خالد بن الوليد ( سيف الله المسلول )
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
المقدمة :
خالد بن الوليد رضي الله عنه هو أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف بإنجازاته العظيمة في الحروب وذكائه و تخطيطه و حنكته و براعته في قيادة جيوش المسلمين خصوصا في حروب الردة و فتح العراق و الشام , و يعد ايضا خالد بن الوليد رضي الله عنه من قلة القادة الذين لم يهزموا قط ولم يهزم أيضا في أكثر من مائة معركة.
النسب :
هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، المكنّى بأبي سليمان، و يلتقي نسبه مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم في جدهم السادس.
وكان ابوه الوليد بن مغيرة احد سادة قريش و سيد بني مخزوم , وأما عن امه فهي لبابة الصغرى بنت الحارث الهلالية من بني هلال بن عامر بن صعصعة من هوازن، وهي تلتقي في النسب مع الرسول في مضر بن نزار الجد السابع عشر للرسول.
نشأته :
بسبب عادات أشراف قريش، أرسل خالد إلى الصحراء، ليربّى على يدي مرضعة ويشب صحيحًا في جو الصحراء. وقد عاد لوالديه وهو في سن الخامسة أو السادسة من عمره. مرض خالد خلال طفولته مرضًا خفيفًا بالجدري، لكنه ترك بعض الندبات على خده الأيسر. وتعلم خالد الفروسية كغيره من أبناء الأشراف، ولكنه أبدى نبوغًا ومهارة في الفروسية منذ وقت مبكر، وتميز على جميع أقرانه، و عُرف بالشجاعة والجَلَد والإقدام، . واستطاع خالد بن الوليد رضي الله عنه بسبب مهاراته المميزة وقوته المفرطة أن يثبت وجوده في ميادين القتال، وأظهر من فنون الفروسية والبراعة في القتال ما جعله من أفضل فرسان عصره.
صفاته الشكلية :
كان خالد طويلاً جدًّا، عظيم الجسم والهامة، يميل إلى البياض، كث اللحية، شديد الشبه بعمر بن الخطاب رضي الله عنه، حتى أن ضعاف النظر كانوا يخلطون بينهما.
معارك خالد بن الوليد رضي الله عنه قبل إسلامه :
لم يشارك خالد بن الوليد رضي الله عنه في المعارك الذي مانت بين قريش و المسلمين مثل غزوة بدر بل كانت أول غزوة له في غزوة أحد, ولعب فيها دورا مهما فهو الذي تولى القيادة فيها وكان قائد ميمنة القرشيين, وكان دوره قويا بسبب أنه استطاع أن يقلب كافة المعركة رأس على عقب، وحدث هذا بعد استغلاله لخطأ رماة المسلمين، عندما تركوا جبل الرماة لجمع الغنائم بعد تفوق المسلمين في بداية المعركة, انتهز خالد بن الوليد رضي الله عنه ذلك الخطأ ليلتف حول جبل الرماة ويهاجم بفرسانه مؤخرة جيش المسلمين، مما ادى إلى تحويل هزيمة القرشيين إلى نصر.
إسلامه :
اعتنق خالد بن الوليد الإسلام بعد أن جاوز الأربعين سنة من عمره، وكان ذلك بعد أن أرسل له أخوه الوليد رسالة خاطبه فيها قائلا: "سألني رسول الله عنك، فقال أين خالد؟ فقلت: يأتي به الله، فقال: ما مِثلُه جَهِلَ الإسلامَ، ولو كان يجعل نِكايتَهُ مع المسلمين على المشركين كان خيرًا له، ولَقَدَّمْناهُ على غَيرِه، فاستدرك يا أخي ما فاتك منه فقد فاتتك مواطن صالحة.
فخرج خالد على فرسه متجهاً إلى المدينة وكان معه عثمان بن طلحة العبدري بعد أن عرض عليه الإسلام فوافقه وهما متجهان إلى المدينة التقيا عمرو بن العاص فهو أيضا كان مهاجرا ليعلن إسلامه فأنطلق ثلاثتهم إلى المدينة وذلك في اليوم الأول من شهر صفر في السنة الثامنة للهجرة.
معارك خالد بن الوليد رضي الله عنه بعد إسلامه :
معارك خالد بن الوليد رضي الله عنه في الإسلام كثيرة جدا لذلك سوف نذكر بعضها فقط.
معركة مؤتة :
وقعت غزوة مؤتة بعد مقتل الصحابي الحارث بن عمير الأزدي الذي بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ليدعوه إلى الإسلام وتوحيد الله تعالى؛ فقتلوه، وبعدها سير الرسول جيشاً من المدينة نحو بلاد الشام بقيادة زيد بن حارثة مع ثلاثة آلاف مقاتل، وعين الرسول جعفر بن أبي طالب بعد زيد ثم عبد الله بن رواحة، وكان خالد رضي الله عنه أحد جنود المعركة، ووصلوا إلى معان وأقاموا فيها ليلتين ووصلتهم الأخبار بكثرة عدد الروم، واستُشهد القادة الثلاثة في المعركة وسلمت الراية بعد ذلك لخالد بن الوليد رضي الله عنه، فأخذ على عاتقه إخراج المسلمين من القتال بأقل الخسائر الممكنة، فأعاد ترتيب الجيش بخطةٍ توهم العدو بوصول مددٍ للمسلمين، فجعل الميمنة ميسرة والميسرة ميمنة، واستبدل مقدمة الجيش بالمؤخّرة، كما كان رضي الله عنه مندفعاً للقتال والجهاد مما كان سبباً في إثارة الحمية في صفوف المسلمين، وشن هجماتٍ سريعةٍ متواليةٍ على العدو.واستطاع خالد بن الوليد رضي الله عنه أن يخرج القوة الأكبر للمسلمين ثمّ المؤخرة دون قدرة العدو على مطاردة المسلمين؛ اعتقاداً منهم بوصول إمداداتٍ إليهم، ولم تلحق بهم الكثير من الخسائر مقابل خسائر الروم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة يروي أخبار المعركة للمسلمين، إلى أن قال صلى الله عليه وسلم (ثمَّ أخذ الرَّايةَ سيفٌ من سيوفِ اللهِ خالدُ بنُ الوليدِ ففتح اللهُ عليه) وكان هذا سبب تسمية خالد بن الوليد رضي الله عنه بسيف الله المسلول.
معركة اليرموك :
قاد خالد بن الوليد رضي الله عنه جيش المسلمين في معركة اليرموك التي وقعت في السنة الثالثة عشر للهجرة النبوية، وسميت بذلك نسبةً إلى وادي اليرموك الذي وقعت فيه المعركة، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خالد بن الوليد رضي الله عنه : "والله لأشغلنّ النصارى عن وساوس الشيطان بخالد بن الوليد"، وقد قسّم خالد رضي الله عنه الجيش إلى ثلاث فرقٍ، وجعل عليها أبا عبيدة عامر بن الجراح وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان، وحث خالد المسلمين على القتال مبيناً لهم أن النصر لا يكون إلا فضلاً من الله سبحان، وتحقّق النصر للمسلمين على الروم.
وفاة خالد بن الوليد رضي الله عنه :
مات خالد بن الوليد بحمص، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة إحدى وعشرين للهجرة، وقيل إنّ وفاته كانت في المدينة المنورة، وقد مات وهو في سن الخامسة والخمسين من عمره، ولم يترك خلفه إلّا فرسه وسلاحه وكان قد أوقفهما للجهاد في سبيل الله،وقال خالد بن الوليد رضي الله عنه وهو على فراش موته : " لقد شهدت مئة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبر، إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء "