
قصه حب ياسين و ساره
قصه حب ياسين و ساره الجزء الأول من قصه ياسين و ساره
في وسط زحمة القاهرة، ودوشة الناس اللي ماشية في كل اتجاه، كان فيه شاب اسمه ياسين. عنده ٢٣ سنة، طالب في كلية تجارة، عايش في شبرا. ياسين من النوع اللي قلبه طيب، بس دماغه دايمًا مشغولة، دايمًا بيدور على معنى لحياته، على حاجة تخليه يحس إنه عايش بجد.
في يوم عادي جدًا، كان راكب المترو رايح الكلية. الدنيا حر، والزحمة خانقة، وهو واقف متسند على الباب. فجأة عينه وقعت على بنت قاعدة قُدامه. شعرها بني ناعم، وعنيها واسعة زي البحر، لابسة لبس بسيط بس شيك جدًا. مسكت كتاب في إيدها وقاعدة مركزة فيه، كأنها في عالم تاني.
من اللحظة دي… قلبه اتاخد. حس إنه اتسمر مكانه. قال لنفسه:
– “إيه الجمال ده؟! دي مش شبه أي حد.”
المترو وقف في محطة، والناس بدأت تتحرك. هي قامت بسرعة علشان تنزل، والكتاب وقع من إيدها. ياسين تلقائيًا نزل وراه، مسك الكتاب ونادى عليها:
– “يا آنسة! استني… الكتاب!”
لفّت بسرعة، وخدت الكتاب من إيده بابتسامة خفيفة وقالت:
– “متشكرّة.”
ومشيت.
ياسين وقف في نص الرصيف، ماسك قلبه اللي دق زي الطبول. فضل يبص وراها لحد ما اختفت في الزحمة. ومن اللحظة دي، اتزرع جواه إحساس غريب… إحساس إنه لازم يعرفها.
رجع البيت وهو سرحان. أخته الصغيرة "مي" قالت له:
– “مالك يا ياسو؟ وشك عامل زي اللي شايف ملاك.”
ضحك وقال:
– “يمكن شوفت ملاك فعلاً.”
تاني يوم، نزل بدري على أمل إنه يقابلها في نفس المعاد. فعلاً، ركب نفس القطر من المترو، وقف نفس الوقفة، وفضل يبص حواليه. وبعد دقايق… شافها. نفس البنت. نفس الابتسامة، نفس الكتاب في إيدها.
المرة دي قرر مايضيعش الفرصة. قرب منها وقال:
– “هو الكتاب ده شكله مهم أوي… كل يوم في إيدك.”
بصّت له باستغراب، وقالت:
– “آه… ده كتابي المفضل. بتحب تقرا؟”
اتلخبط وقال:
– “يعني… مش كتير، بس ممكن أبدأ.”
ضحكت بخفة، وقالت:
– “يبقى لسه الطريق طويل.”
وبكده… الحوار بدأ.
عرف إنها اسمها سارة، في سنة تالتة آداب قسم لغة إنجليزية. البنت دي كان فيها حاجة مختلفة، حاجة بتشد أي حد يسمعها. كانت بتتكلم بحماس عن الكتب، عن أحلامها، عن السفر، عن الحياة. وياسين كان بيسمع كأنه بيتعلم من جديد.
من يومها، المترو بقى مش مجرد وسيلة مواصلات. بقى اللقاء اللي قلبه بيستناه كل يوم
الجزء التاني
الأيام عدّت، وياسين وسارة بقوا يشوفوا بعض كل يوم تقريبًا في المترو. في الأول كانت مجرد دردشة خفيفة، شوية أسئلة عن الكتب، عن الكلية، عن الجو. لكن مع الوقت بقت العشرة تزيد، والكلام يطول.
في يوم، وهي نازلة من القطر، قال لها:
– “ممكن أخد رقمك؟ يعني… عشان لو الكتاب وقع تاني وماعرفتش أرجّعه.”
بصّت له بضحكة خفيفة وقالت:
– “حجة ضعيفة أوي، بس ماشي.”
وكتبت الرقم على ورقة صغيرة وادّتهاله.
ياسين فضل ماسك الورقة كأنها كنز. أول ما وصل البيت بعت لها رسالة:
– “هنا ياسين… ضامن الكتاب.”
