
قصة: ظلال المدينة
“ظلال المدينة”
الفصل الاول: الشرارة

كانت القاهرة في تلك الليلة مبللة بالمطر، السماء ترسل رذاذاً بارداً يختلط بأضواء الشوارع المتكسّرة.
جلس سليم في سيارته القديمة على جانب الطريق، يتأمل ساعة يده المهترئة. كان قد خرج للتو من عمله كنادل في مطعم صغير، يجر خلفه أعباء الديون وأثقال الهموم.
لم يكن سليم رجلاً ضعيفاً، لكن المدينة اعتادت أن تلتهم أحلام الشباب وتحوّلهم إلى ظلال تائهة.
غير أن تلك الليلة لم تكن عادية؛ فقد لمح بعينيه مشهداً غريباً على بُعد خطوات: رجلان يجرّان شاباً مكبلاً نحو شاحنة سوداء بلا لوحات.
تردّد قلبه بين الخوف والواجب، لكن ما إن سمع صرخة مكتومة من الضحية حتى تحرك دون تفكير. فتح باب سيارته واندفع نحوهم.
الفصل الثاني: المواجهه الاولي

صرخ سليم:
– “اتركوه!”
ضحك أحد الخاطفين بسخرية وهو يخرج سكيناً لامعاً.
– “ابتعد يا بطل الأفلام قبل ما تبقى ضحية إضافية.”
لكن شيئاً ما في داخل سليم اشتعل. تذكّر أخاه الأصغر الذي اختفى قبل ثلاث سنوات في ظروف غامضة، وتذكّر كيف سكت الجميع. لم يعد يحتمل دور المتفرج.
اندفع بقبضته نحو وجه الخاطف، فسقط الأخير مترنحاً. أما الثاني فقد حاول طعنه، لكن سليم التقط قطعة حديد من الأرض وصداها.
في لحظة ارتباك، استطاع الشاب المكبّل أن يركل خاطفه ويفلت. ركض سليم والشاب معاً في أزقة ضيقة، فيما ارتفعت أصوات المطاردة خلفهما.
الفصل الثالث: الحقيقه المرة

جلسا في زاوية مظلمة، يلهثان من التعب. نظر سليم إلى الشاب وسأله:
– “مين إنت؟ وليه كانوا خطفينك؟”
رد الشاب بصوت مرتعش:
– “اسمي كريم… أبوي صحفي، كتب تحقيق عن شبكة بتخطف الشباب وتستغلهم… وأنا خطفوني عشان يسكتوه.”
تجمّد الدم في عروق سليم، فقد كانت القصة أشبه بما حدث مع أخيه.
تساءل في نفسه: هل يمكن أن يكون أخي واحداً من ضحايا هذه الشبكة؟
لم يكن أمامه سوى خيار واحد: مواجهة الحقيقة حتى النهاية.
الفصل الرابع: الانفجار الداخلي
في اليوم التالي، حاول سليم الاتصال بالشرطة، لكن الردود كانت باردة، وكأن الجميع يعرف ويتجاهل. حينها أدرك أن المعركة ليست مجرد إنقاذ شاب، بل هي مواجهة مع شبكة تمتد جذورها في السلطة نفسها.
أخذ سليم على عاتقه حماية كريم وإيصال رسالته. كان يعلم أن الخطوة القادمة ستكلفه الكثير، وربما حياته. لكن فكرة أخيه المفقود كانت تسند قلبه.
في الليل، بينما كانا يختبئان في شقة مهجورة، اعترف كريم:
– “سليم، أنا خايف… حتى لو وصلنا الحقيقة، ممكن يدفنونا قبل ما نوصل.”
ابتسم سليم ابتسامة متعبة وقال:
– “الخوف طبيعي… بس لو فضلنا ساكتين، هم اللي هيكسبوا.”
الفصل الخامس: معركة في الظلال

عند منتصف الليل، اقتحم رجال الشبكة المكان. أصوات خطواتهم تزلزل الأرض.
أمسك سليم بقطعة خشب، فيما اختبأ كريم خلفه. اندلع شجار عنيف؛ ضربات تتوالى، دماء تسيل، وأصوات ارتطام تتردد في الجدران الفارغة.
كان سليم يقاتل بجنون، ليس فقط من أجل النجاة، بل من أجل أخيه المفقود، ومن أجل كل من ابتلعتهم الظلال.
في لحظة حاسمة، تمكن من طرح أحد الرجال أرضاً وانتزع هاتفه. وجد فيه ملفات وصوراً تثبت وجود الشبكة.
صرخ سليم وهو يواجه آخر رجل واقف:
– “دي النهاية… عندي الدليل!”
لكن الرجل ابتسم ببرود:
– “الدليل من غير صوت مالوش قيمة… وإنت مش هتلحق تتكلم.”
الفصل السادس: التضحية

كان الموقف أشبه بالقدر يختبر عزيمته. اندفع سليم بجسده كله نحو الرجل، لتندلع مواجهة دامية انتهت بسقوط الاثنين على الأرض.
لكن سليم رغم إصاباته، مد يده بكامل قوته ودفع الهاتف لكريم قائلاً:
– “اجري… خلي صوتنا يوصل!”
ركض كريم خارج المكان بينما تلاشت أنفاس سليم شيئاً فشيئاً. كانت السماء تمطر مجدداً، كأنها تبكي معه.
الفصل السابع: النور بعد العتمه
بعد أيام قليلة، انتشر التحقيق الذي نشره والد كريم مدعوماً بالأدلة من الهاتف. اهتزت المدينة، وبدأت حملة لملاحقة الشبكة.
أما سليم، فقد أصبح اسمه رمزاً للجرأة والتضحية، وإن لم يكن حاضراً ليسمع الهتاف.
في جنازته البسيطة، وقف كريم بجوار قبره هامساً:
– “وعدك ما راح يضيع… صوتك لسه عايش.”
وبينما الشمس تشرق من جديد على القاهرة، بدا أن الظلال بدأت تتراجع، لكن قصة سليم ظلت شاهداً على أن إنساناً واحداً قد يشعل ثورة ضد الظلم، حتى لو دفع حياته ثمناً.
انتهت هذه القصه
انتظرونا في قصه اخري
إلي اللقاء