فلسطين بين الماضي والحاضر والمستقبل | القصة كاملة كما لم تروى من قبل

فلسطين بين الماضي والحاضر والمستقبل | القصة كاملة كما لم تروى من قبل

0 المراجعات

 " سلامٌ لأرض خُلقت للسلام، وما رأت يومًا سلامًا "

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، وقائد المجاهدين، وسيد الداعين، وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن نهج نهجهم وسلك سبيلهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

مما لا شك فيه أن قضية فلسطين هي قضية كل إنسانٍ حر في هذا العالم، كما أنها القضية المركزية للأمة الإسلامية، فكل مسلم على وجه الكرة الأرضية مكلف إزاء هذه القضية بواجب يجب عليه أداؤه حسب استطاعته وبأى نحو يتيسر له، وقيامنا بهذا الواجب من صميم عقيدتنا وشريعتنا وأخلاقنا وسياستنا، وإن الإعداد لتحرير الأرض ونصرة إخواننا في فلسطين والدفاع عن مقدساتنا فرض علينا، بموجب انتمائنا إلى الإسلام والحضارة الإنسانية.

ومن هنا نبدأ معًا رحلتنا الفريدة الطويلة والمتشابكة عبر التاريخ، لنعرفكم على التسلسل التاريخي لأرض فلسطين، حيث نعيدكم إلى الألف الثالث قبل الميلاد، عندما هاجر العرب الكنعانيون إلى فلسطين، وكانوا السكان الأوائل المعروفين لهذه المنطقة، التي خضعت فيما بعد لسيطرة شعوب مختلفة، منهم: المصريون القدماء، وبني إسرائيل، والفلستينيون، والآشوريون، والبابليون، والفرس، واليونانيون، والبطالمة، والرومان، والبيزنطيين، والأمويين، والعباسيين، والطولونيين، والإخشيديين، والقرامطة، والسلاجقة، والفاطميين، والصليبيين، والأيوبيين، والمماليك، والعثمانيين، والإنجليز، وأخيرًا كيان الاحتلال الصهيوني فيما يسمى إسرائيل.
 

تعود أقدم الاكتشافات الأثرية المسجلة في أرض فلسطين إلى الأعوام (7500 - 3100) قبل الميلاد. وتشير هذه الاكتشافات إلى أن منطقة جبل القفرة الواقعة جنوب الناصرة وعلى سفح الرمل بالقرب من طبريا، قد شهدت نوعًا من الحياة البسيطة، وكان أهم حدث شهدته تلك الحقبة هو تأسيس مدينة أريحا، والتي يعتبرها المؤرخون أقدم مدينة في التاريخ.

هاجر الكنعانيون من شبه الجزيرة العربية إلى أرض فلسطين ما بين عامي (3000 - 2500) قبل الميلاد، وكانوا هم أول السكان المعروفين لهذه الأرض، حتى أصبحت تعرف بأرض كنعان أو بلاد كنعان.

وجاء سيدنا إبراهيم -عليہ السلام- مهاجرًا من العراق إلي أرض كنعان في الألف الثالث قبل الميلاد، وهناك أنجب سيدنا إسحاق والد سيدنا يعقوب الذي يسمى أيضًا إسرائيل، وينتسب إليه بنو إسرائيل.

كانت أرض فلسطين في تلك الحقبة تحت الحكم الذاتي للكنعانيين، وفي نفس الوقت خاضعة للإمبراطورية المصرية، حيث كانت تجري بينهم التعاملات التجارية بشكل دائم، وهو ما دلت عليه رسائل "تل العمارنة" المكتشفة في صعيد مصر.

ومع بداية الألفية الثانية قبل الميلاد، جاء "العموريون" إحدى القبائل الكنعانية، مهاجرين من شبه الجزيرة العربية على خطى أسلافهم الكنعانيين وأسسوا دولة امتدت من نهر الفرات في سوريا إلى جنوب فلسطين.

وهاجر سيدنا يعقوب -عليہ السلام- هو وأولاده من بادية أرض فلسطين آثر مجاعة قد أصابتها بين القرنين السابع عشر والسادس عشر قبل الميلاد وتوجه إلى مصر، حيث كان ابنه النبي يوسف -عليہ السلام- قائمًا على خزائنها، واستقر يعقوب وأبناؤه في مصر وتزايد عددهم حتى تعرضوا للاضطهاد في عهد موسى -عليہ السلام- فقرر الخروج بهم إلى أرض كنعان.

مكث بنو إسرائيل في صحراء سيناء أربعين عامًا، وهي الفترة التي حكم الله عليهم فيها بالتية. ثم تمكنوا في عهد يوشع بن نون، وبعد وفاة موسى -عليہ السلام- من فتح الأرض المقدسة حوالي عام 1250 ق.م، وقسمت الأرض على أسباط بني إسرائيل الإثني عشر، وأخذ كل سبط قسمًا من الأرض، وكان لكل سبط رئيسًا من كبرائهم، وكان على جميع الأسباط قاضيًا واحدًا يحتكمون إليه فيما شجر بينهم.

وشهدت أرض فلسطين حوالي عام 1200 ق.م سلسلة غزوات قامت بها القبائل الكريتية "الفلستينيين"، الذين استقروا في سواحل يافا وغزة. وقد اشتق اسم فلسطين فيما بعد من أسماء هذه القبائل.

كان بنو إسرائيل في حروب مع الأمم القريبة منهم كـ"العماليق"، و"أهل مدين" و"الآراميين" وغيرهم، فمرة يَغلبون وتارة يُغلبون. وكانوا في حرب مع جالوت وجيشه، فغلبهم جالوت، وأخذ منهم "تابوت العهد"، وهو التابوت الذي فيه التوراة أي الشريعة، فعز عليهم ذلك، لأنهم كانوا يستنصرون به.

ثم طلب بنو إسرائيل من نبيهم صموئيل -عليہ السلام- ملكًا يقودهم. فأختار الله لهم طالوت، لكن بني إسرائيل لم يجدوه جديرًا بالعرش، بحجة أنه مجهول وأن هناك من هو أحق منه، رغم أن طالوت كان يتمتع بالقوة والخبرة في الجهاد والحرب، فأخبرهم صموئيل أن الدليل المادي على ملكه هو إرجاع التابوت الذي أخذه العماليق منهم، وحملته الملائكة إلى بيت طالوت تشريفًا وتكريمًا له، فرضوا به، ووافقوا على حكمه لهم، ثم أوحى الله لصموئيل أن يخبرهم بأن الله يأمرهم بالخروج مع طالوت لقتال عدوهم الذي أذلهم، وأسر وسبى أبناءهم.

وأنشأ طالوت مملكة "إسرائيل الموحدة"، وشكل جيشًا وجمع الجنود لمحاربة العماليق بزعامة جالوت الجبار. وكان ممن حضر الحرب داود -عليہ السلام- الذي كان شابًا صغيرًا راعيًا للغنم، لا خبرة له بالحرب، أرسله أبوه ليخبره بخبر إخوته الثلاثة مع طالوت، فرأى جالوت يطلب المبارزة، ويخافه الناس، فذهب داود إلى طالوت يستأذنه بمبارزة جالوت، وخرج من الصفوف لمبارزته بعد أن أبى جميع بني إسرائيل الخروج إليه. وضرب داود بمقلاعه جالوت بحجر أصاب رأسه فقتله، وأوقعه قتيلًا، وفر جيش جالوت هاربًا، وانتصر بني إسرائيل.

مات طالوت حوالي عام 1010 ق.م، وأصبح داود -عليہ السلام- ملكًا على بني إسرائيل، وانزل الله عليه الزبور كتابًا بعد التوراة، وعلمه أشياء كثيرة، وعلمه لغة الطير، وأعطاه صوتًا جميلًا مؤثرًا. وإستطاع داود أن يوحد بني إسرائيل وأن يقضي على الخلافات والحروب التي كانت بينهم، وكان حاكمًا عادلًا، يحكم بين الناس بشريعة الله. وقد تمكن داود خلال فترة حكمه من إنشاء مملكة قوية في أرض الشام، وجعل عاصمتها "أورسالم" (القدس)، وأخلفها لابنه سليمان -عليہ السلام- حوالي عام 970 ق.م.

وآتى الله سليمان العلم والحكمة، وعلمه منطق الطير والحيوانات، وسخر له الرياح والجن. وفي عهده بلغت دولة بني إسرائيل أقصى اتساع لها، وإستطاع توسيع سلطانه عبر التزواج مع عدد من بنات ملوك الممالك المجاورة، مثل ابنة فرعون مصري وأعتبر الزواج حلفًا سياسيًا بين مملكة إسرائيل ومصر.

وبحسب الروايات اليهودية، يقال إن النبي سليمان قد شرع في السنة الرابعة من حكمه ببناء معبد كبير يسمى (هيكل سليمان) أو (الهيكل الأول) فوق قمة جبل "موريا"، والمعروف بـ"هضبة الحرم"، وهو المكان الذي يوجد فوقه المسجد الأقصى.

يحظى هيكل سليمان بمنزلة خاصة في قلوب وعقول اليهود، حيث يزعمون أنه أهم مكان للعبادة وأن سليمان بناه لهم ولديانتهم، ولكن لا يوجد شاهد أثري واحد أو مصدر موثوق به يؤكد أن هذا الهيكل المزعوم كان موجود في فلسطين، كما صرح بذلك عالم آثار يهودي يدعى إسرائيل فلنكشتاين أن علماء الآثار لم يعثروا على أي شواهد أثرية تدل على أن الهيكل كان موجودا بالفعل، واعتبر أن فكرة وجود الهيكل هي مجرد خرافة لا وجود لها، وأن كاتبي التوراة في القرن الثالث أضافوا قصصًا لم تحدث.

وبعد أربعين عامًا من الحكم توفي سيدنا سليمان -عليہ السلام-، وتولى ابنه رحبعام إدارة شئون المملكة، لكنه تعامل مع الشعب بقسوة؛ مما أدى إلى انقسام دولة بني إسرائيل عام 928 ق.م إلى مملكتي يهوذا فى الجنوب وعاصمتها "أورسالم"، وملك عليها رحبعام الوريث الشرعي لسليمان، وضمت سبطي يهوذا وبنيامين، وإسرائيل في الشمال وعاصمتها "السامرة" (نابلس)، وملك عليها يربعام بن نباط خادم سليمان، وضمت جميع الأسباط الأخرى. واستمرت المملكتان تتناوبان أيام السلم والصداقة وأيام الحرب والعداء.

زحفت الحملات الآشورية بقيادة شلمناصر عام 724 ق.م إلى مملكة إسرائيل الشمالية، واحتلوا كل البلاد فيها باستثناء العاصمة "السامرة"، حيث كانت مدينة حصينة صمدت أمام الحصار، حتى استسلمت عام 722 ق.م.