ردّت:
– “متأكدة إنك مش ضامن الكتاب… أنت ضامن وجع دماغ.”
ومن اللحظة دي، الموبايل ما وقفش بينهما.
بقى يقعدوا يحكوا بالساعات. هي تحكيله عن أحلامها إنها تبقى مترجمة مشهورة، تسافر بره وتشوف العالم. وهو يحكيلها عن قلقه من المستقبل، عن خوفه إنه يعيش حياة عادية من غير معنى.
كانت دايمًا ترد عليه بكلمة تثبته:
– “على فكرة يا ياسو… اللي بيدوّر على معنى بيلقاه، بس محتاج شجاعة.”
في الكلية، بدأ يلاحظ نفسه بيتغيّر. بقي عنده حماس يذاكر، عنده طاقة يعمل حاجات كان مأجلها. حتى صحابه خدوا بالهم وقالوله:
– “يا ابني إنت متغير… إيه السر؟”
هو يضحك ويقول:
– “مفيش… بس يمكن فيه نور جديد في حياتي.”
وفي يوم جمعة، جمع شجاعته وقال لها:
– “سارة… إيه رأيك نخرج بكرة؟ مش مترو بقى… يوم طبيعي كده.”
ردّت بتردد:
– “أنا مش بحب الخروجات كتير.”
قال:
– “طيب اعتبريه جولة للكتب… نروح سور الأزبكية.”
ابتسمت وقالت:
– “دي بقى صعبة أرفضها.”
تاني يوم، الشمس كانت دافية والجو جميل. مشيوا وسط الكتب القديمة، وكل واحد فيهم ماسك رواية يقترحها للتاني. ياسين كان مبهور بيها وهي بتتكلم مع الباعة، تختار وتجادل. حسّها روح حقيقية، مش شبه أي بنت تانية.
بعد الجولة قعدوا في كافيه صغير. الجو كان هادي، والمزيكا خفيفة. ياسين بصّ لها وقال:
– "عارفة يا سارة… أنا عمري ما حسيت إني عايز أحكي لحد كل حاجة عني زي ما بحكيلك.”
سكتت شوية، وبعدين ردّت:
– “يمكن لأنك لقيت اللي بيسمعك بجد
الجزء التالت
العلاقة بين ياسين وسارة فضلت تكبر يوم ورا يوم. بقوا يحكوا لبعض عن تفاصيل حياتهم الصغيرة: هو يحكيلها عن صداع المحاضرات والامتحانات، وهي تحكيله عن معاركها مع الترجمة والمراجع الكتير.
بقت جزء من يومه… لو يوم عدّى من غير ما يسمع صوتها، يحس إنه ناقص.
في مرة، وهو راجع من الكلية، وقف قدام المراية وقال لنفسه:
– “يا ياسو… إنت وقعت خلاص. دي مش مجرد صُحبة، ده قلبك كله معاها.”
قرر ياخد الخطوة.
في يوم هادي، اتفق معاها يقابلو في حديقة الأزهر. الجو كان فيه نسمة هوا، والشجر حواليهم بيدي طمأنينة. قعدوا على كرسي خشب تحت ظل شجرة كبيرة.
هو كان متوتر، إيده بتتهز، وعنيه مش قادرة تثبت.
قال لها فجأة:
– “سارة… أنا عندي حاجة بقالها فترة عايز أقولها.”
بصّت له بتركيز وقالت:
– “قول يا ياسين، إيه في إيه؟”
اخد نفس عميق وقال:
– “أنا… أنا مش شايفك مجرد صديقة. إنتي بجد حاجة مختلفة في حياتي… وبصراحة، أنا بحبك.”
سكتت. ملامحها اتغيرت، وشها بقى فيه ألف تعبير في نفس اللحظة.
قالت بعد لحظة:
– “ياسين… الكلام ده كبير. أنا مقدّرة مشاعرك… بس الحب مسئولية.”
قال بسرعة:
– “أنا مش عايز أضغط عليكي. كل اللي عايزه إنك تعرفي الحقيقة.”
قامت واقفة، ولفّت تبص على الشجر. وبعدين رجعت تبص له وقالت:
– “أنا محتاجة وقت. الموضوع مش سهل.”
