حرب أكتوبر 1973: العبور الذي غيّر وجه التاريخ المصري

حرب أكتوبر 1973: العبور الذي غيّر وجه التاريخ المصري

Rating 0 out of 5.
0 reviews

حرب أكتوبر 1973: العبور الذي غيّر وجه التاريخ المصري

image about حرب أكتوبر 1973: العبور الذي غيّر وجه التاريخ المصري

تُعد حرب أكتوبر 1973 واحدة من أعظم الانتصارات في التاريخ العسكري المصري والعربي، حيث تمكنت القوات المسلحة المصرية من استعادة كرامتها وكسر أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي كان يُروَّج له بأنه لا يُقهر. جاءت هذه الحرب بعد ست سنوات من الاحتلال الإسرائيلي لسيناء عقب هزيمة يونيو 1967، وخلال هذه السنوات عملت مصر بصمت على إعادة بناء قواتها وتسليحها وتدريبها ورفع الروح المعنوية للجنود والشعب.

بدأت الحرب في السادس من أكتوبر عام 1973، الموافق العاشر من رمضان، بتوقيت محسوب ومباغتة دقيقة. اختارت القيادة المصرية هذا اليوم بعناية، مستغلة عنصر المفاجأة وظروف الصيام والعطلات اليهودية. وفي تمام الساعة الثانية ظهرًا، انطلقت أكثر من 220 طائرة مصرية لتعبر قناة السويس في وقت واحد، مستهدفة مواقع العدو بدقة، ما أربك الدفاعات الإسرائيلية في سيناء وشل قدرتها على الرد الفوري.

في اللحظة نفسها، بدأ أبطال سلاح المهندسين عملية فتح الساتر الترابي المعروف بخط بارليف باستخدام خراطيم المياه، وهي خطة عبقرية أبهرت العالم وغيرت مفاهيم الحرب التقليدية. خلال ست ساعات فقط، تمكنت القوات المصرية من عبور القناة وبناء عشرات المعابر والكباري، ما سمح بمرور الدبابات والمعدات الثقيلة إلى الضفة الشرقية بسرعة غير مسبوقة.

كان الرئيس أنور السادات صاحب القرار التاريخي بشن الحرب، وأكد أن استرداد الأرض والكرامة الوطنية لا يتحققان إلا بالقوة والإيمان. وقد لعبت القيادة العسكرية المصرية، وعلى رأسها الفريق سعد الدين الشاذلي ووزير الحربية الفريق أحمد إسماعيل، دورًا بارزًا في التخطيط والتنفيذ وإدارة المعارك الميدانية تحت ضغط دولي وإقليمي كبير.

تمكنت القوات المسلحة المصرية من تحرير مساحات واسعة من سيناء، وتدمير عدد كبير من المعدات الإسرائيلية. كما تمكنت قوات الدفاع الجوي من إسقاط ما يزيد عن 200 طائرة خلال الأيام الأولى للحرب، مما أعاد الثقة للمصريين بعد سنوات من الألم والانكسار. وظهرت شجاعة الجنود في القتال المباشر والكمائن وتنفيذ التعليمات بدقة عالية.

ومن أبرز مشاهد البطولة في الحرب معركة "المزرعة الصينية" ومعارك الدبابات في سيناء، إضافة إلى الدور البطولي لقوات الصاعقة التي نفذت عمليات نوعية خلف خطوط العدو. كما لعبت قوات البحرية دورًا مهمًا في حماية الساحل المصري ومنع الإمدادات عن العدو، وتمكنت من السيطرة على الممرات البحرية الحيوية.

أجبرت النتائج الميدانية للحرب القيادة الإسرائيلية على الاعتراف بأن الجيش المصري تغيّر تمامًا، وأن سيناء لم تعد تحت السيطرة الإسرائيلية الآمنة. وقد تدخلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي حينها لتجنب تطورات أكبر، ما أدى إلى وقف إطلاق النار ثم بدء مفاوضات الكيلو 101، التي كانت مقدمة لمسار سياسي جديد.

أسفرت الحرب عن نتائج سياسية وعسكرية هائلة، إذ استعادت مصر سيادتها على قناة السويس وممرات العبور، وكانت الحرب البداية الفعلية لعودة سيناء عبر اتفاقيات السلام اللاحقة. كما أعادت الحرب الروح الوطنية للشعب المصري، وعززت من مكانة الجيش كمؤسسة وطنية قوية تحمي الأرض والعرض.

لقد أثبتت حرب أكتوبر أن الإرادة والتخطيط قادران على تغيير موازين القوى، وأن مصر لا تقبل التفريط في أرضها أو تاريخها مهما كانت الظروف. ورغم مرور عقود على هذا الانتصار العظيم، ما زال السادس من أكتوبر رمزًا للفخر والعزة والقدرة على صنع المستحيل، ودليلًا على أن الشعوب قادرة على النهوض متى امتلكت قيادة واعية وجيشًا قويًا وإيمانًا بعدالة قضيتها.
 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

5

followings

6

followings

52

similar articles
-