مقالات اخري بواسطة Aya El-Dardery
مطاردة الذكريات في الأحلام

مطاردة الذكريات في الأحلام

0 المراجعات

تطاردني تلك الذكريات في منامي،ولم يكفي لها الأحلام فقط،بل تعرقل واقعي أيضًا،ذلك المكان الذي نشأت به منذ نعومة أظافري،أفتقد رائحة ذلك المكان،وكل ركن به،وخاصةً هذه الحجرة،التي تعالت به صوت قهقهتنا،والتي سمعت أنين بكائنا،وكنا نتقاسم الطعام بها مع بعضنا البعض في كل صباح،وهذا المقعد الذي شاركني جميع قطرات دموعي التي تساقطت عليه عندما خذلتني تلك الورقة اللعينة،والتي نقشت عليها رموز أسمائنا،وشهد على حُب أصدقائنا لنا،والجدران الذي ملأه ألف حكاية من أجيال سابقة..وما زالت تدون عليها.

وإن أمكنك النظر في أعماقي،لوجدتم قصصًا مُروعة،وبعض الندوب التي أثرت في روحي من أحد المعلمين أو أحَدهن المعلمات،فلا سلام على أولئك الذين زرعوا بنا الخوف والكره،وسلامًا من قلبي لقلوب أولئك الذين طمئنونا،وازداد عِلمنا بهم ولم يبخلوا علينا بحرف،وصاروا لنا أخوه،فهنيئًا لهم.

وأفتقد هذا "الأوتوبيس" الذي كان يمر علَّي   كل صباح أمام منزلي ،ويحدث أزعرينه وأظل أتراقص عليها بمرح حتى أصل إليه،وألقي الصباح على السائق،فصباحي لا يكتمل إلا به،فله معزة خاصة بقلبي.

ولن أنسى ذلك "الكشك" الصغير،الذي يكون متزاحمًا بالطلاب يوميًا وأظل واقفة منتظرة  دوري يأتي،وأحيانًا كثيرة يتسلل إلى نفسي الملل وعدم الصبر،وأحيانًا أنال ما أريد وأنجى منه بأعجوبة،وبعدما أنتهي من الشراء أسير إلى الطابور قبل أن يضرب الجرس معلنًا موعد تحية العلم،وأخذ مكاني بين الحاضرين مستعدة.

ويبدأ "مدرس التربية الرياضية"،في تنظيم صفوف كل مرحلة وتبدأ الأذاعة المدرسية بعدة فقرات، ثم تنتهي ويقوم "المدرب" بنداء علي هولاء الطلاب بلقب "حرس العلم" أن يتقدموا،فيجيبوا النداء،ثم يقوم أوسطهم برفع نظره إلى علم مصر ويناجى به ونحن الطلاب نلبي وراءه ما يقول،وعندما ينتهي تبدأ الموسيقى لكي نقول النشيد

فنعم أنها مدرستي القديمة التي أفتقدها بشدة،وأفتقد كل ذكرى لي بها،ولن ولم سأفعل مثلها بعد ،وستظل من أجمل سنين عمري،فسلامًا عليها.

فأظل هكذا أرسم طفولتي في الواقع والأحلام بأجنحة مُفارق،وأعثر في صناديق ذكرياتي التي صدأت من غبار الماضي،أعيش في عمري القديم،هاربة من ذلك الواقع الذي بالكاد أن يحطمني كقطار،وأجد لوجهتي ووحدتي في كتابة بكائي وتدوينه وأصفه كمن يصف زورقًا غريقًا،وأعتصر عقلي وقلبي وحتى أحرفي،فهي الطريقة الوحيدة التي أستعيد بها مدينة نفسي.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

2

متابعين

2

متابعهم

1

مقالات مشابة