وظلت مملكة إسرائيل تابعة للإمبراطورية الآشورية، حتى سقطت آشور في أيدي "الميديين" حوالي عام 614 ق.م، وفيما بعد أخضع البابليون لهم المنطقة بأكملها، باستثناء مملكة "يهوذا" الجنوبية، حيث تصارع عليها المصريون والبابليون، حتى تمكن نبوخذ نصر حاكم الإمبراطورية البابلية من غزوها عام 586 ق.م، وحاصر مدينة القدس ودك أسوارها ودمر الهيكل الذي يعتقد اليهود أن سليمان -عليہ السلام- قد بناه، وقتل من أهل المدينة الكثير، وسبى بمن لم يقتل إلى بابل فيما سمي بـ"السبي البابلي".

سقطت الإمبراطورية البابلية الثانية عام 539 ق.م على يد "كورش الكبير" حاكم بلاد فارس الذي سمح لليهود بالعودة إلى أرض فلسطين، وسمح لهم بالحكم الذاتي عليها، وساعدهم في بناء "الهيكل الثاني" الذي حل محل هيكل سليمان حسب المعتقد اليهودي.

وبقيت فلسطين تحت سيطرة الحكم الفارسي أكثر من مائتي عام، حتى إستبدل بالحكم اليوناني بعد أن اجتاحت جيوش الإسكندر الأكبر المقدوني المنطقة عام 333ق.م، واستولوا على فلسطين، وضموها إلى حدود الإمبراطورية اليونانية.

وتوفي الإسكندر الأكبر عام 323 ق.م في بابل أثر إصابته بالملاريا. وبعد وفاته نشب نزاع  بين قادته؛ مما أدى إلى تقسيم مملكته فيما بينهم، وذهبت فلسطين، وأجزاء من سوريا، ومصر، وليبيا، وبعض جزر بحر إيجه إلى "البطالمة" الذين سيطروا على فلسطين في عام 301 ق.م بعد معركة "إبسوس"، واستمر حكمهم عليها حتى عام 198ق.م، وقد عطف البطالمة على اليهود، وجعلوا "الكاهن الأكبر" هو من يدير شؤونهم.

ثم إن السلوقيون الذين كان من نصيبهم بعد موت الإسكندر الأجزاء الشمالية من سوريا، وآسيا الصغرى، وبلاد ما بين النهرين، والهضبة الإيرانية قد تمكنوا من احتلال فلسطين عقب معركة "بانيون" عام 198ق.م، والتي حقق فيها الملك السلوقي أنطيوخس الثالث نصرًا كاملًا على البطالمة، وشدد السلوقيين على اليهود في فلسطين بالتخلي عن تقاليدهم، واتباع التقاليد اليونانية؛ مما أدى إلى أشتعال "ثورة المكابيين" عام 167 ق.م.

وأستمر الصراع على فلسطين سجالًا بين البطالمة في مصر والسلوقيون في سوريا فترة طويلة كثرت خلالها الأحداث، حتى جاء الحاكم الروماني "بومباي العظيم"، وسيطر على فلسطين عام 63 ق.م، وضمها إلى الإمبراطورية الرومانية، وحولها إلى مقاطعة رومانية يحكمها ملوك يهود. 

وُلدَ المسيح عيسى بن مريم -عليہ السلام- في مدينة بيت لحم في فلسطين بينما كانت أمه في طريقها إلى مسقط رأسها الناصرة بعد خروجها من هيكل القدس. وعاش المسيح في الناصرة مع أمه العذراء مريم، ويوسف النجار كفيله حتى ألهمهم الله بالهجرة، فذهبوا إلى مصر، وأقاموا هناك نحو عشرة أعوام.

وعاد السيد المسيح عيسى -عليہ السلام- إلى وطنه وهو في الثانية عشرة من عمره عندما علم بوفاة الملك الروماني هيرودوس الأول الذي كان يلاحقه ليقتله. وبعد سنوات نزل عليه الوحي ليكون رسولًا إلى بنى إسرائيل، وظل يذكرهم بعبادة ربهم، فاجتمع حوله الأنصار والحواريون ينصرونه ويؤازرونه، وازداد أتباعه في كل البلاد. وكان يعالج المرضى، ويبرئ الأعمى والأبرص، ويرعى الفقراء والمساكين دون أن يطلب منهم جزاءً ولا شكورًا؛ إنما فعل ذلك ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى.

وشى اليهود بسيدنا عيسى -عليہ السلام- إلى الحاكم الرومانى هيرودوس أنتيباس عام 37م، واتهموه بالكفر. وأراد هيرودوس قتله، وجمع أتباعه على ذلك، ثم جاءت النهاية، حيث أنجاه الله ورفعه إليه، وهو ما اختلف فيه المسلمون والمسيحيون؛ إذ كان لكل منهم رؤيا لنهاية المسيح.

أخمد الإمبراطور الروماني تيتوس ثورة يهودية في فلسطين عام 70م، وحاصر القدس واستولى عليها، ودمر المدينة والهيكل الثاني. ثم أخذ اليهود عبيدًا يباعون في روما، وكانت هذه بداية تواجدهم في أوروبا وتفرقهم فيها.

وفي أعقاب ثورة يهودية أخرى في فلسطين بقيادة باركوخيا بين عامي (132 - 135) ميلاديًا، أرسلت روما الوالي يوليوس سيفيروس الذي احتل البلاد، وقهر اليهود، وقتل باركوخيا، وذبح من اليهود 580 ألف نسمة. وتشتت الأحياء من اليهود في بقاع الأرض، وسمي هذا العهد بـ "عصر الشتات" أو "الدياسبورا". 

شيد الإمبراطور الروماني هادريان مدينة وثنية جديدة على أنقاض مدينة القدس، وسماها "إيليا كابيتولينا"، ومنع اليهود من دخولها. وبعد إنتهاء عهد هادريان، ومع اعتناق الإمبراطور قسطنطين الأول المسيحية وزيارة والدته الملكة هيلانة للقدس عام 320م بدأ الطابع المسيحي للقدس وفلسطين يتغلب على طابعهما الوثني. وبنيت كنيسة القيامة في عهد قسطنطين، ودأب خلفائه على الإكثار من بناء الكنائس والنصب المسيحية في فلسطين.

وبعد وفاة الحاكم الروماني ثيودوسيوس الأول عام 395م، انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين أحدهما شرقي والآخر غربي. وعرفت الإمبراطورية الرومانية الشرقية فيما بعد بالإمبراطورية البيزنطية، واتخذت القسطنطينية عاصمة لها. واعتمدت اللغة والثقافة اليونانية بدلًا من اللاتينية، وتميزت بالمسيحية الأرثوذكسية، وشملت حدودها فلسطين وسائر بلاد الشام.

أرسل كسرى الثاني ملك الفرس قائده شهرباراز على رأس جيش لاحتلال فلسطين عام 614م. وتمكن الفرس من محاصرة مدينة القدس، والسيطرة عليها بمساعدة أعداد كبيرة من يهود مدينة الجليل، وأحرقوا العديد من الكنائس والأديرة، وقتلوا الآلاف من سكانها ‏المسيحيين وقادتهم.

وقعت معجزة الإسراء والمعراج عام 620م حين أسري بالنبي محمد ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ومن ‏فوق الصخرة بدأت رحلة الصعود إلى السموات العلى.
قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ‎ ‎الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، الَّذِي ‏بَارَكْنَا حَوْلَهُ، لِنُرِيَهُ‎ ‎مِنْ آيَاتِنَا، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الإسراء: 1] 

تمكن الإمبراطور البيزنطي هرقل من استعادة القدس من الفرس عام 628م، فأعاد بناء الكنائس التي خربوها، وقتل الكثيرين من اليهود، وطرد آخرين، ولم يسمح لهم بالاقتراب من القدس أكثر من ثلاثة أميال.

وجاء الفتح الإسلامي لفلسطين في عهد الخليفة أبو بكر الصديق الذي أرسل عدة جيوش إلى بلاد الشام عام 633م، وحقق المسلمون بقيادة عمرو بن العاص إنتصارًا كبيرًا على البيزنطيين في معركة "أجنادين" عام 634م، وتمكنوا من فتح كلُ من: يافا، واللد، وبيسان.

وواصل الخليفة عمر بن الخطاب مسيرة أبي بكر الصديق بعد وفاته لفتح كامل فلسطين، وكان له ما أراد بعد انتصار الجيوش الإسلامية بقيادة خالد بن الوليد على الروم في معركة "اليرموك" عام 636م. وتم طرد الروم من كافة الأراضي الفلسطينية، وتسلم عمر بن الخطاب بنفسه مفاتيح القدس بعد فتح المدينة على يد أبو عبيدة بن الجراح. وكتب للنصارى عهدًا آمنهم فيه على كنائسهم وصلبانهم، واشترط ألا يسكن اليهود في تلك المدينة المقدسة.

وتدفقت القبائل العربية وسكنت الأراضي الفلسطينية، وأسلم معظم أهلها، وأصبحت اللغة العربية هي اللغة السائدة، ومنذ ذلك الحين توالت العهود الإسلامية المختلفة على فلسطين.

كانت فلسطين تقع ضمن حدود الدولة الأموية التابعة لدمشق في الفترة الواقعة ما بين عامي (661 750) ميلاديًا. ازدهرت الحضارة والعمران، وارتفعت مكانة القدس وفلسطين في العصر الأموي. وقامت أعظم الآثار الاسلامية في فلسطين في تلك الفترة، حيث قام الخليفة عبد الملك بن مروان ببناء مسجد قبة الصخرة في الموضع الذي عرج منه النبي محمد ﷺ إلى السماء ليلة الإسراء والمعراج، و بداء أيضا بناء المسجد القبلي الذي أتم بناءه الوليد بن عبد الملك، وتأسست على يد سليمان بن عبد الملك مدينة الرملة التى بَنَى فيها قصره الشهير والمسجد الأبيض.

وقعت معركة "الزاب الأعلى" عام 750م بين الأمويين والعباسيين بالقرب من نهر الزاب أحد روافد نهر دجلة في شمال العراق. انتصر العباسيون، واقتحموا العاصمة دمشق وأطاحوا بالأمويين. واتخذت الدولة العباسية الكوفة عاصمة لها، ثم بنيت بغداد، واصبحت عاصمتهم الأبدية.

وفي ظل الحكم العباسي، شهدت فلسطين والشام فترة من أزهى عصور التحضر والإصلاح في شتى مجالات الحياة، وعاش المسيحيون في كنفهم في أمن وحرية وتسامح لم تشهده أي أقلية من الأقليات في أي عصر من العصور.

وبسبب ضعف الدولة العباسية استولى الطولونيون على أرض فلسطين عام 878م، وأصبحت ضمن حدود دولتهم المستقلة، والتي أخذت تتوسع لتشمل: مصر، والشام، والحجاز، وقبرص، وكريت. وظلت سيطرة الطولونيين على فلسطين قائمة 27 عامًا حتى أعاد الجيش العباسي بقيادة محمد بن سليمان الديار المصرية والشامية إلى كنف دولتهم عام 905م.

وتوالت على فلسطين أنظمة حكم متعددة خلال القرنين العاشر والحادي عشر الملاديين، مثل: الإخشيديين، والقرامطة، والسلاجقة، والفاطميين، فكانت بحق فترة من الاضطرابات السياسية والدمار والفوضى. 

وفي نهاية القرن الحادي عشر الميلادي، وجه أوربان الثاني بابا الفاتيكان نداءً من كنيسة كليرمونت بفرنسا عام 1095م، يحرض فيه ضد مسلمي المشرق، ليقوم الصليبيون بشن أولى حملاتهم العسكرية على بلاد المسلمين عام 1096م.

انشغل السلاجقة في هذا الوقت بمواجهة تقدم الصليبيين في شمال الشام، فانتهز الفاطمييون الفرصة وتحركوا من مصر سعيًا لتوسيع نفوذهم على حساب السلاجقة، وسيطروا على فلسطين وما بعدها شمالًا حتى بيروت.

واصل الصليبيون حملتهم نحو فلسطين، واحتلوا مدنها. وفي عام 1099م بدأوا بمحاصرة القدس واحتلالها، وارتكبوا مجزرة كبرى راح ضحيتها نحو 70 ألفًا من سكان المدينة.

وأستمر الصراع والنزاع وتداول النصر والهزيمة في المعارك بين المسلمين والصليبيين لسنوات طويلة؛ حيث لم يكن يمضي عام دون معارك وتبادل احتلال المدن والقلاع.

واتحد مسلمو الشام ومصر تحت قيادة عماد الدين زنكي، ومن بعده ابنه نور الدين، وخلال معارك ضارية مع الحاميات الصليبية تمكنوا من استعادة بعض المدن والإمارات في الفترة الممتدة بين عامي (1127 - 1174) ميلاديًا.

ووقعت معركة "حطين" الشهيرة عام 1187م، وتمكن المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي من تحقيق نصرًا عظيمًا في هذه المعركة، واسترداد بيت المقدس، وتحرير معظم الأراضي التي احتلها الصليبيون.

ولم يمض وقت طويل على عودة القدس إلى أحضان المسلمين حتى كانت عرضة للمساومة والتفريط من قبل سلطان مصر الكامل بن العادل الأيوبي الذي ساوم الصليبيين عام 1219م، ليعيد لهم بيت المقدس وكل المدن التي حررها صلاح الدين الأيوبي مقابل جلائهم عن مدينة "دمياط" في مصر، إلا أن هذا العرض السخي المفرط في التنازل لم يلق إجماعًا في قبوله من قبل الصليبيين ورفضوه؛ إذ كانوا يمنون أنفسهم بالاستيلاء على مصر، وظلوا في دمياط ثمانية عشر شهرًا كاملة دون تحرك جادٍ منهم، حتى تمكن المصريون من هزيمتهم، وطردهم من دمياط عام 1221م.

وأكمل السلطان الكامل تخاذله وتفريطه في أراضي المسلمين عندما استغاث بالإمبراطور الروماني فريدريك الثاني لمساعدته في حربه ضد أخيه المعظم عيسى مقابل إعطائه بيت المقدس، وبعض المدن الساحلية في الشام.

استجاب الإمبراطور فريدريك الثاني لعرض السلطان الأيوبي، وقاد الحملة الصليبية السادسة قاصدًا بها بلاد الشام، وعندما وصل إلى "عكا" وجد أن الملك المعظم قد مات ولم يعد على السلطان الكامل أن يفي بوعده.

لم يستسلم فريدريك، ولجأ إلى إستخدام سياسة الإستعطاف، التى نجحت في إستمالة قلب السلطان الكامل الذي فرط فيما لا يملكه، وتسامح فيما لا يجوز التسامح فيه. وفي عام 1229م، أبرمت "معاهدة يافا"، التي حصل فيها فريدريك الثاني على القدس، وبيت لحم، وشريط ضيق من ساحل فلسطين.

وتوفي السلطان الكامل عام 1238م، وتولى الحكم من بعده أخوه الصالح أيوب الذي استعاد القدس وبعض المدن من الصليبيين قبل أن يصاب بمرض شديد ظل طريح الفراش بسببه، ومات على إثره في أعقاب هجوم الحملة الصليبية السابعة على مصر عام 1249م.

أخفت شجرة الدر زوجة الملك الصالح أيوب نبأ موته، واجتمعت بقادة الجيش وأمراء الدولة وأبلغتهم بالحقيقة، واتفقت معهم على التواصل مع توران شاه إبن الملك الصالح؛ لإستقدامه من الشام ليدير شئون البلاد.

حضر توران شاه إلى مصر، وقاد الجيش واستكمل المعارك مع الصليبيين. ووقعت معركة هائلة بالقرب من مدينة "فارسكور" بدمياط تحطم فيها الجيش الصليبي تمامًا، وأسر ملك فرنسا لويس التاسع على إثرها، وتم سجنه في دار ابن لقمان بالمنصورة.

تآمرت شجرة الدر وأمراء المماليك على توران شاه، وقتلوه عام 1250م بعد شكوكهم بنواياه في التخلص منهم، وبموته سقطت الدولة الأيوبية، وقامت دولة المماليك مكانها في مصر والشام.

ويعتبر العصر المملوكي في فلسطين من أزهى فتراتها التاريخية، حيث شهدت نهضة عمرانية، وحركة ثقافية مزدهرة، وإقامة مشاريع اجتماعية لتحسين الظروف المعيشية للسكان. وقد تعاقب على الحكم عددًا من الملوك العظماء، أمثال: بيبرس، والمنصور قلاوون، والأشرف خليل، والناصر محمد، وبرقوق، وغيرهم.

وفي عهد دولة المماليك، تمكن سيف الدين قطز والظاهر بيبرس من صد الغزو المغولي الذي اجتاح جزءًا كبيرًا من العالم الإسلامي عام 1259م في معركة "عين جالوت" بالقرب من الناصرة في فلسطين، والتي كانت واحدة من أهم وأشهر المعارك الإسلامية.

واصل خليل بن قلاوون تحرير ما تبقي من المدن الفلسطينية التي ظلت بحوزة الصليبيين، حتى طهرت البلاد منهم تمامًا عام 1291م، وقسمت فلسطين إلى ستة أقضية هي: القدس، والخليل، وغزة، ونابلس، واللد، وقاقون.

ويقسم المؤرخون دولة المماليك إلى دولتين: دولة المماليك البحرية الذين حكموا بين عامي (1250 - 1382) ميلاديًا، وكانوا من الأتراك والمغول، ودولة المماليك البرجية الذين حكموا بين عامي (1382 - 1517) ميلاديًا، وكانوا من الشراكسة.

وقعت معركة "مرج دابق" عام 1516م بين الدولة العثمانية في عهد السلطان سليمان الأول، ودولة المماليك في عهد السلطان قانصوه الغوري بالقرب من مدينة حلب شمال سوريا. وانتصر العثمانيون، ومهد لهم الطريق للسيطرة على بلاد الشام ومصر بحلول عام 1517م.

خضعت فلسطين للحكم العثماني، وتنوعت أساليب الحكم فيها بين الحكم المركزي والحكم من خلال الإدارات المحلية التي كانت تحكم نيابة عن الدولة العثمانية. وتم تقسيم البلاد إلى خمسة مناطق تسمى سناجق، وهي: القدس، وغزة، وصفد، ونابلس، واللجون، وجميعها كانت مرتبطة بولاية دمشق.

أضاف العثمانيون خلال فترة حكمهم لفلسطين ما بقي أثره حتى يومنا هذا على كافة المستويات. وحظيت القدس باهتمامًا كبيرًا، حيث أعيد بناء أسوارها وتجديد أبوابها، وبنيت المساجد والأسبلة وتكية خاصكي سلطان، كما تم تجديد كوة قبة الصخرة بالقاشاني بدلًا من الفسيفساء المخربة.

ازدهرت مكانة فلسطين العلمية والثقافية بشكل كبير في العهد العثماني؛ إذ تزايدت أعداد المدارس والزوايا التى شهدت حلقات الدرس والعلم، وواصلت البلاد نهضتها مع كل حاكم في الحقب المتعاقبة.

وبدءًا من القرن الثامن عشر الميلادي، تدهورت البلاد، وانخفضت إيرادات الأوقاف المخصصة لها؛ مما جعل الدولة غير قادرة على تغطية نفقاتها، لكن خلال الفترة نفسها شهدت مدينة القدس تطورها وتوسعها خارج الأسوار، وتم إنشاء مشروع السكة الحديد الذي اعتبر ثورة في عالم المواصلات آنذاك.

وواجهت فلسطين في ظل الحكم العثماني العديد من المشاكل والغارات والغمات، حيث دحرت الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت من على أسوار مدينة عكا عام 1799م، وإستطاع الحاكم المصري محمد علي باشا من توسيع نفوذه إلى فلسطين ولبنان في الفترة الواقعة ما بين عامي (1831 - 1840) ميلاديًا، حتى إستعاد الأتراك نفوذهم على المنطقة من جديد.

ويتفق المؤرخون على أن العصر العثماني الذي بدأ قويًا، اتسم عمومًا بالاضطرابات، وكان أشدها في فلسطين، خاصة بعد عام 1869م، عندما أصدرت الدولة العثمانية قرارًا يسمح للأجانب بتملك الأراضي؛ مما أدى إلى زيادة النفوذ الأوربي في المنطقة العربية وعدم قدرة العثمانيين على الوقوف في وجه التدخلات الأجنبية في شؤون البلاد بدعوى حماية الطوائف المسيحية.

وتحت جناح التدخل الأوروبي المتزايد واستغلال ضعف الدولة العثمانية؛ بدأ الصهاينة بالتسلل إلى فلسطين والقدس، لكن التاريخ يسجل بشيء من الإعجاب موقف السلطان عبد الحميد الثاني الذي قاوم وفي أقصى حالات ضعف الدولة الإغراءات الصهيونية بالتخلي عن فلسطين، وخاصة القدس، لكن الحكم حقيقة لم يكن بيد السلطان، بل بيد حكومة الاتحاد والترقي التي أصدرت مرسوم عثماني أجاز لليهود إقامة حي في القدس؛ مما ساعد على زيادة التغلغل الصهيوني في فلسطين.

انتهى الحكم العثماني على فلسطين  بعد الاحتلال البريطاني للبلاد عام 1917م، ولكن قبل ذلك ببضع سنوات كانت المؤامرة الدولية على فلسطين قد إكتملت، وأعطت نهاية الحكم العثماني إشارة بتسارع خطواتها على النحو المعروف التالى ذكره.
 

تعود جذور ظهور الحركة الصهيونية إلى القائد الفرنسي نابليون بونابرت الذي دعا لأول مرة إلى الاستيطان اليهودي في فلسطين خلال حملته على المشرق وحصاره لمدينة " عكا " عام 1799م، حيث أراد إقامة دولة لليهود تحت حماية فرنسا، إلا إنها بقيت مجرد فكرة تبلورت فيما بعد وظهر لها أتبع وأصبحت حركة أيديولوجية تدعو لبعث إسرائيل وتوطين اليهود في فلسطين، بدعوى أنها أرض الآباء والأجداد.

تأسست الحركة على يد مجموعة من الصهاينة الأوائل، أمثال: يهودا القلعي، وهيرش كاليشر، وليون بنسكر، وتيودور هرتزل الذي يمكن تسميته بالأب الروحي للصهيونية؛ لأنه مؤسسها الفعلي.

