نور العلم والمعرفه
📘 نور العلم 
في قرية صغيرة بين الجبال والوديان، كان يعيش فتى اسمه ياسر. كان ياسر معروفًا بين أهل القرية بطيبة قلبه، لكنه لم يكن يهتم كثيرًا بالدراسة. فكان كلما دقّ جرس المدرسة، يذهب متثاقلاً، وحين يجلس في الصف، يسرح بعينيه خارج النافذة متأملاً العصافير وهي تطير، أو يتمنى أن ينتهي اليوم ليعود للعب.
كانت والدته دائمًا تنصحه قائلة:
"يا ياسر، العلم نور، ومن سار في طريق العلم سار في طريق النجاح. لا تترك نفسك في الظلام."
لكن ياسر لم يكن يدرك معنى كلامها.
في أحد الأيام، أعلنت المدرسة عن مسابقة علمية كبيرة على مستوى القرية، والفائز سيحصل على رحلة تعليمية إلى المدينة وزيارة مركز العلوم. تحمّس جميع الطلاب، وبدأوا يستعدون ويتدرّبون ويقرأون الكتب. أما ياسر، فابتسم وقال لأصدقائه:
"ولماذا أتعب نفسي؟ لن أفوز مهما حاولت."
مرت الأيام، واقترب موعد المسابقة. وفي الليلة السابقة، جلس ياسر بجوار جدّه الذي كان حكيم القرية. سأله الجد:
"لماذا تبدو حزينًا يا بني؟"
فرد ياسر:
"غدًا المسابقة يا جدي، لكني لم أستعد… أشعر أن العلم صعب ولا يناسبني."
ابتسم الجد ومسح على رأسه، ثم قال له:
"تعال يا ياسر– سأحكي لك قصة."
جلس ياسر بقربه، وقال الجد:
"منذ سنوات طويلة، كان هناك صبي يشبهك تمامًا. كان يظن أن العلم صعب، وأن النجاح بعيد. لكنه في يومٍ من الأيام أدرك أن العلم هو القوة، وهو الذي يرفع الإنسان. فقرر أن يتعلم ولو القليل كل يوم. ومع مرور الأيام، صار عالمًا كبيرًا، وصار الناس يستفيدون من علمه. أتدري من هو هذا الصبي؟"
نظر ياسر بدهشة وسأل:
"من يا جدي؟"
فقال الجد بابتسامة عريضة:
"إنه أنا."
تفاجأ ياسر، فهو يعرف أن جده يحترمه الجميع بسبب علمه وحكمته.
قال له الجد:
"يا بني، كل عالم بدأ بتعلم حرف واحد، وكل طريق يبدأ بخطوة. المهم أن تبدأ، وأن تحاول. العلم لا يأتي للكسالى، لكنه يعطي أفضل ما لديه للمجتهدين."
تأثر ياسر كثيرًا بكلام جده، فنهض فورًا وطلب كتبه وبدأ يقرأ، واستمر حتى وقت متأخر من الليل. وفي الصباح ذهب إلى المدرسة وهو يشعر بطاقة جديدة.
بدأت المسابقة، وكانت عبارة عن أسئلة في العلوم والرياضيات والمعرفة العامة. في البداية تردد ياسر، لكنه تذكّر كلمات جده: “كل طريق يبدأ بخطوة.”
فرفع يده وأجاب… ومع كل سؤال، كان يزداد ثقة، ويفاجئ نفسه قبل الآخرين.
وفي نهاية اليوم، أعلن مدير المدرسة النتائج…
وكانت المفاجأة!
لقد فاز ياسر بالمركز الأول!
هرول الطلاب نحوه يهنئونه، بينما بكت والدته من الفرح، واحتضنه جده قائلاً:
"أرأيت يا بني؟ العلم صنع منك بطلًا."
عاد ياسر للبيت سعيدًا وهو يقول لنفسه:
"سأظل أتعلم… فالعلم نور، وأنا الآن وجدت طريقي."
ومنذ ذلك اليوم، صار ياسر من أكثر الطلاب اجتهادًا، وصار يحث أصدقاءه على طلب العلم، مؤمنًا أن العلم لا يرفع صاحبه فقط، بل يرفع المجتمع كله.
🌟 العبرة المستفادة:
العلم نورٌ يهدي صاحبه إلى النجاح، ويحوّل الضعيف إلى قوي، والجاهل إلى حكيم. ومن يزرع العلم، يحصد المستقبل.