سقوط الأندلس: قصة خروج المسلمين من الفردوس المفقود

سقوط الأندلس: قصة خروج المسلمين من الفردوس المفقود

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات
image about سقوط الأندلس: قصة خروج المسلمين من الفردوس المفقود

 سقوط الأندلس: قصة خروج المسلمين من الفردوس المفقود

مقدمة: ألف عام من الحضارة على أرض إسبانيا

لم يكن خروج المسلمين من الأندلس مجرد حدث تاريخي عابر، بل كان نهاية لواحدة من ألمع فصول الحضارة الإسلامية، حيث استمر الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الأيبيرية لما يقرب من ثمانية قرون. كانت الأندلس جسراً للمعارف والعلوم والثقافة بين الشرق والغرب، وأرضاً للتسامح النسبي بين الأديان. قصة سقوطها هي قصة تراجع تدريجي، انقسام داخلي، ومواجهة مع قوة صاعدة، لتتحول إلى "تراجيديا" تاريخية لا تزال تثير الحزن والأسى.

عصر الازدهار وأسباب الضعف الأولى

من الفتح إلى الذروة: دولة الخلافة الأموية

بدأ كل شيء عام 711م بقيادة طارق بن زياد، الذي عبر المضيق الذي سُمي باسمه (جبل طارق)، وهزم القوط الغربيين في معركة وادي لكة. تبع ذلك قيام دولة إسلامية قوية تحت حكم الخلافة الأموية في قرطبة، التي بلغت ذروة مجدها في عهد عبد الرحمن الناصر وابنه الحكم المستنصر. أصبحت قرطبة أعظم مدن أوروبا، منارة للعلم والفن والعمران.

 بذور الانحدار: سقوط الخلافة وملوك الطوائف

مع مطلع القرن الحادي عشر، دخلت الأندلس في مرحلة من الضعف الداخلي. سقطت الخلافة الأموية عام 1031م، وتفككت الدولة إلى دويلات صغيرة متنافسة عُرفت بـ دول الطوائف. بدلاً من التكاتف، تناحر ملوك هذه الدويلات، ولم يتردد بعضهم في الاستعانة بالممالك المسيحية في الشمال ضد جيرانهم المسلمين، مما أضعف القوة الإسلامية بشكل كبير وفتح الباب أمام التقدم المسيحي.

المشهد الأخير: مملكة غرناطة وسقوطها

صمود بني الأحمر في ظل حصار متزايد

بعد معركة الزلاقة (1086م) التي أوقفت الزحف المسيحي لفترة، ومع سقوط المدن الكبرى واحدة تلو الأخرى (طليطلة 1085م، قرطبة 1236م، إشبيلية 1248م)، لم يتبق للمسلمين سوى مملكة غرناطة في الجنوب، تحت حكم بني نصر (بني الأحمر). صمدت هذه المملكة لأكثر من 250 عاماً، thanks to لدهاء سلاطينها ودفع الجزية للممالك المسيحية، وموقعها الجغرافي المحمي بجبال سييرا نيفادا.

نهاية الحلم: معاهدة الاستسلام وتسليم غرناطة

كان الصراع الداخلي على العرش بين أبو الحسن علي وابنه محمد بن علي (بو عبديل) الضربة القاضية. استغل الملكان الكاثوليكيان، فرناندو وإيزابيلا، هذا الانقسام وحاصروا غرناطة حصاراً محكماً. في 2 يناير 1492م (الموافق 2 ربيع الأول 897هـ)، سلم آخر حكامها، أبو عبد الله محمد الصغير، مفاتيح المدينة للعاهلين الكاثوليكيين، منهياً بشكل رسمي الوجود السياسي الإسلامي في الأندلس.

بنود الاستسلام ومأساة ما بعد السقوط

 معاهدة Santa Fe: وعود كاذبة بالسلام

وقّع الطرفان معاهدة الاستسلام التي تضمنت بنوداً كريمة، حيث وعدت الممالك المسيحية بـ:

· احترام حرية المسلمين في دينهم ولغتهم وتقاليدهم.

· عدم هدم مساجدهم أو المساس بأملاكهم.

· عدم إجبارهم على اعتناق المسيحية.

 الكارثة: محاكم التفتيش والتهجير القسري

سرعان ما نكث الملوك الكاثوليكيون بعهودهم. تحت قيادة الكاردينال سيسنيروس، بدأت محاكم التفتيش حملة قمع شرسة لإجبار المسلمين (الموريسكيين) على اعتناق المسيحية. أدى ذلك إلى سلسلة من الثورات، كان أبرزها ثورة جبال البشرات (1568-1571م). انتهى الأمر بصدور مرسوم نهائي عام 1609م من قبل الملك فيليب الثالث يقضي بطرد جميع الموريسكيين من إسبانيا، في عملية ترحيل جماعي مأساوية أنهت الوجود الإسلامي بشكل كامل.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة
-