نظم هرتزل المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية عام 1897م؛ بهدف وضع حجر الأساس لوطن قومي لليهود، وحضر المؤتمر 204 مندوب يهودي من 15 دولة، صاغوا خلاله برنامجًا وإطارًا عمليًا لإقامة دولة يهودية في فلسطين، من خلال: تنمية استيطان فلسطين بالعمال الزراعيين والحرفيين والمهنيين اليهود، وتعزيز وتنمية الوعي القومي اليهودي والثقافة اليهودية، ومن ثم اتخاذ التدابير الأولية للحصول على الموافقة الدولية لتنفيذ المشروع الصهيوني.

وبدأ هرتزل بجمع الدعم المعنوي والمادي لتشجيع وتسريع هجرة المستوطنين اليهود إلى فلسطين، والتي قد بدأت عام 1882م. وحاول هرتزل إقناع الدولة العثمانية بالسماح لليهود بالهجرة إلى فلسطين أو شراء بعض الأراضي فيها، لكن السلطان عبد الحميد الثاني رفض رفضًا قاطعًا.

يأست المنظمة الصهيونية من مساعدة الدولة العثمانية لمشروعها، وشرعت في تنظيم عدة إتصالات مع بريطانيا العظمى، وأنشأوا الصندوق القومي اليهودي عام 1901م لجمع الأموال من اليهود لشراء الأراضي في فلسطين بطرق احتيالية، وانتهجوا سبيل الهجرة بإعداد صغيرة لإقامة المستوطنات اليهودية. 

وقد أخذ الصهاينة العديد من الأفكار على محمل الجد، مثل إقامة الوطن المنشود في مكان آخر غير فلسطين؛ فعلى سبيل المثال كانت الأرجنتين إحدى مناطق العالم التي تم اختيارها لإقامة دولة إسرائيل، كما قدم هيرتزل أقتراحًا مثيرًا للجدل في المؤتمر الصهيوني السادس عام 1903م، حيث اقترح إقامة دولة إسرائيل في أوغندا؛ الأمر الذي من شأنه خلق حالة انقسام بين مؤيد ومعارض، واتهم الصهاينة الروس هرتزل بالخيانة، لكنه تمكن من تسوية الأمر معهم، إلا أنه مات. وعندما انعقد المؤتمر الصهيوني السابع عام 1905م، رفضت أوغندا، واتفق المؤتمر على تشكيل لجنة لدراسة كافة الأطروحات المتعلقة بموقع دولة إسرائيل، والتي أفضت إلى اختيار أرض فلسطين.

نشرت أول نسخة مختصرة من بروتوكولات حكماء صهيون في روسيا القيصرية عام 1905م على يد الكاتب الروسي سيرجي نيلوس. وتتحدث هذه الوثائق عن خطة لغزو العالم يزعم أن اليهود قد كتبوها، وتتضمن 24 بروتوكولًا للتعاليم والتوصيات التي كانت جزءًا من خطة مسبقة للسيطرة على العالم.

وتم توقيع اتفاقية سايكس بيكو عام 1916م بعد تبادل الوثائق بين وزارات خارجية بريطانيا العظمى، وفرنسا، والإمبراطورية الروسية، وتم الاتفاق على تقسيم أراضي الإمبراطورية العثمانية فيما بينهم.

وقبل نهاية الحرب العالمية الأولى، وقبل أن يتقاسم المنتصرون إرث الإمبراطورية العثمانية، سارع وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور إلى كتابة رسالة في عام 1917م إلى المصرفي البريطاني وأحد الزعماء اليهود في بريطانيا، البارون روتشيلد، ليوضح له تعاطف بريطانيا مع جهود الحركة الصهيونية في إنشاء وطن لليهود في فلسطين
وكان مضمون الرسالة :
عزيزي اللورد روتشيلد

يسرني أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته بالتصريح التالي الذي يعبر عن التعاطف مع طموحات اليهود الصهاينة التي تم تقديمها للحكومة ووافقت عليها.
"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية، على ألا يجري أي شيء قد يؤدي إلى الإنتقاص من الحقوق المدنية والدينية للجماعات الاخرى المقيمة في فلسطين أو من الحقوق التي يتمتع بها اليهود في البلدان الاخرى أو يؤثر على وضعهم السياسي.
سأكون ممتنا لك إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علما بهذا البيان.
المخلص
آرثر بلفور

وبعد صدور وعد بلفور وهزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، انتقلت القوات البريطانية بقيادة الجنرال إدموند اللنبي من مصر إلى فلسطين، وقاموا باحتلالها أواخر عام 1917، منهية بذلك أربعة قرون من الحكم العثماني، وفرضوا حكمًا عسكريًا على البلاد، وبهذا عادت القدس للسيطرة المسيحية لأول مرة منذ عام 1187م.

اجتمع مندوبو "دول الاتفاق" المنتصرون في الحرب العالمية الأولى في إيطاليا عام 1920م، فيما سمي بمؤتمر "سان ريمو" لتحديد الشكل النهائي لتقسيم الأراضي التي تم أحتلالها من الإمبراطورية العثمانية، وسلم المؤتمر صك الإنتداب لبريطانيا لحكم فلسطين والأردن والعراق، ولفرنسا لحكم سوريا ولبنان، واحتفظت بريطانيا بولاية الموصل بموجب بنود الاتفاقية، لكنها تعهدت على تزويد فرنسا بـ 25% من النفط المتوقع من الموصل. وصدق المؤتمر على وعد بلفور بشأن إقامة دولة يهودية في فلسطين.

كانت المعاملات التجارية في فلسطين تتم بالجنيه المصري في بداية عهد الإنتداب، ولكن سرعان ما تم إنشاء مجلس فلسطين للنقد، والذي قام بدوره بإصدار أول عملة فلسطينية عام 1927م، وهي الجنيه الفلسطيني. والذي تم اعتماده وطرحه في جميع أنحاء فلسطين حتى أوائل الخمسينيات.

تزايدت مظاهر الرفض الفلسطيني للمخطط الاستعماري، وتوالت الثورات والأعمال الجهادية ضد المهاجرين اليهود والمحتل البريطاني في فلسطين. وفي عام 1929م، تفاقمت التوترات بين المسلمين واليهود في القدس، واندلعت "ثورة البراق"، وانتشرت الاضطرابات في معظم المدن الفلسطينية، وكان أعنفها في مدينة الخليل، ووقعت مواجهات دامية بين الفلسطينيين واليهود، وبلغت حصيلة تلك الصدامات 116 شهيدًا فلسطينيًا و 133 قتيلًا يهوديًا.

وخرجت أيضا مظاهرات كبيرة مناهضة للانتداب البريطاني في القدس ويافا عام 1933م بقيادة موسى كاظم الحسيني وابنه عبد القادر الحسيني، إلا أنها قمعت من قبل الانتداب البريطاني، وسقط فيها العشرات من القتلى والجرحى.

جاء عز الدين القسام (داعية الجهاد) إلى فلسطين مهاجرًا عام 1920م. وأقام في حيفا وعمل مدرسًا في المدارس الإسلامية، ومن خلال دروسه غرس الروح الجهادية في نفوس طلابه. وفي عام 1925م، تولى القسام إمامة جامع الإستقلال وخطابته، وبدأ بنشر الدعوة إلى الجهاد من على منبره وحشد الناس للقتال ضد الإنجليز وضد الهجرة اليهودية التي تحتل البلاد. وإستطاع القسام تكوين جماعة سرية عرفت باسم "العصبة القسّامية"، اختار أعضائها بعناية وأعدهم نفسيًا وعسكريًا ليصبحوا مجاهدين أقوياء.
 

شددت السلطات البريطانية الرقابة على تحركات القسام في حيفا، فقرر بدء الجهاد العلني عام 1935م، والمغادرة هو ومجاهدوه إلى قضاء جنين، حيث يعرفه أهله منذ أن كان مأذونًا شرعيًا وخطيبًا يجوب القرى ويحرض ضد الانتداب البريطاني، ليبدأ عملياته المسلحة من هناك. إلا أن القوات البريطانية كشفت أمر القسام، فتحصن هو وبعض أتباعه بقرية نزلة الشيخ زيد، فلحقت القوات البريطانية بهم وطوقتهم وقطعت الاتصال بينهم وبين القرى المجاورة، وطالبتهم بالاستسلام، لكن الشيخ المجاهد رفض قائلًا "لن نستسلم.. هذا جهاد في سبيل الله والوطن". واشتبك مع تلك القوات، وقتل منها خمسة عشر جنديًا. ودارت معركة غير متكافئة بين الطرفين لمدة ست ساعات، ومات القسام شهيدًا هو وثلاثة من رفاقه، وجرح وأسر آخرون.

واصل فرحان السعدي تنظيم الهجمات المسلحة على القوافل البريطانية واليهودية في فلسطين بعد مقتل عز الدين القسام إلى أن اعتقلته القوات البريطانية. وانشئت اللجنة العربية بمبادرة من الحاج أمين الحسيني مفتي القدس عام 1936م، وتألفت من زعماء العشائر والطوائف الفلسطينية لتمثل الكيان السياسي الشعبي لفلسطين فيما بعد.

وكان لاستشهاد القسام بجانب السياسة البريطانية التي كانت تمهد الأرضي الفلسطينية للمستوطنين اليهود دورًا مهمًا في إنطلاق "الثورة الفلسطينية الكبرى" بين عامي (1936 - 1939) ميلاديًا، والتي وثقت أحداث أطول ثورة شعبية عربية نوعية، كسلسلة من الحلقات المترابطة من الأعمال المسلحة، والإضرابات العامة والمظاهرات الشعبية والنضال السياسي والجهود الدبلوماسية والدعائية ومقاطعة الأعداء في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

كان الخطر يلوح في أفق بريطانيا في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، حيث كان الوضع العسكري مزريًا، وكانت الحرب العالمية الثانية لا تزال في مراحلها الأولى، وكانت ألمانيا تستعيد قوتها مع صعود الحزب النازي إلى السلطة تحت قيادة هتلر، وأصبح نفوذ الإمبراطورية البريطانية الممتد حول العالم مهددًا، فقامت الحكومة البريطانية بقيادة نيفيل تشامبرلين بتصحيح أوضاعها في المنطقة العربية وغيرت سياستها الوحشية تجاه فلسطين.

وفي عام 1939م، نشرت بريطانيا وثيقة سياسية بعنوان (الكتاب الأبيض)، أعلنوا فيها أن تحويل فلسطين إلى دولة يهودية ليس جزءًا من سياستهم، وأن فلسطين ستحصل على استقلالها في غضون عشرة أعوام، وستتضمن وطنًا قومي لليهود.

وفرض الكتاب الأبيض قيودًا صارمة على الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وحدد أنه يجب قبول 75 ألف مهاجر فقط على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، غير أنه قيد كذلك نقل ملكية الأراضي إلى اليهود باستثناء مناطق محدودة.

