الحملة الصليبية السابعة ومعركة المنصورة

الحملة الصليبية السابعة ومعركة المنصورة

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

“المنصورة ١٢٥٠: كيف هزم الشعب المصري أقوى جيوش أوروبا بالمستنقعات والسيوف؟”

في صيف عام 1249، أبحر أسطول ضخم يحمل آمال ملك فرنسا لويس التاسع وأحلامه في غزو مصر، لكن تلك الأحلام ستحطم قريباً على صخور إرادة شعب اعتاد أن يكون مقبرة للغزاة.

بدأت القصة بنزول القوات الفرنسية عند مستنقعات دمياط، حيث وجدوا المدينة خاوية من المؤن بعد أن أحرقها المصريون، تاركين للفرنسيين مدينة أشباح لا طعام فيها ولا أمل. لكن لويس التاسع لم يكن يعلم أن هذا كان فقط البداية.

image about الحملة الصليبية السابعة ومعركة المنصورة

حروب الاستنزاف ⚔️🛡️

على مدى سبعة أشهر كاملة، شن المصريون حرب استنزاف ذكية لم يسبق لها مثيل. قطعوا طرق الإمداد، سمموا الآبار، وأطلقوا هجمات ليلية بقيادة القائد المملوكي الشاب بيبرس. حتى الفلاحين العاديين تحولوا إلى مقاتلين، يصطادون الجنود الضالين كما يصطادون الطيور.

بدأت المعاناة الحقيقية للفرنسيين عندما أحرق المصريون كل المؤن والمخازن في دمياط، تاركين إياهم في مدينة أشباح لا طعام فيها ولا ماء نظيف. لم يكن أمام الجنود سوى أكل خيولهم النافقة، ثم لجأوا إلى غلي أحزمتهم الجلدية وأحذيتهم كي يملؤوا بطونهم الخاوية. حتى أن بعضهم حاول أكل أعشاب سامة فماتوا بتسمم مؤلم.

لكن الجوع لم يكن أسوأ ما عانوه. فمع حلول الظلام، كان الكابوس الحقيقي يبدأ. من بين الظلمات، كان يظهر مقاتلو المماليك بقيادة بيبرس كالظلال، يضربون بسرعة البرق ثم يختفون دون أثر. وكانت الأصوات المرعبة التي تملأ الليل تزيد من رعبهم، حيث استخدم المصريون أبواقاً من البردي تصدر أصواتاً أشبه بصراخ الأشباح.

لم يترك المصريون أي وسيلة لإرهاب الغزاة إلا واستخدموها. من فوق الأسوار، كانوا يلقون بجرار الزيت المغلي الممزوج بقطع المعدن، محولين الدروع الفرنسية إلى أفران متنقلة تحرق من بداخلها. وفي المياه، كان غواصون مصريون بأجهزة تنفس بدائية من جلد الماعز يقطعون حبال السفن ويهاجمون القوات من حيث لا يتوقعون.

حتى الشوارع الضيقة أصبحت مصائد مميتة، حيث نشر المصريون شباك صيد معدنية تعلق فيها خيول الفرنسيين، لتنهمر عليهم بعدها سهام من كل اتجاه. لم يكن هناك مكان آمن، لا على الأرض ولا في الماء، ولا في النهار ولا في الليل.

وبينما كان الفرنسيون يموتون جوعاً وخوفاً، كان المصريون يبتكرون طرقاً جديدة لتعذيبهم كل يوم. فلاحون بسيطون كانوا يتجسسون على تحركاتهم، صيادون ينقلون المعلومات عبر قواربهم الصغيرة، نساء يرمين بالجرار من نوافذ منازلهن. لقد كانت حرب شعب بكامله، لا حرب جيش نظامي فقط.

بعد سبعة أشهر من هذا العذاب المتواصل، كان جيش فرنسا الذي جاء فاتحاً قد تحول إلى بقايا بشرية منهكة. آلاف القتلى، آلاف الخيول النافقة، ومئات الجنود الذين فضلوا الانتحار على الاستمرار في هذه المعاناة. وعندما جاءت معركة المنصورة الحاسمة، كان الفرنسيون قد تحولوا إلى ظلال لأنفسهم، ليس لديهم قوة للمقاومة ولا إرادة للقتال.

معركة المنصورة ونهاية الحملة الصليبية🗡️💣🔥

لكن الذروة جاءت في فبراير 1250 عند أسوار المنصورة. هناك، حيث تحولت الشوارع الضيقة إلى مصائد مميتة، والمستنقعات إلى مقابر جماعية. تهور روبرت دارتوا شقيق الملك وأدخل قواته في شوارع المدينة، ليكتشف أن المصريين قد أعدوا لهم فخاً لا مفر منه.

image about الحملة الصليبية السابعة ومعركة المنصورة

من فوق الأسطح، انهمرت السهام المسمومة وجرار الزيت المغلي. من بين الأزقة، خرج المقاتلون يحملون السيوف والحراب. وفي المياه، غاص مصريون بأجهزة تنفس بدائية لقطع حبال الجسور. كان المشهد أشبه بجحيم مفتوح.

لم يكن هناك مجال للفرار. الجنود الفرنسيون، المحملون بدروعهم الثقيلة، غرقوا في المستنقعات كما تغرق الحجارة. الخيول التي جلبوها من أوروبا، سقطت واحتضرت واحدة تلو الأخرى. حتى الملك نفسه، لويس التاسع، وجد نفسه محاصراً مع حفنة من جنوده، عاجزاً عن فعل شيء سوى رفع العلم الأبيض.

image about الحملة الصليبية السابعة ومعركة المنصورة

كانت النهاية مذلة كما لم يتخيلها أحد. دفع الفرنسيون فدية هائلة، تركوا أسلحتهم، وانسحبوا خائبين. لكن الأهم من ذلك، أنهم تركوا وراءهم أسطورة جديدة تروي كيف يمكن لشعب أن ينتصر عندما يتحد.

image about الحملة الصليبية السابعة ومعركة المنصورة

لم تكن معركة المنصورة مجرد انتصار عسكري، بل كانت درساً في الإرادة، وخطة في الذكاء، وقصة تثبت أن الأرض التي عاصرت الفراعنة والأهرامات، لن تقبل أبداً أن تكون مستعمرة لأحد.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

1

متابعهم

2

مقالات مشابة
-