
اكتشاف مدينة غارقة عمرها أكثر من 2000 عام قرب الإسكندرية يثير دهشة العالم
اكتشاف مدينة غارقة عمرها أكثر من 2000 عام قرب الإسكندرية يثير دهشة العالم

المقدمة:
من جديد تثبت مصر أنها أرض الكنوز التي لا تنفد، حيث أعلن فريق من علماء الآثار المصريين بالتعاون مع بعثة فرنسية عن اكتشاف مدينة غارقة قرب سواحل الإسكندرية في منطقة خليج أبو قير. المدينة المفقودة منذ أكثر من ألفي عام تعود للعصر البطلمي، وكانت في زمانها ميناءً مزدهرًا وحيويًا يربط بين حضارات البحر المتوسط. هذا الاكتشاف لم يضف فقط فصلًا جديدًا في تاريخ مصر، بل أثار اهتمام العالم أجمع، لما يحمله من دلائل على تداخل الحضارات والثقافات في تلك الحقبة.
تفاصيل مذهلة عن الاكتشاف:
خلال عمليات البحث تحت الماء، عثر الغواصون على بقايا معابد ضخمة، وأعمدة حجرية ضخمة غارقة في الطين، إضافة إلى شوارع مرصوفة ورصيف بحري كان يُستخدم لرسو السفن القادمة من الجزر اليونانية وبلاد الشام. كما وُجدت مخازن تجارية تشير إلى أن المدينة كانت مركزًا اقتصاديًا عالميًا في ذلك العصر.
لكن الحدث الأبرز كان انتشال تمثال أبو الهول الذي يحمل اسم الفرعون رمسيس الثاني، وهو واحد من أعظم ملوك مصر القديمة. وجود هذا التمثال في مدينة بطلمية يكشف عن امتداد تاريخها العميق وارتباطها بعصور أقدم من المتوقع، مما فتح الباب أمام علماء التاريخ لإعادة دراسة العلاقة بين مصر الفرعونية والبطالمة.
القيمة التاريخية والأثرية:
تكمن أهمية المدينة الغارقة في أنها تجسد صورة متكاملة عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية في زمنها. الأدلة المكتشفة توضح أن المدينة لم تكن مجرد ميناء عادي، بل مركزًا حضاريًا يستقبل التجار والرحالة من مختلف أنحاء العالم. المعابد التي عُثر عليها أكدت استمرار الطقوس المصرية القديمة، في وقت كانت فيه الثقافة اليونانية تسيطر على المنطقة، وهو ما يعكس مزيجًا حضاريًا فريدًا.
التأثير على السياحة والاقتصاد:
وزارة السياحة المصرية أعلنت أنها ستعرض أهم القطع التي تم انتشالها في متحف الإسكندرية الوطني، ما يعني جذب آلاف الزوار المحليين والأجانب لرؤية هذه الكنوز الفريدة. هذا النوع من الاكتشافات يساهم في تعزيز السياحة الثقافية التي تُعد من أهم مصادر الدخل لمصر. كذلك يُتوقع أن يزيد الاهتمام العالمي بمشروعات البحث والتنقيب في البحر المتوسط، وهو ما يعزز مكانة مصر كوجهة رئيسية لعلماء الآثار والمغامرين.
تحديات الحفاظ على الآثار الغارقة:
رغم الفرحة بالاكتشاف، إلا أن الخبراء حذروا من المخاطر التي تهدد التراث الغارق بسبب التغير المناخي وارتفاع مستوى سطح البحر. هذه الظاهرة قد تؤدي إلى غمر المزيد من المواقع الأثرية وفقدانها. لذلك، تعمل مصر حاليًا على تطوير تقنيات حديثة للتوثيق والحفاظ، بما في ذلك التصوير ثلاثي الأبعاد تحت الماء واستخدام الروبوتات المتخصصة لاستخراج القطع الهشة دون تلف.
الخاتمة:
إن اكتشاف مدينة غارقة عمرها أكثر من 2000 عام قبالة سواحل الإسكندرية يُعد رسالة واضحة بأن أعماق البحر ما زالت تخفي الكثير من الأسرار. وبينما ينتظر العالم عرض هذه الكنوز في المتاحف المصرية، يظل السؤال قائمًا: ما الذي سيكشفه البحر الأبيض المتوسط في المستقبل؟ المؤكد أن مصر ستظل دائمًا أرض العجائب التي تدهش العالم وتثري الإنسانية بتراثها العريق.