لم تقبل اللجنة العربية العليا بالسياسة المعلنة في الكتاب الأبيض لعدم ضمان تنفيذها، ونبذت اللجنة سياسة الوطن القومي اليهودي، ودعت إلى فرض حظر كامل على الهجرة اليهودية. ورفضت الجماعات الصهيونية على الفور الكتاب الأبيض، وانتشرت الإحتجاجات اليهودية ضده في جميع أنحاء فلسطين، لتبدأ حملة من الهجمات ضد ممتلكات الحكومة البريطانية والمدنيين العرب. وأعلن زعيم الوكالة اليهودية في فلسطين، ديفيد بن غوريون، أنه يجب علينا أن نخوض هذه الحرب كما لو لم يكن هناك كتاب أبيض، وسنحارب الكتاب الأبيض كما لو لم يكن هناك حرب.

وفي عام 1940م، حدث تغيير في الحكومة البريطانية، وأصبح ونستون تشرشل، المؤيد للصهيونية، رئيسًا للحكومة البريطانية. ورغم أنه لم يتمكن من إلغاء سياسة الكتاب الأبيض، إلا أنه حاول عرقلتها والتحايل عليها.

فرض ونستون تشرشل سيطرته على الدول العربية لمنع أي تحرك عربي ضد بريطانيا، وحاول في عام 1941م استغلال فكرة إنشاء اتحاد عربي للقضاء على سياسة الكتاب الأبيض، والسماح بإقامة حكم ذاتي يهودي مستقل في فلسطين. وكانت هناك مشاريع تدعم خطته، مثل مشروع فليبي الذي يتخلص في إقامة إتحاد عربي يرأسه الملك بن سعود، ويضم: السعودية، والعراق، والأردن، وفلسطين، على أن تعتبر الأخيرة دولة يهودية داخل الاتحاد. كما كان لدى لورانس العرب مشروع اتحاد عربي برئاسة الأمير عبد الله ملك الأردن، وكان في نفس السياق فيما يتعلق بفلسطين، لكن مشروع فليبي هو الذي استهوى تشرشل لأطماعه في النفط السعودي.

عارض وزير الخارجية البريطاني أنطوني إيدن أفكار تشرشل، وأصرت وزارة الخارجية وأجهزة المخابرات على أن بريطانيا ملتزمة بالالتزام بمبادئ الكتاب الأبيض، وأن هذه السياسة لا تتعارض أو تنفي إمكانية دعم أي اتحاد عربي. وبالفعل ظهرت أول قيادة موحدة للعرب، حيث قامت كلًا من: السعودية، ومصر، والعراق، واليمن، وسوريا، ولبنان، والأردن بتأسيس "جامعة الدول العربية" في عام 1945م للضغط على بريطانيا بشأن فلسطين.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945م، لجأت الحركة الصهيونية إلى ما يسمى بـ"معاداة السامية"، والترويج لأعمال العداء والكراهية ضد اليهود والمبالغة في حجم المحرقة (الهولوكوست)، وذلك من أجل كسب تعاطف ودعم الدول الأوروبية، ولجذب انتباه يهود الشتات وحثهم على الهجرة إلى فلسطين.

قررت بريطانيا الانسحاب من فلسطين عام 1947م، وطلبت من الأمم المتحدة تقديم توصياتها. وانعقدت الجلسة الطارئة الأولى للأمم المتحدة، والتي انتهت بالموافقة على خطة تقسيم فلسطين إلى دولتين فلسطينية ويهودية، مع بقاء القدس دولية.

وخرجت بريطانيا من الأراضي الفلسطينية عام 1948م، تاركة فلسطين لمصيرها المشؤوم، حيث حلت النكبة بعدما أعلن دافيد بن غوريون عن قيام دولة إسرائيل رسميًا دون تحديد حدودها بالضبط. وأعلنت خمس دول عربية، بالإضافة إلى السكان العرب، الحرب على الدولة الجديدة وميليشياتها العسكرية مثل: الهاجاناه، والإرجون، واللواء اليهودي، وغيرهم. وكانت نتيجة الحرب هزيمة العرب، وسيطرة إسرائيل على نحو 75% من الأراضي الفلسطينية، وطرد نحو 750 ألفًا من أصل 1,400,000 فلسطيني إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة.

وفي عام 1949م، بدأت المفاوضات في جزيرة رودوس اليونانية بين إسرائيل من جهة، ومصر، والأردن وسوريا، ولبنان من جهة أخرى، بوساطة الأمم المتحدة، وتم التوقيع على أربع اتفاقيات هدنة بين إسرائيل والدول العربية الأربعة. وتم خلال المفاوضات رسم خط أخضر يحدد حدود وقف إطلاق النار ويفصل نحو 22% من مساحة فلسطين ممثلة بالضفة الغربية وقطاع غزة، ليكونوا تحت سيطرة الإدارتين الأردنية والمصرية.

وكانت هناك محاولات لتحويل إتفاقيات وقف إطلاق النار إلى معاهدات سلام، إلا إنها باءت بالفشل لأن العرب أصروا قبل بدء المفاوضات على عودة اللاجئين إلى أرضهم، وعلى تنازل إسرائيل عن بعض الأراضي، وعلى أن تصبح القدس دولية، ومن الناحية الأخرى، لم تقبل إسرائيل بهذه المطالب بحجة أنها تتعارض مع أمنها.

تزايد النشاط الفدائي الذي يقوم به الفدائيون الفلسطينيون والعرب ضد إسرائيل، وهو ما ردت عليه إسرائيل بوحشية؛ مما دفع مصر إلى منع مرور السفن الإسرائيلية عبر قناة السويس، وإغلاق المنفذ البحري الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر في خليج العقبة قرب جزيرة تيران، والتي اعتبرته إسرائيل عملًا من أعمال الحرب، وتحالفت مع بريطانيا وفرنسا لشن حربًا شاملة على مصر عام 1956م، فيما عرفت بحرب "العدوان الثلاثي"، التي شاركت فيها بريطانيا وفرنسا بسبب الخلاف مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر بعد تأميمه لقناة السويس.

وفي غضون أيام، حققت إسرائيل نصرًا سريعًا على مصر واحتلت قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء. وعندما وصلت إسرائيل إلى ضفاف قناة السويس، شنت بريطانيا وفرنسا هجومًا على مصر، وبفضل تدخل الأمم المتحدة، وبعد أيام قليلة انتهت الحرب، وأرسلت فرقة طوارئ لمراقبة وقف إطلاق النار.

ودفعت الجهود السوفيتية والأمريكية الدول الثلاث المعتدية إلى الانسحاب من المناطق المحتلة، إلا أن إسرائيل بقت في غزة ولم تخرج منها إلا في عام 1957م، بعد أن وعدتها أمريكا بحل مسألة وصولها إلى البحر الأحمر.

تأسست منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964م، وكان الغرض الرئيسي من أنشأها هو الإعداد العسكري للشعب الفلسطيني لتحرير فلسطين من خلال الكفاح المسلح، إلا أن التنظيم اختار فيما بعد خيار حل الدولتين، فتشكلت بعد ذلك جبهة الرفض التي ضمت: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، وجبهة التحرير الفلسطينية، وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، وهما الفصائل التي جمدت انخراطها في أنشطة منظمة التحرير الفلسطينية، ورفضت مشاريع التسوية وكل الحلول البديلة عن تحرير فلسطين بالكفاح المسلح.

وبعد العدوان الثلاثي اشتد الفكر القومي العربي، وتشكلت القوات العربية المتحدة، وتمركزت قوات كبيرة منها على الحدود. وواصلت مصر إغلاق المنفذ البحري أمام إسرائيل، وطالب الرئيس جمال عبد الناصر قوات الأمم المتحدة إلى مغادرة مصر وأصر على ذلك. كل هذا دفع إسرائيل إلى مهاجمة مصر والأردن وسوريا في وقت واحد في منتصف عام 1967م.

وانتهت الحرب بعد ستة أيام بانتصار إسرائيلي وسيطرتها على قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء والضفة الغربية ومرتفعات الجولان. ووقعت كل هذه المناطق تحت الاحتلال الإسرائيلي، وأصبحت مساحة إسرائيل أكبر بأربعة أضعاف من ذي قبل.

بعد انتهاء الحرب وسيطرة دولة الاحتلال الإسرائيلي على مدينة القدس، بدأت مجموعة من الحفريات حول وتحت المسجد الأقصى نهاية عام 1967م وبداية عام 1968م، حيث تم هدم حي المغاربة الملاصق لحائط البراق من الجهة الغربية للمسجد الأقصى. ومنذ ذلك الحين، بدأت قوات الاحتلال بإجراء حفريات أسفل المسجد الأقصى، للبحث عن هيكل سليمان، لاعتقادهم بوجوده هناك. واستمرت أعمل الحفر والتنقيب على مر السنين تحت المسجد الأقصى والبلدة القديمة دون الوصول لأي دليل على هيكلهم المزعوم.

وبعد عام 1967م، قامت الجماعات الثورية الوطنية الفلسطينية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية بتنفيذ هجمات فدائية ضد أهداف إسرائيلية داخل الأراضي المحتلة وخارجها. ونجحت منظمة التحرير الفلسطينية في تقديم القضية الفلسطينية إلى العالم وحصلت على دعم عالمي، ومنحتها الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية صفة الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.

وفي 6 أكتوبر 1973م، شنت مصر وسوريا هجومين مفاجئين ومتزامنين ضد القوات الإسرائيلية. أحدهما للجيش المصري على جبهة سيناء المحتلة، والآخر للجيش السوري على جبهة الجولان المحتل. ولم تتمكن إسرائيل من صد الهجوم، وفي غضون ثلاثة أسابيع سيطرت القوات العربية على مجريات الحرب وحققت نصرًا مُرضيًا. وتمكن مجلس الأمن من فرض وقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة.

وفي قمة الرباط عام 1974م، تم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. وفي الأمم المتحدة، تم تسليط الضوء على ضرورة إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، ومنحت منظمة التحرير مقعد مراقب في الأمم المتحدة.

هبة الجماهير الفلسطينية في أراضي الـ48 عام 1976م، معلنة عن صرخة احتجاجية في وجه سياسات المصادرة والاقتلاع والتهويد التي انتهجتها إسرائيل، وتمخضت عن هذه الهبة ذكرى تاريخية سميت بـ"يوم الأرض".

ويشار إلى أن الشرارة التي أشعلت الجماهير ليوم الأرض، كانت بإقدام السلطات الإسرائيلية على الاستيلاء على نحو 21 ألف دونم من أراضي عدد من القرى الفلسطينية في الجليل ومنها عرابة، وسخنين، ودير حنا، وعرب السواعد وغيرها في عام 1976؛ وذلك لتخصيصها لإقامة المزيد من المستوطنات في نطاق خطة تهويد الجليل وتفريغه من سكانه العرب، وهو ما أدى إلى إعلان الفلسطينيين في الداخل عن الإضراب العام.

زار الرئيس المصري أنور السادات القدس عام 1977م، وألقي خطابًا أمام الكنيست الإسرائيلي دعا فيه إلى بدء محادثات السلام. وبعد مفاوضات طويلة وصعبة في كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل وتحت رعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، تم التوصل إلى السلام وتم توقيع معاهدة بين مصر وإسرائيل عام 1979م. وبموجب هذا الاتفاق انسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء، وأصبحت المنطقة منزوعة السلاح، واعترفت مصر بإسرائيل بشكل كامل وفتحت سفارات لهما في كلا البلدين.

