رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٥

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٥

0 المراجعات

 

         و حينما وصلنا إلي المكان كنت أشعر بسعادة غامرة لروعة ما رأيت من طبيعة المكان و جماله و موقعه المتميز القريب جداً من البحر حيث زرقة مياهه المائلة للخضرة و علي ذكر الخضرة لفت نظري المساحة الشاسعة المقام عليها الدير و ما يحيط به من خضرة ذادت جمال المنظر جمالاً .. و حينما دخلنا ساحة الدير استقبلتنا إحدي الراهبات هناك و تدعي دميانة، كانت تمتلك طولاً فارعاً و قواماً رشيقاً منتصباً و جمالاً هادئاً، و اصطحبتنا إلى مكان داخل الدير يسمي «المَضيفة»، وهى عبارة عن صالون أنيق، مرتب، نظيف بشكل مُلفت، يزينه مفارش من صنع الراهبات منقوشة بأيات من الكتاب المقدس، ويعلو الطاولة التي تأخذ أحد أركانه؛ علبة حلوى، وأكواب زجاجية للمياة، و استرحنا قليلاً بعدها قامت مجموعة من الراهبات بتقديم الطعام لنا، و قدمنا لهن الشكر، و كانت الأخت دميانة تنظر نحوي متسائلة عن مدي الدهشة و السعادة التي تغمرني فقد كانت بالفعل تغمرني سعادة غير عادية، حينها أخبرتها المشرفة الخاصة بنا أنني تقريباً من المسلمات القليلات بالمدرسة التي تحرص دائماً علي الخروج معنا في كل رحلاتنا لاسيما التي تخص زيارة الأماكن الدينية و تحب أيضا. مشاركة زملائها الأقباط في كل المناسبات، فأقتربت الأخت دميانة نحوي و قالت بصوت ناعم رقيق: أهلاً بكي يا مريم .. لقد زاد الدير نوراً علي نور اليوم بقدومك .. ثم أخذت عنقوداً من العنب و قدمته لي ..
فاخذته منها و نظرت إلي كل حبة فيه ثم نظرت إليها و الإبتسامة تعلو وجهي قائلة:
أتلك هي «بركة الراهبات الكبيرة» التي نسمع عنها أم إحدى أدبيات الراهبات التي لابد و أن أشكرك عليها ..
ابتسمت لي إبتسامة واسعة و شكرتني علي ذوقي و أدبي و كلامي المعسول.
قضيت يوماً من أجمل أيام حياتي و عرفت كثيراً من أسرار الحياة الرهبانية .. و كان اليوم و قد أوشك علي الانتهاء بينما كنا نلعب و نلهو علي شاطئ البحر مستمتعين بروعة و جمال الطقس و المنظر الخلاب ووسط كل تلك المتعة و بينما كنت أتأمل جمال تلك الأمواج الهادئة و قعت عيني علي منظر شاب يجلس مستنداً علي صخرة صغيرة و بجانبه لوحة يقوم بالرسم عليها، فراقني ذلك الجو الهادئ الجميل فبدأت أقترب رويداً رويداً منه حتي صار لا يفصلني عنه سوي بضع خطوات لكنه لم يشعر بي، فقد كان منهمكاً جداً فيما يرسمه فأردت أن أتبين ملامح تلك اللوحة التي يرسمها فبدأت أقترب قليلاً و ......
و تجمدت في مكاني و تسمرت عيني عندما شاهدت اللوحة بوضوح و رأيت بأم عيني ملامح ما يقوم برسمه ذلك الشاب ..
ما رأيته أغرب من الخيال نفسه يستحيل تصديقه حرفياً ..
الجسد أنثي و الرداء راهبة و .........
و الوجه وجهي.

_____________________________________________

ما رأيته أغرب من الخيال نفسه يستحيل تصديقه حرفياً ..
الجسد أنثي و الرداء راهبة و .........
و الوجه وجهي و .....
و فجأة سمعت صوتاً يهمس من خلفي يقول:
إنه طارق، موهبة تفوق الخيال في الرسم، يأتي يومياً إلي هنا ليرسم، إنه المكان المفضل لديه ....
انتفضت من مكاني و لكنها أمسكتني بقوة ووضعت يدها علي شفتاي، .. كانت هذه هي الأخت دميانة و قد تابعت قائلة: لا تتحركي حتي لا يشعر بنا و تفسدي ما يقوم برسمه .. أعلم مدي دهشتك .. إنه يرسمك أنتي .. نعم أنتي .. إنه يملك عينان تري كل جميل .. لقد رآكي أثناء نزولك من الأوتوبيس .. فتنه جمالك الآخاذ و انحفر في عقله فأستئذنني في رسمك و إهدائك اللوحة قبل أن تغادرين .. و لكنك اكتشفتي ذلك قبل أن يفاجئك ..
لم أكن حقاً أدري ما أقول .. كل الأحاسيس و المشاعر أختلطت لدي و انا أنظر إلي ذلك المدعو طارق ثم إلي اللوحة و التي بالفعل أثارت كل مشاعري فتحولت إليها قائلة: 
لكنه رسمني كراهبة؟
ابتسمت ابتسامة رقيقة عذبة و قد نظرت في الأرض و هي تقول؟
يبدو أنه يعشقنا .... ثم تحولت لتنظر في عيني مباشرة قائلة بنبرة تجمع ما بين الحنان و الحزن معاً:
و لكن مثلنا لا يحق لهن حتي التفكير في مثل تلك الأمور .... قالتها ثم تحولت بنظرها إليه مرة أخري مكملة:
كم أتوق للحظاتٍ رومانسية كتلك التي نسمع عنها و ....

 

تابع
 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

followers

613

followings

116

مقالات مشابة