(صرخة أم) قصة قصيرة واقعية حزينة بقلم أسماء صلاح أبو خلف
أقدم لكم اليوم قصة قصيرة اجتماعية حزينة حدثت بالفعل، وهي لفتة بسيطة لما تواجهه أم لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.
قررتُ اليوم الخروج معها، كنتُ متوترة وخائفة، لكني سألت الله أن يمر يومي بسلام.
عيني لا تتوقف عن ذرف الدموع، في الحقيقة أصبحت أبكي كثيرًا دون شعورا مني بذلك، دموعي تتساقط بهدوء وسط الضجيج الذي أعيش فيه.
نظرت إليها، حاولت احتضانها وتهدئتها، لكن ككل مرة لم تهدأ، نصحوني أن أعطها حبة منوم لأستطيع فعل ما أريد، أو لأنام قليلًا، لم أنم منذ ولادتها تقريبًا، لم أستطع التفريط بها وإعطائها منوم اليوم.
أخذتها معي وركبت بها (الميكروباص) وليتني لم أفعل.
ظلت تصدر أصواتًا أعتدتها أنا، لكن الناس لم تفعل، ضربت المرأة الجالسة قربها، صرخت وتحركت بحدة في مكانها، كمن اعتاد الأمر، لم أتوتر مما تفعله كثيرًا، بل قلقت مما سيفعله الناس بقلبينا.
لم يؤذني سخط المرأة منها، واحتقانها وتأففها والصراخ بها بقدر ما آلمني تعليقات الناس حولها.
"معلش، شكلها تعبانة"
وأخرى وضعت أصبعها عند رأسها، تشير إلى أنها مجنونة!
ترقرت الدموع بعيني مازلت أتأثر بنظرة الناس لها.
حافظت على هدوئي كأني لم أرى كل هذا.
حتى اشتد هذيان طفلتي فقالت إحداهن "دي مجنونة فعلا"!
زعقت بهن وعلا صوتي لكني لا أتذكر ما قلته حينها.
أنا صابرة، أرجو الأجر من الله، لكني فقط مرهقة، كأن شاحنة مرت علي فلم تبق فيّ شيئا سليمًا سوى أنفاسي وأني ما زلت أتحرك رغم الندوب التي تملؤني.
لم يكن الألم قط من طفلتي وحدها.
فمثلًا منذ ساعات جاء شقيقها الأكبر وضع أدواته للمذاكرة، فقطعتْ أشياءه فظل يضربها بعنفٍ وغل، لأنه لا يطيقها، لكثرة ما تسببه له من ضرر وربما لأنها أخذتني منه.
صراخها أوجع قلبي، فجئت مسرعة من المطبخ لنجدتها من بين يديه.
ونظرت له؛ على وجهه إمارات الحنق والغضب، أسمعه يصرخ لكني لا أعي ماذا يقول؟! لكنه يصرخ بنا أنا أمه وأخته الصغيرة.
ابتسمت رغم جرحي النازف ووعدته بتعويض الأمر له.
لم أستطع إكمال الغداء قبل أن يعود زوجي من العمل.
وعندما عاد نظر لحال المنزل الذي في حالة فوضى ككل يوم وزفر باختناق: الغدا جاهز؟
أشرت برأسي بلا.
البنت تنام، رجوتُ ألا يصدر صوتًا.
لكنه هب معترضًا غير آبه بحالتي المتألمة، ناظرًا لملابسي غير المرتبة، وشعري الأشعث بنظرة أماتت ما تبقى من روحي
قائلا: ايه الأرف ده، دي مبقتش عيشة!.
حمدت الله أن ابنتي لم تستيقظ، وضعتُ يدي على صدري كي لا أموت، وغفوت محتضنةً إياها.
وأختم معكم بكلمة رفقًا؛ رفقًا بأمهات أصحاب الهمم.
أرجو أن تكون قصتنا لليوم نالت إعجابكم ويمكنكم قراءة قصة واقعية أخرى بالنقر عليها "انتحار علني"
وللمزيد من القصص تــابــعــونا