شنت إسرائيل هجومًا كبيرًا على لبنان عام 1982م بهدف مهاجمة قواعد منظمة التحرير والمقاومة الفلسطينية. وبعد قتال عنيف وحصار طويل لبيروت، وتحت ضغوط دولية لإنهاء الحرب، قررت منظمة التحرير مغادرة لبنان والتوجه إلى دول عربية أخرى غير دول المواجهة.

وتأسست اللجنة العسكرية الاخوانية عام 1984م على يد الشيخ صلاح شحادة، والتي أصبحت فيما بعد الجناح العسكري لحركة حماس، ثم أعيد تسميتها إلى كتائب عز الدين القسام عام 1992م.

وقاد الفلسطينيون انتفاضة واسعة النطاق ما بين عامي (1987 - 1993) ميلاديًا، عرفت باسم "الانتفاضة الأولى" أو "انتفاضة أطفال الحجارة". وجاءت الشرارة الأولى للانتفاضة عندما صدم سائق شاحنة إسرائيلي مجموعة من العمال الفلسطينيين على الطريق قرب حاجز بيت حانون شمال قطاع غزة، حيث بدأت الانتفاضة ثم امتدت إلى كافة البلدات والقرى والمخيمات في فلسطين. وأثارت هذه الانتفاضة الرأي العام الدولي، وأدت إلى ممارسة ضغوط دولية على إسرائيل.

وإبان الانتفاضة اجتمع سبعة من كبار قيادات النشاط الدعوي الإسلامي على الساحة الفلسطينية، وأعلن الشيخ أحمد ياسين تأسيس حركة حماس، والتي شكلت بداية الشرارة الأولى للعمل الإسلامي الجماهيري ضد الاحتلال.

وفي عام 1988م، عقد اجتماع استثنائي للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر العاصمة، أعلن فيه الرئيس ياسر عرفات عن ما عرف بـ"وثيقة الإستقلال"، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وتم تقديم العلم الفلسطيني إلى العالم، وحصلت فلسطين على الاعتراف الدولي من قبل عدد من الدول التى لم تعترف بإسرائيل.

تم التوقيع على اتفاقية أوسلو للسلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993م في حفل رسمي أقيم في حديقة البيت الأبيض في واشنطن العاصمة بحضور رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين والرئيس الأمريكي بيل كلنتون. وتحمل الاتفاقية اسم العاصمة النرويجية، حيث جرت محادثات سرية بين الجانبين لمدة عامين قبل توقيعها.

وبدأت محادثات السلام بين الأردن وإسرائيل في عام 1994م، بعد أن أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ووزير الخارجية شمعون بيريز العاهل الأردني الملك حسين بن طلال أنه بعد اتفاقيات أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية، قد يتم استبعاد الأردن من اللعبة الكبيرة. ونجح الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في الضغط على الأردن للدخول في مفاوضات سلام مع إسرائيل، ووعد بإلغاء ديون الأردن. ونجحت الجهود، ووقع رابين وحسين وكلينتون على إعلان واشنطن الذي أعلن أن إسرائيل والأردن قد أنهيا حالة العداء الرسمية وسيبدآن المفاوضات لإنهاء إراقة الدماء وتحقيق سلام عادل ودائم.

والتقى ياسر عرفات وإسحاق رابين في القاهرة عام 1994م، ووقعا اتفاقية (غزة - أريحا اولاً)، التي نصت على تشكيل حكومة فلسطينية مستقلة في غزة وأريحا. وبموجب هذا الاتفاق انسحبت قوات الاحتلال من المدينتين، لكنها أبقت على قواتها في المنشآت والمستوطنات المركزية داخل قطاع غزة، حيث يتواجد أكثر من 6000 مستوطن. وعاد ياسر عرفات إلى فلسطين بعد قرابة ثلاثين عامًا في المنفى وتولى رئاسة السلطة الفلسطينية الجديدة.

جريت انتخابات رئاسية للسلطة الفلسطينية الناشئة في الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1994م، وكانت بين ياسر عرفات من حركة فتح والمستقلة سميحة خليل. ونجح ياسر عرفات وانتخب 82 عضواً للمجلس التشريعي الفلسطيني.

وفي عام 1995م، التقى وفدان فلسطيني وإسرائيلي في مدينة طابا المصرية للتفاوض، وتم التوصل بعد المحادثات إلى اتفاقية "أوسلو 2" التي مهدت الطريق للمرحلة الثانية من الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية، حيث يقضى الإتفاق على انسحاب إسرائيل من 6 مدن فلسطينية كبرى و400 قرية بحلول أوائل عام 1996م، وتم اتخاذ ترتيبًا خاصًا في مدينة الخليل لبقاء القوات الإسرائيلية في بعض أجزاء المدينة لحماية 450 مستوطنًا يهوديًا.

اغتيل إسحاق رابين عام 1995م، بينما كان يغادر إحتفالات تروج للسلام في تل أبيب (يافا)، حيث أصيب بثلاثة طلقات من مسافة قريبة. وتولى وزير الخارجية إسحاق رابيز السلطة حتى تم الإعلان عن إنتخابات مبكرة في منتصف عام 1996م، والتي أسفرت عن فوز حزب الليكود اليميني بزعامة بنيامين نتنياهو الذي سعى إلى عرقلة عملية السلام وتقويض اتفاقيات أوسلو.

ولإنقاذ عملية أوسلو، دعا الرئيس الأمريكي بيل كلينتون العاهل الأردني الملك حسين بن طلال، وياسر عرفات وبنيامين نتنياهو، إلى قمة طارئة؛ نتج عنها إبرام "بروتوكول الخليل" عام 1997م، والذي بموجبه تم تقسيم مدينة الخليل إلى جزء فلسطيني بنسبة 80% من المدينة وجزء إسرائيلي بنسبة 20%، ووضعت المدينة بأكملها تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية.

ورغم انتقاداته اللاذعة لاتفاقيات أوسلو للسلام، وقع نتنياهو على اتفاقًا يقضى بتسليم 80% من مدينة الخليل للسلطة الفلسطينية ووافق على مزيد من الانسحاب في الضفة الغربية المحتلة؛ مما أثار غضب اليمين. وفي عام 1999م، دعا نتنياهو إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وخسر منصبه أمام زعيم حزب العمل إيهود باراك.

عارضت حركة حماس طريق السلام، وكانت هناك خلافات جوهرية بين حركتي حماس وفتح، حيث كانت حماس ضد مسار السلام منذ بدايته، وسلكت طريق المقاومة. وفي التسعينيات، وخاصة بعد مذبحة المسجد الإبراهيمي عام 1994م، قاموا بالعديد من الأعمال الفدائية البطولية انتقامًا منهم.

اندلعت شرارة الانتفاضة "الفلسطينية الثانية" أو "انتفاضة الأقصى" عام 2000م، عقب اقتحام زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك أرييل شارون باحات المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال، وبموافقة رئيس الوزراء إيهود باراك، واندلعت شرارة الاشتباكات بين المصلين وقوات الاحتلال، واصبحت مدينة القدس مسرحًا للمواجهات التي سرعان ما انتشرت إلى كافة مدن الضفة الغربية وقطاع غزة.

وبعد يومين من اقتحام المسجد الأقصى، انتشر مقطع فيديو يظهر مشاهد إعدام الطفل الفلسطيني محمد الدرة أثناء احتمائه بوالده بجانب برميل خرساني في شارع صلاح الدين جنوب مدينة غزة. وأصبح الدرة رمز لانتفاضة الفلسطينين وأثار غضبهم ودفعهم للخروج في مظاهرات عارمة ومواجهة الجيش الإسرائيلي؛ مما أدى إلى سقوط العديد من الشهداء والجرحى.

وفي عام 2002م، إبان أحداث انتفاضة الأقصى، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي اجتياحًا واسعًا لمدن وقرى ومخيمات الضفة الغريبة، في عملية عرفت باسم "السور الواقي". وبحسب الإحصائيات، أسفرت هذه العملية عن استشهاد 497 فلسطينيًا وأصيب 1447 آخرين، كما قتل 29 عسكري إسرائيلي من بينهم قائد وحدة المظلات الإسرائيلية.

وبعد عملية السور الواقي، بدأ الاحتلال الإسرائيلي بإحكام سيطرته وتضيق الخناق على الشعب الفلسطيني وتعزيز نفوذه من خلال بناء جدار الفصل العنصري الممتد على طول الخط الأخضر مع الضفة الغربية على ارتفاع يتراوح بين 4.5 و 9 أمتار من الأرض بحجة منع تسلل منفذي العمليات الفدائية.

وكان العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن العزيز قد طرح مبادرة السلام العربية خلال القمة الرابعة عشر لجامعة الدول العربية في العاصمة اللبنانية بيروت عام 2002م. وكان الهدف الأساسي لهذه المبادرة هو إقامة دولة فلسطينية معترف بها دوليا على حدود عام 1967م، بالإضافة إلى عودة اللاجئين إلى بلادهم، وانسحاب قوات الاحتلال من هضبة الجولان السورية المحتلة مقابل الاعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل. وقد حظيت هذه المبادرة على تأييد مجلس جامعة الدول العربية.

انتهت انتفاضة الأقصى عام 2005م، بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قمة "شرم الشيخ"، واتسمت الانتفاضة الثانية، مقارنة بالأولى التي اندلعت عام 1987م، بكثرة المواجهات واحتدام الصراعات، فضلاً عن تصاعد وتيرة العمليات العسكرية بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي.

وبحسب أرقام رسمية فلسطينية وإسرائيلية، استشهد 4412 فلسطينيًا، وأصيب 48322 آخرون، كما قُتل 1100 إسرائيليًا، بينهم 300 جندي، وأصيب نحو 4500 آخرين خلال أحداث الانتفاضة الثانية.

ترك شارون حزب الليكود وقرر بالتعاون مع بعض حلفاءه السياسيين تشكيل حزب جديد تحت اسم "كاديما". وإستطاع أن يقود حزبه للفوز في الانتخابات العامة عام 2005م، وأصبح رئيسًا للوزراء.

انسحبت إسرائيل بشكل كامل من قطاع غزة عام 2005م، بعد موافقة حكومة الاحتلال على خطة "فك الارتباط" التي اقترحها رئيس الوزراء أرييل شارون. ولاحقا، بدأ الجيش الإسرائيلي بإخلاء وتجريف 21 مستوطنة كانت تغطي 35% من مساحة قطاع غزة، وبعد انسحاب آخر جندي إسرائيلي من حدود القطاع، بدأت احتفالات الفلسطينيين ابتهاجًا بهذا الإنجاز التاريخي.

أصبح محمود عباس رئيساً للسلطة الفلسطينية عام 2005م، بعد وفاة ياسر عرفات، الذى شغل هذا المنصب حتى تدهورت حالته الصحية في أحد المستشفيات الفرنسية، التي أصدرت تقريرًا ضعيفًا عن أسباب وفاته؛ ما أدى إلى تبادل التأويل والاتهامات.

