المدينه الصامته المرعبه

المدينه الصامته المرعبه

Rating 0 out of 5.
0 reviews

المدينة الصامتة

كانت ليلى تستيقظ دائمًا على ضجيج المدينة المعتاد: صوت أبواق السيارات، صرخات الباعة، وقع أقدام المتجهين إلى أعمالهم. لكن في ذلك الصباح، استقبلها صمت ثقيل، صمت غير طبيعي يلف غرفة نومها.

فتحت عينيها ونظرت حولها. الساعة تشير إلى الثامنة صباحًا، لكن أشعة الشمس كانت شاحبة بشكل غريب. نهضت من سريرها، وقلبها ينقبض، وتوجهت إلى النافذة. الشارع في الأسفل كان فارغًا تمامًا. لا سيارات تتحرك، لا ظلّ إنسان واحد. حتى كلب الجيران الذي لا يتوقف عن النباح لم يكن له أثر.

شعور بارد كالجليد سرى في عروقها. ارتدت ملابسها على عجل وخرجت من شقتها. ممر العمارة كان هادئًا بشكل مخيف. ضغطت على زر المصعد، لكنه لم يستجب. نزلت الدرج ركضًا، وصوت خطواتها هو الصوت الوحيد الذي يكسر سكون المبنى.

عندما وصلت إلى الشارع، تجمدت في مكانها. كانت المدينة مهجورة. المتاجر مفتوحة، لكن لا يوجد بائعون أو زبائن. الأضواء لا تزال مضاءة في بعض المكاتب، لكن المقاعد خالية. كانت هناك أكواب قهوة نصف ممتلئة على بعض الطاولات، وحقائب يد ملقاة كما لو أن أصحابها تَبخروا فجأة في منتصف جملة.

صوت سيارة إسعاف تركها سائقها فجأة وضوء إشاراتها يومض كان المشهد الأكثر رعبًا.

صراع العزلة

في البداية، شعرت ليلى بالذهول، ثم سيطرت عليها موجة من الرعب المطلق. صرخت بأعلى صوتها، نادت، توسلت، لكن لم يجبها سوى صدى صوتها المرتد من الأبنية الشاهقة. هي وحيدة.

مرّت الساعات، وتحول الذهول إلى هستيريا الخوف. أصبحت المدينة، التي كانت بالأمس مصدر أمانها، سجنًا عملاقًا. بدأت تسمع أشياء:

همسات خافتة تتلاشى بمجرد أن تدير رأسها.

صوت إغلاق باب في الطابق العلوي من مبنى مهجور.

إحساس دائم بأن شخصًا ما يراقبها من خلف النوافذ المظلمة.

image about المدينه الصامته المرعبه

كلما طال بقاؤها وحيدة، زاد الخوف من أن تكون ليست الوحيدة حقًا. فماذا لو أن الجميع لم يختفوا؟ ماذا لو أنهم موجودون لكن لا يمكنها رؤيتهم؟ أو الأسوأ، ماذا لو أن الشيء الذي أخذهم ما زال كامنًا في الزوايا؟

في الليلة الثالثة، بينما كانت تختبئ في متجر بقالة كبير، أضاءت ليلى الممرات بكشاف يدوي. فجأة، سمعت صوت دقات منتظمة قادم من نهاية الممر. لم يكن صوتها. صوت ثقيل ومنتظم، كخطوات كائن ضخم يتحرك ببطء.

تجمدت ليلى خلف رفوف المعلبات، تتنفس بصعوبة. أطفأت الكشاف، محتمية بالظلام. الصوت يقترب أكثر، دقات... دقات... دقات…

تمنت لو أنها تستطيع أن تصرخ، تمنت لو كان هناك أي إنسان آخر ليشاركها هذا الرعب. لكن لا شيء. فقط هي، والصمت المطبق، والشيء الذي يدق في الظلام ويتجه نحوها ببطء لا يرحم.

مدّت ليلى يدها بصمت نحو سكين فاكهة كان بجانبها، محاولةً تحويل خوفها إلى غضب، مدركةً أن صراعها الأكبر لم يعد ضد العزلة، بل ضد احتمال ألا تكون وحيدة على الإطلاق في هذه المدينة الصامتة المرعبة.

هل تودّين معرفة ماذا اكتشفت ليلى في نهاية الممر؟

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

3

followings

0

followings

2

similar articles
-