همس الحقيقة في الغابة المضيئة
في قلب الغابة الكريستالية، حيث تلمع الأشجار كالزجاج، وتسكن الطيور ذات الأجنحة المضيئة، كانت تعيش فتاة صغيرة تُدعى أورورا.
كانت أورورا طيبة القلب، تحب المغامرات واستكشاف أسرار الغابة، لكن كان لديها عادة صغيرة مزعجة: أحيانًا تُبالغ في القصص أو تقول أشياء غير حقيقية لتجعل أصدقاءها يصدقون أنها أشجع وأذكى من الجميع.
في أحد الأيام، بينما كانت أورورا تلعب مع أصدقائها ليو الأرنب الذكي وبيلا الفراشة المتكلمة، قالت بفخر:
"هل تعلمون؟ رأيت تنينًا ذهبيًا يطير فوق النهر الليلي!"
فتح ليو عينيه بدهشة وقال: "حقًا؟ لم يرَ أحد تنينًا منذ مئة عام!"
ضحكت أورورا وقالت بثقة: "أنا فقط من يراه، لأنه يحبني!"
لكن عندما ذهب الجميع في اليوم التالي إلى النهر للبحث عن التنين، لم يجدوا شيئًا. شعر ليو بخيبة أمل، وقال:
“أورورا… ربما لم تكوني صادقة.”احمرّ وجهها، لكنها ردّت بسرعة:“لا، التنين كان هناك! لكنه خجول!”
الاكتشاف الغامض:
في تلك الليلة، جلست أورورا وحدها تشعر بالذنب، لكنها سمعت همسًا قادمًا من الغابة:
"من يحب الحقيقة… ليتبع نور المرآة!"
تبعَت الصوت حتى وصلت إلى كهف كبير يلمع بألوان قوس قزح. عند مدخله كانت هناك لافتة مكتوبة بلغة قديمة:
"مرحبًا بمن يبحث عن الصدق.
كل كذبة تقولها ستنعكس في المرايا بطريقة لا تتوقعها،
وكل حقيقة تقولها ستفتح لك بابًا جديدًا من النور."
بفضول كبير، دخلت أورورا الكهف. كانت الجدران مغطاة بمئات المرايا السحرية، كل واحدة تلمع بلون مختلف.
المرايا تتحدث:
اقتربت من أول مرآة وسألتها بخوف:
"هل أنت حقيقية؟"
فأجابتها المرآة بصوتٍ رقيق:“أنا أعكس ما في قلبك يا أورورا.
”قررت أورورا أن تجرب. فقالت وهي تضحك:"أنا أطير كل ليلة مع النجوم!"
وفجأة، ظهرت صورتها داخل المرآة تسقط من السماء وسط الغيوم، فصرخت بخوف!
ثم قالت كذبة أخرى:
"أنا أقوى من أي ساحر في الغابة!"
فتحوّلت صورتها في المرآة إلى شخص صغير يرتدي عباءة ضخمة تسقط فوقه، وجعلته يبدو مضحكًا.
شعرت أورورا بالارتباك، وبدأت المرايا من حولها تلمع وتصدر أصواتًا غريبة، وكل كذبة قالتها في الماضي بدأت تظهر أمامها:
رؤيتها للتنين، مغامراتها المزعومة، وادعاءاتها الكثيرة.
كل الأكاذيب صارت تدور حولها كدوامة من الصور المضيئة!
مواجهة الحقيقة:
جلست أورورا على الأرض تبكي، وقالت بصوتٍ مرتعش:
"كنت فقط أريد أن أكون مميزة… لم أكن أريد أن أؤذي أحدًا."
في تلك اللحظة، ظهرت مرآة كبيرة في وسط الكهف، أكبر من كل المرايا الأخرى، وخرج منها نور أبيض ناعم.
سمعت صوتًا هادئًا يقول:
"الصدق لا يحتاج إلى زينة الأكاذيب.
كوني كما أنتِ، فالحقيقة دائمًا أجمل من الوهم."
رفعت أورورا رأسها وقالت بصوت صادق:
"أنا آسفة… كذبت كثيرًا. أنا لست شجاعة دائمًا، ولا أرى التنانين… لكني أحب المغامرات بصدق!"
فجأة، بدأت المرايا تلمع بنور دافئ، وتتحول الصور المزعجة إلى مناظر جميلة من ذكرياتها الحقيقية — وهي تساعد ليو، وتضحك مع بيلا، وتجمع الأزهار في الغابة.
العودة إلى القرية:
خرجت أورورا من الكهف والسماء تلمع فوقها.
حين رآها أصدقاؤها، ركضوا نحوها.
قالت لهم بصدق:
"أصدقائي… لم أرَ تنينًا قط. كنت أريد فقط أن أبدو مثيرة. أنا آسفة."
ابتسم ليو وقال: "كنا نعلم، لكننا كنا ننتظر أن تخبرينا الحقيقة بنفسك."
وأضافت بيلا الفراشة: "والآن أنتِ تلمعين أكثر من أي نجمة، لأن الصدق فيكِ أجمل من أي سحر."
النهاية المضيئة:
في تلك الليلة، رفعت الغابة الكريستالية أنوارها نحو السماء، وظهرت في الأفق نجمة جديدة لامعة، قيل إنها ظهرت احتفالًا بصدق أورورا.
ومنذ ذلك اليوم، أصبحت أورورا حارسة مرايا الحقيقة، تعلم كل من يزور الكهف أن:
"الكذب يخلق ظلالًا تخيفنا، أما الصدق فيصنع نورًا يحمينا."
الصدق هو مفتاح الثقة والنور في القلوب، والكذب لا يجلب سوى الظلال والخسارة.
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.