قدر شاب يمني يعيش داخل بلد مزقته الحروب و الصراعات
قدر شاب يمني
لم اتخيل قط صعوبة العيش داخل بلد مزقته الحروب و الصراعات
لم اتخيل قط ان تكون حياتي بهذه الكيفية بينما ينعم اقراني بحياة اقل مايقال عنها انها الجنة بالنسبة لي و لكن ماذا يمكن ان يفعل انسان بسيط امام القدر
قدر ان اكون يمنيا
العاشر من ديسمبر انها ليلة ميلادي ليلة من ليالي الشتاء الطويلة و الباردة و حسب ما سمعته من جدي فقد كانت ابرد ليلة شهدها .
حسنا كانت من المفترض ان تكون ليلة ميلادنا باعتباري توأما لاخت صغيرة و لكنها اثارت ان تهبني حياتها على ان نموت معا
انه القدر مجددا فلو عاشت هي و مت انا لما واجهت الامرين في هذه الحياة اللعينة ولما قدر لي العيش اسيرا .
حسب ما سمعته من جدي ان امي لم تعش سوى اسبوع واحد بعد ولادتنا اما ابي فقد قتل من قبل ارهابيين حتى قبل ان ارى النور
كبرت و ترعرعت عند جدي شيخ القرية الوقور لقد كان افضل شخص رأيته في حياتي على الرغم انه دائما ماكان يردد ان امي افضل منه بمراحل و لكني لم اكن اصدق وجود شخص افضل منه
في الحقيقة لم اعش معه طويلا فهو الاخر اختار الذهاب الى العالم الاخر على البقاء بجانبي لقد مات بينما هو يصلي في مسجد ، مات بقصف جوي .في بعض الاحيان اتسائل لما يهاجمون دير العبادة و يقتلون اشخاصا ابرياء فجدي لم يكن سياسيا و لا عالم دين و لا داعية فقيه لم يكن يستطيع حمل سلاح حتى و لكن لما لقي حتفه ؟ لماذا لم يمت ميتة طبيعية كباقي المسنين؟ ولكن هكذا هو القدر هو فقط لا يملك تفسيرا لما يحصل
عشت يتيم الوالدين و الجد منذ سن السادسة و لكن هذا لم يؤلمني بقدر ماكان جسدي يفعل فلقد ولدت و انا لا اقدر على المشي لا اعلم اذا ما كانت هذه مشكلة ام لا و لكن علتي انقذتني عديد المرات فغالبا ما يأتي الجنود الى قريتي من اجل تجنيد الصغار لخوض غمار الحرب و دائما ما انجو من براثنهم و الشكر لقدماي اللتان لا تسطتيعان حملي
لم اكن ذلك الشخص الذي يشكو حظه دائما و يلقي اللائمة على الاخرين بالعكس كنت دائما متفائلا دائما على الرغم من ان القدر لم يكن يشاطرني الرأي دوما .
لم استطع ان اكمل دراستي لان المدرسة حطمت بصاروخ جوي اسفر عن مقتل مغلب اصدقائي و لحسن الحظ كنت عند قبر جدي وقتها ، لقد كان جدي يعتني بي حتى بعد ان وافته المنية
مرت السنين و بلغت سن الثامنة عشر انه سن الزواج عند اغلب اليمنيين قبل الحرب و لكن الان هذا يعدا مستحيلا فوحده المحظوظ من يستطيع ان يعيش حتى يبلغ الثامنة عشر في بلد امتلأ برائحة الحرب و المرض الذي لا ينفك يزهق ارواح بني شعبي من دون هوادة
لا اعلم اين العالم من كل هذا ،ففي بعض الاحيان اظن اننا نعيش في منأى عن بقية الكوكب او في كوكب اخر بعيد
في كل يوم يموت اكثر من الف طفل جراء المجاعة و الحرب في بلد اقصى طموحات شعبه العيش الى يوم الغد
لكنني كنت مختلفا كنت شخصا محبا للحياة مقاوما لجميع صعوباتها ، لكن القدر دائما ماكان يعترض طريقي
لقد اختار القدر ان اشد الرحال الى صنعاء حسنا لم تكن رحلة عمل او رحلة ترفيهية بل كانت رحة علاج بعد ان شخصني احد الاطباء بداء الكوليرا اللعين