أجريت الانتخابات التشريعة الثانية في الضفة الغربية وقطاع غزة عام 2006م، وأسفرت عن حصول حركة حماس على الأغلبية النيابية في المجلس التشريعي الفلسطيني، وهو ما اعتبر تغييرًا كبيرًا في الخريطة السياسية الفلسطينية. ثم فشلت محاولات تشكيل حكومة وحدة وطنية، وشكلت حركة حماس الحكومة الفلسطينية العاشرة، ومنح المجلس التشريعي ثقته للحكومة الجديدة برئاسة إسماعيل هنيه.

تعرض الفلسطينيون بعد الانتخابات لضغوط دولية تمثلت بتغيير سياسة الدول المانحة في تحويل الأموال إلى السلطة الوطنية الفلسطينية أو إيقافها بشكل كامل؛مما أدى إلى ضائقة مالية خانقة لمؤسسات السلطة، كما حدثت عدة خلافات داخلية، تصاعدت في بعض الأحيان إلى مواجهات مسلحة بين الفصائل الفلسطينية.

وفي عام 2007م، وبعد يومين من المداولات في "مكة"، تم التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار بين حركتي حماس وفتح، اتفقتا فيه على إنهاء الأقتتال الداخلي وتشكيل حكومة وحدة وطنية، إلا أن الاشتباكات اندلعت بينهما مرة أخرى بعد فترة قصيرة؛ ما أدى إلى فرض حماس سلطتها على قطاع غزة.

يعتبر عام 2007 عامًا للفرقة والانقسام والتراجع في فلسطين، لاسيما بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وانكفاء السلطة الفلسطينية بقيادة حركة فتح إلى الضفة الغربية.

وفي أواخر عام 2008م، شنت إسرائيل حربًا على غزة أطلقت عليها أسم "الرصاص المصبوب"، في حين أطلقت عليها حركة المقاومة الفلسطينية اسم "معركة الفرقان". وأدى هذا العدوان الإسرائيلي إلى سقوط ما يقرب من 1500 شهيدًا وآلاف الجرحى ودمارًا هائلًا للبنية التحتية في غزة. واستخدمت إسرائيل عددًا من الأسلحة المحرمة دوليًا، من بينها اليورانيوم المنضب، حيث ظهرت على أجساد بعض الضحايا آثار التعرض لمادة اليورانيوم المخفف بنسب معينة، وكذلك الفسفور الأبيض. وقد اتهمت منظمة حقوق الإنسان إسرائيل باستخدام الأسلحة الفسفورية.

عاد نتنياهو لزعامة الليكود وانتخب رئيسًا للوزراء للمرة الثانية في عام 2009م. ثم وافق بعد ذلك على وقف غير مسبوق لبناء المستوطنات في الضفة الغربية لمدة 10 أشهر؛ مما سمح بإجراء محادثات سلام مع الفلسطينيين، قبل أن تنهار المفاوضات في أواخر عام 2010.

وقد انطلقت المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في واشنطن عام 2010م تحت رعاية الولايات المتحدة. وصرح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن حكومته وإسرائيل اتفقتا خلال المفاوضات على مبدأ تبادل الأراضي، حيث تتبادل إسرائيل أجزاء صغيرة من أراضيها مقابل كتل استيطانية حدودية، لكن المفاوضات تعثرت بعد استئناف إسرائيل بناء المستوطنات.

وفي عام 2011م، حصلت فلسطين على العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وقدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على منح فلسطين صفة مراقب؛ مما جعل فلسطين العضو رقم 194 في هيئة الأمم المتحدة.

ووقعت حركتا فتح وحماس على إعلان الدوحة للمصالحة الفلسطينية عام 2012م، وأعلن في الاتفاق عن التوافق على عدة نقاط، من بينها  ترؤس عباس للحكومة الانتقالية، والإعداد للانتخابات التي كنت مؤجلة من قبل.

وفي عام 2012م، شنت إسرائيل عدوانًا على غزة تحت اسم "عمود السحاب" أو كما تسميها حماس "حرب حجارة السجيل"، واستمرت الحرب ثمانية أيام وسقط فيها 177 شهيدًا و1200 جريحًا. وبدأت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل أحمد الجعبري قائد كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس.

وتفجر نزاع عسكري آخر بين إسرائيل وحركات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عام 2014م، بعد موجة من أعمال العنف اندلعت باختطاف وتعذيب وحرق الطفل محمد أبو خضير من شعفاط على يد مجموعة من المستوطنين. وهذه الحرب، التي أطلق عليها الجيش الإسرائيلي اسم "الجرف الصامد"، وهي الثالثة التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة، وردت الحركات الجهادية في غزة بمعركتي "العصف المأكول"، و"البنيان المرصوص".

واستمرت المواجهات 51 يومًا، تعرض خلالها قطاع غزة لعدوان عسكري إسرائيلي جوي وبري، وارتكبت إسرائيل مجازر بحق 144 عائلة، فيما نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 60 ألف غارة جوية على القطاع، أدت إلى استشهاد أكثر من 2322 فلسطينيًا، بينما قتل 68 جنديًا إسرائيليًا. وشمل التصعيد قصفًا متبادلًا بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية. وشهدت الحرب العديد من عمليات المقاومة العسكرية الفريدة، مثل عملية ناحل عوز وعملية العاشر من رمضان.

وفي العام نفس، وبعد سبع سنوات من الصراع والانقسام بين حركتي فتح وحماس؛ أدت حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني برئاسة رامي الحمد الله اليمين الدستوري أمام الرئيس محمود عباس في مقر الرئاسة الفلسطينية في مدينة رام الله بالضفة الغربية.

وبدأت أحداث ما يسمى بالانتفاضة الفلسطينية الثالثة أو "انتفاضة السكاكين" عام 2015م في الضفة الغريبة. واتخذت المواجهات طابعًا فرديًا وغير منظم، حيث استخدم الفلسطينيون الأسلحة المتاحة لهم، مستهدفين أفراد الجيش الاسرائيلي عند الحواجز التي تفصل بين مدن الضفة الغربية وقراها، وفي أحيان أخرى استهدفوا المستوطنين.

عجز الأمن الإسرائيلي على مواجهة هذا النوع الجديد من العمليات، التي اتسمت بالمباغتة، واستخدام الأسلحة الحادة كسلاح فعال لتنفيذ العشرات من عمليات الطعن والدهس. وأسفرت هذه العمليات عن مقتل العشرات من الإسرائيليين في أماكن متفرقة بالضفة والقدس، فيما اتهم الجانب الفلسطيني الإسرائيليين بالشروع في تنفيذ إعدامات ميدانية بحق العشرات من الشبان الفلسطينيين تحت ذريعة محاولتهم تنفيذ عمليات طعن هنا وهناك.

وفي عام 2017م، اعترفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسميًا بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأضاف ترامب أن وزارة الخارجية الأمريكية ستبدأ في بناء سفارة أمريكية جديدة في القدس. وأثار البيان موجة من الاحتجاجات والغضب في فلسطين ومختلف أنحاء العالم، فضلاً عن الإدانات الدولية، فيما أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقرار ورحب بالإعلان، في حين رفض معظم زعماء العالم قرار ترامب.

ودعا مجلس الأمن إلى اجتماع طارئ أدان فيه 14 من أعضائه الـ15 قرار ترامب، لكن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض (الفيتو) لإحباط أي محاولة لإصدار قرار إدانه. وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة، صوتت 128 دولة لصالح قرار يدعو الولايات المتحدة إلى سحب اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، فيما اعترضت 9 دول، وامتنعت 35 دولة عن التصويت لصالح القرار.

واندلعت أزمة المسجد الأقصى عام 2017م بعد قيام ثلاثة شبان من مدينة أم الفحم بتنفيذ عملية إطلاق نار داخل المسجد الأقصى، أسفرت عن مقتلهم ومقتل شرطيين إسرائيليين، وإصابة آخرين. وعلى إثر ذلك، قامت السلطات الإسرائيلية بتركيب بوبات إلكترونية على مداخل المسجد، ما أدى إلى احتجاجات يومية لآلاف الفلسطينيين لمدة أسبوعين، حتى رضخت إسرائيل وأزالت الحواجز والبوابات الإلكترونية، لتعم الاحتفالات بين الفلسطينيين.

انطلقت مسيرات العودة الكبرى عام 2018م، في الذكرى السنوية الثانية والأربعين ليوم الأرض الفلسطيني، وتضمنت مسيرات دعم في العديد من المدن الفلسطينية وأماكن أخرى. واستشهد 16 فلسطينيًا على يد جيش الإحتلال الإسرائيلي بعدما فتح النار على مظاهرة جرت على حدود قطاع غزة. وشملت المظاهرات حرق الإطارات المطاطية (الكاوتشوك)، وإلقاء الحجارة، واستخدام الطائرات الورقية المشتعلة لحرق الأراضي الزراعية في المستوطنات.
 

وفي عام 2020م، أعلن ترامب عن خطة السلام بين فلسطين وإسرائيل المعروفة باسم "صفقة القرن" بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسفراء أربع دول عربية في واشنطن العاصمة. وأعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن رفضه التام للخطة، وأشار إلى أن الجانب الفلسطيني مستعد لرفع القضية إلى محكمة العدل الدولية، وشدد على التمسك بالثوابت الوطنية التي أصدرها المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988م.

وباسم السلام، وقعت إسرائيل والإمارات والبحرين اتفاقية التطبيع الشهير لعام 2020م المعروفة باسم "الاتفاق الإبراهيمي"، خلال حدث رسمي في البيت الأبيض ترأسه ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، ووزير خارجية البحرين عبد اللطيف الزياني، وكانت هناك ردود فعل غاضبة من الجانبين الفلسطيني والعربي، حيث رفضت السلطة الفلسطينية واستنكرت هذه الاتفاقيات وقررت سحب سفرائها من الدول المطبعة وإدانة الموقف، وتعرضت الامارات والبحرين لهجوم لازع من الشعوب العربية.

يصف الفلسطينيون عام 2020 بأنه عام الخذلان، حيث أعلنت أربعة دول عربية إقامة علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال مقابل صفقات أقرب إلى التجارة منها إلى السياسة، في مشهد درامي يذكرنا بسقوط أحجار الدومينو الواحدة تلو الأخرى. وكانت الإمارات السباقة والمندفعة، ثم لحقتها البحرين، وبعد قليل من الضغط والإغراء وافقت السودان، ثم تبعتها المغرب.

وفي منتصف عام 2021م، اندلعت مواجهات عنيفة بعد اقتحام الآلاف من عناصر الشرطة الإسرائيلية باحات المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين، ما أدى إلى إصابة أكثر من 331 مدنيًا فلسطينيًا في المسجد الأقصى ومحيط البلدة القديمة والشيخ جراح.

وأعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام توجيهها ضربات صاروخية تجاه مواقع الإحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس ردًا على الاعتداء على المسجد الأقصى. كما أعلنت سرايا القدس مسؤوليتها عن استهداف دورية عسكرية إسرائيلية. وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، أعلن مجلس الوزراء الإسرائيلي موافقته على تنفيذ غارة على قطاع غزة. واستمر الهجوم لأكثر من عشرة أيام وأدى إلى استشهاد 200 فلسطيني ومقتل 13 إسرائيلي.

وفي عام 2022م، شنت القوات الإسرائيلية هجومًا صاروخيًا أسفر عن مقتل قائد عسكري في حركة الجهاد. وردت الفصائل الفلسطينية بهجمات صاروخية على أهداف إسرائيلية. واستمرت هذه الجولة ثلاثة أيام، وأسفرت عن استشهاد 24 فلسطينيًا.

شكل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي مسرحًا للعديد من الأحداث خلال عام 2023م، وكان من أبرز الأحداث مواجهات المسجد الأقصى أو مواجهات القدس، التي بدأت بتوترات بين المصلين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية نتيجة محاولة عدد من المستوطنين الإسرائيليين الذين خططوا لإحياء التقليد التوراتي المتمثل في التضحية بالماعز داخل باحات المسجد الأقصى في عيد الفصح المميز لدى اليهود، والذي تزامن مع شهر رمضان المميز لدى المسلمين، وأسبوع الآلام المميز هو الآخر لدى المسيحيين.

واندلعت الاشتباكات في الساعات الأولى من يوم 5 أبريل، بعد أن تحصن مئات المصلين في باحات المسجد الأقصى بعد صلاة العشاء. واتخذ المصلون هذا الإجراء خوفًا من أن يحاول متطرفون يهود دخول المسجد الأقصى لتقديم قرابين عيد الفصح. واقتحمت شرطة الإحتلال المجهزة بمعدات مكافحة الشغب المسجد، وألقت قنابل الصوت وأطلقت الرصاص المطاطي؛ مما أدى إلى إصابة ما لا يقل عن 50 شخصًا واعتقال 400 آخرين.

وفي وقت مبكر من صباح يوم 3 يوليو، شنت إسرائيل غارة جوية خاطفة على مخيم جنين للاجئين، لتبدأ معركة "بأس جنين" كما أسمتها المقاومة الفلسطينية، أو عملية " البيت والحديقة" كما أسمتها إسرائيل. وتوغل جيش الاحتلال الإسرائيلي بقوات كبيرة وبمشاركة عشرات الكتائب والقوات الخاصة إلى داخل مدينة جنين ومخيمها في عملية تعتبر هي الأكبر منذ عملية السور الواقي عام 2002م.

وواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي مقاومة شرسة في جنين من مختلف فصائل المقاومة التي حاولت عرقلة تقدمه بالمتفجرات. كما خاض مقاتلو الفصائل اشتباكات مسلحة من مسافات قريبة جدًا، وتبادل الجانبان إطلاق النار بكثافة في بعض أوقات الاجتياح، وأدى الهجوم الإسرائيلي الكبير إلى استشهاد 12 فلسطينيًا، جميعهم من الشباب فضلًا عن إصابة المئات معظمهم من المدنيين. كما اعتقلت إسرائيل ما مجموعه 300 فلسطيني، وقالت إنها عثرت على عبوات ناسفة، وقنابل، ومتفجرات، فيما قتلت فصائل المقاومة جنديًا إسرائيليًا، وأصابت آخرين في اشتباك مسلح. كما فجروا عددًا من الآليات، والجرافات، وناقلات الجند المدرعة، وأسقطوا خمس طائرات مسيرة.

وأحدث الاجتياح الإسرائيلي دمارًا هائلًا في البنية التحتية للمدينة، التي عانت لسنوات في ظل القيود الإسرائيلية المفروضة عليها؛ إذ تضررت شبكات المياه والكهرباء، كما دمر نحو 800 منزل وثلاثة مستشفيات بشكل كلي أو جزئي. ومن الناحية الإنسانية، أجبرت إسرائيل مئات الأسر على إخلاء منازلهم، ونزح آلاف آخرين من الفلسطينيين الذين كانوا يتلقون الرعاية من الهلال الأحمر الفلسطيني إلى مناطق أخرى أكثر أمانًا داخل المدينة.

وفي الساعات الأولى من يوم السبت 7 أكتوبر 2023م، أعلنت كتائب القسام بدء معركة "طوفان الأقصى" عبر هجوم صاروخي واسع النطاق شنته فصائل المقاومة؛ إذ وجهت آلاف الصواريخ صوب مختلف البلدات والمدن الإسرائيلية من ديمونا جنوبًا إلى هود هشارون شمالًا والقدس شرقًا. وتزامن إطلاق هذه الصواريخ مع توغل بري للمقاومين بإستخدام سيارات الدفع الرباعي، والدراجات النارية، والطائرات الشراعية، وغيرها، داخل المستوطنات والبلدات المحاذية للقطاع. وسيطروا على عدد من المواقع العسكرية، خاصة في سديروت، ووصلوا أوفاكيم، واقتحموا نتيفوت، واشتبكوا بحرب شوارع مع القوات الإسرائيلية، وقتلوا منهم المئات وجرحوا الآلاف، كما أسروا عددًا من الجنود والمستوطنين واقتادوهم إلى غزة، فضلًا عن اغتنام مجموعة من الآليات العسكرية الإسرائيلية.

وتأتي هذه العملية الاستثنائية التي كشف عنها القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف في خطابًا مسجل، ردًّ على الانتهاكات الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى المبارك، واعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على المواطنين الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية والداخل المحتل.

من جانبه، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، شن عدوانًا انتقاميًا غاشمًا على قطاع غزة، أطلق عليه عملية "السيوف الحديدية"، كثف فيه العدو هجماته الجوية والبرية والبحرية، وارتكب خلاله مئات المجازر المروعة، ومنع وصول الغذاء والدواء والوقود، وقطع المياه والكهرباء والاتصالات. هذا ويتواصل العدوان الإسرائيلي وتستمر المأساة التي يعيشها أهل غزة، حيث يصبحون ويمسون على دوي أصوات الصواريخ التي يطلقها الكيان الصهيوني نحو المدنيين الأبرياء من الشعب الفلسطيني الأبي في صورة أشبه بالإبادة الجماعية. وأدى هذا العدوان إلى سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى غالبيتهم من الأطفال والنساء.

وبينما تواصل إسرائيل قصفها المكثف على قطاع غزة، يقوم الجيش الإسرائيلي بتنفيذ عمليات توغل يومية واسعة النطاق في مدن الضفة الغربية، حيث رفعت إسرائيل حالة التأهب وأغلقتها بشكل كامل منذ هجوم حماس. واستشهد عشرات الفلسطينيين في الضفة اثر استهدف قوات الاحتلال لهم، وأصيب الآلاف، واعتقل آلاف آخرون، وعانى الكثير منهم من التعذيب على أيدي الأجهزة الحكومية القمعية.

إن عملية "طوفان الأقصى" تعد نقلة مذهلة في شكلها ونتائجها وآثارها ليس على الأراضي الفلسطينية فحسب، بل على المنطقة برمتها. ولا أبالغ إن قلت إن هذه العملية سيكون لها دورًا كبيرًا في تغيير موازين القوى والردع في المنطقة إلى الأبد. فما كان بعد السابع من أكتوبر لن يكون كما كان قبله، وستتمخض عن نتائج المعركة حسابات سياسية جديدة في المنطقة بعد هذه المعركة، فأن نتائجها قد حسمت بالفعل، مهما كانت مجرياتها على الأرض. 
 

ولعل المتأمل هنا في تاريخ تلك العصور السحيقة في فلسطين يجد أنه لم تكن لليهود دولة حقيقية على أرضها، ولم تكن لهم سيادة مطلقة عليها، إلا في تلك الفترة القصيرة التي حكم فيها نبي الله "داود" ومن بعده "سليمان" عليهما السلام، ولم يكن الوجود اليهودي على تلك الأرض إلا وجودًا عابرًا. فما كان عهدهم بالأرض المقدسة سوى هجرات مؤقتة، انتهت بإجلائهم وطردهم أو قتلهم وتشريدهم مما كسبته أيديهم من مكر وفتن وظلم وفجور وحقد وخيانة.

وإن الناظر والمتأمل ليدرك تمام الإدرك أن هذه الدولة الصهيونية التي قامت منذ يومها الأول على البطش والظلم واغتصاب الحقوق، هي دولة زائلة في النهاية لا محالة، وهذا ما بشرنا به القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة.

فقد حدثتنا سورة الإسراء أن الله سبحانه وتعالى قضى على بني إسرائيل أن سيفسدوا في الأرض مرتين، وأن يسلط عليهم عقب كل إفساد من يسومهم سوء العذاب؛  فقال تعالى: {وَقَضَيْنَا إلَى بَنِي إسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا 4 فَإذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا 5 ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا 6 إنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْـمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا 7 عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإنْ عُدتُّمْ عُدْنَا} [الإسراء: ٤ - ٨].

وقد ذهب أكثر المفسرين: إلى أن الإفساد الأول قد مضى، وأن الإفساد الثاني هو ما نحن بصدده الآن مع الاحتلال الصهيوني لأراضي فلسطين وما اقترن به من إفساد وتجبر وإهلاك للحرث والنسل، وأن المسلمين هم الذين سيسوؤون وجوه اليهود، وسيدخلون المسجد الأقصى كما دخلوه أول مرة، وسيتبروا ما علا اليهود تتبيرًا، ليتحقق وعد الله بالقضاء عليهم وهلاك دولتهم وإندثارها.

وكما ورد عن رسول الله ﷺ في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود".

وبات واضحًا في الأفق اليوم أنه لم يبق لليهود من عهدهم الذي وعدهم الله إياه إلا القليل القليل، فقد ظهرت قوتهم وظهر تجمعهم وإفسادهم بشكل قاطع يراه القاصي والداني والعدو والصديق، ولا مرية ولا مفر من نهايتهم، لأن وعد الله لا يتخلف، ومن أصدق من الله قيلًا، لكن الأهم هو ماذا أعددنا لذلك؟ وهل قمنا بواجبنا في نصرة إخواننا المستضعفين في فلسطين ودفع عدوان أعداء اليهود عنهم؟ فإن هذا مسؤولية المسلمين جميعًا، وتستحق منا التضحية بدمائنا وأرواحنا مقابل التحرير والنصر. فما أعظم نيل شرف الشهادة في سبيل تحرير المقدسات، ومحاربة قوى الشر والفساد.

وخلاصة القول: إن القضية الفلسطينية كانت ولا تزال وستبقى حية راسخة في أذهان وقلوب كل العرب والمسلمين، ومهما طال ليل الهزيمة، فإن فجر النصر آت بإذن الله ووعده، وستتحرر فلسطين لا محالة، وسنشهد خروج المحتل مهزومًا، فإنه إلى زوال حتمًا طال الزمان أو قصر.
 

"مازال يحفر في حنايانا الوعد القديم قسمًا يا قدس إنا عائدون".

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

4

متابعين

55

متابعهم

1

مقالات مشابة