
العلاج في عصر الفراعنة: سر الطب القديم الذي أدهش العالم
العلاج في عصر الفراعنة: سر الطب القديم الذي أدهش العالم
عُرف المصريون القدماء بقدرتهم المذهلة على الجمع بين الطب والعلم والروحانية، حيث ابتكروا طرقًا للعلاج سبقت عصرهم بآلاف السنين، وما زالت تثير إعجاب العلماء حتى اليوم. في هذا المقال نستعرض أسرار العلاج في عصر الفراعنة وكيف ساهموا في وضع أسس الطب الحديث.
الطب في مصر القديمة: مزيج من العلم والإيمان
كان الطب في عصر الفراعنة جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، إذ اعتبر المصريون أن الصحة نعمة من الآلهة، وأن المرض قد يكون اختبارًا أو نتيجة لاختلال التوازن بين الجسد والروح. ولذلك كان الطبيب في مصر القديمة يجمع بين دور المعالج الجسدي والمرشد الروحي.
الأطباء وكهنة الشفاء
لم يكن الطبيب في ذلك الزمن مجرد شخص يصف دواءً، بل كان يحمل مكانة كبيرة في المجتمع، وغالبًا ما كان من كهنة المعابد. كانت المعابد، مثل معبد إمحوتب، مراكز للعلم والشفاء، حيث يدرس الطلاب التشريح والعلاج، ويجرون العمليات الجراحية البسيطة.
الأعشاب والوصفات الطبية
برع المصريون في استخدام النباتات الطبية، مثل:
الحلبة لعلاج اضطرابات المعدة.
الثوم لتقوية المناعة ومكافحة العدوى.
العسل كمضاد للبكتيريا ووسيلة لتعقيم الجروح.
وكانت الوصفات تُكتب على ورق البردي، مثل بردية إيبرس الشهيرة، التي تضمنت مئات الوصفات الطبية.
الجراحة وأدوات الطب
مارس الأطباء المصريون عمليات جراحية بسيطة مثل معالجة الكسور وخلع الأسنان. وقد وُجدت أدوات جراحية من النحاس والبرونز في المقابر، ما يدل على التقدم الكبير في هذا المجال. كما اهتموا بتنظيف الجروح وربطها بضمادات مصنوعة من الكتان المعقم.
الطب الوقائي
آمن المصريون بفكرة الوقاية قبل العلاج، فحرصوا على النظافة الشخصية، وشرب المياه النقية، وتناول الغذاء الصحي. كما استخدموا البخور والزيوت العطرية لتعقيم المنازل وطرد الحشرات.
العلاج الروحاني
إلى جانب الطب المادي، لجأ الفراعنة إلى التعاويذ والرموز الدينية لطلب الحماية من الأرواح الشريرة، وكانوا يعتقدون أن توازن الروح يسرع من شفاء الجسد.
الخاتمة:
أثبت الطب في عصر الفراعنة أن الحضارة المصرية لم تكن عظيمة فقط في العمارة والفنون، بل أيضًا في العلوم الطبية. فقد وضع المصريون القدماء أسسًا لا تزال تُلهم الأطباء والعلماء حتى يومنا هذا
أبرز ما توصّل إليه الطب في مصر الفرعونية
1. الوثائق الطبية - البرديات العظيمة
تُعد بردية إدين سميث (Edwin Smith Papyrus) من أقدم ما وصلنا، وهي تعالج الإصابات والجروح بتفصيل علمي دقيق، وتُظهر فهمًا للتشريح والعلاج الطبيعي
أما بردية إيبرس (Ebers Papyrus) فتضم نحو 877 وصفة طبية لعلاجات تتراوح بين الأورام والقلب والجلد والعين والتناسل، وهي تشمل وصفات جراحية ودوائية وروحانية.
كما أن بردية كاهون النسائية (Kahun Gynaecological Papyrus) هي الأقدم في التاريخ، حيث تعالج مواضيع مثل الخصوبة والحمل والوسائل الوقائية بطرق معروفة حتى اليوم
2. أطباء ومكانتهم الاجتماعية
أهم رموز الطب في تلك الحقبة كان إمحوتب، الذي أصبح بعد وفاته إلهًا للطب، وكسّر الصورة السائدة عن المرض كعقاب إلهي باعتماده على التشخيص والعلاج العلمي
برع في المهنة كل من ميريت ـ ـ بتاح وبسيشت في أن تكونا من أوائل النساء الطبيبات المعروفات، وأوضحت المصادر أن النساء كنّ جزءًا فاعلًا ومُحترمًا في المجال الطبي
تضمنت الكوادر الطبية تخصصات دقيقة، حتى القول: “كل طبيب يشفي مرضًا واحدًا فقط” كما أشار المؤرخ هيرودوت
3. أدوات وخبرات جراحية متقدمة
وثّقت برديات متعددة استخدام أدوات جراحية مثل الملاقط، والمشارط، ومثاقب الأسنان، وأدوات معالجة الجروح، وبعضها ما زال محفوظًا في المتاحف
تشير الحفريات إلى أن الأطباء مارسوا ختان الأطفال وعلاج الخراجات والأسنان، بل حتى تم العثور على آثار لعمليات على الجمجمة تشير إلى محاولة إزالة أورام أو إجراء عمليات جراحية دماغية بدائية
4. العلاجات الطبيعية والدوائية
استُخدمت الأعشاب والنباتات الطبية مثل الثوم والعسل والحلبة والقرفة والخروب، إلى جانب الزيوت والمعادن مثل الزنك، لعلاج عدداً واسعاً من الأمراض والتهابات الجلد والجروح
وكذلك حرصوا على الوقاية والنظافة، واعتمدوا العلاجات الطبيعية كالتدليك والطاقة الشمسية (الهيليوثيرابي) والمعالجة بالمياه والطين
5. الطب والعلاج الروحي
في خلفية كل وصفة طبية، كان هنالك اعتماد كبير على الطقوس والتعاويذ الدينية. كان الصرح الصحي في معابد مثل “بيوت الحياة” بدمجها بين التعليم الطبي والمقدس، والشفاء الروحي والعلاجي .
خلاصة
لقد شكّل الطب في عهد الفراعنة نهجًا متكاملًا بين الطب الفيزيائي والروحاني. من توثيق الحالات بدقة في البرديات إلى التخصص الدقيق في الأطباء واستخدام الأعشاب، وحتى الجرأة على معالجة الأورام، أبرز المصريون القدامى أنهم رواد حقيقيون في الطب، ما زالت إنجازاتهم تُدرس وتُستلهم اليوم