… اللعبة لم تنتهِ بعد، نحن بحاجة إليك.”
صمت عمر لثوانٍ، ثم أجاب ببرود يخفي خلفه عاصفة:
– “ظننت أنني تركت كل هذا ورائي.”
– “الخيانة وصلت لأعلى المستويات… لو لم تتحرك الآن، فلن يبقى لديك وطن لتحميه.”
أغلق الخط. قلبه بدأ يخفق بشدة. كان يعرف أن المكالمة حقيقية، وأنها ليست إلا بداية لعاصفة جديدة ستعيده إلى الجحيم الذي هرب منه.
---
الفصل الثاني: الظل المجهول

بعد ساعات قليلة، تسلل عمر إلى مخزن مهجور على أطراف المدينة، المكان المحدد الذي تركه الصوت في الهاتف. هناك التقى بـ ليلى، صحفية شابة طموحة، تلاحق الفضائح السياسية منذ سنوات. وجهها متعب لكن عينيها تلمعان بالإصرار.
قالت له بصوت خافت:
– “لدي أدلة على شبكة تجسس تعمل داخل الحكومة نفسها. ملفات، أسماء، حسابات بنكية… لكنهم اكتشفوا أمري.”
تردد عمر:
– “ولماذا أنا؟ لماذا لم تذهبي للشرطة؟”
ابتسمت بمرارة:
– “الشرطة نفسها متورطة. أنت الوحيد الذي لن يبيعني.”
في تلك اللحظة، سمعا خطوات تقترب. الباب الحديدي يُركل بعنف. عشرات الرجال المسلحين اقتحموا المكان، الرصاص يتطاير، والزجاج يتناثر. أمسك عمر بيد ليلى وصرخ:
– “اركضي!”
بدأت مطاردة شرسة في أزقة مظلمة، أصوات الرصاص تتردد بين الجدران، حتى تمكنا من الاختباء داخل مبنى مهجور. هناك، التفت عمر إلى ليلى وقال بحدة:
– “من يقف خلف هؤلاء؟!”
أجابته والدموع في عينيها:
– “إنه… الوزير نفسه.”
الفصل الثالث: وجوه الخيانة

الوزير فارس الجندي كان بالنسبة لعمر أكثر من مجرد رجل سلطة. لقد كان صديقه القديم، شريكه في الكثير من العمليات السابقة، الرجل الذي أنقذ حياته أكثر من مرة. لم يستوعب كيف يمكن أن يتحول إلى خائن.
في اليوم التالي، حاول عمر أن يقترب أكثر من الحقيقة. استخدم اتصالاته القديمة، اتصل بزميله السابق مروان، رجل الأمن الإلكتروني البارع، ليخترق بعض الخوادم الحكومية. ما اكتشفوه كان صادمًا:
شبكة كاملة من الحسابات السرية، تحويلات بملايين الدولارات، وصفقات سلاح مشبوهة. لكن الأخطر… ملف سري بعنوان: "عملية لهيب".
عندما فتحوا الملف، ظهرت خطة مرعبة: تنفيذ تفجيرات ضخمة في قلب القاهرة لخلق حالة فوضى، ومن ثم السيطرة على السلطة عبر انقلاب صامت.
ليلى وضعت يدها على فمها، والدموع تسيل:
– “إنهم سيقتلون آلاف الأبرياء…”
أما عمر، فقد عقد قبضته:
– “إذن… لن أسمح لهم بذلك.”
---
الفصل الرابع: مطارده في الظلام

في تلك الليلة، انطلقت سيارة سوداء بسرعة في شوارع القاهرة الفارغة. كان عمر يقود بينما ليلى بجانبه تحمل حقيبة مليئة بالوثائق. فجأة، ظهرت دراجتان ناريتان تطاردانهم بإطلاق نار كثيف.
انحرف عمر بين الأزقة الضيقة، تصادم مع حاويات القمامة، ثم خرج إلى كوبري قصر النيل حيث تصاعدت المطاردة إلى ذروتها. برشاقة قاتل محترف، أخرج مسدسه وأصاب أحد الدراجين، فانقلبت دراجته وسط النار. أما الثاني فقد استمر حتى صدمته شاحنة عابرة.
ليلى تنفست بصعوبة، ووجهها شاحب:
– “إلى متى سنظل نهرب؟”
– “حتى نصل إلى الرأس الكبيرة… حتى نسقط الخائن بنفسه.”
---
الفصل الخامس: المواجهه

بعد أيام من التخفي والبحث، تمكن عمر من تحديد مكان اجتماع سري سيحضره الوزير فارس مع عملائه الأجانب. مبنى قديم على أطراف الميناء، محاط بحراسة مشددة.
خطط عمر العملية بدقة:
مروان اخترق كاميرات المراقبة.
ليلى جهزت البث المباشر لنشر كل شيء للعالم.
وعمر دخل من الباب الخلفي كالأشباح.
داخل القاعة، رأى فارس جالسًا في المنتصف، يبتسم بثقة وهو يوقع العقود. لحظة صادمة… صديقه القديم صار الآن خائنًا بلا رحمة.
صرخ عمر بصوت هادر:
– “فارس!”
تجمد الحضور. رفع فارس رأسه ببرود:
– “كنت أعلم أنك لن تستطيع الابتعاد. أنت دائمًا تحب لعب دور البطل.”
– “أنت كنت أخي، كيف بعت دماءنا؟!”
ضحك فارس:
– “الوطن مجرد صفقة، يا عمر. من يدفع أكثر… هو الوطن الجديد.”
اشتعلت القاعة. تبادل إطلاق النار، الرجال يتساقطون واحدًا تلو الآخر. عمر يقاتل بمهارة أسطورية، بينما ليلى تنقل كل المشهد للعالم عبر البث المباشر.
وفي النهاية، وقف عمر وفارس وجهًا لوجه.
– “لا مفر لك، استسلم.”
– “أنا لا أستسلم.”
اندلعت معركة يدوية شرسة، ضربات متتالية، ذكريات الماضي تنفجر في رأس عمر وهو يواجه صديقه القديم. وفي اللحظة الأخيرة، تمكن عمر من طرح فارس أرضًا، مكبلًا إياه بالقيود الحديدية.
---
الفصل السادس: النهايه المفتوحة

مع طلوع الفجر، امتلأت الشاشات بخبر عاجل:
“إحباط مؤامرة كبرى للإطاحة بالدولة… والقبض على الوزير المتورط.”
الناس في الشوارع هللوا، لكن قلب عمر كان مثقلًا. جلس على سطح المبنى يراقب شروق الشمس، وليلى بجانبه.
قالت له بابتسامة باهتة:
– “لقد أنقذت الوطن.”
أجابها وهو ينظر للسماء:
– “بل أنقذنا جزءًا منه فقط. الخيانة لا تنتهي… هي تعود دائمًا بشكل جديد.”
سكت لحظة ثم أضاف:
– “المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد.”
وهكذا، ترك عمر خلفه يومًا آخر من الدماء والخيانة، وهو يعلم أن الطريق أمامه لا يزال طويلًا، لكن روحه لم تعد كما كانت. لقد صار رجلًا يعيش بين النور والظلام… رجلًا يعرف أن الثمن دائمًا غالٍ، لكنه لا يزال مستعدًا لدفعه.
كانت هذه قصه لهيب الخيانة
الي اللقاء في القصه القادمه