على الرغم من معاناتي الشديدة و لكنني كنت فرحا بسفري الى مدينة جديدة
وصلت الى المستشفى و قد كانت رائحة الموت تفوح من كل زاوية من زواياه و الدماء منتشرة في كل مكان و لكني لم اعر بالا لذلك فذهني و روحي تعلقا بشئ اخر شئ مغاير لم ار مثله من قبل لقد كانت ملاكا بكل ما تحمله الكلمة من معنى
انها اجمل امرأة رايتها في حياتي شعر اسود طويل عينان كبيرتان كعينا الريم وجه ملائكي تعلوه ابتسامة ساحرة ازالت كل ألامي و اوجاعي لكن الاطباء لعنة الله عليهم لم يتركوا لي متسعا من الوقت للتأمل في جمالها الاخاذ و سرعان ما ادخلوني الى المستشفى لتلقي العلاج و لكنهم لم يعلموا اني شفيت بمجرد رؤيتي لتلك الملاك
لبثت في المستشفي شهرين كاملين كانا بالنسبة لي اطول من الدهر نفسه، في تلك الفترة عشت في تفكير مستمر تطور ليصبح ارقا لقد كنت مجنونا بتلك المرأة لا اعلم ما حصل و لكن قلبي كان ينبض بشدة كلما تذكرت ملامح وجهها و لكن اين تراها تعيش و اين ذهبت وقتها و ماذا كانت تفعل في المستشفى كل هذه الأسألة تكررت طيلة مدى اقامتي في المستشفى و ما ان احسست بقليل من التحسن قررت الخروج رغم ان الاطباء اصروا على بقائي و لكني خيرت ان اموت مريضا على ان اموت بلوعة التفكير
اخيرا خرجت و لكن اين عساي اذهب فانا لا اعرف صنعاء حتى فكيف لي ان اجد فتاة لا اعرف شيئا عنها لقد كنت حرفيا ابحث عن ابرة في كومة قش ولكني كنت مصرا على ايجادها حتى و لو كلفني ذلك حياتي
يوميا كنت اسأل الناس كالمجنون واصفا لهم المرأة و لكن من دون جدوى لقد اختفت من ترك اثر ، ربما كانت ملاكا حقا و صعدت الى السماء ، او فقط كنت اتخيل وجودها بسبب حمى مرض الكوليرا . بعد ان قضيت اكثر من يومين في البحث عن شئ مستحيل قررت اخيرا الاستسلام فبعد كل شئ كيف لشخص ملعون مثلي يلاحقه الحظ السئ دائما ان يجد مبتغاه
قبل ان اشد رحالي الى مدينتي سمعت ان احد المنظمات الانسانية ستقدم بعض المساعداة لاهالي صنعاء فقررت ان اتلقى بعضا من مساعدتهم فانا احوج اليها
ما ان وصلت الى المكان المنشود حتى وجدت صفا طويلا لقد كان الناس متلهفين جدا للحصول على القليل من الطعام و بعض الملابس البالية . لما كان يجب علينا ان نعاني هكذا هل اقترفنا خطأ لا يغتفر حتى نعامل هكذا ام انه فقط القدر .
بعد عدة ساعات من الانتظار وصلت اخيرا لاول الصف لتلقي المساعدة ، يا الاهي هل انا في حلم هل حقا هذه الحقيقة ، لم اصدق ما رأيته لقد كانت هي من تقدم المساعدات نعم هي نفسها التي رأيتها في المستشفى بشحمها و لحمها لقد كانت اكثر جمالا و رقة عن قرب. تلعثم لساني و اصابتني قشعريرة غريبة و بدأ قلبي ينبض بشكل سريع و عشوائي ولم اعرف مالذي سافعله ، هل اكلمها و اعبر لها عن مدى اشتياقي لها كل هذه المدة رغم اني لا اعرف اسمها ام اكتفي بقول صباح الخير ،مهلا انها الثالثة مساءا لا يجوز قول صباح الخير الان ، ماذا افعل ماذا اقول و بينما انا غارق في تفكيري اذ بها تبتسم و تمد يدها مقدمة لي علبة
......السردين و تقول التالي…….
الجزء الثاني……….