اللغز الملكي: الأميرَان المفقودان في البرج
أمراء البرج: لغز اختفاء ورثة العرش الإنجليزي

يدور الغموض حول مصير الملك إدوارد الخامس وشقيقه الأصغر ريتشارد، دوق يورك. أُقيم هذان الوريثان الصغيران للعرش الإنجليزي، أبناء الملك إدوارد الرابع واليزابيث وودفيل، في برج لندن، في ظل وصاية عمهما ريتشارد، دوق غلوستر، عام 1483، والذي أصبح لاحقًا الملك ريتشارد الثالث. ظل مصير الأميرين واحدًا من أكثر الألغاز التاريخية غموضًا حتى اليوم.
الخلفية

في 9 أبريل 1483 توفي الملك إدوارد الرابع فجأة، تاركًا ابنه البالغ من العمر 11 عامًا، إدوارد الخامس، كوريث للعرش. كان الأمير يقيم في قلعة لودلو وقت وفاة والده، بينما كان عمه ريتشارد، دوق غلوستر، في يوركشاير. وما إن سمع الخبر حتى توجه إلى لندن والتقى بحاشية إدوارد الخامس في ستوني ستراتفورد في 29 أبريل.
قام ريتشارد بإلقاء القبض على بعض الأعضاء الرئيسيين في مرافقة الملك الطفل، ومنهم خاله أنتوني وودفيل، وأخوه غير الشقيق السير ريتشارد غراي، واللذان أُعدما بعد ذلك بفترة قصيرة. نُقل إدوارد الخامس إلى برج لندن استعدادًا لتتويجه، وفق تقاليد الملوك الإنجليز.
وبعد مدة قصيرة، لحق به شقيقه الأصغر، ريتشارد دوق يورك، البالغ من العمر 9 أعوام. إلا أنّ التطورات السياسية السريعة أدت إلى إعلان البرلمان عدم شرعية الأميرين بموجب قانون "اللقب الملكي". وفي 6 يوليو 1483 تُوّج عمهما ريتشارد الثالث ملكًا على إنجلترا.
الاختفاء


كانت آخر مشاهدة موثوقة للأميرين في صيف 1483. ذكر المراقب الإيطالي دومينيكو مانشيني، الذي كان في إنجلترا حينها، أنّ الأميرين أصبحا محصورين في الأروقة الداخلية للبرج، ولم يظهرا إلا نادرًا. بعد ذلك لم تسجل أي مشاهدة موثوقة لهما.
يعتقد كثيرون أن الأميرين قُتلا، لكن هوية القاتل ظلت موضع جدل. غالبًا ما يُتهم ريتشارد الثالث، لكن هناك نظريات تشير إلى دوق باكنغهام، أو إلى هنري السابع، أو والدته مارغريت بوفورت، مع بقاء الأدلة غير حاسمة.
ريتشارد الثالث كمشتبه رئيسي

بصفته الملك الجديد، كان لريتشارد الدافع الواضح للتخلص من أبناء أخيه، حتى بعد إعلان عدم شرعيتهم، إذ إن مجرد وجودهما كان كفيلًا بإثارة الثورات، كما حدث فعلًا.
تتهم بعض المصادر المعاصرة ريتشارد الثالث بالجريمة، إلا أنه لم يعلّق علنًا على الاتهامات، مما زاد من غموض القضية.
هنري ستافورد، دوق باكنغهام

كان دوق باكنغهام حليفًا مقربًا من ريتشارد الثالث، لكنه تمرّد عليه لاحقًا. يرى بعض المؤرخين أنّ باكنغهام ربما كان يطمح للعرش وتصرف من تلقاء نفسه. إن إعدامه السريع في نوفمبر 1483 أثار الشكوك حول خلافات محتملة بينه وبين ريتشارد.
هنري السابع ومارغريت بوفورت


إذا كان الأميرين ما زالا على قيد الحياة عند صعود هنري السابع إلى العرش عام 1485، فقد كان لدي هنري الدافع لتأكيد التخلص منهما، من أجل تعزيز شرعية حكمه. كما كان لوالدته مارغريت بوفورت نفوذ سياسي واسع، إلا أن الأدلة المتوفرة تظل ظرفية وغير قاطعة.
نظرية البقاء
استمرت فكرة نجاة أحد الأميرين لعقود. فقد ظهر مدعيان، لامبرت سيمينيل وبيركين ووربك، ادعيا أنهما دوق يورك، وتمكنا من حشد دعم بعض النبلاء الأوروبيين، بينهم مارغريت دوقة بورغندي. ومع ذلك انتهى الأمر بكلا المدعين بالإعدام عام 1499.
اكتشاف الهياكل العظمية
في عام 1674، قام العمال في برج لندن باكتشاف صندوق خشبي يحتوي على هيكلين عظميين صغيرين تحت أحد السلالم. وقد افترض على نطاق واسع أن هذه الرفات تعود إلى الأميرين، وقام الملك تشارلز الثاني بدفنها في دير ويستمنستر.
وفي عام 1789، اكتشف العمال في كنيسة سانت جورج في وندسور تابوتين صغيرين بالقرب من مدفن إدوارد الرابع، لكن هوية صاحبيهما لا تزال مجهولة، مما زاد الغموض.
الإرث والتأثير
ألحق اختفاء الأميرين ضررًا كبيرًا بسمعة ريتشارد الثالث وشرعيته. وقد ساهمت الشائعات عن مقتلهما في حشد الدعم لهنري تيودور، الذي هزم ريتشارد في معركة بوسورث عام 1485.
زادت مسرحية ويليام شكسبير ريتشارد الثالث من ترسيخ الصورة السلبية للملك كرجل طاغية قاتل.
ورغم الدعوات الحديثة لفحص رفات ويستمنستر عبر الحمض النووي، إلا أن البروتوكول الملكي لا يزال