قصة الطوفان في العراق: بين الاسطوره و التاريخ

قصة الطوفان في العراق: بين الاسطوره و التاريخ

0 المراجعات

 

“قصة الطوفان في العراق:بين الأسطوره و التاريخ” 

المقدمه.                                                      :  1 

لطالما كانت حضارة بلاد الرافدين مصدر إلهام للبشرية، فقد خرجت من بين سهول دجلة والفرات أقدم الأساطير والنصوص الدينية التي ألهمت شعوب العالم. ومن بين هذه الأساطير، تبرز قصة الطوفان التي حُفرت في الذاكرة الإنسانية كرمز للعقاب الإلهي والتجديد، وهي واحدة من أبرز الروايات التي تركتها لنا الحضارة السومرية والبابلية.

تُحاكي هذه القصة أساطير أخرى عن الطوفان وجدت في ثقافات مختلفة، مما جعلها محورًا لجدل طويل بين التاريخ والدين والأسطورة.

image about قصة الطوفان في العراق: بين الاسطوره و التاريخ

الطوفان في الميثولوجيا السومريه:2  

تبدأ القصة مع السومريين الذين عاشوا في جنوب العراق منذ آلاف السنين. ففي ملحمة سومرية قديمة، يُحكى أن الآلهة قررت إفناء البشر بسبب ضجيجهم وكثرة شرورهم، فاختارت الطوفان وسيلةً للعقاب والتطهير.

لكن الآلهة لم تُجمع كلها على إفناء الإنسان، إذ تدخل الإله "إنكي" – إله الحكمة والمياه – وأخبر الملك الصالح "زيوسودرا" (المعروف أيضًا باسم أوتنابشتم في النصوص الأكدية) بالكارثة المقبلة. فأمره بأن يبني سفينة ضخمة ويحمل فيها أهله وبعض الحيوانات ليكونوا بذرةً لحياة جديدة بعد الطوفان.

 

ملحمة جلجامش و تجسيد الطوفان.       : 3  

من أقدم النصوص الأدبية التي وصلتنا، ملحمة جلجامش، نجد سردًا تفصيليًا لقصة الطوفان. ففي الألواح الطينية المكتشفة في مكتبة آشور بانيبال بنينوى، يروي "أوتنابشتم" للملك جلجامش كيف نجا من الطوفان.

بحسب الرواية، أمره الإله "إيا" ببناء سفينة على هيئة مكعب ضخم، مغطاة بالقار لحمايتها من المياه. وعندما حان الموعد، هطلت الأمطار لسبعة أيام وسبع ليالٍ، فغمرت المياه الأرض وأهلكت البشر جميعًا. وبعد انحسار الطوفان، أرسل أوتنابشتم طيورًا (الحمامة، السنونو، الغراب) ليتأكد من جفاف اليابسة، حتى رست السفينة على جبل "نصير" شمال العراق.

هذه التفاصيل جعلت القصة أشبه بدرسٍ إنساني عن النجاة، والإيمان، وإعادة إعمار الأرض.

 

الطوفان في السياق البابلي.             :  4

مع تطور حضارة بابل، أخذت قصة الطوفان بعدًا دينيًا أوسع. فقد ربط البابليون الطوفان برغبة الآلهة في إعادة ضبط ميزان الكون، ليبدأ الإنسان حياة جديدة قائمة على الطاعة والاعتدال.

النصوص البابلية مثل ملحمة أتراحاسيس تصف تفاصيل دقيقة مشابهة لملحمة جلجامش، لكن مع تركيز على فكرة أن البشر لم يُخلقوا فقط ليعيشوا، بل ليعبدوا ويقدموا القرابين، وأن الطوفان كان نتيجة تجاوزهم حدودهم الطبيعية.

 

image about قصة الطوفان في العراق: بين الاسطوره و التاريخ

العلاقه مع قصة الطوفان في الكتب السماويه.                                                      :  5

المثير للدهشة أن رواية الطوفان في العراق القديم تتشابه كثيرًا مع قصة نوح عليه السلام الواردة في الكتب السماوية. فكلا القصتين تتحدثان عن بناء سفينة ضخمة، ونجاة رجل صالح مع أسرته وبعض الحيوانات، وهلاك البشرية نتيجة طوفان عظيم.

هذا التشابه جعل الكثير من الباحثين يعتقدون أن قصة نوح قد تأثرت بالنصوص السومرية والبابلية، خاصة وأن العراق القديم كان مركزًا للحضارة ومصدرًا للنصوص والأساطير. ومع ذلك، يبقى الطوفان الديني في القرآن والكتاب المقدس قصة إيمانية تحمل رسائل روحية وأخلاقية أعمق.

 

الطوفان بين الاسطوره و الواقع.  : 6

طرح المؤرخون وعلماء الآثار تساؤلات حول ما إذا كان الطوفان مجرد أسطورة أم حقيقة تاريخية. بعض الدراسات الجيولوجية أشارت إلى وجود دلائل على فيضانات ضخمة ضربت منطقة وادي الرافدين قبل آلاف السنين، ربما بسبب فيضان مفاجئ لنهر الفرات أو دجلة.

هذه الكوارث الطبيعية قد تكون الأصل التاريخي الذي بُنيت عليه الأسطورة، ثم أُضيفت إليها أبعاد دينية وأسطورية بمرور الزمن. وهنا يظهر دور الإنسان القديم في تفسير الظواهر الطبيعية من خلال إرجاعها إلى غضب الآلهة أو مشيئتها.

 

الأبعاد الإنسانيه و الفلسفيه.         :  7 

ليست قصة الطوفان مجرد حكاية أسطورية، بل هي مرآة للإنسان نفسه. فهي تطرح تساؤلات عن الخير والشر، وعن قدرة الإنسان على النجاة رغم الكوارث. كما أنها تعكس رغبة الإنسان القديم في البحث عن معنى للمعاناة والأمل في حياة جديدة بعد الدمار.

من زاوية أخرى، تقدم القصة درسًا أبديًا في إعادة البناء بعد الانهيار. فكما نجح زيوسودرا أو أوتنابشتم في النجاة وإعادة إعمار الأرض، يمكن للبشرية دائمًا أن تنهض من جديد مهما بلغت قوة المصائب.

 

الخاتمه و حكمة.                                          : 8

إن قصة الطوفان في العراق تمثل واحدة من أقدم الحكايات التي نقلتها لنا البشرية عن الخوف والرجاء، عن الدمار والأمل. سواء كانت حقيقة تاريخية أو أسطورة، فإنها تظل شاهدًا على حاجة الإنسان لشرح العالم من حوله، وتذكيرًا بأن الحياة دائمًا تمنح فرصة جديدة بعد كل انهيار.

الحكمة: “ليس الدمار نهاية المطاف، بل قد يكون بدايةً لحياة أكثر نقاءً وإيمانًا.”

 

 

image about قصة الطوفان في العراق: بين الاسطوره و التاريخ

«كانت هذه القصه تتحدث عن أسطورة الطوفان العراقيه» 

انتظروا القصه القادمة

الي اللقاء 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

2

متابعهم

3

متابعهم

4

مقالات مشابة