رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٣

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٣

0 المراجعات

فجأة استيقظت من نومي ....
لقد كان حلم ....
و لكن سرعان ما نفضت كل ذلك حينما سمعت صراخ أمي بالخارج ....
انتفضت لهول ما أسمع و ركضت مسرعة خارج غرفتي لأجد أمي منهارة من البكاء، و سماعة الهاتف علي أذنها و قد طلبت الإسعاف ....
حينها أسرعت إلي غرفتها، فوجدت أبي في شدة التعب، و كانت صدمة شديدة لي أن أري وجهه كذلك .. شاحباً .. مصفراً ..، ماذا حدث؟! .. لقد كان معي منذ بضع ساعات، كان بخير، قوياً، حنوناً .. ماذا لو تركني؟ كيف ستكون حياتي؟ .. لقد وعدني بأن يأخذ حقي اليوم جراء ما تعرضت له في المدرسة بالأمس و  .....
و عشرات الأسئلة دارت في رأسي و فجأة وجدته قد فتح عينه و نظر لي نظرته المعهودة و التي وجدتها الأن و قد أنهكها التعب للغاية و ابتسم ابتسامة شاحبة قائلاً بصوت متقطع واهن:
لا تقلقي يا مريم .. سأكون معك .. لم و لن أتركك .. حتي و إن غادرت الحياة سأظل معك بروحي و سترين ذلك ....
حقاً لم أكن أعلم بماذا يشعر، و كلماته كانت صعبة جداً تحطم قلبي و تمزقه كلما أتخيل مجرد أنه ربما سيأتي يوماً ما و لا أجده معي و ........
خرجت مسرعة أنادي أمي و أصرخ أن تفعل شيئاً و هنا .... وصلت سيارة الإسعاف و أخذنا أبي إلي المستشفي و ....
و انتهي كل شئ هناك ....
مات أبي ....
تفاصيل كثيرة عن تلك اللحظات و ذلك اليوم ربما أسردها لكم في السطور التالية و لكن..
عندما مات أبي، لم أجد ما أقوله.. لم أكتب.. لم أتلق العزاء.. ولا عاتبت أحدًا لأنه لم يمد لي يدًا يطلب السلوان لي والجنة لوالدي، فقد كان من الضروري أن أشعر بأن والدي قد غاب.. قد بعد عني.. كان يجب أن أناديه فإذا لم يرد أدركت أنه ليس هناك، وإذا عاودت النداء أيقنت أنني وأنه لسنا هنا، فبيننا مسافات في المكان والزمان.. وكان لابد أن أقنع عقلي وقلبي، وأن أعيد ترتيب حياتي كلها قبل أن أشيع في وجودي كله أنه قد مات.. ولذلك احتجت بعض الوقت لكي أرى أوضح وأسمع أعمق وأفكر أبعد لكي أسترجع الذي كان، فأجعله كأنه ما يزال حيًا أمامي.
انقطعت حوالي شهر عن المدرسة و لأول مرة أري أمي تهتم بي هكذا .... أنها لم تكن أبداً كذلك .... لعلها أدركتني أخيراً ..
بعدها أيقنت أني لابد و أن تسير حياتي مثلما كان يريد أبي فأستجمعت كل شجاعة الدنيا في لحظة واحدة قلت فيها لنفسي بمنتهي الحزم:
سأكمل .. و أبي لازال حياً في داخلي و لم يمت أبداً ...
لم أقصر في حق الله و أصلي يومياً، و منذ وفاة والدي و لم أقرأ قط تلك الترانيم التي كانت قراءتها بالنسبة لي إدمان، و ربما لم أعد أشتهي قراءتها و لم أعد أيضاً أشعر بحب تجاه أصدقائي من المسيحيين، فشهر مضي تقريبا منذ تغيبي عنهم و عن المدرسة فلم يسأل منهم أحد عني ....
و بينما كنت أستعد و أقوم بتجهيز ملابسي إستعدادا للذهاب إلي المدرسة غداً، و قعت عيناي علي ذلك الكتاب الذي طالما كنت أحبه و الذي كانت به العديد من ترانيم المسيح الجميلة، و لكن شعوري الأن مختلف ....
فجأة وجدتني أمسك به، عازمة علي شقه نصفين و .... ولكن يداً أمسكت بي فأنتفض جسمي كله و شعرت بذعر شديد و أغمضت عيني من شدة الإضاءة التي ملأت الغرفة و شعرت بدوار شديد و أثناء وقوعي علي الأرض .. رأيت بملئ عيناي ما لم اتوقع رؤيته في حياتي قط ....

عيون متوهجة جميلة تلمع وسط كل هذا النور الشديد  ..
شعراً قد تهدلت بعض خصلاته و غطت جبهته ..
إنه هو ..

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

followers

613

followings

116

مقالات مشابة