قصة الفتى الذي صار قلبُه عسلاً

في قريةٍ هادئةٍ تحيطها التلال والزهور، عاش فتى صغير اسمه سُهيل مع والده النحال ووالدته الطيبة.
كان سهيل يساعد والده في العناية بخلايا النحل، وكان يحب مشاهدة النحل وهو يجمع الرحيق من الأزهار وينتج العسل الذهبي اللذيذ.
كانت أم سهيل تردد دائمًا:“يا بُني، كما يعطي النحل بلا ملل، كن أنت أيضًا كريمًا مع الناس، فالكرم يجعل القلب طيبًا كالعسل.”
في أحد الأيام، سأل سهيل والده وهو يراقب النحل:
– "أبي، لماذا لا يحتفظ النحل بالعسل لنفسه؟"
ضحك الأب وقال:"لأن النحل يعرف أن الخير يزداد عندما يُشارك. لو خبّأ العسل، لما استفاد أحد، لكنه الآن ينفع الجميع!"
أعجب سهيل بكلام أبيه وقرر أن يكون كريمًا مثل النحل.
بينما كان سهيل يملأ الجرار بالعسل استعدادًا لبيعه في السوق، مرّ رجلٌ غريب منهك يحمل حقيبته.

اقترب سهيل منه وسأله:
– "هل أنت بخير يا عمِّي؟"
قال الرجل بصوتٍ متعب:
– "سافرت طويلًا ولم أجد طعامًا ولا ماء."
أسرع سهيل إلى البيت وأحضر كوبًا من الماء البارد، وقطعة خبز، وجرة صغيرة من العسل، وقدّمها له.
شكر الرجل الصغير وقال:
– "لماذا تعطيني من طعامك يا بني؟"
أجابه سهيل مبتسمًا: “الكرم لا يُنقص شيئًا، بل يجعل القلب ممتلئًا سعادة.”

بعد يومين، هطلت أمطار غزيرة أغرقت الحقول، وتلفت بعض خلايا النحل.
حزن سهيل كثيرًا وقال لوالده:
– "لقد فقدنا نصف العسل، ربما لن نستطيع البيع هذا الأسبوع!"
لكن الأم قالت بابتسامة:
– “لا تقلق يا بني، الله يعوّض الكريم دائمًا.”
وفي المساء، طرق أحدهم الباب. كان الرجل المسافر نفسه، لكن هذه المرة جاء في عربة مليئة بالصناديق.
قال وهو يبتسم: “أنا عصام، تاجر عسلٍ من المدينة. لم أنسَ كرمك يا سهيل، وقد جئت لأرد الجميل. هذه خلايا جديدة وأدوات حديثة لتبدأ من جديد.”
فرح سهيل واحتضن والديه بسعادة، وقال: “انظر يا أبي! عاد الخير كما قلتَ، الكرم يجلب البركة.”
بعد أسابيع من العمل، أصبح لدى سهيل أجود أنواع العسل.
دُعي إلى **معرض القرية السنوي** ليعرض منتجه. كتب على اللافتة:
“عسل النحل... بطعم الكرم.”
تجمع الأطفال حوله، فوزّع عليهم ملاعق صغيرة من العسل مجانًا، وهو يقول:
– “الكرم يجعل الطعم أحلى!”
نال سهيل جائزة المعرض، لكن أهم من ذلك، أصبح محبوب القرية.
ومنذ ذلك اليوم، صار الجميع ينادونه:"سهيل الفتى الكريم."
الهدف من القصة :-
* الكرم لا يُقاس بما نعطي، بل بنية القلب الطيبة.
* من يعطي الآخرين بسخاء، يعود إليه الخير مضاعفًا.
* مثلما يُنتج النحل العسل بلا توقف، يظل الكريم مصدرًا للخير لكل من حوله.
"أعطِ ولا تذكر ما أعطيت، الجود من الموجود"، و"الكرم هو أن تعطي ما أنت بحاجة إليه فعلاً".
قال الله سبحانه و تعالي : "وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ".سورة البقرة 272