اليوم ده رجع البيت وقلبه مخلوط بين خوف وأمل. أخته "مي" شافته وسألته:
– “إيه يا بطل؟ وشك مش مريح.”
قال:
– “اعترفت… بس مستنياها ترد.”
مرت أيام تقيلة جدًا. كل رسالة منها كان يقراها كأنه بيفك شفرة. لحد ما في يوم، بعتت له:
– “ممكن نتقابل بكرة؟”
قابلها، المرة دي على كورنيش النيل. الميه رايقة، والقمر منعكس عليها.
قالت له:
– “ياسين… أنا فكرت كتير. يمكن أنا كنت خايفة، بس بصراحة… أنا كمان قلبي اتعلّق بيك.”
الكلمة دي نزلت على قلبه زي المطر بعد عطش طويل. حس نفسه بيطير، الدنيا كلها بقت منوّرة.
مد إيده… وهي مدّت إيدها. اللحظة دي كانت البداية الحقيقية لعلاقتهم.
الجزء الرابع
بعد ما اعترفوا بحبهم لبعض، العلاقة بقت أجمل. المكالمات أطول، اللقاءات أدفى، وحتى المترو اللي كان مجرد مواصلة، بقى عندهم كأنه جسر سحري بيربطهم.
لكن زي أي قصة، ماكانتش كلها سعادة.
في يوم في الكلية، ياسين كان قاعد مع أصحابه في الكافيتريا، فجأة شاف سارة داخلة مع شاب زميلها من القسم. كان واضح بينهم ضحك وخفة. قلبه اتقبض، وفضل يراقب من بعيد.
لما خلصت محاضرتها، قابلها وقال لها بنبرة متوترة:
– “هو مين اللي كنتي قاعدة معاه؟”
بصت له ببرود وقالت:
– “زميلي يا ياسين… وإنت عارف إني عندي مشاريع في الكلية!”
قال بعصبية:
– “ماشي، بس الضحك الزيادة مش عاجبني.”
ردت بحدة:
– “إنت بتشك فيا؟! أنا عمري ما عملت حاجة تزعلك.”
الموقف ده كان أول خناقة بينهم. قعد بعدها طول الليل يفكر: هل هو غلطان عشان غيرته، ولا هي اللي مش مقدّرة مشاعره؟
بس في الآخر، كلمها وقال:
– “سارة، أنا آسف. يمكن غيرتي بتزيد شوية، بس عشان بجد بخاف أخسرك.”
ردّت وهي متنهدة:
– “وأنا كمان مش عايزة أخسرك… بس لازم يكون في ثقة.”
الموضوع عدى، لكن ساب أثر صغير جواهم.
الأيام عدّت، وجه موسم الامتحانات. الضغط كان عالي جدًا، وكل واحد غرق في مذاكرته.
ياسين كان بيتعب، يذاكر ليل ونهار، وفي النص يكلمها يتطمن عليها. هي كانت ساعات ترد بسرعة، وساعات تختفي بالساعات. قلبه يتلخبط، بس يقول لنفسه:
– “معلش… يمكن مجهدة.”
في مرة بليل، بعت لها رسالة:
– “وحشاني يا سارة.”
اتأخرت ساعتين عشان ترد وقالت:
– “معلش كنت بذاكر.”
الكلمة دي وجّعته أكتر من ما طمّنته. بس كتم جواه.
بعد الامتحانات، قرروا يخرجوا يحتفلوا. راحوا يشوفوا فيلم سينما. القاعة كانت ظلمة، وهو مد إيده يمسك إيدها، لقاها مترددة شوية قبل ما تمسك إيده.
حس بحاجة غريبة… كأن فيه مسافة بدأت تكبر بينهم، رغم القرب.
في طريق الرجوع، قال لها:
– “إنتي متأكدة إنك لسه معايا بنفس الإحساس؟”
سكتت لحظة طويلة جدًا، وبعدين قالت:
– “ياسين… في حاجات جوايا مش مرتبة دلوقتي. أنا محتاجة وقت أفكر.”
الكلمة دي وقعت على قلبه زي حجر. بس ابتسم بالعافية وقال:
– “خدي وقتك… أنا هنا
